*****
– الكتاب هو cleft capitalism واللي هو مصطلح ممكن نترجمه أنه الرأسمالية المهشمة أو الرأسمالية المشطورة وهو تعبير عن غياب ما يسمى بالحلقة الوسيطة في الاقتصاد وهي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة واللي بتلاقي صعوبة كبيرة جدا في أنها تكبر وتتمدد على نطاق واسع، وفي وجهة نظر دكتور عمرو دي سبب مهم من أسباب فشل التنمية الاقتصادية في مصر.
– الكتاب فيه قدر كبير جدا من الإبداع والأصالة لدرجة أنه بيدخل مصطلحات جديدة لفهم التاريخ الاقتصادي الحديث لمصر زي مصطلح Baladi capitalism، واللي ممكن نترجمه بالرأسمالية البلدي، واللي هو مصطلح بيعبر عن السواد الأعظم من أصحاب الأعمال الحرة، واللي بتشتغل في السوق بالطريقة البلدي يعني وعمرها ما بتقدر تكبر أنها تكون مؤسسة صغيرة أو متوسطة قادرة على النفاذ للسوق والتمويل بشكل كاف يخليها تتطور.
– مصطلح تاني هو الـ “dandy capitalism” واللي ممكن يترجم بالرأسمالية المرفهة أو الرأسمالية المخملية أو بالتعبير العامي يعني “الرأسمالية المدلعة”، ودول رجال الأعمال الكبار اللي ليهم علاقات خاصة بالدولة والأجهزة السيادية فيها.
– المشكلة في عملية التطور الرأسمالي في مصر، وبالتالي المشكلة في عملية التنمية الاقتصادية في رأي عمرو هي غياب الحلقة الوسيطة بين الرأسمالية الكبيرة والصغيرة في مصر، واللي هي ممكن نسميها “المشروعات الصغيرة والمتوسطة”.
– غياب المشروعات دي مش بمعنى أنها مش موجودة، ولكنها موجودة لكن مش بالفعالية المطلوبة ولا بالحجم المطلوب وبتفضل المؤسسات دي صغيرة وعندها مشكلة كبيرة في النفاذ للسوق والتمويل من البنوك.
– عمرو بيتكلم عن شيء مهم، وهو أنه التحول الاقتصادي نحو النيوليبرالية واللي حصل بعد الانفتاح واللي كان من المفترض أنه ينشط الاقتصاد عشان يعمل مؤسسات صغيرة ومتوسطة تكبر مع الوقت عشان تسد حلقة الفراغ الوسيطة بين الرأسمالية البلدي والرأسمالية الكبيرة.
– الحلقة الوسيطة دي عشان نفهم دورها في مصر ممكن نرجع لحاجة زي السلع الوسيطة وهي مدخلات الإنتاج غير الكاملة، تقريبا مصر بتعتمد على استيراد السلع دي أو جزء كبير منها حتى، والسلع دي مش سلع محتاجة تكنولوجيا كبيرة ولا حاجة، وده لأنه في غياب كامل لتطور المصانع الصغيرة والمتوسطة اللي تقدر تصنع الحاجات دي وتبيعها كمدخلات إنتاج للمصانع الأكبر، حاجات زي الإطارات بتاعة العربيات حاجات زي مدخلات بلاستيك بتدخل في صناعات تانية.
– المثير والمهم جدا في الكتاب أنه بيدينا “نظرة جديدة” ويمكن تكون جديدة كليا عن عملية التطور الرأسمالي والتنمية في مصر من السبعينات لحد دلوقتي، وهي نظرة جديدة لأنها بتحاول تبص على القطاع الخاص نفسه ليه لم يتطور؟ بعيدا عن التفسيرات الشائعة عن المحسوبية والفساد وعمليات استخراج الريع من القطاع العقاري واللي هي ممكن تكون تفسيرات صحيحة لكنها بحسب عمرو مش بتقدم الصورة الكاملة للتطور الرأسمالي المشوه في مصر.
– وده لأنه عمرو بيقول أنه في دول زي الصين – فيتنام – كوريا الجنوبية وغيرها من الدول السلطوية اللي فيها فساد ومحسوبية ولكنها نجحت في التنمية الاقتصادية، بالتالي السؤال بيتحول شوية بعيدا عن الديمقراطية وعدالة الاقتصاد، وهنا جزء متعلق بكفاءة المؤسسات اللي موجودة في السوق أساسا وخاصة في عملية خلق القيمة الاقتصادية.
– المؤسسات بتاعه السوق دي المقصود بيها هي الدولة – القطاع الخاص – القوانين المنظمة – المؤسسات الوسيطة بين الاثنين زي البنوك.
– في الكتاب وكعادة الباحث عمرو عادلي في قدر كبير جدا من المعلومات والبيانات الكمية والكيفية اللي في قدرة استثنائية منه على ربطها ببعض، ويمكن النوع ده من الشغل البحثي في الاقتصاد ناقص جدا في مصر ومحتاج بحث علمي كبير عشان يتطور، وده للأسف اللي مش بتوفره الأكاديميا والجامعات المصرية بشكلها الحالي.
– عشان نعرف ليه الكتاب ده مهم، لازم نبص على مقارنات مع تجارب دول تانية زي كوريا والصين وغيرها، التنمية الاقتصادية في الدول دي اتبنت على سد الفجوة بين المؤسسات الصغيرة جدا وبين المؤسسات الكبيرة جدا، فيما بين سامسونج وشركة عائلية صغيرة بتوزع موبايلات في حي صغير في سيول فيه مئات الشركات اللي بتورد قطع وأجزاء لسامسونج وغيرها.
– النوع ده من المؤسسات مهم جدا لأنه بيخلي في تشغيل جيد في الاقتصاد في قطاعات صناعية قيمتها المضافة عالية بالتالي مع الوقت بيرفع دخول الناس.
*****
– الكتاب طبعا ثري جدا وكبير، أكثر من 300 صفحة و9 فصول كاملة في كل صفحة فيهم فكرة ومعلومة مهمة جديدة عشان كده بنشجع الناس اللي بتقرأ بالانجليزية أنها تقرأ الكتاب لحد ما يتم ترجمته في القريب.
– كمان ممكن تشوفوا في الكومنتات روابط لعرض من الدكتور عمرو عادلي لأفكار الكتاب، سواء بالعربية أو بالإنجليزية لو معندكوش وقت تقروا الكتاب.
– ألف مبروك مرة تانية للدكتور عمرو عادلي على الكتاب، ونتمني يكون خطوة في سبيل فهم ليه التنمية في مصر متأخرة في العقود الأخيرة بكل المقاييس الممكنة، وسبيل لأننا نفهم إزاي نخرج من الحلقة المفرغة لإعادة إنتاج نفس السياسات الاقتصادية.
*****
مشاركة: