– من أيام في السودان، تم توقيع وثيقة الاتفاق السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، بوساطة إثيوبية وأفريقية، مع استمرار المفاوضات عن الوثيقة التانية الخاصة بالإعلان الدستوري.

– في الجزائر، المظاهرات مستمرة ضد رموز النظام القديم، وفترة الرئيس المؤقت انتهت لكنه مستمر في المنصب، وفيه خلاف سياسي على آليات انتقال السلطة.
في البوست، هنتابع مع آخر تطورات الوضع في السودان والجزائر. وإيه العوائق قدام الثورتين.

******

إيه الجديد في السودان؟

– المفاوضات بخصوص نقل السلطة للمدنيين في السودان عدت بأكتر من مرحلة. من شهرين تقريبا كان فيه اتفاق مباشر بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، على تشكيل مجلس سيادي وحكومة كفاءات وطنية ومجلس تشريعي، لكن الخلاف كان على التفاصيل.

– المفاوضات توقفت بعد فض اعتصام القيادة العامة في بداية يونيو، ورجعت مرة تانية في بداية يوليو بوساطة إثيوبية وإفريقية، لكن التقدم اللي بيحصل بطيء نتيجة الشكوك في نوايا المجلس العسكري، اللي مأثبتش حسن نيته في مواقف كتيرة بالفعل.

– بعد استئناف المفاوضات، تم الاتفاق على تشكيل مجلس سيادي مكون من 6 مدنيين و5 عسكريين، والوثيقة اللي تم توقيعها بالأحرف الأولى كانت جزء من الاتفاق، وبتحدد مواعيد مهمة لتنفيذ الاتفاق.

– وفقا للوثيقة، المجلس السيادي هيمارس مهامه لمدة 39 شهر، وهيكون رئيسه عسكري لمدة 21 شهر، ويتبعه رئيس مدني لمدة 18 شهر، وبعدها هتتسلم السلطة لرئيس منتخب.

– الطرفين وصفوا الخطوة بإنها تاريخية، لكن عشان تتنفذ لازم الأول يتم إقرار الإعلان الدستوري. كان المفترض إن ده يحصل يوم الجمعة، لكن فيه خلاف على بعض النقاط أجلت الخطوة دي لتاريخ غير محدد.
*****

إيه العقبات اللي في طريق الإعلان الدستوري؟

– لحد الأسبوع اللي فات، كانت أكبر عقبة أمام الاتفاق السياسي هي نسبة تمثيل قوى الحرية والتغيير في المجلس التشريعي. والمجلس العسكري كان بيماطل في الاتفاق رغم موافقته عليه قبل توقف المفاوضات في بداية يونيو. الاتفاق كان بيحدد نسبة مقاعد قوى الحرية والتغيير بـ67%، وكان فيه غموض حوالين موعد تشكيله.

– ما زالت النقطة دي محل خلاف، والمجلس العسكري رافض حصول قوى الحرية والتغيير على أغلبية، وفيه اعتقاد عند البعض إن الاتفاق بالأحرف الأولى ماحسمش أي نقاط خلافية، وإن اللي حصل هو مجرد التوقيع على البنود اللي أصلا متفق عليها ومعلن عنها من زمان، وإن دى مجرد جرعة مهدئة، والنقاط الأساسية هي اللي المفروض تتحسم في الوثيقة الدستورية.

– لكن فجأة ظهر مطلب من المجلس العسكري بتحصين أعضاء المجلس السيادي من المحاكمة القضائية، وبقت دي النقطة الأهم والأخطر من نسب التمثيل في المجلس التشريعي.

– طبعا قوى الحرية والتغيير رافضة التحصين ده. والشعب السوداني اللي نزل مظاهرات يوم الجمعة لتأبين شهداء الثورة اللي عددهم تجاوز 120 قتيل، اعترضوا على الفكرة ومتمسكين بالتحقيق والقصاص.

– جزء كبير من المشكلة السياسية بين الطرفين، أساسها فض اعتصام القيادة العامة، اللي بيتحمل مسئوليته قوات الدعم السريع التابعة لمحمد حميدتي، نائب رئيس المجلس العسكري والمسؤول عن قوات الدعم السريع.

– تجمع المهنيين السودانيين بيقول إن مقترح التحصين ده بيتعارض مع المطالب الشعبية بمحاسبة المتسببين في الكارثة دي، وإن المادة الرابعة من الإعلان الدستوري المنتظر، بتأكد على خضوع الجميع لحكم القانون، وإن تحصين أي حد بيهدم الإعلان الدستوري.

– الفصائل المعارضة المسلحة كمان عندها اعتراضات على الإعلان الدستوري، لإنه مش بينص بوضوح على وضع مباحثات السلام في الولايات اللي فيها نزاعات كأولوية قصوى بعد تشكيل الحكومة الانتقالية. وبتطالب بإدراجها في الحكومة بعد توقيع اتفاقيات السلام، عشان كده المبعوث الأفريقي محمد حسن ولد لبات سافر إثيوبيا عشان يقابل قادة الفصائل دي، ويحاول يحصل على تأييد أوسع للاتفاق النهائي.

– رغم توقيع الاتفاق لكن سياسة التأجيل وكسب الوقت اللي بيعملها المجلس العسكري غير مطمئنة خصوصاً إن ده متكرر كل ماييجي الوقت للنقاش في المواضيع الرئيسية زي: شكل السلطة والصلاحيات والتنفيذ. في الوقت اللي فيه كلام إن عملية هيكلة الأجهزة الأمنية بتتم بطريقة تخدم حميدتي مش بطريقة فيها شفافية ومحاسبة وتحقيقات وقواعد مؤسسية، ودي كلها أمور تقلق جداً على مستقبل الاتفاق ومسار الثورة السودانية بشكل عام.
*****

إيه آخر تطورات الوضع في الجزائر؟

– أما الوضع في الجزائر، فالمظاهرات مستمرة للأسبوع 22 على التوالي، وبتطالب برحيل رموز النظام السابق، ودولة مدنية مش عسكرية. وبالفعل رحل واحد من الباءات الأربعة اللي المظاهرات بتطالب برحيلهم، معاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني (مجلس برلماني)، ويتبقى عبد القادر بن صالح الرئيس المؤقت، وقايد بن صالح رئيس أركان الجيش، ونور الدين بدوي رئيس الوزراء، اللي كانوا من رموز النظام السابق.

– لكن الأزمة إن من أسبوعين تقريبا، انتهت المدة الدستورية للرئيس الانتقالي، ورغم كده بن صالح أعلن استمراره في السلطة بحجة إن ده ظرف استثنائي لحين انتخاب رئيس جديد، والمجلس الدستوري أصدر قرار بالمضمون ده.

– في نفس الوقت فيه فوضى وتخبط في إدارة المرحلة، ما بين رفض شعبي لإجراء الانتخابات مبكرا ومفيش مرشحين بيتقدموا، ورموز النظام القديم مش بينسحبوا من المشهد، ورئيس الأركان قايد صالح بيعلن تمسكه بالدستور الحالي واللي فيه قيود على شروط الترشح لانتخابات الرئاسة.

– وفي إطار التخبط ده صدرت مبادرة من الرئيس المؤقت بن صالح للحوار عن الانتخابات الرئاسية وإن الدولة والجيش هيلتزموا الحياد. لكن المشكلة كانت عدم وضوح الشخصيات الوطنية اللي هتدير الحوار. وبعد اقتراح قدمته حركة السلم المجتمعي والأحزاب الإسلامية اللي اقترحت إجراء انتخابات خلال 6 شهور واقترحو قايمة بأسماء تدير الحوار، منهم جميلة بوحيرد المناضلة التاريخية في الجزائر لكنها رفضت الانضمام للمبادرة ده.

– المظاهرات في شوارع الجزائر بتعلن بشكل واضح إنها عاوزة انتقال لسلطة مدنية وابتعاد للجيش ورموز النظام القديم من إدارة البلد، والافراج عن كامل المعتقلين، لكن في نفس الوقت مفيش تنظيم سياسي واضح بيعبر عنهم أو بيتفاوض باسمهم. وللسبب ده فمطالبهم مش بيحصل فيها تقدم واضح، ورئيس أركان الجيش مستمر في مكانه لحد دلوقتي وسط قناعة بانه يدير المشهد السياسي عن طريق الرئيس المؤقت.

– نقدر نشوف إن من أهم الاختلافات بين مظاهرات الجزائر والسودان لحد دلوقتي بيتمثل في وجود طرف بيمثل الثورة السودانية وبيتفاوض ويضغط ويتراجع لمصالحها. لكن ثورة الجزائر لحد دلوقتي مفيش تنظيم بيتكلم باسمها، وفيه حالة عدم ثقة في التنظيمات الموجودة، وفي نفس الوقت شباب الثورة منجحوش في تكوين تنظيم يتكلم باسمهم.

– نتمنى كل التوفيق والنجاح لثوار السودان والجزائر في تحقيق حلمهم وحلمنا بالعدالة والحرية والديمقراطية. وللموجة الجديدة من ثورات الربيع العربي تتجنب أخطاء ثورات الموجة الأولى، وتوصل للحكم المدني الديمقراطي الكامل اللي كلنا بنتمناه لكل الدول العربية.

*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *