– خلال الفترة اللي فاتت البنك المركزي نشر أرقام جديدة حول أوضاع الديون المصرية، وظهر فيها إن الدين الخارجي حصل فيه قفزة كبيرة في فترة كورونا.
– من مارس ولحد نهاية 2020 زاد الدين الخارجي المصري بمقدار 17.9 مليار دولار، يعني تقريبا 18 مليار دولار في خلال 9 شهور تقريبا، أو لو عملنا المقارنة بالسنة اللي قبلها هنشوف زيادة حوالي 15%
– الزيادة الكبيرة دي كانت بشكل رئيسي بسبب تأثيرات جائحة كورونا الاقتصادية واللي أجبرت الحكومة علي الإقتراض عشان إنخفاض الحصيلة الضريبة المتوقع بفعل الجائحة.
– النهاردة حنبص في تفاصيل الدين الخارجي؟ هل إحنا في المستويات الأمنة أم لا؟ وهل استراتيجية الإعتماد علي الاقتراض الخارجي مفيدة للإقتصاد المصري على المدى الطويل؟ وهل فعلا الاقتراض شيء عادي ما اليابان عليها قروض أكتر مننا؟
*****
ايه وضع الدين الخارجي في مصر؟
– مع بداية إنتشار الكورونا كان متوقع انه الدين الخارجي في مصر يقفز، لكن القفزة الكبيرة دي بمعدل إقتراض 2 مليار دولار شهريا كانت كبيرة.
– بالعملة المحلية مصر اقترضت في 9 شهور من مارس 2020 – لديسمبر 2020 حوالي 280 مليار جنية يعني شهريا حوالي 30 مليار جنية لتمويل الانفاق العام جاية من الاقتراض الخارجي يعني يوميا تقريبا مصر بتضخ مليار جنية في الموازنة العامة من الدين الخارجي.
– الدين الخارجي قفز من بداية تولي الرئيس السيسي في 2014 من 41.2 مليار دولار، ل129.2 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2020، وبقا تقريبا يساوي 33 % من الناتج المحلي المصري يعني ثلث الناتج المحلي.
– لو ضفنا علي الدين الخارجي ده الدين المحلي فتصبح نسبة الإثنين من الناتج المحلي حوالي 90.2 % وهي نسبة مقلقة بتقول أننا دولة بتعتمد علي الإقتراض بشكل متزايد.
– ويمكن دي إجابة جزئية علي السؤال المتكرر بتاع الرئيس السيسي بيجيب فلوس المشروعات منين؟ واللي ظهر في الفترة الأخيرة من مذيعي التوك شو ويكأنه سر يعني عشان الرئيس يرد ويقول بفضل الله!
*****
ليه الدين الخارجي زاد؟
– كان متوقع في ظل كورونا زيادة الدين الخارجي لأنه تراجع معدلات النمو الاقتصادي حيعني حصيلة ضريبية أقل بالتالي التوجه أكثر ناحية الإقتراض المحلي أو الدولي.
– لكن الحكومة ركزت علي الإقتراض من السوق الدولية في فترة كورونا لأنه أسعار الفائدة بره كانت أقل، فمن بين ال18 مليار اللي احنا اقترضناهم في 2020 كان في 5.2 مليار دولار من صندوق النقد عشان إتفاق الاستعداد الإئتماني لمواجهة أثار كورونا، وقروض الصندوق بتبقي فائدتها أقل من الإقتراض من السوق الدولية العادية.
– الحكومة ركزت أيضا علي الاقتراض من بره لدعم الجنية محليا عشان ميحصلش قفزة في معدلات التضخم، ده ممكن نشوفه لما حصل تخارج جماعي للمستثمرين الأجانب في أدوات الدين الحكومية في مصر في مارس وإبريل وخرج ساعتها بحسب تقديرات صندوق النقد حوالي 15 مليار دولار.
– ساعتها إتدخل البنك المركزي سريعا وصرف من الإحتياطي النقدي عشان يوفر دولارات لتخارج المستثمرين دول، بدون ما يحصل طلب زيادة علي الدولار في السوق الطبيعي وبالتالي يعلي سعرة قدام الجنية ويحصل تضخم كبير.
– بالتالي معظم الاقتراض الخارجي اللي حصل في الفترة دي كان لتوفير موارد للعملة الصعبة في السوق، ومواجهة تراجع الحصيلة الضريبية اللي بحسب كلام وزير المالية قلت في حدود 200 مليار جنية بسبب تأثيرات كوورنا.
– لكن استخدام أموال الدين دي سؤال مهم لأنه الحكومة وبحسب مراجعة صندوق النقد الدولي في الفترة من مارس ولحد أكتوبر 2020 يعني حوالي 7 شهور كاملة من كورونا وجهت 13 مليار بس للإنفاق علي القطاع الصحي في مقابل 58.7 مليار جنية لمساندة الشركات المتضررة من كورونا زي شركات السياحة وغيرها.
– كمان استخدام أموال القروض بيكون في جانب مهم منه هوا سداد قروض أخري سبق للحكومة أن حصلت عليها قبل كدة، يعني مثلا في موزانة 2020-2021 اللي المفترض أنها شغاله دلوقتي الحكومة بتدفع 566 مليار جنية فوائد علي الديون الحكومية، يعني أكتر من تلت المصروفات في الموازنة كلها، وده طبعا بينعكس في إنخفاض الانفاق علي التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وغيرها من المتطلبات الأساسية للمواطنين.
*****
ايه المشكلة في زيادة الدين؟
– خلينا نتفق أنه كل الدول بتقترض، وكل الدول تأثرت اقتصاديا بفيروس كورونا.
– علي الرغم من الادعاءات الحكومية أن كورونا مأثرش على مصر بالأرقام كله بيتضح مش محتاجه حد يزيف حقائق ويقول أننا كنا كويسين في مواجهة أثار كورونا الاقتصادية بسبب الإصلاح الاقتصادي.
– أمريكا وغيرها من الدول في العالم أصدرت حزم تمويل وتحفيز للإقتصاد منها اللي أتوجه للشركات ومنها اللي أتوجه للمواطنين الأمريكان لوحدهم عملوا حزمتين تحفيز منها اتصرف شيكات ب 1200 دولار لكل مواطن مرتين.
– سياسات التحفيز الاقتصادي دي مهمة عشان الاقتصاد يخرج من حالة الركود، بالتالي الاقتراض ممكن يكون مهم في اللحظة الحالية لتنشيط الاقتصاد، لكن لما نيجي نبص علي الحالة المصرية حنلاقي أنه العكس اللي بيحصل.
– الحكومة بتقترض لسد عجز الموازنة، وفوائد الديون السابقة بدون أي افق لإنفاق الفلوس دي في مشروعات إنتاجية تحفز الإنتاج في الاقتصاد في الوقت الحالي.
– معظم الانفاق الاستثماري اللي بتعمله الحكومة موجه للمشروعات القومية في البنية التحتية والقطاع العقاري، الاستثمار الحكومي زاد من 2.5 % من الناتج المحلي في 2015 ل 4.1 % في 2020 ولكن معظم الزيادة راحت للمشروعات القومية.
– وفي حين أنه المصريين تحملوا تبعات كورونا لوحدهم، في ظل ارتفاع أسعار وأثار إصلاح اقتصادي لسه موجودة ومحدش قدر يتعافي منها من 2016 لحد دلوقتي، الأجور قلت من 8.2 % من الناتج المحلي في 2015 ل4.9 % في 2020. والدعم قل من 8.2 % من الناتج المحلي ل 4.8 % يعني النص تقريبا انخفاض في الأجور والدعم.
– في حين أنه الفوائد زادت، والاستثمارات الموجهة للبنية التحتية قفزت قفزات رهيبة، وده لأنه السياسة الاقتصادية الحالية للحكومة معندهاش أي إنحياز اجتماعي وشايفه أنه الإصلاح الاقتصادي بيكون عادي علي حساب الغلابة.
*****
هل عادي احنا وضعنا آمن لأننا أحسن من اليابان؟
– صحيح إن اليابان من الدول الأعلى في العالم بمعدل الاقتراض، لدرجة انه تجاوز 250% من الناتج المحلي.
– لكن أغلب ديون اليابان سندات محلية مش خارجية، وداخلة في تخطيط السياسات المالية للبنك المركزي الياباني، كمان أغلبها بفوايد منخفضة جدا على المدى الطويل.
– وكمان اليابان دولة فيها قطاع صناعي ضخم جدا وبيعمل صادرات ضخمة جدا، ودي اللي بتعمل التوازن مع أقساط الديون.
– عشان كده مينفعش نشوف إن أكتر دولة مديونة في العالم هيا السودان واليونان واليابان وإريتريا ولبنان ونقول كلهم زي بعض، لأن لازم نشوف باقي الصورة.
*****
ايه الحل؟
– لو افترضنا أنه مفيش حل غير الاقتراض من الخارج وتحميل الأجيال القادمة عبئ تسديد الديون دي، فعلي الأقل لازم نحافظ علي استراتيجية رشيدة في إدارة الدين العام وإدارة الدين الخارجي.
– لازم أموال الديون دي تتوجه في مشروعات إنتاجية قادرة علي توليد دخل مستدام للمواطنين، عن طريق الاستثمار في قطاع صناعي بيوظف ناس بظروف عمل جيدة واستغلال الميزات النسبية لمصر في قطاعات كتيرة.
– لازم جزء من الاستراتيجية يكون توجيه جزء من الديون لتشجيع التصدير عشان نقدر نوفر عملة صعبة نسدد بيها القروض بشكل أكثر استدامة ومنكنش مضطريين للإقتراض مرة تانية عشان نسدد قروض قديمة.
– كل الدول بتقترض، وكل الدول عندها دين عام لكن إدارة الدين العام برشادة وبعد نظر اهم شيء في الاقتراض، لأنه الحكومة لازم تكون مدركة أنها مش حتفضل تقترض لأبد الدهر.
– الحكومة محتاجة تراجع أولويات الإنفاق الحالية، يعني مثلا زيادة مخصصات الاستثمارات في العاصمة الإدارية وغيرها من مشروعات العقارات والبنية التحتية يمكن تأجيلها لما بعد نهاية كورونا، خاصة ان الاقتصاد العالمي كله متراجع وبالتالي معدلات الاستثمار الأجنبي كلها مشكوك فيها.
– لازم نفكر في طرق تمويل مبتكرة لتمويل عجز الموازنة المتوقع، لو مفيش بديل عن قدر من الاقتراض بسبب قلة الحصيلة الضريبة المتوقعة، فمهم البند ده يشمل بحث إعادة التفاوض حول فوائد الدين المحلي مع البنوك اللي في مصر واللي معظمها بنوك الحكومة بتملكها أو بتملك نسب فيها.
– نتمني أن الحكومة تدرك أنه طريق الديون والاقتراض لازم يكون له نهاية بالتالي من مصلحة مصر والحكومة والمواطن أنه يكون عندنا بدائل للإقتراض لأنه الاستمرار في الطريق ده خطر ومش سهل الخروج من الدائرة بتاعه الاقتراض وإعادة الاقتراض لتسديد الديون لأنه في دول كثير في العالم بتعاني من أزمات إقتصادية بسبب ده حاليا، ويمكن تركيا والأرجنتين اللي بيعانو دلوقتي بعد فترة انتعاش خير مثال للحكومة ولأي حد عاقل.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *