خلال الأسبوع اللي فات حصلت فضيحة غير مسبوقة في تاريخ مصر في مجلس النواب، ومأخدتش حقها في الكلام عنها، وناس كتير معرفتهاش للأسف.

اللي حصل إن النائب العام طلب رسمياً من مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب أشرف العربي، لاتخاذ الاجراءات الجنائية ضده في القضية 629 لسنة 2012 حصر أموال عامة عليا .. لكن البرلمان رفض!!

قبل ما نحكي قصة القضية، من حيث المبدأ كده ازاي النائب العام يطلب رفع حصانة في قضية فساااااد، بيقولكم ده حراااامي، فيترفض طلبه؟!

ده حتى أيام مبارك ده مكانش بيحصل، وبرلمان فتحي سرور رفع الحصانة عن عشرات النواب بمجرد طلب النيابة، وكلنا فاكرين قضايا شهيرة زي نواب القروض، ونواب سميحة، وهاني سرور بقضية أكياس الدم الفاسدة، وغيرها كتير.

****

إيه حكاية القضية دي؟
– الرقابة الإدارية كشفت عن وجود مخالفات مالية بأعمال مسؤولي مصلحة الضرائب ومصلحة الجمارك، وهي حصولهم على مبالغ مالية عن طريق تشكيل لجان وهمية! المبلغ اللي تم صرفه بمصلحة الضرائب قدره 5 مليون و257 ألف جنيه خلال حوالي سنة ونص، من يوليو 2009 حتى فبراير 2011.
– عضو مجلس النواب أشرف العربي كان رئيس مصلحة الضرائب خلال جزء من الفترة دي؛ بالتحديد لحد فبراير 2010، وشارك في الاستيلاء على المال العام بدون وجه حق، بحسب الاتهامات.
– النيابة استجوبت أعضاء لجان التنسيق اللي أسمائهم في كشوف الصرف، وبعضهم شهد إنه لا عرف عنها، ولا تقاضى المكافآت دي. يعني لجان وهمية، واسامي وامضاءات مزورة، وفلوس تروح جيب آخرين على رأسهم أشرف العربي.

***

طيب مش يمكن البرلمان عنده سبب وجيه للرفض؟
– تقرير اللجنة التشريعية اللي بناء عليه الأعضاء صوتوا بالرفض، قال إنه لسه النيابة ما قدمتش افادة بنتيجة طلب أحمد رفعت رئيس مصلحة الضرائب الأسبق (والمتهم مع العربي) بالتسوية ودفع مبلغ المكافآت .. واضح ان دي حجة ضعيفة جدا، لأنه بالعكس ده إذا كان أحد المتهمين الأساسيين دفع ما تم اختلاسه، فده معناه تأكيد اضافي إن القضية حقيقية وإجراءتها سليمة، وبالتالي يبقى الكلام عن انتظار ما سيتم بتسوية أحمد رفعت، مجرد تسويف فاضي أو عايزين يطمنوا الأول بانهاء القضية بالتصالح مش السجن!
– اللجنة تحججت كمان بانتظار تقرير لجنة الفحص لمكافآت “مصلحة الجمارك” ، وده كلام فاضي برضه، لأن دي وقائع منفصلة عن وقائع “مصلحة الضرائب”، والمتهم كان رئيس “مصلحة الضرائب” مش مصلحة الجمارك. ايه العلاقة أصلا؟

*****

مين هو النائب أشرف العربي ده بقى؟ مين اللي سانده؟
– أهم معلومة نعرفها إنه اختاره الرئيس السيسي للتعيين بقرار جمهوري في البرلمان ضمن نسبة المقاعد المُعينة.
– أول ظهور بالحكومة لأشرف العربي كان عام 2005، لما مسك منصب مستشار وزير المالية للشؤون الضريبية، وده بعهد بطرس غالي الوزير الهارب خارج مصر حاليا.
– في 2007، اتعين العربي، رئيساً لمصلحة الضرائب، بقرار من رئيس الوزراء أحمد نظيف، رئيس الوزارء في الوقت ده، وفضل في منصبه إلى أن تمت إقالته في شهر فبراير 2010، وقبل 8 شهور من انتهاء عقد عمله (كان بيعمل بعقد لأنه من خارج الجهاز الإداري).
– عمل أشرف العربي مستشار لصندوق النقد الدولي لشؤون السياسات الضريبية.
– بعد ما الرئيس السيسي أعاد لنا أشرف العربي مرة تانية، في أول 2015، كنائب مُعين، انضم العربي إلى اللجنة الاقتصادية المسؤولة عن صياغة تشريعات اقتصاد البلد.
– النائب العربي يبدو انه مسنود من جهة ما، لأنه قال: “الموضوع معلق منذ عام، ووجدت مدى المهنية من الهيئة لتحقيق التوازن بين مصلحتى كنائب وإنفاذ القانون”، فهنا سؤال بيطرح بشكل فوري؛ ليه الموضوع معلق من سنة؟ ايه اللي خلا النيابة تأخره كل ده؟ وليه اتحرك دلوقتي؟
– كمان النائب المحترم قال إنه “قد يلجأ للمستشار مجدي العجاتي، وزير شؤون مجلس النواب، لمحاولة خلخلة الوضع القائم بالنيابة، لأن هناك سوء فهم كبير” .. يعني إيه عضو سلطة تشريعية، يطلب من وزير في السلطة التنفيذية، إنه يتدخل عند السلطة القضائية عشان “يخلخل” الوضع القائم في النيابة؟! ويعني إيه يخلخل دي أصلًا في قضية قانونية؟

***
– أهمية القصة دي انها واضح فيها بفجاجة جدا اللي بنكرره دايما ان فيه ابعاد سياسية غير الابعاد التقنية .. ده نموذج قدام عيوننا ازاي السياسة بتتدخل لحماية مسؤول من قضية فساد رغم ان الجانب التقني سليم والجهة الرقابية عملت شغلها.
سؤال سياسي كمان هوا ازاي وصل المسؤول ده لمناصبه المختلفة؟ وبناء على ايه اختاره الرئيس؟ وازاي مر من كل التحريات الأمنية الي بتتم للمرشحين؟
– أهم جانب سياسي في الموضوع هوا ليه البرلمان أغلبيه اعضاؤه صوتت لحماية متهم بالفساد؟ هل دول ولائهم للناس لو كانوا حاسين انهم جايين باصواتهم، ولا ولائهم لجهات أمنية تدخلت بتشكيل قايمة دعم الدولة وبمراحل غيرها عشان تجيبهم لأماكنهم؟
دول المسؤولين عن كتابة قوانيننا، ومراقبة أموالنا، ازاي نضمنهم؟ النائب أشرف العربي ده عضو باللجنة الاقتصادية، وكان له دور في كل القرارات المصيرية اللي أثرت على كل مواطن.
لا يمكن تجنب كل ده إلا لو فيه حياة ديموقراطية سليمة في جوهرها مش شكلها.
– أهمية القصة دي برضه اننا نفكر جدا ان ده حصل في قضية محدودة الحجم، فما بالنا باللي بيحصل في قضايا ضخمة مع ناس أهم؟ جايز مكناش هنسمع عنها اصلا .. لازم فوراً نفتكر هنا المستشار هشام جنينة اللي تمت اقالته من منصبه لانه شاور على ظباط “أجهزة سيادية” (مخابرات)، وقال في مرافعته عن نفسه بالمحكمة انه تمت اقالته لانه تجاوز الخط الأحمر لأنه يرفض الاعتراف ان فيه حاجة اسمها أجهزة سيادية بل السيادة للشعب.
– مهم جدًا نتابع الوقائع الفاضحة اللي زي دي، ونحكي عنها لكل الناس، عشان كل مواطن يعرف البرلمان اللي المفروض إنه بيمثله بيعمل إيه، ويعرف لما يسمع المسؤولين اللي طول الوقت بيلوموا الشعب ايه الفارق بين شعاراتهم وأفعالهم.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *