– خلال افتتاح عدد من المشروعات السكنية في مدينة بدر اتكلم الرئيس السيسي عن طرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة في خلال سنتين.
– الرئيس قال نصا “عاملين حسابنا العاصمة تدخل البورصة في أقرب فرصة، الملاءة المالية الموجودة في صندوق الشركة 100 مليار جنيه، نتحدث عن أموال سائلة تصل لـ 100 مليار جنيه لشركة العاصمة الإدارية”.
– كلام الرئيس عن طرح الشركة في البورصة مهم لأنه بيعكس رؤية اقتصادية عنده وعند الحكومة خلال الفترات اللي جاية، وخاصة بعد الكلام عن طرح حصص من شركات مملوكة للجيش في البورصة، وأيضا الكلام عن شركة العاصمة هو فرصة لتقييم الوضع الحالي للمشروع، وايه اللي ممكن نشوفه من التوجه الاقتصادي المتزايد في السنوات الأخيرة من استثمار الدولة المكثف في القطاع العقاري.
– في البوست دا هنحاول نفهم مع بعض ايه معنى الخطوة اللي بنشوفها جيدة إلى حد كبير، ولكن في نفس الوقت هنطرح شوية أسئلة منطقية بالتوازي.
*****
ايه هي شركة العاصمة الإدارية؟
– هي شركة مساهمة مصرية، تأسست في 2016 مع البدء في إنشاء مشروع العاصمة الإدارية، هيكل ملكية الشركة هو 51٪ للقوات المسلحة (فيهم حصص غير معلومة على وجه الدقة لجهتين وهما جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية) و 49% مملوكة لوزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية.
– ورغم أنه ملكية الشركة هي لجهتين تابعين للدولة بشكل مباشر، والشركة تأسست برأس مشترك من الجهتين التابعتين للدولة اللي هما هيئة المجتمعات والجيش إلا أنه الرئيس السيسي مصر أنه ملهاش علاقة بالموازنة وأنها بتصرف على نفسها.
– والحقيقة إنه فيه ملاحظة على كلام الرئيس اللي اتكرر أكثر من مرة، وهي إن الموازنة العامة وخاصة وزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية بيضخوا فلوس في العاصمة الإدارية، وكمان الأراضي الكثير اللي بتطرحها الشركة أمام المستثمرين والمطورين العقاريين هي في الأصل أراضي من الموارد العامة في مصر، بالتالي كان المفترض لما تتباع تروح حصيلتها كلها لوزارة الإسكان أو هيئة المجتمعات اللي بدورها بتحول فوائض وأرباح وبتدفع ضرائب بتستفيد منها الموازنة العامة للدولة.
– بالتالي حتى لو بمنطق الرئيس إنه شركة العاصمة بتصرف على نفسها من حصيلة بيع الأراضي فدي برضه موارد عامة كان المفروض تكون متشافة جوه الموازنة، لأنه في مبدأ أساسي في أي موازنة حكومية في العالم وهو مبدأ وحدة الموازنة بمعنى أنه الموازنة تكون شاملة لكل الإنفاق اللي جاي من الموارد العامة للدولة.
– كمان عشان بس نتأكد أنها فلوس الدولة، وموارد عامة ممكن نشوف تصريح من يومين للواء أحمد زكي عابدين رئيس مجلس إدارة الشركة واللي بيقول “تكلفة تطوير وطرح أراضى المرحلة الثانية من مشروع العاصمة الإدارية ستقارب مئات المليارات من الجنيهات، وتم اللجوء لآلية سوق المال لتوفير التمويلات بدلًا من تحميل الدولة أعباء مالية إضافية”.
*****
ليه الشركة هتتطرح في البورصة؟
– بعيدا عن الجدل غير المنطقي بتاع أنه الشركة مش من الموازنة، فخطوة طرحها في الوقت دي هي خطوة إيجابية جدا لأنه بمعايير الشفافية ده مهم، لحد دلوقتي مفيش أي حد عارف يطلع على ميزانية الشركة لأنه الجيش شريك فيها بالتالي دي بالبلدي كده صندوق أسود محدش عارف في ايه ولا بتصرف كام ولا بتحط فلوسها في مشاريع ايه؟ ولا الدولة بتدفع لها كام لأنه مثلا في وزارات ومؤسسات حكومية بقى ليها مباني في العاصمة، فهل شركة العاصمة بتتحمل الفلوس دي؟ ولا والوزارات والمؤسسات دي هتدفع تكلفة مبانيها لاحقا على الأقل؟
– بالتالي طرح شركة زي دي في البورصة هي خطوة جيدة من ناحية الشفافية، ولكنها برضه تخلينا نفكر في طبيعة تمويل المشروع نفسه.
– دلوقتي تقريبا انتهت الشركة من المرحلة الأولى في المشروع، واللي كان من المخطط يعني أنه يتضخ فيه استثمارات حكومية وخاصة بقيمة 25 مليار دولار يعني قرابة 390 مليار جنيه تقريبا، ومفيش أرقام رسمية عن المرحلة الأولى دي اتضخ فيها كام بالظبط من شركة العاصمة أو من الهيئة ووزارة الإسكان، لأننا سمعنا أرقام تانية من اللواء زكي عابدين بيقول فيها إن إجمالي الاستثمارات في المرحلة الأولى لمشروع العاصمة الإدارية الجديدة يتراوح ما بين 700 إلى 800 مليار جنيه، ومتوقع طبعا أنه المراحل الجاية الثانية والثالثة هتتكلف كثير وخاصة تكلفة الترفيق.
– بالتالي وبحسب تصريحات اللواء زكي عابدين رئيس الشركة مؤخرا ففلوس الطرح في البورصة هتتوجه لترفيق المراحل الثانية والثالثة من المشروع.
– بحسب كلام الرئيس واللي هو مصدره الوحيد (تصريحات) مفيش أي أرقام رسمية صدرت تؤكد دا، فالشركة عندها كاش يعني في البنوك حوالي 100 مليار جنيه، وده رقم كبير للغاية، وبعض الأراء ممكن تشوف إنه غير مبرر أساسا أنه شركة استثمارية يكون عندها هذا القدر من الفلوس اللي قاعدة في البنوك.
– وأيضا الرئيس قال أنه قيمة الأصول بتاعة الشركة حوالي 3-4 ترليون جنيه، وده طبعا لأنه عندها محفظة كبيرة من الأراضي وسهل جدا بقرار تخصيص من رئيس الوزراء أو الرئيس أنه محفظة الأراضي دي تتضاعف في ثانية يعني، بالتالي الحجم الضخم ده يخلينا نفكر إزاي بيتم نقل موارد عامة بقرارات خطية بس لأنها تتحول لموارد خاصة تابعة لشركة هتتطرح في البورصة، دا سؤال وتخوف مشروع.
– من المؤكد أيضا أنه الحكومة مش هتطرح الشركة كلها لأنها كبيرة جدا والبورصة المصرية لا تتحمل شركة زي دي، بالتالي في الأغلب اللي هيتم طرحه حصة صغيرة مع الحفاظ على حصص أغلبية للمساهمين الحاليين اللي هما الجيش وهيئة المجتمعات.
– كمان ممكن يكون جزء من الشركة يطرح بشكل خارجي بره البورصة المصرية سواء على مستثمرين إستراتيجيين ممكن يهتموا بشركة ضخمة زي دي، وخاصة المستثمرين الخليجيين، أو في بورصات بره وإن كان صعب إن لم يكن مستحيل ومعقد جداً يعني موضوع طرح الشركة في بورصات كبيرة بره عشان الشروط المتعلقة بالشفافية والإفصاح وعشان وجود الجيش كشريك يعني في الموضوع وهو شيء قد يكون مخيف لأي مستثمر أجنبي، لكن نتمنى عموما الشركة تستوفي الشروط دي لأنها في المصلحة العامة.
– بالتالي واقعياً إحنا بنتكلم عن طرح جزء صغير، حاجة شبيهة كدا باللي حصل مع أرامكو في السعودية مع اختلاف السياق بين الحالتين يعني، وحصيلة الطرح دي تتضخ تاني جوه مشروع العاصمة، وده بيقولنا ما بين السطور كده إنه (قد) يكون في أزمة تمويل لمشروع العاصمة الإدارية دلوقتي، واللي إتأخر أكثر من مرة عن الجدول الزمني بتاع التسليم.
*****
نشوف ايه من كل ده؟
– لو الجيش عنده نية أنه يعمل تخارج من القطاعات الاقتصادية الكبيرة زي القطاع العقاري واللي كانت محل توصية من صندوق النقد في المراجعة الأخيرة، فالبتالي الخطوة المتعلقة بطرح شركة العاصمة كمان سنتين هي خطوة إيجابية.
– لكن في نفس الوقت الإشادة متنفعش تنسينا أنه الأراضي والأصول اللي بتديرها الشركة دي حاليا واللي هينطرح جزء منها في البورصة هي أصول عامة كان المفروض حصيلتها توجه لتمويل برامج في الموازنة العامة للدولة أو تشارك على الأقل في دا.
– وطبعا ممكن يكون فيه تفهم لسرية الإنفاق المالي الخاص بمعاملات القوات المسلحة عشان الطبيعة الخاصة للعمل العسكري والتسليح وغيره، لكن لو مشروع مدني بحت زي العاصمة الإدارية الجديدة، سؤال مشروع جدا: ليه يتم إحاطته بالسرية بعيدا عن أي رقابة شعبية؟
– كمان مهم إننا نشوف أنه دلوقتي وحتى بعد طرح الشركة في البورصة الأرباح هتروح لهيئة المجتمعات العمرانية والجيش وهتكون بره الموازنة.
– أيضا مهم جدا نشوف أنه الآلية دي في تمويل استثمارات الدولة قد تحقق مكاسب على المدى القريب زي أنها عملت شركة كبيرة زي العاصمة الإدارية من مفيش لكن النوع ده من الاستثمار بيطفش القطاع الخاص المحلي والاستثمار الأجنبي لأنه في النهاية مفيش مطور عقاري يقدر ينافس الجيش.
– شوفنا تأثير دخول الجيش للقطاع العقاري على مقاولين كتير كبار وصغيرين وأصبح السوق دلوقتي فيه تركز شديد جدا، مفيش غير الشركات الكبيرة اللي بتشتغل، وكمان بدعم من الدولة من خلال عمليات تخصيص الأراضي بالأمر المباشر.
– غياب مبادئ زي الشفافية وشمول الموازنة العامة بيهدر الكثير من الموارد بالإضافة لأنه باب خلفي كبير للفساد، مش معقوله يعني شركة أصولها 3-4 ترليون بحسب تصريحات الرئيس ميكونش في مواطن مصري واحد شاف ميزانية ليها لحد دلوقتي، ولا بتتعرض على البرلمان، ولا الجهاز المركزي للمحاسبات بيشوفها، كل دي أبواب فساد مفتوحة.
– بالتالي ومع الإشادة بخطوة الطرح لازم نكون مدركين الشركة دي جت منين وأرباحها وحصيلة بيع الأراضي اللي اتخصصت ليها راحت فين، لأنه في النهاية حتى لو أقرينا بفكرة أنها من بره الموازنة، فهي في النهاية أراضي عامة ملك لكل المصريين.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *