– النهاردة السبت هوا اليوم اللي حدده متحدث وزارة الإسكان لعودة عمل كافة مشاريع المقاولات بكامل طاقتها، وده بعد تصريحات رئيس الوزراء يوم الأربعاء عن أولوية عمل قطاع الانشائات بكامل طاقته.
– حاليا في العالم كله في نقاش كبير حوالين كفاءة إجراءات الغلق الكامل والجزئي، وموازنة أضرار الفيروس والضرر على الاقتصاد، وشفنا الجدل ده في مصر بعد تصريحات رجال أعمال زي نجيب ساويرس وعلاء عرفة.
– ايه الوضع في مصر بالظبط؟ والآثار الاقتصادية للغلق هتكون أكبر من الأثار الاقتصادية للفتح ولا العكس؟ وإيه الخيار المقترح الأفضل للحكومة والشركات؟ ده اللي هنناقشه في البوست ده.
*****
هل مصر حصل فيها غلق كامل أصلا؟
– بالطبع محصلش غلق كامل بمعنى ١٠٠٪، وده في كل الدول، لانه لازم الناس طبعا تلاقي أكل وكهربا وغيرها من الأساسيات.
– كمان غير الأساسيات مصر فيها نسبة ضخمة عمالة قطاع غير رسمي، وعدم تدخل الحكومة بآليات كافية للتعويض، فالناس كانت بتنزل تشتغل كل يوم لحد وقت الحظر، وبعد تطبيقه شركات ومصانع فضلت شغالة والناس بتروح، بينما اللي قفل أو اشتغل بطاقة أقل كتير منها بدأ يدي العمال اجازات غير مدفوعة أو يفصلهم.
– اللي حصل في الواقع هوا تخفيف للإجراءات مش العكس!
– رئيس الوزراء قرر استثناء “العاملين في المصانع” من الحظر، وده في المطلق كده كل المصانع بلا استثناء، رغم انها أماكن ازدحام للعمالة.
– شفنا قبل أيام كامل الوزيري وزير النقل رايح بنفسه يشرف على أعمال مشروع “المحطة متعددة الأغراض” بميناء الإسكندرية، وبيؤكد ان مشاريعنا كلها لازم تستمر.
– وأخيرا شركات المقاولات اللي كانت هيا بنفسها وقفت شفنا رئيس الوزراء هوا اللي عمال يلح في عودتها، لدرجة لما اشترطوا دفع المستحقات تم صرف ٣.٨ مليار جنيه في وضع عجيب المستثمر عايز يوقف شغل والحكومة تلح يرجع.
– في الوضع ده طبيعي نشوف الزحمة في المترو، وطبيعي كمان نشوف ناس بتتهاون في الإجراءات، لإنه اذا كان هيروح شغله في مصنع أو موقع بناء مزدحم، وبعدها هيركب مترو زحمة، هنلاقي اللي يفكر انها مجاتش على عزومة مع عيلته مثلا.
*****
مين اللي مفروض يشتغل؟
– لإيه القطاعات الأهم اللي لازم تشتغل مع إجراءات الوقاية وإيه اللي ممكن الاستغناء عنه ويقف فورا، وبوضوح اللي لازم يستمر هو كل ما له علاقة بحياة الناس المباشرة، في “الاقتصاد الحقيقي”
١- قطاع الخدمات الأساسية زي الكهرباء، المياه، الصرف الصحي، الوقود، الاتصالات.
٢- قطاع الزراعة بالكامل، وده بياخد أولوية أعلى في ظل الأزمة الحالية، ومفروض خطة طويلة المدى لزراعة الأساسيات، لان حاليا دول كتير بتمنع تصدير منتجاتها، وكان إيجابي انه صدر في مصر قرار بمنع تصدير البقول، لكن مهم نضع احتمال ان القمح اللي بنستورده ممكن ميجيش في الظروف دي، فعلا مجلس الوزراء أكد ان مخزون الأغذية الأساسية يكفي لأشهر، لكن الأزمة ممكن تمتد أكتر.
٣- قطاع الصناعات الغذائية.
٤- قطاع التصنيع الطبي محتاج تعزيز بأقصى سرعة لدرجة تحويل خطوط انتاج قائمة للإنتاج الطبي.
٥- قطاع الكيماويات المرتبط بصناعة المطهرات تحديدا.
٦- قطاع الشحن والتوزيع الداخلي، كل ما يرتبط بتوزيع المواد الزراعية والغذائية ووصولها لحد أصغر محل في أحد الأحياء.
٧- القطاعات اللي ممكن نقل عملها بالكامل للعمل من المنزل، زي شركات البرمجة وتقنية المعلومات، أو شركات الخدمات المالية.
مين اللي مفروض يقفل؟
بشكل عام القطاعات غير الأساسية، أو القطاعات اللي بطبيعتها اتقفلت اجباريا.
١- قطاع الطيران بالعالم كله في حالة شبه شلل كامل.
٢- قطاع السياحة والخدمات الفندقية وكل المرتبط بيها.
٣- قطاع المقاولات بالطبع مش أولوية في ظل الوضع ده، خطورة تأجيل العاصمة الإدارية الجديدة مثلا أقل بكتير من خطورة انتشار المرض بين عشرات آلاف العمال فيها، خاصة انه أصلا مفيش بالمستقبل القريب حركة استثمارات دولية هتيجي ولا حاجة.
٤- قطاع الشحن الدولي والموانيء بالتأكيد مفيش أي منطق لأي توسعة حالية فيه في ظل ان التجارة الدولية كلها داخلة في حالة ركود بمراكزها العالمية الرئيسية.
٥- قطاع الملابس محتاج مراجعة بين الأهم والأقل أهمية، خاصة المصانع المخصصة للتصدير للخارج اللي بطبيعتها صعب دلوقتي تجد زبائنها او تجد آلية لتوصيل بضائعها أصلا.
٦- المطاعم والمولات والكافيهات والقهاوي وقاعات الأفراح والعزاءات وكل أماكن التجمع غير الضروري.
*****
والبديل؟ نعمل إيه مع ملايين العمالة والشركات الخاسرة؟
– يجب الاعتراف انه فعلا الوضع صعب جدا جدا، وملوش حلول سهلة، ولا ممكن تجنب خسائر مؤلمة في ظرف أقوى من كل البشر في كل دول العالم.
– نتصور إن السياسة المقترحة هي استمرار الغلق الجزئي الحالي، وكمان تشديده على كل القطاعات غير الأساسية،على محورين.
المحور الأول: حصر وتعويض المتضررين:
– بالفعل حصلت إجراءات إيجابية مبدئية لصالح الشركات، تأجيل أقساط ديون، ودعم وغيرها.
– بالنسبة للعمالة كون إن رئيس الوزراء قال ان قطاع المقاولات بيشغل ٤ مليون عامل يعني بالفعل فيه حصر ولو مبدئي ليهم، وحسب القانون مفروض شركات المقاولات الكبرى بتأمن على عمالها وبيتسجلوا في وزارة التضامن، زي كل القطاع الخاص.
– كمان عندنا قواعد بيانات معاش تكافل وكرامة اللي الوزارة قالت انه بيشمل ٢.٥ مليون أسرة أكثر احتياجا باجمالي ٩ مليون مواطن.
– كمان عندنا قواعد بيانات بطاقات التموين اللي الوزارة قالت تغطي ٦٤ مليون مواطن ومنظومة الخبر المدعم تغطي ٧٣ مليون مواطن.
كل الملايين دول الدولة ممكن تديهم اعانات نقدية زي ما دول تانية كتير بتعمل، أو تزود السلع الغذائية على بطاقات التموين.
شفنا في بريطانيا عملو صيغة قانونية ان اللي يقعد في البيت الدولة تدفع ٨٠٪ من راتبه بما لا يزيد عن مبلغ معين شهريا، وشفنا خطط تأميم مؤقت لشركات كبرى خاسرة في أمريكا وغيرها.
عندنا إحنا شفنا تخصيص ١٠٠ مليار جنيه بقرار رئاسي، طيب لو افترضنا مثلا اعانة ١٠٠٠ جنيه ل ١٠ مليون مواطن = ١٠ مليار في الشهر.
– كمان لازم رجال الأعمال يكون ليهم دور، شفنا بعض أكبر رجال أعمال في العالم في أمريكا وأوروبا بيتبرعو للحملات، أو على الأقل بيلتزموا بمرتبات موظفيهم كليا أو جزئيا.
– ومهم دعم دور المجتمع المدني والعمل الخيري بشكل مؤسسي وبشكل فردي، ويتساب ليها حرية العمل وتسهيلات التعاملات البنكية وغيرها.
المحور الثاني: التوسع في التحاليل.
– ده مش حل واقعي لظروفنا الحالية لإن معندناش الإمكانيات أننا نحلل لملايين المواطنين، احنا عشان نكتشف 500 حالة عملنا 20 الف مسحة للمخالطين حسب تصريحات وزيرة الصحة وقتها من بداية ظهور الفيروس في مصر على مدى شهر تقريبا، ودا يعني أنه قدرتنا هي عمل أقل من ألف تحليل يوميا.
– طبعا ده رقم صغير جدا بالمعدلات العالمية، ومش عارفين حتي الرقم الحقيقي لقدرتنا على دا، يعني ببساطة وزارة الصحة مطلعتش قالت أنها قادرة على عمل كام تحليل في اليوم؟ أو انها بتستهدف عدد التحاليل يوصل لكام في اليوم؟ الرقم اللي عندنا هو من تقرير منظمة الصحة العالمية، 200 ألف تحليل، ومش معروف ده الرقم الإجمالي ولا رقم لوقت محدد.
– حاليا في أمريكا وألمانيا وغيرها من الدول اللي عندهم برضه أولوية كبير لعودة فتح العمل والمصانع وبيخسروا كل يوم غلق مليارات، بيحصل توجه للتوسع الكبير في التحاليل وبكده يعرفوا مين اللي جاله المرض وعنده أجسام مضادة دلوقتي فده خلاص الشخص ده يرجع الشغل والحياة الطبيعية. أمريكا زودت قدرات نظامها الصحي إلى ٧٥٠ ألف تحليل في الأسبوع يعني تقريبا ١٠٠ ألف في اليوم.
– طبعا مش هنعمل تحليلات للسكان كلهم لكن ده بيحصل للفئات تدريجيا، مثلا في قطاع المقاولات اللي رئيس الوزراء طالب بعودة العمل فيه بالكامل مع اتخاذ تدابير الوقاية، في القطاع ده شغال حوالي 3.5 مليون عامل، هل عندنا القدرة علي عمل تحاليل لكل العاملين بكل موقع وتكرار التحليل؟ طيب هل عندنا القدرة حتى على تعقيم كل مواقع العمل الكبيرة جدا في مجال المقاولات؟
*****
طيب ما نجرب نرجع كل حاجة وخلاص ولو الدنيا باظت ممكن نقفل تاني؟
– يوم ٩ أبريل هو تاريخ نهاية إجراءات حظر التجول، ولكن ده بيتزامن مع تصاعد عدد الحالات المسجلة في مصر وتحذيرات من دخولنا “المرحلة التالتة” من التفشي، وده يخلي العودة بوضعنا خطر جدا.
– شفنا دول كتير بتمدد الإجراءات، وده الخيار السليم في حالتنا.
– هيفضل عندنا انتشار للمرض، وهتفضل القطاعات المهمة بتشتغل، لكن المهم نقدر نبطأ سرعة الانتشار ويفضل قطاعنا الصحي قادر يستوعب الحالات، لأنه لو وصلنا لمرحلة التفشي المجتمعي الواسع، القطاع الصحي عندنا بامكاناته المحدودة مش هيستحمل وهنشوف انهيارات زي إيطاليا وأسبانيا وغيرها من الدول المتقدمة لما عدد المرضى يبقى أكبر من طاقة أجهزة التنفس الصناعي والأطباء.
– إذا كانت أمريكا أكبر اقتصاد في العالم اضطرت تقفل بعد ما ترامب عاند وفضل رافض فترة طويلة، وقال انه تم إبلاغه انه لو مقفلش عدد الوفيات في أمريكا ممكن يوصل ٢.٢ مليون انسان! بينما لو طبق إجراءات الغلق ممكن العدد الإجمالي يوصل ١٠٠ ألف وفاة.
بعد الشر منقدرش نتخيل أبدا أرقام زي دي في بلدنا، عشان كده حياة الناس هيا أهم عامل دلوقتي، وجنبها الاقتصاد يتم التعامل معاه بحذر حسب المعايير والأولويات اللي اتكلمنا عنها.
– وأكيد مهم الحفاظ على الأسس الإنتاجية للإقتصاد الحقيقي، بمعنى الحفاظ على قوة العمل جوة السوق قدر الأمكان، والحفاظ على أكبر قدر من الشركات والمصانع المهمة جوه السوق دون افلاسات وانهيارات.
– لكن أي تهاون في حياة الناس بيؤدي بعدها كمان لخسارة أكبر في الاقتصاد لما يعم الفزع وترك العمل وغيرها من الظواهر اللي نتمنى منشوفهاش أبدا في بلدنا، وكلنا سوا بالجهود الرسمية والشعبية، الحكومية والقطاع الخاص، نقدر نتجاوز الأزمة الصعبة.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *