– في الأسبوع اللي فات صدر تقرير المراجعة التانية والأخيرة لصندوق النقد الدولي عن الاقتصاد المصري.
– التقرير شمل توصية متكررة للحكومة المصرية بالتخارج من قطاعات اقتصادية معينة وترك المجال للقطاع الخاصة لزيادة التنافسية، وإنه الحكومة والدولة تحدد القطاعات اللي هتدخل فيها وتكتفي بيها.
– في البوست ده هنتكلم شوية عن التقرير وتوصياته وعن وضع المنافسة وشركات القطاع العام في مصر وتأثير ده على معدلات الاستثمار.
*****
إيه المهم في تقرير الصندوق؟
– تقرير المراجعة التانية والأخيرة مرتبط بالقرض المصري وشرائحه اللي تم تسليمها بالكامل، التقرير مكون من 108 صفحة، الصحافة المصرية اكتفت بس بالكلام عن المؤشرات الإيجابية اللي قالها الصندوق عن توقعات إيجابية بزيادة معدلات النمو الاقتصادي – مع عدم يقينية التوقع ده – وعن استجابة الحكومة وتعاملها مع جائحة كورونا، بالإضافة لمؤشرات إيجابية عن الاحتياطي النقدي وصمود القطاع البنكي رغم عدم التعامل الجيد مع التضخم حتى الآن.
– لكن اللي وسائل الإعلام مقالتوش كان تحذيرات الصندوق من ارتفاع الدين العام وزيادة الاحتياجات التمويلية، وإنه مصر لسه بحاجة لجهد حقيقي في دعم مناخ الأعمال وحرية عمل القطاع الخاص وتقليل التدخل الحكومي في الاقتصاد.
– تقرير الصندوق بيقول إنه من الضروري الدولة تحدد القطاعات اللي عاوزة شركاتها وأنشطتها الاقتصادية تشتغل فيها ويكون ده على سبيل الحصر، في مقابل إن شركاتها تتخارج بشكل نهائي وكامل من قطاعات تانية.
– وبالتالي ده اما هيحصل هيحقق مكاسب أكتر نتيجة دخول القطاع الخاص وإقباله على القطاعات اللي هتخرج منها شركات الدولة، وبالتالي تزيد إنتاجيتها.
– ودا مجرد توصية بعد فشل التوصية الأولى، لأن الحكومة المصرية معرفتش تلتزم بشروط الاتفاق السابق الموقع عام 2016 فيما يتعلق بالشركات المملوكة للدولة، كان مقترح وقتها طرح الشركات في البورصة، ودا كان هيزيد من نسبة الشفافية، ودا محصلش لأسباب متعلقة بالشركات نفسها و الجهات المالكة ليها أو أسباب متعلقة بالبورصة المصرية نفسها، وبالتالي شوفنا الاقتراح الحالي بالخروج من بعض القطاعات.
– التقرير كمان بيوصي إنه يتعمل مظلة موحدة لملكية الدولة من الشركات تحت إشراف كيان واحد، وإنه ده هيسهل كتير في توحيد وتبسيط الإطار القانوني وتطبيق الحوكمة “الإدارة الرشيدة والرقابة” وبالتالي يضمن الجميع وجود بيانات إفصاح عن أداء شركات الدولة.
– خاصة إنه الشركات المملوكة للجيش وشركات جهاز الخدمة الوطنية، مبتقومش بأي إفصاح عن بياناتها ولا معروف حجم ملكيتها واستثماراتها وأرباحها زي باقي شركات القطاع الخاص أو معظم شركات القطاع العام اللي بتنشر بياناتها.
– التقرير نشر كمان إنه الدولة بتمتلك أكتر من 300 شركة، من ضمنها شركات تندرج تحت قطاع الأعمال العام، والقطاع العام، وشركات مملوكة للقوات المسلحة، بالإضافة لما يقرب من 645 شركة أو مشروع مع القطاع الخاص، بالإضافة إلى 53 هيئة اقتصادية.
*****
إيه أهمية اللي قاله تقرير الصندوق؟
– التقرير وتوصياته هي مش توصيات إلزامية للحكومة أو شروط للحصول على القروض لأنه مصر خدتها بالفعل، لكنه تشجيع للحكومة على التعامل مع المشاكل الرئيسية في تطور الاقتصاد المصري ونمو الاستثمارات الأجنبية.
– التقرير بيركز على فكرة رئيسية، هي إنه استمرار وجود الدولة كمنافس في كتير من القطاعات الاقتصادية ده بيقلل فرص دخول الاستثمار والقطاع الخاص للقطاعات دي، وده لأنه الحكومة بتعامل شركات القطاع العام وبالذات شركات الجيش معاملة تفضيلية.
– المعاملة التفضيلية دي بتبقى في الإعفاءات الجمركية والضريبية، وفي سهولة تخصيص الأراضي وإنشاء المرافق واستخراج التراخيص ووجود عمالة مجانية بيشتغل فيها مجندين وعساكر طبعا مبتبقاش الأغلب لكنها نسبة موجودة.
– ده بيخلي كتير من المستثمرين الأجانب والمصريين بيخافوا يدخلوا في القطاعات دي، واللي عنده شغل فيها بيحاول يخرج لأنه في الأغلب هيتضرر بشكل مباشر من المنافسة غير العادلة دي، ولأنه مبياخدش نفس الحوافز ولا المعاملة التفضيلية دي من الحكومة.
– ونفس المشكلة دي بتحصل في قطاعات كتير إنه الفرص الاستثمارية بتتراجع وبتقل لأنه المستثمر بيحسب 100 مرة قراره بإنه يدخل في مشروع ما لاحتمال بس دخول الدولة في المشروع أو القطاع ده، وبالتالي صعوبة المنافسة واحتمالات الخسارة بتكون واضحة وكبيرة.
– ويمكن لما نشوف خروج شركات ناشئة زي سويفل من مصر وذهابها لدبي، وتوقف أعمال كتير نتيجة منافسة الدولة أو محاولتها التدخل بالشراكة بالعافية مع مشاريع اقتصادية ناجحة زي ما حصل مثلاً مع شركة “جهينة” فدي أمثلة بتقولنا ليه المستثمرين والشركات بجميع أحجامها بتخاف تستثمر في مصر وبتدور على دول فيها مناخ استثماري أفضل.
– ولنفس الأسباب واضح إنه برنامج الطروحات الحكومية لشركات قطاع الأعمال العام والقوات المسلحة اللي كان المفروض يديرها الصندوق السيادي متعطلة أو متوقفة، على الرغم من إنه البرنامج ده لو كان اتنفذ كان هيزود رأس مال كل الشركات دي، ودخولها داخل البورصة كان هيخلي ميزانياتها معلنة وفقًا لقواعد الإفصاح المعروفة في البورصة.
– زي ما كتبنا كثير قبل كدة محدش عنده مشكلة أنه مشاريع الجيش العسكرية تكون سرية، ولكن المشاريع المدنية لازم يكون عليها رقابة ولازم تخضع للضرائب وغيرها من معايير المنافسة العادلة مع القطاع الخاص، ده لصالح السوق والاقتصاد المصري كله ولصالح القوات المسلحة نفسها.
*****
وبعدين؟
– في النهاية كل المهتمين بالاقتصاد وبالأعمال في مصر شايفين نفس المشاكل اللي بيطرحها صندوق النقد وبيقترح حلول ليها، لكن كله منتظر التنفيذ وتحرك الدولة لإتاحة حرية أكبر للسوق وللعمل واللي لما يحصل هتزيد الأنشطة الاقتصادية ومعدلات التشغيل والضرائب وغيره من المؤشرات الإيجابية.
– لحد دلوقتي الإصلاحات اللي قامت بيها الدولة في الـ 5 سنين اللي فاتو هي مجرد إصلاحات مالية بتقليل عجز الموازنة وميزانية الدعم، ورغم الخطط والأفكار اللي بتعرضها الحكومة طول الوقت عن إصلاحات هيكلية حقيقية عاوزة تقوم بيها لكن لسه المشاكل نفسها موجودة.
– المشاكل اللي في القطاع الخاص دي كلها يعني أنه الاقتصاد المصري لسه لم يتحسن بشكل كبير بالرغم من كل الإصلاحات الاقتصادية، الإصلاحات الاقتصادية حققت معدلات نمو فعلا، لكن معدلات النمو دي مخلقتش الوظائف الكافية وبالتالي مش شايفين دا بينعكس على المواطنين والسوق بشكل أفضل.
– نتمنى إنه الدولة تفهم خطورة استمرار هروب الاستثمارات بأنواعها من مصر وإنه يكون في جنبنا دول زي المغرب والإمارات وتركيا وجنوب إفريقيا، بيتشكل فيها قواعد صناعية واستثمارية أكبر وجاذبة أكتر للاستثمار ومبتواجهش العقبات والمشاكل اللي بيعاني منها الاستثمار والقطاع الخاص في مصر.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *