– قبل أيام الرئيس السيسي في اجتماع مع رئيس الوزراء ووزير العدل وجه بالتوسع في “ربط المحاكم بالمنشآت الشرطية، فيما يتعلق بالنظر في تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد”.
– الآلية دي بتعتمد على وجود القضاة وممثلي النيابة والمحامين في غرفة المداولة بالمحكمة، والمتهم في غرفة من السجن، وكل منهم يرى ويسمع الآخر من خلال كاميرا وشاشة موجودين في الغرفة، ودون أن ينقل المتهم من السجن للمحكمة.
– النظام ده بدأ تجريبه على نطاق محدود من شهر أكتوبر الماضي، وبيتم التسويق له باعتباره يسهل إجراءات التقاضي ويقلل تكلفة ومخاطر نقل المحبوسين من السجن للمحكمة والعكس. لكن بعض المحامين شايفين إنه يخل بضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المتهم.
– هنتعرف في البوست ده على الوجه الآخر لنظام تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد.
*****
إيه سلبيات النظام ده؟
1- من الناحية القانونية:
– تواصل القاضي مع المتهم، والتأكد من عدم تعرضه لأي ضغوط لتغيير أقواله، من أساسيات المحاكمة العادلة. القاضي هيضمن منين إن مافيش أي ترهيب أو تهديد يتعرض ليهم المتهم عشان يقول أقوال معينة أثناء تواجده في السجن وتحدثه مع القاضي من خلال شاشة؟ وهل المتهم هيبقى آمن على نفسه، لو اشتكى من تعرضه للإساءة أو التعذيب في محبسه مثلا؟
– أيضا من حق المتهم أن يتحدث مع محاميه على انفراد، وخلال الشهر اللي فاتت لما كان عقد الجلسات عن بعد، قيد التجربة، لا يسمح أصلا للمحامين بالحديث بشكل مباشر قبل الجلسات أو بعدها.
– في كتير من الحالات، وخصوصا القضايا التي تنظرها نيابة أمن الدولة العليا، لا يتم إبلاغ المحامين بموعد الجلسات بشكل مسبق، عشان كدا بيكونوا متواجدين طول الوقت في المحكمة عشان يكونوا جاهزين للحضور مع المحبوسين في أي وقت بمجرد ظهورهم في النيابة.
– الموضوع هيكون كارثي في حالة تعميم نظام تجديد الجلسات عن بعد، لإن أعداد المتهمين اللي بيتحقق معاهم بدون حضور محاميهم هتتضاعف، والجلسات ربما لا يتوفر فيها شرط العلانية، اللي هو شرط أساسي من شروط المحاكمة العادلة.
– ده غير إن قانون الإجراءات الجنائية مش بيسمح بعقد جلسات تجديد الحبس عن بعد، والاعتماد النظام ده يلزمه تعديل تشريعي يحدد معايير المحاكمة العلانية في المحاكمات عن بعد من ناحية، والضمانات اللي هيتمتع بها المتهم ودفاعه خلالها من ناحية أخرى.
– القانون اللي بيسمح بعقد الجلسات عن بعد هو قانون المحاكم الاقتصادية وفق تعديل حصل سنة 2019، والقانون ده بينظم بالأساس إجراءات التقاضي المتعلقة بنزاعات مالية وقضايا اقتصادية، وده تطور يبدو إيجابي للتسهيل على الناس.
– لكن في المقابل مفيش تعديل تشريعي مماثل حدث فيما يخص المحاكمات الجنائية، وتطبيق النظام الجديد دون تعديل القانون، وبمجرد قرار من وزارة العدل ورئيس الجمهورية، هو بمثابة تعدي من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية اللي مفروض تقرر أولا السماح به وتنظيمه واشتراطات الاعتماد عليه، وفقا للمحامين خالد علي وخالد المصري وأحمد عبد اللطيف، خلال حديثهم لموقع مدى مصر.
– باختصار شديد اللي بيحصل دا مخالف لقانون الإجراءات الجنائية، في المواد 136، 142، 143، 202، و203، ودي المواد اللي بتخاطب جميع النيابات والمحاكم اللي لها سلطة إصدار أمر الحبس الاحتياطي.
*****
2- من الناحية الإنسانية
– خروج المتهم من السجن لحضور جلسة في المحكمة، بيمثل في كثير من الأحيان فرصة لخروج عشرات أو مئات المحبوسين لعدة ساعات برا السجن، من حبسهم الانفرادي وظروف الحبس غير الآدمية، اللي بتفرض عليه بشكل متعنت بسبب كونهم سياسيين، والتقاضي عن بعد بيقضي على الفرصة دي.
– أيضا كتير من المحبوسين ممنوع عنهم الزيارة بشكل غير قانوني، وكانت الفرصة الوحيدة لرؤية أهاليهم من بعيد، وأحيانا دون إمكانية الحديث بينهم، بتبقى في المحكمة.
*****
– الحكومة بتقول إن عقد جلسات تجديد الحبس عن بعد له 3 أسباب: 1- إجراء احترازي من كورونا 2- تقليل النفقات 3- تقليل المخاطر الأمنية.
لكن الغريب إن تطبيق الآلية محصلش في ذروة انتشار كورونا، بالإضافة إلى إن المتهمين كانوا بيتم إحضارهم للمحكمة بدون إجراءات احترازية في الفترة اللي فاتت.
– محتاجين نقول إن التفكير في حماية المحبوسين من مخاطر كورونا دا اللي بنطالب بيه طول الوقت، لكن دا لازم يتم على نحو يضمن “المحاكمة العادلة” وأي إجراءات احترازية لازم تتم وفقاً للقانون، مش عشان بتقول إن دي إجراءات احترازية، أهدر حقهم في محاكمة عادلة، دي مقايضة مش منطقية بالمرة.
– ده يخلينا نسأل عن السبب الحقيقي وراء الخطوة، هل هي فعلا تسهيل للإجراءات القضائية، ولا تسهيل لحبس الناس لأجل غير مسمى؟
– لو فعلا الحكومة عايزة تقلل تكلفة نقل المحبوسين، فهناك بدائل أخرى، زي التوسع في استخدام بدائل الحبس الاحتياطي، زي الإجراءات الاحترازية وعدم تغيير محل الإقامة، أو الحضور لقسم الشرطة عدد مرات محدد كل شهر، أو تركيب الأسورة الالكترونية، أو الإلزام بالإقامة الجبرية وعدم مغادرة بيته زي ما حصل مؤخرا مع الدكتور حازم حسني أو غيرها من البدائل، اللي مش بس هتوفر تكلفة نقل المحبوسين، وإنما هتوفر على الدولة تكلفة سجنهم أصلا، خصوصا إننا بنتكلم عن آلاف المحبوسين على ذمة تحقيقات في قضايا سياسية، بعضهم عشان كتب بوست معارض على فيس بوك!
– نتمنى الحكومة ومجلس النواب وكل الجهات المعنية تناقش آلية تجديد الحبس عن بعد، و بدائل الحبس الاحتياطي، وطبعا الأصل انه ميبقاش عندنا مسجونين لأسباب سياسية، لكن على الأقل الحفاظ على الحقوق القانونية لكل السجناء وتحسين الظروف مش المزيد من التضييق ده أبسط ما يمكن تحسينه.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *