*****
– القانون معظمه متعلق بالإجراءات اللي بتاخدها الجهات الحكومية المختلفة في عمليات الإبلاغ عن الاحتياجات وجباية الموارد وغيرها، وإجرائي فيما يتعلق بالمعاملات اللي بين الجهات الحكومية المختلفة.
– وهو مهم جدا في الجزء الإجرائي لأنه بيحط تعريفات سهلة وبسيطة لكل الحاجات تقريبا وبيسهل من عملية رصد الاعتمادات وغيرها بما يلائم يعني عملية الرقمنة والتغيير اللي بتحصل في الحكومة.
– لكن التعديل اللي مر في الزحمة واللي للأسف مفيش أي تغطية صحفية جيدة التفتت له غير تغطية مدى مصر المتميزة كالعادة عن القانون.
– قانون المالية الموحد اللي أقره البرلمان نص للمرة الأولى على الاستحقاقات الدستورية واللي جت في دستور 2014 بخصوص التعليم والصحة والبحث العلمي، واللي هي المادة 18 اللي بتنص على الإنفاق على الصحة بنسبة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي، وتتصاعد تدريجيا لتتفق مع المعدلات العالمية، وفي المادة 19 اللي بتنص على تخصيص نسبة 4% للتعليم، والمادة 20 اللي بتنص على تخصيص نسبة لا تقل عن 2% على التعليم الجامعي و 1 % للبحث العلمي.
– لكن في السنوات اللي فاتت زي ما كتبنا أكثر من مرة الحكومة كانت بتعمل أكثر من تلاعب للتنصل من النص الدستوري ده، زي دمج الإنفاق على التعليم الأزهري كجزء من الإنفاق على التعليم ودمج الصرف الصحي كجزء من الإنفاق على الصحة وغيرها من التلاعبات.
– المرة دي الحكومة في قانون المالية الموحد قننت التلاعبات دي ومبقتش تحايلات، لكنها بقت ضمن القانون، بمعنى آخر القانون أضفى شرعية قانونية على وجهة النظر الحكومية، المثيرة للجدل فيما يتعلق ببنود الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي.
– وجهة نظر الحكومة هي إضافة كل ما يجري إنفاقه بشكل مباشر أو غير مباشر لبند الإنفاق على الصحة والتعليم، وبالتالي يصبح الإنفاق على الصحة مثلا مش هو بس اللي بتقوم به وزارة الصحة في المستشفيات العامة ولكن مستشفيات الجيش والشرطة والمستشفيات الجامعية والمستشفيات اللي تابعة للأزهر والمستشفيات بتاعة النقابات وحتى الصرف الصحي ومشاريع البنية الأساسية في القطاع الصحي اللي مش بتنفقها بشكل مباشر وزارة الصحة.
– وكذلك مثلا في التعليم، ده هيدخل الإنفاق على التعليم الأزهري، والإنفاق على المؤسسات الثقافية القومية ضمن الإنفاق على التعليم، رغم أنه مش وزارة التربية والتعليم ولا التعليم العالي هي المسؤولة عن الإنفاق ده.
– الأخطر من كل ده هو تحميل فوائد الديون اللي بتقترضها الهيئات والوزارات دي على الإنفاق على البنود الخاصة بالتعليم والصحة.
– إضفاء القانونية على تلاعبات الحكومة بالنسب الدستورية الخاصة بالتعليم والصحة ده جه عن طريق تغيير تعريف الإنفاق الحكومي في القانون عشان يبقى التعريف الجديد هو أنه “الإنفاق الحكومي هو كل ما ينفق من موازنات كل الجهات الإدارية والشركات المملوكة للدولة بحسب نسبة الملكية، وليس في الموازنة العامة والهيئات الاقتصادية فقط”.
– بالتالي حتى ومع التعريف الجديد الواسع للإنفاق الحكومي، فمجلس النواب ميقدرش يراقب بشكل كفء على مدى الالتزام بالنسب الدستورية لأنه في موازنات من دي مش بتعدي على البرلمان أساسا.
– القانون أيضا تضمن تعديل مهم اقترحه مجلس الشيوخ وأقره النواب وهو إدراج مجلسي النواب والشيوخ ضمن الجهات التي تحظى باستثناء من الحد الأقصى المفروض على الاعتمادات الإجمالية.
– الاعتمادات الإجمالية دي هي نسبة من المصروفات اللي بترصد من الموازنة لأي جهة في الحكومة، الحد الأقصى للاعتمادات الإجمالية دي هي 5% من النفقات، يعني مينفعش تنقل أكثر من 5 % من مخصصات مجلس النواب أو الشيوخ بين بند والتاني في الإنفاق من غير موافقة وزارة المالية.
– الجهات اللي كانت مستثناة قبل كدة من موضوع نقل الاعتمادات بين البنود المختلفة دي كانت وزارة الدفاع والمحكمة الدستورية وبعد القانون هيبقى مجلس الشيوخ والنواب كمان.
– بالتالي مجلس النواب والشيوخ بقى ليهم الحق في نقل الاعتمادات من بند لبند بدون حد أقصى، وطبعا النواب على لسان عبد المنعم إمام عضو لجنة الخطة والموازنة دافعوا عن ده بأنه ده مهم لأنه إزاي البرلمان يكون بيراقب على وزارة المالية وملوش حرية في نقل الاعتمادات دي، وبالتالي يعني ده من وجهة نظرهم بيقلل حرية البرلمان في الرقابة على وزارة المالية.
– وبعيدا حتى عن التبرير ده، واللي لو نحينا عوامل زي اختيارات الأجهزة الأمنية لنواب البرلمان أو طريقة الانتخاب، واللي بتخلي فعليا في شكوك في موضوع الرقابة ده، بس حتى بالمنطق ده ولو اعتبرنا أنه مجلس النواب سيد قراره يعني فالاستثناء ده مش من متطلبات الرقابة ولا حاجة وإنما بيحط البرلمان زيه زي وزارة الدفاع والمحكمة الدستورية في وضع استثنائي غريب، يعني من الآخر المجلسين (نواب وشيوخ) بيسعوا لوضع استثنائي هما كمان.
– وده لأنه الرقابة في أي حكومة في الدنيا هي عملية تخص الجهات التشريعية ولكن دائما في هوامش للجهاز التنفيذي في إبداء الرأي والتنفيذ وخاصة لو الجهاز التنفيذي ده هو الوزارة اللي بتطلع الاعتمادات والإنفاق وهي وزارة المالية.
*****
– عشان نحقق معايير الشفافية والرقابة الفعلية للبرلمان لازم يتم إجراء إصلاحات كثير إجرائية على القانون الحالي والتعديلات دي لازم تشمل:
1- تدعيم الشفافية في الموازنة العامة، بأنها تكون موازنة مفتوحة متاحة لكل المواطنين للإطلاع عليها، شوفنا حاجات كويسة اتعملت زي موازنة المواطن، لكن الشفافية ما زالت غائبة عن جهات السطر الواحد في الموازنة وما زالت غائبة عن موازنات الهيئات الاقتصادية زي الهيئة العامة للبترول وغيرها.
لازم القانون ينص على مبدأ تشاركية الموازنة وأنها مبنية على احتياجات فعلية للوحدات المحلية اللي دورها شبه غائب بسبب عدم وجود المحليات وعدم وضوح إمتى ممكن يكون في انتخابات محليات.
لازم القانون الجديد يتضمن مبدأ وحدة الموازنة يعني لازم كل مليم تصرفة الحكومة يكون جوه الموازنة العامة.
لازم يكون في ربط أكثر بين الموازنة والاعتمادات اللي فيها وبين خطط التنمية اللي بتعملها الحكومة كل أربع سنين والمفروض أنه المسئول عنها وزارة التخطيط اللي بتحط مستهدفات لا تتحقق وبنلاقي أساسا اعتمادات الاستثمارات دي مش موجودة في الموازنة.
لازم يكون في رقابة حقيقية من البرلمان على الموازنة، مناقشة الموازنة في مصر دائما بتتم بتعليمات أمنية وبيتدخل في إقرار الاعتمادات اللي فيها الأجهزة الأمنية اللي اختارت نواب البرلمان، وده بيخلي الاعتمادات اللي في الموازنة خاضعة لاعتبارات كثير غير الحكم الرشيد ولكن لرغبة الأجهزة الأمنية بنشوف زيادات مخصصات وزارات سيادية زي الداخلية والدفاع والعدل في ظل أزمة مالية.
كل ده للأسف لا يمكن يحصل بدون رفع إيد الأجهزة الأمنية عن البرلمان وللأسف ده لا يمكن يحصل في السياق الحالي اللي مفيهوش أدني متطلبات الانفتاح السياسي أو الديمقراطي.
– الموازنة العامة للدولة هي اللي بتقول فلوسنا بتروح فين وإعدادها بشفافية وطريقة سليمة في مصلحة كل مصري، عشان نقدر نعرف ونحاسب ضرائبنا بتروح فين وبتتصرف بأي طريقة.
– لما بنقول فيه مشاكل في التعليم والصحة عشان ابنك وابني يتعملوا ويتعالجوا كويس، كان دايما دا بيكون مترافق مع مقترح زيادة الإنفاق على القطاعين بشكل استراتيجي، لكن اللي بنشوفه في قانون المالية الموحد، هو نية مبيتة للتحايل على الدستور، وبما معناه هنفضل شوية في أزمات الصحة والتعليم لقلة الإنفاق.
*****
مشاركة: