– خلال الأيام اللي فاتت حصلت تطورات مهمة في الدول العربية التلاتة اللي بتعيش مراحل مختلفة من التحول الديمقراطي.
– في تونس الشعب كان بيتابع باهتمام المناظرات بين مرشحي الرئاسة، وفي السودان الحكومة المدنية الجديدة حلفت اليمين وبتواجه تحديات كتير، وفي الجزائر الجيش بيحاول يفرض انتخابات رئاسية فورا لكن المتظاهرين والأحزاب رافضين الانتخابات في ظل وجود رموز النظام السابق في السلطة.

*****

إيه اللي حصل بالمناظرات في تونس؟
– على مدار 3 أيام بدأوا يوم السبت اللي فات، وقبل 8 أيام من انطلاق المرحلة الأولى للانتخابات الرئاسية، تم تنظيم مناظرات، قال فيها 26 مرشح للانتخابات الرئاسية رأيهم في قضايا مختلفة. والمناظرات حظت باهتمام، مش بس الشعب التونسي اللي اتجمعوا على القهاوي قدام شاشات كبيرة، لكن كتير في العالم العربي، اللي بيحصل فيه حدث غير معتاد زي ده.

– دي أول مناظرة انتخابية في تاريخ تونس. وتالت مرة بشكل عام تحصل في العالم العربي، بعد مناظرة الرئاسة في موريتانيا 2007، ومناظرة الرئاسة المصرية في 2012.

– المناظرات تم بثها على 11 قناة تلفزيونية تونسية، واستمرت مدة كل مناظرة ساعتين ونص، وتناولت موضوعات متنوعة زي صلاحيات الرئيس، والعلاقات الخارجية، والأمن القومي، والحريات الفردية. وكل المرشحين حضروا، ما عدا المرشح نبيل القروي، المسجون بتهم تهرب ضريبي.

مين أهم المرشحين للانتخابات التونسية؟
1-الرئيس السابق المنصف المرزوقي: حاصل على الدكتوراة في الطب من جامعة ستراسبورغ الفرنسية، وكان من أقوى المعارضين لنظام بن علي، وتولى رئاسة تونس بشكل مؤقت بعد الإطاحة ببن علي في 2011، لحد ما سلم السلطة للرئيس الراحل باجي قايد السبسي سنة 2014، لما خسر الانتخابات قدامه.

2- وعبد الفتاح مورو: قاضي ومحامي سابقا، ونائب رئيس حركة النهضة، ونائب رئيس البرلمان، وتولى رئاسة البرلمان بشكل مؤقت بعد ما رئيسه محمد الناصر بقى رئيس الجمهورية المؤقت. مورو هو أول مرشح عن حزبه، اللي بيستحوذ على 69 مقعد في البرلمان (أكبر حزب عنده مقاعد)، وفاز بـ28% من الاصوات في الانتخابات البلدية السنة اللي فاتت.

3- يوسف الشاهد: رئيس الحكومة الحالي ورئيس حزب نداء تونس. البعض اتهمه بتوظيف موارد الدولة في خدمة حملته الانتخابية. لكن بعد ترشحه، فوض صلاحياته لوزير الوظيفة العمومية كمال مرجان. البعض بيتهمه بإدارة شئون البلاد، والرئيس الراحل كان على خلاف معاه لصراع على إدارة حزب نداء تونس.

4- نبيل القروي: رجل أعمال ومالك قناة فضائية أنشأها سنة 2007، وكان ليه دور قوي في وصول قايد السبسي للحكم. هو أحد قيادات حزب نداء تونس اللي كان ضمن الائتلاف الحاكم حاليا، قبل ما يجمد عضويته بعد الانشقاقات اللي حصلت في الحزب، وأسس حزب قلب تونس.

– أنصار القروي بيتهموا يوسف الشاهد بأنه السبب في حبس القروي، اللي كانت مؤشرات واستطلاعات الرأي بتظهر شعبيته الكبيرة، وبالمقابل بيترد بكشف أدلة على فساده، وبالرغم من حبسه لكن هيئة الانتخابات أقرت بحقه في الترشح والظهور التلفزيوني للمواطنين مادام لم يصدر حكم عليه.

5- عبد الكريم الزبيدي: وزير الدفاع في حكومات يوسف الشاهد وقايد السبسي، وعلى عكس الشائع في العالم العربي، الزبيدي شخص مدنى وليس عسكري، وهو في الأصل طبيب، وكان عميد كلية الطب في سوسة، وتولى منصب وزير الصحة سابقا. استقال من منصبه في وزارة الدفاع بعد ما أعلن ترشحه للرئاسة.

6- حمة الهمامي: السياسي اليساري والمتحدث باسم تنظيم الجبهة الشعبية، والمعارض للائتلاف الحاكم سواء من النظام القديم الممثل في نداء تونس ومرشحه عبدالكريم الزبيدي، أو حركة النهضة اللي بيمثلها عبدالفتاح مورو، أو رئيس الوزراء الحالي يوسف الشاهد واللي اتهمه بالفساد في المناظرة

6- مع وجود نسائي للمرة الأولى في الانتخابات التونسية، بالمرشحة عبير موسى، المعارضة للإسلاميين والمنتمية لنظام بن علي.

– المناظرات والاستطلاعات موضحتش إن أي مرشح يقدر يفوز ب 50% من الأًصوات، وعشان كده من المتوقع إن الانتخابات مش هتتحسم من الجولة الأولى، والتونسيين على موعد مع جولة الإعادة الشهر القادم.

*****

إيه العقبات قدام أول حكومة من وقت عزل البشير؟

– الحكومة المدنية برئاسة عبدالله حمدوك، حلفت اليمين الدستورية وبدأت ممارسة سلطاتها رسميا.
– تم التوافق بين أعضاء المجلس السيادي، اللي نصفه عسكريين ونصفه مدنيين، على اختيار الحكمدوك بعد ما قوى الحرية والتغيير رشحته للمنصب، الحكومة مكونة من 18 وزير و4 وزيرات.

– حمدوك اختار 16 وزير من بين 49 شخصية رشحتهم قوى الحرية والتغيير، أما وزيري الداخلية والدفاع، اختارهم الأعضاء العسكريين في المجلس السيادي، وده اللي بينص عليه الإعلان الدستوري.

– التمثيل النسائي في الحكومة مميز، باختيار الدبلوماسية أسماء محمد عبد الله عشان تتولى وزارة الخارجية، وهي أول امرأة تتولى المنصب ده في السودان. والتالته على مستوى العالم العربي، بعد وزيرتين تولوا وزارة الخارجية في موريتانيا، الناها بنت مكناس، وفاطمة فال بنت أصوينع.

– أسماء عبد الله بدأت العمل الدبلوماسي في السبعينات، وتولت مناصب مهمة في البعثات الدبلوماسية السودانية في روسيا والمغرب والأمم المتحدة، واتعينت سفيرة في النرويج، واشتغلت وزيرة مفوضة فى التسعينات قبل ما تفصل في عهد عمر البشير.

– الحكومة قدامها مجموعة تحديات، أهمها التحدي الاقتصادي، وفي سبيل ده أعلنت عن برنامج إنقاذ إسعافي مدته 200 يوم، لتحقيق 5 محاور، أبرزها تثبيت الاقتصاد الكلي وإعادة هيكلة الموازنة. بالاضافة لطرح قضايا فساد الدولة العميفة.
كمان فيه نزاعات داخلية في 3 ولايات. بالإضافة للحوار مع مجموعات المعارضة المسلحة الموجودة في السودان ودول الجوار.
– من ناحية تانية الفريق عبد الفتاح برهان أعلن عن خطة لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، ومنها قوات الدعم السريع التابعة لمحمد حميدتي نائب المجلس السيادي. ودي خطوة مقلقة، خاصة لو حصلت قوات الدعم السريع على امتيازات أو فلتت من المحاسبة بعد اللي حصل وقت فض اعتصام القيادة العامة.

– بعد تولي الحكومة، الإتحاد الأفريقي قرر تفعيل عضوية السودان، بعد ما تم تعليقها في وقت سابق، لما المجلس العسكري كان بيدير البلاد، وكان اشترط تسليم السلطة للمدنيين قبل تفعيل العضوية.

– الخطوة الجاية في تنفيذ الاتفاق السياسي اللي تم بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، هو إنشاء المجلس التشريعي خلال 90 يوم من الاتفاق. والمفروض يتكون من 300 عضو، 67% منهم هيختارهم “الحرية والتغيير”، وإن يكون تمثيل النساء فيه 40%، لكن حاليا بتجري مفاوضات مع حركات مسلحة قد تؤدي لتأجيل التشريعي إلى حين عقد اتفاقات السلام، والمسألة دي مثار خلاف سياسي واسع.

******

استمرار المظاهرات الرافضة لانتخابات رئاسية في الجزائر

– في الجزائر، استمر الحراك للجمعة الـ28، بنزول المتظاهرين في الشوارع رفضاً لإجراء انتخابات رئاسية، وللمطالبة بإبعاد الجيش عن السياسة، وده بعد ما وزير الدفاع الجزائري قايد بن صالح، دعا لتحديد موعد للانتخابات قبل يوم 15 سبتمبر، ولتعديل مواد في القانون الانتخابي، وتشكيل هيئة انتخابات مستقلة.

– في نفس الوقت هيئة الحوار اللي شكلها رئيس الجمهورية كانت مستمرة في أعمالها، ورفعت تقريرها يوم الاتنين اللي فات لرئيس الجمهورية، وطالبت بعقد الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت، وفي ظل الدستور الحالي.

– اللجنة طلبت تعديل نظام الانتخابات والقوائم الانتخابية، وإعادة النظر في شروط الترشح لمنصب الرئاسة، زي الحصول على شهادة جامعية، وجمع 50 ألف توقيع من 25 ولاية، بالإضافة لطلبها السابق بإطلاق سراح مساجين الحراك، ورحيل حكومة نور الدين بدوي المحسوبة على نظام بوتفليقة.

– الاستعجال على الانتخابات ده بيحصل رغم معارضة المتظاهرين والأحزاب، واللي بيطالبوا بتنظيم مرحلة انتقالية لمدة سنتين، يتم خلالها تعديل الدستور وقانون الانتخابات، وتنظيم انتخابات بلدية وتشريعية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.

– المظاهرات مستمرة في الشارع كل يوم جمعة، والطلبة بيتظاهروا كل ثلاثاء، ورافضين حلول لجنة الحوار، اللي شايفين إنها بتخدم النظام السابق، خصوصا ان أعضائها ورئيسها والمشاركين فيها محسوبين على نظام بوتفليقة. الرفض ده وصل لاقتحام الطلبة لمقر اللجنة أثناء انعقادها من حوالي اسبوعين، ورددوا شعار “لا حوار مع العصابة”.

*****

– بنتمنى الأوضاع في الجزائر تبقى أفضل، ويقدر الثوار يلاقوا صيغة تفاهم أو طريقة لتغيير المشهد الحالي، خاصة مع غياب التنظيم السياسي اللي يعبر عنهم بشكل حقيقي، وغياب واضح لنخب سياسية من الثورة، في حين إنه الجيش بيعزز مكانته بتدخلات اقتصادية ملحوظة، وسيطرة غير معلنة على الإعلام، ودي مؤشرات غير مطمئنة على مستقبل التحول الديمقراطي.

– وبنتمنى لتونس نجاح الانتخابات الحالية في إفراز قيادة سياسية جديدة، تقدر تحافظ على التوازنات السياسية في المجتمع التونسي، وتحافظ على مكتسبات المسار الديمقراطي ودولة القانون وتطور من أداء الاقتصاد التونسي.

– وبالطبع نتمنى التوفيق لثوار السودان بعد تشكيل الحكومة، وبداية المرحلة الأصعب في محاولة رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب، وجذب الاستثمارات، وحسم الخلاف حول تسليم البشير للجنائية الدولية، واستمرار المسار الديمقراطي اللي متربص بيه دول كتير في المنطقة وجنرالات في الجيش السوداني.

– كل انتصار للشعوب في قضية الديمقراطية والعدالة هو انتصار لينا كلنا. وعشان كده كل الدعم للأشقاء في تونس والسودان والجزائر.

******




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *