– خلال الأيام اللي فاتت حصلت محاولتين انتحار في السجون المصرية لاثنين من النشطاء المعتقلين، المحاولة الأولى كانت في بداية أغسطس للمدون محمد إبراهيم الشهير بمحمد أكسجين، والثانية كانت يوم 4 أغسطس للناشط عبدالرحمن طارق الشهير بموكا.
– محاولات الانتحار داخل السجون مش جديدة، وبتمثل جرس إنذار متكرر حول وضعية السجناء وخاصة السياسيين منهم واللي بقوا في وضع أصعب يوم عن يوم.
– ليه عبد الرحمن طارق ومحمد أكسجين حاولوا الانتحار؟ وايه اللي ممكن يتعمل في ملف المعتقلين السياسيين يمنع تكرار حوادث زي دي؟ وليه المواطن العادي يهتم؟ دا اللي هنتكلم عنه في البوست دا.
****
ليه حصلت محاولات الانتحار؟
– بحسب بيانات المؤسسات والمحامين اللي شغالين على قضية موكا وأكسجين فالمشترك بين الاتنين هو أنه محاولة الانتحار كانت بسبب تعنت إدارة السجن ضدهم من منع مستمر للزيارات مع الوضع النفسي الصعب اللي هما فيه.
– في حالة موكا الضابط المسؤول في السجن قرر معاقبته لأنه شك أنه معاة شاحن موبايل في، حين أنه شاحن راديو، فاتخانق معاه وحطه في الحبس الانفرادي وكمان تعرض للاعتداء بالضرب، وبناء عليه وهو في الانفرادي حاول الانتحار من خلال تناول كميات كبيرة من الأدوية، وتم إنقاذه في اللحظات الأخيرة بحسب المحامين.
– في حالة أكسجين الانتحار كان بسبب الزيارة الممنوعة عنه من فبراير 2020 وهو في سجن طره شديد الحراسة 2 والمنع المستمر من 15 شهر ده رغم مطالبات محاميه وأهله أكثر من مرة بزيارته للاطمئنان على حالته الصحية، وده حق طبيعي مكفول بالقانون يعني مش منه من أي حد، ولا مخالف للوايح.
– حتى في حالة أكسجين منعوا أهله يوصلوا له فلوس في الكانتين أو أكل أو أي مستلزمات شخصية واللي بقت بتتسلم للحرس على البوابة، وأهله حتى مش عارفين يتأكدوا من وصول الحاجات دي له أم لا.
– الظلم اللي بيتعرض له موكا وأكسجين وغيرهم من المعتقلين والظروف النفسية مرتبط بالأساس بمنع الزيارات فترة طويلة بسبب كورونا وتجديد الحبس اللي بيحصل على الورق بدون ما المعتقلين حتى يخرجوا يشوفوا أهاليهم في جلسات التجديد.
– وده بالإضافة طبعا للوضع العام في السجون المصرية اللي صعب فيها الحصول على أدنى متطلبات الحياة اليومية زي النوم الجيد والتهوية في الحر الشديد ده وغيرها من الظروف السيئة كلها بتدفع معتقلين للتفكير في التخلص من حياتهم.
– كل الظروف السيئة دي بالإضافة لفقدان الإنسان الأمل في الخروج من الدوامة بتاعه التدوير على قضايا جديدة بدون أي منطق أو قانون.
– عبد الرحمن موكا مثلا ده اتسجن في 2013 وهو عضو في 6 أبريل بعد مشاركته في مظاهرة رفض المحاكمات العسكرية للمدنيين في أغسطس 2013 وبعدها قعد 3 سنين كاملة في السجن، وبعدهم 3 سنين مراقبة كان مطلوب منه يوميا يقضي 12 ساعة مراقبة في القسم لحد ما اتقبض عليه في سبتمبر 2019 مع مظاهرات سبتمبر، واتهم بالتهم المعتادة اللي بتشمل الانضمام لجماعة إرهابية وفضل يتجدد له لحد مارس 2020 وطلع بالفعل قرار بالإفراج عنه.
– لكن وبسبب سياسة التدوير اللي موجودة حاليا تحت إشراف أمن الدولة دخل عبدالرحمن في قضية جديدة في أبريل 2020 وبعدين صدر قرار إخلاء سبيل تاني في سبتمبر 2020، بعدين ادور تاني في قضية أخرى.
– نفس القصة تقريبا مع محمد أكسجين، واللي هو مدون عنده قناة على اليوتيوب ومدونه اسمها أكسجين مصر كان ليها متابعة جيدة لأنه كان بيصور في الشارع مع الناس وينقل رأيهم، ولكن في أبريل 2018 تم القبض عليه، عشان يتحبس على ذمة قضية ملفقة فيها نفس الاتهامات المعتادة بتاعه نشر الأخبار الكاذبة ويطلع من السجن فعليا في يوليو 2019 مع مراقبة في قسم الشرطة، قبل ما يتم القبض عليه تاني والتحفظ عليه في قسم البساتين وهو بيؤدي المراقبة الشرطية بتاعته في أكتوبر 2019، ويتم حبسه شهر لحد نوفمبر ويطلع قرار إخلاء سبيل له ، ولكن يتم تدويره وعرضه على قضية جديدة في 11 نوفمبر 2019 باتهامات معظمها لو صحيحة حتى فهي تمت أثناء ما كان في السجن.
***
ايه اللي ممكن يتعمل في ملف المعتقلين؟
– السجن هو عقوبة رادعة في حد ذاته، كونك بتحرم الإنسان من حريته لفترات طويلة هي فلسفة عقوبة السجن في أي حته في العالم بالتالي أنك تصعب الدنيا جوه السجن وتخلي الناس توصل لمراحل من اليأس أنها تقدم على الانتحار ده شيء منافي لأي قانون وأي إنسانية.
– لازم نعرف أنه مصر طول تاريخها الحديث مكنش عندها سجناء سياسيين بالشكل ده، سواء على مستوى الأعداد، أو بالمدة اللي بيقضوها في السجون، أو في اختلاف التيارات السياسية المنتمي لها المسجونين، أو المكانة الاجتماعية، أو السن.
– الحبس حاليا تهمته الأسهل والأجهز هي الانضمام لجماعة إرهابية ومشاركتها أهدافها، أو التحريض ضد نظام الحكم القائم، بصياغات مختلفة. لا تحقيقات جادة ولا محاكمات حقيقية. فبقى واصل للناس إن المعارضة تمنها السجن، لكن الأسوأ هوا ظروف السجن ده.
– التعذيب والحرمان من الحق في الزيارة، والحرمان من الحق في الرعاية الصحية، حاجات كانت وارد تحصل بشكل متكرر مع أي سجين عادي، وبالطبع بعد تزايد السجناء السياسيين بالسنوات الأخيرة بقوا بيواجهوا نفس الممارسات بشكل أكبر، خاصة التعنت في إدخال الأدوية والملابس والأكل، وزيارات الأهالي.
– اتحول الحبس الانفرادي من عقوبة تأديبية لبعض المساجين، بتحصل لمدة قصيرة، لأنها بقت مع السياسيين عقوبة دائمة، وتعذيب نفسي وجسماني بشع، خصوصا وإن تأثير ده صحياً خطر، ونفسيًا ممكن يدفع الإنسان للرغبة في الانتحار.
– بالتالي الوضع الحالي مينفعش يستمر في ناس حرفيا عمرها بيضيع في السجون ظلما في قضايا ملفقة، وبالتالي الدولة لازم تقدم حلول جذرية لملف المعتقلين.
– مينفعش يكون عقاب أي شخص هو التعذيب النفسي والجسدي والتكدير في الحبس الانفرادي لحد الموت لمجرد إنك مختلف معاه سياسيا. وللسبب ده سلامة كل المعتقلين مسؤولية مباشرة على كل أطراف السلطة، من ضباط السجون لحد رئيس الجمهورية.
– لذلك بنقول إن الأمور شديدة الطبيعية والمنطقية دي مهم تتنفذ، ويتصحح بيها الأوضاع في أسرع وقت:
1- وجود رعاية صحية ونفسية داخل السجون.
2- تمكين كل سجين من الحصول على المستلزمات اللي بيكفلها القانون ولائحة السجون.
3- تحديد أعداد قصوى للزنازين.
4- وقف جريمة الحبس الانفرادي بهذه الصورة.
5- تمكين كل الجهات المعنية من الزيارة والتفتيش والمتابعة، زي نقابة الأطباء والنيابة والمنظمات الحقوقية المستقلة والمجلس القومي لحقوق الإنسان والصليب الأحمر والهلال الأحمر.
6- التزام إدارات السجون بساعات التريض المنصوص عليها كحد أدنى.
7- التوسع في إجراءات العفو الصحي، خصوصًا لأصحاب الأعمار المتقدمة.
8- إجراء حوار مع المسجونين والعفو الرئاسي عن اللي واخدين أحكام في قضايا غير ارتكاب العنف أو الإرهاب.
9- ودي نقطة في غاية الخطورة تتعلق بمشاركة القضاء المصري والنيابة العامة في القمع الحالي بإيعاز مستمر من أمن الدولة، وبالتالي القضاة ووكلاء النيابة محتاجين وقفة مع نفسهم ويفكروا في قد ايه الظلم اللي بيحصل دلوقتي بيوثر على القضاء والعدالة في مصر بشكل عام.
– كل دي إجراءات أساسية وضرورية، لإنقاذ حياة كتير من المعتقلين، واللي بنطالب من كل الصحفيين والحقوقيين والأحزاب السياسية في مصر، وكل الشرفاء في العالم بالضغط لتنفيذها، وإيقاف الجرائم والانتهاكات اللي بتمارس ضد حقوق البشر.
********
– ليه ممكن حد عادي يهتم بالقصة دي؟
– الحقيقة دايرة الظلم دي مش بعيدة عن أي حد، وشوفنا ناس كتير اتزج بها في قضايا سياسية بلا أي مبرر، ولما دخلوا السجن واجهوا كل الإهمال وكل مخالفات القانون دي، فمحاربة ورفض الطريقة دي لمصلحة العدالة والإنسانية مش لمصلحة حد بعينه.
– كل الممارسات دي بترسخ شيء واحد بس هو “الاحتقان الاجتماعي” بين المصريين، لأن بدون المحاكمات العادلة وإرساء دولة القانون دايما هيكون فيه احتقان بسبب الإصرار على سياسة الإقصاء والعقاب على مجرد الرأي.
– وإنسانياً كل هؤلاء المصريين اللي بيتعرضوا للظلم لهم أسر وزوجات وأبناء وأمهات، ولما يسمعوا عن محاولات انتحار لأبنائهم، لا نتخيل ممكن يكون وقع دا عليهم ايه، لذلك رحمة بيهم لازم كل دا ينتهي في أسرع وقت ممكن، ولازم صوت عاقل يتدخل.
– وهنا نتمنى وعود الجهات الأمنية بالسماح بزيارة جديدة لموكا لتدارك ما حدث في زيارة شقيقه السبت الماضي، واللي تم منعها، وحاول موكا عقبها الانتحار، بحسب المحامية الحقوقية المطلعة على القضية، نسمة الخطيب، ويا ريت دا يمتد لباقي المعتقلين أكسجين وغيرهم المئات اللي بيعانوا من ظروف احتجاز سيئة.
– التصرف الطبيعي في الأوقات الصعبة اللي بيمر بيها المصريين جميعا، إنه يحصل تحرك لرأب الصدع المجتمعي، وأشدنا سابقا بخطوات الإفراج عن المعتقلين، وبنجدد دعواتنا لاستكمال الخطوات دي، واللي هيكون لها كامل الأثر الإيجابي على أمور تانية كتير داخليا وخارجيا.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *