– أكتر من مليون مصري تقريبا شافوا الفيديو الأول للمقاول والممثل محمد علي، صاحب شركة “أملاك” للمقاولات، ورغم إن الكلام بشكل عام كان كتير منه معروف للي شغالين بسوق المقاولات لكن الفيديو كان فيه تفاصيل صادمة جداً.

– كتبنا أكثر من مرة عن توسع أنشطة الجيش في الاقتصاد خارج الرقابة المستقلة، وخطورة ده على اقتصاد أي بلد، والشهادة دي كانت تأكيد لكل اللي حذرنا منه قبل كده.

*****

إيه أهم المذكور في شهادة محمد علي؟
1- تم تكليفه ببناء فندق “تريومف” 7 نجوم في التجمع الخامس بقيمة 2 مليار جنيه، رغم عدم جدواه لأنها ليست منطقة سياحية وفيها فنادق أخرى غير ناجحة!
2- سبب الاستعجال بالبناء هو أن اللواء شريف صلاح، مدير فندق تريومف بمصر الجديدة هوا صديق شخصي للرئيس السيسي وأقنعه بالفكرة، والفندق مواجه لبيت اللواء شريف.
3- المشاريع كلها بتتم بالاسناد المباشر، بدون مناقصات وبدون حتى وجود تصميمات، وده فتح باب فساد أو خسائر لعدم وجود دراسة.
4- فنادق تريومف تملكها المخابرات الحربية، وحصلت نزاعات بينها وبين الهيئة الهندسية حول تفاصيل العمل والمستحقات.
5- قصة أخرى خطيرة جدا، هي أن السيسي طلب بناء استراحة خاصة له في المعمورة، رغم وجود قصر المنتزه الرئاسي اللي كان بيستخدمه مبارك! الفيلا الجديدة تكلفت 250 مليون جنيه، والسيدة انتصار زوجة الرئيس تدخلت بطلب تعديلات تطلبت وحدها ملايين الجنيهات!!
6- الجيش صرف لمحمد علي “سلفة” لصالح سرعة البناء، وبعدها قاموا بتسوية العقود معاه لخفض قيمة البناء إلى 120 مليون، لتفادي رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات!
7- محمد علي أيضا ساهم في أعمال بناء وتجهيز أماكن أخرى غير معلنة مخصصة للرئيس تشمل فيلات في مراسي، ومنزل في الحلمية.
8- محمد علي حكي كمان انه نظم حفل افتتاح قناة السويس الجديدة واتصرف عليه 50-60 مليون جنيه على الحفل فقط، ولم يتم سداد حوالي 5 مليون جنيه له منها إلى الآن.
9- اضطر للسفر هاربا من مصر بعد أن تراكمت ديون الهيئة الهندسية له إلى 220 مليون جنيه، فباع ممتلكاته وسافر لأسبانيا، ويهدد بنشر صور فيلا المعمورة التي يملكها ومقاطع فيديو بتفاصيل أخرى لو متمش سداد مستحقاته

***
ليه نصدق الكلام ده؟ مش وارد يكون كداب؟؟
– فعلا محدش فينا ممكن يعتمد على الثقة الشخصية في حاجة زي كده، لكن الموضوع ممكن نفكر فيه منطقيا:
1- لما شفنا موقع الشركة لقينا عليه عدد ضخم من المشاريع اللي نفذتها لجهات حكومية أو تحت إشراف الهيئة الهندسية، ومنها مشاريع عسكرية، زي دار الهيئة الهندسية، وتجديد فندق الجلاء للقوات المسلحة، فندق تيوليب بارك المملوك للجيش، طريق العين السخنة – القطامية، مدينة زويل للعلوم، مقر المحكمة الاقتصادية، مسجد الصحابة في شرم الشيخ، المقر الرئيسي لهيئة الإسعاف، ده غير إنه أصلا هوا اللي بنى فندق ومول تريومف بالقاهرة الجديدة اللي يديره نفس اللواء اللي كان طرف في الأزمة على فندق تريومف بالتجمع.
وده يؤكد كلامه لما حكى انه شغال مع الجيش من 15 سنة، وبالتالي هوا اتعمل عنه كل التحريات من المخابرات والأمن الوطني والرئاسة، وهو موضع ثقة كبيرة منهم، وبالتالي مينفعش يتقال اخوان ولا مدسوس.
وكمان غريب يتقال أصله مقاول حرامي، وإلا ازاي متكشفش في كل المشاريع الضخمة السابقة؟

2- كمان مش منطقي يتقال ده كومبارس عايز يتشهر زي ما اتكتب ببعض المواقع،لأنه بالفعل مشهور كمقاول وبيمثل، ومفيش حاجة هتعوضه عن كل الخسائر دي.

3- هل محمد علي فاسد زيهم واختلفوا على الفساد؟ وارد، ووارد لا، لكن حتى لو ده سليم فاحنا قضيتنا هيا صحة أو خطأ المعلومات وليس شخصه.
جرايم كتير متعلقة الفساد تحديدا بتتكشف لما أحد الشركاء يختلف معاهم وييلغ، ومثلا كتير من قضايا الرشوة بيطلع الراشي أو وسيط الرشوة كشاهد، عشان يتم ادانة الطرف الأهم اللي هوا الموظف العمومي متلقي الرشوة.
الطرف الأهم هنا هوا الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والسيد رئيس الجمهورية مش محمد علي ده سواء فاسد ولا مش فاسد!

4- الحقيقة ان سبب انتشار النوع ده من الأخبار والقصص، وعدم وجود آلية للتأكد، هو انه مفيش جهات قضائية أو رقابية مستقلة موثوقة لأن الرئيس عمل تعديلات ادتله حق تعيين رؤسائها وعزلهم، وكمان مفيش برلمان نزيه يعمل لجنة تحقيق لأن البرلمان كمان تم انتخابه بادارة كاملة من الأجهزة الأمنية. دي مشكلتنا الحقيقة كمواطنين مش لاقيين “مؤسسات دولة”.

*****
هل أي جهة رسمية ردت؟

– رسميا مفيش أي رد، لكن شفنا حملة هجوم إعلامية تربطه بالإخوان، وبلاغ للنائب العام، وكمان أحمد موسى استضاف والده عشان ينتقده ويناشده يتراجع عن كلامه ويرجع بلده.
– تم حذف الفيديو من الفيس بوك كله بما فيه صفحتنا وصفحة محمد علي، لأن قناة الحياة المملوكة للمخابرات سجلت ملكيتها للفيديو وقدمت شكوى لحذفه وده بيتطلب اجراءات معينة لاثبات مين صاحبه. (هتلاقو الفيديو في رابط يوتيوب في اول تعليق)

***

هل محمد علي هوا الوحيد؟ ملف مقاولين الباطن بتتم ادارته ازاي؟

– المتحدث العسكري قال قبل أيام ان الهيئة الهندسية تشرف على 2300 مشروع يعمل فيها حوالي 5 مليون مصري. نفهم الضخامة الرهيبة لذلك لما نعرف ان عدد المشتغلين في مصر كلها بالأرقام الرسمية حوالي 26 مليون، يعني حوالي 20% من المصريين العاملين هما تحت ادارة القوات المسلحة.
– النشاط ده تركز بقطاع المقاولات اللي تقريبا أصبح فيها هيمنة كاملة من الهيئة الهندسية، علما بان قطاع العقارات والتشييد والبناء بيكونوا أكثر من 30% من الناتج المحلي، يعني استثمارات بحوالي تريلون جنيه كل سنة.
– ولأن الهيئة معندهاش القدرة البشرية (المهندسين والعمال) كفاية للبناء بنفسها، أصبح الاعتماد على مقاولي الباطن، والهيئة تتولي التعاقد والاسناد والتسلم.
– ده امتد لدرجة مش بس تجاوز وزارة الاسكان، ده شفنا باقي الوزارات المدنية كلها تقريبا بتدي تفويض للهيئة الهندسية بكل انشاءاتها، يعني ميزانية وزارة الصحة الخاصة ببناء وصيانة المستشفيات تتحول للهيئة، وهي تتعاقد مع المقاولين المنفذين بمعرفتها، وده طبعا بسبب اعتقاد الرئيس والمحيطين بيه إن أجهزة الدولة المدنية أجهزة بيروقراطية بتعطل التنمية، وإنه مينفعش نثق في القطاع الخاص.

– بالوضع ده أصبح كل مقاول عشان يستمر في السوق لازم يشتغل مع الهيئة الهندسية لأنها الجهة الوحيدة اللي واخده استثمارات ومشاريع خاصة بمرحلة الركود اللي فاتت،

– وبما أن مفيش أي شفافية في إعلان الشروط أو طرح مناقصات أو غيره، فالحل أن الشركات دي تستغل علاقاتها باللواءات والضباط في أنها تاخد مقاولات من الجيش عشان تقدر تشتغل.

– وقصص كثيرة أخرى في سوق المقاولات عن شركات بتضطر تجيب ضباط جيش سابقين، يشتغلوا معاهم عشان يخلصوا المصالح بتاعتهم مع الجيش.

– قصص تانية عن شركات مقاولات أسسها ضباط جيش سابقين عشان ياخدوا مشروعات من الهيئة الهندسية.
– شركات مقاولات كتير من اللي اشتغلت مع الجيش كان ليها شكاوى بخصوص الفلوس الباقية والدفعات اللي بياخدوها أو معدات مبتتسلمش، وكلها قصص منتشرة جدًا في سوق المقاولات في مصر.

– الموضوع بيتم بكذا شكل، أشهرهم اللي اتكلم عنه محمد علي في الفيديو، وهو أنه ياخد قرض من البنك عشان ينفذ، وبعدين لما المشروع يخلص الهيئة تديله فلوسه بمكسب من 5 -7%، يسدد القرض، والهيئة تاخد فلوس اشرافها على التنفيذ.
– لكن المشكلة كمان انه بعد التنفيذ لو حصل أي خلاف والهيئة مدفعتش المستحقات فمفيش طريقة تاخد فلوسك، متقدرش ترفع قضية من أي نوع على الجيش لأنه تحت القضاء العسكري فقط، وأكيد مش المقاول المدني هيروح القضاء العسكري يقاضي الجيش بل العكس اللي بيحصل زي ما محمد علي أشار انه تم رفع قضية عسكرية عليه.

– الهيئة بتجيب الفلوس منين؟ دي نقطة مش واضحة في مشاريع كتير، يعني فندق تريومف ممكن يكون فعلا من فلوس المخابرات الحربية خارج الموازنة وممكن من تسوية بند إحنا منعرفوش، لكن بالتأكيد دي جهة حكومية . زي ما قلنا سابقا عن العاصمة الادارية لما بيتقال انها من خارج الموازنة العامة، لكن واقعيا دي شركة يملكها جهاز الخدمة الوطنية وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ده مال عام مش خاص بالتأكيد!

******

إيه خطورة كل ده؟

– الفيديو وتفاصيله بقى كلها شواهد بتأكد الكلام اللي قلناه هنا كتير عن اقتصاد الجيش وخطورته، إنه بيفتح أبواب فساد نتيجة انعدام الرقابة القانونية. وإنه بالبلدي “مال سايب”. وده بيسيب الموضوع للاختلافات الشخصية من أصغر ضابط لأكبر لواء وارد يكون شريف ومحترم ووارد يكون فاسد وياخد رشاوى ومصالح من المقاولين، مهو مفيش جهة مستقلة بتراقب التعاقدات أو تقدر تحقق فيالذمة المالية للأشخاص دول، ولا من حق حد إنه يراقب دخلهم إلا الجيش نفسه.
وبالطبع ده بعيد جدا عن خطاب السلطة والرئيس عن محاربة الفساد.
– ده بيتسمى اقتصاد أو رأسمالية المحاسيب، وده شبيه ببعض رجال الأعمال أيام مبارك اللي كانوا بياخدوا استثمارات ومشاريع خاصة بتسهيلات وقروض خاصة.

– بس الفرق إن شبهة الفساد كان ممكن إثباتها والتحقيق فيها طالما الأوراق والمستندات حكومية أو مدنية، غير ان كان قيادات القضاء بالأقدمية المطلقة، ورؤساء الأجهزة الرقابية لا يجوز عزلهم، انما دلوقتي كل ده اتلغى، وكمان بقت كل الوقائع بتتعلق بالجيش اللي ليه أصلا نظام قضائي خاص بيه.

– وبيكون نتيجة ده وضع الاستثمار في البلد نفسه في خطر دائم، على أي مستثمر أجنبي أو مصري، كون فيه منافس ليه بياخد امتيازات كتيرة ضد المنافسة العادلة، وبالتالي قطاعات كتير لما الجيش بيدخلها المستثمرين بيضطروا يوقفوا استثماراتهم فيها، لو ملاقوش صيغة ما للتعامل مع الجيش، واتكلمنا قبل كده عن الخسائر الكبيرة اللي اتعرضتلها صناعة الأسمنت كمثال.

– وفي الوقت اللي عندنا فيه عجز موازنة، وتخفيض الدعم عن الكهرباء والوقود والمياه وباقي الخدمات، بنلاقي إنفاق ضخم على بناء قصور رئاسية جديدة زي قصور العلمين والعاصمة الإدارية الجديدة، واستراحات رئاسية جديدة زي استراحة المعمورة، وواضح إنه في مباني تانية اتعملت منعرفش عنها أي شيء.
– فبأي منطق الرئيس السيسي والسلطة بيطالبوا الناس بالصبر والتحمل، ونسمع كلام دائم عن “إننا فقرا أوي”، وكلام الرئيس عن اللواء محمد عبد الحي اللي مرتبه 14 ألف فقط، واللي لو رمش بس تضيع ملايين، وعن إن مفيش فلوس للدعم أو زيادة المرتبات؟

– أي حد شاف فيديو محمد على بالتأكيد حس بالحسرة، وزعل على حال البلد، وكتير جه في بالهم أسئلة كتير:

١- الفلوس دي لو كانت اتصرفت علي التعليم والصحة كانت ظروفنا ممكن تبقى أفضل إزاي؟

٢- كان هيبقى ايه وضعنا لو تم تطبيق الفصل بين السلطات واتوفرت جهات رقابية وقضائية مستقلة؟ واتوفرت انتخابات نزيهة رئاسية وبرلمانية ومحلية؟ كنا هنوفر مليارات أد ايه وادارة البلد تختلف ازاي؟

٣- إزاي ممكن نتخيل إن فيه بلد اقتصادها هيتحسن أو معيشة المواطنين فيها هتتحسن، وفلوسهم ومواردهم بيتم إدارتها بالمنطق ده؟

٤- والسؤال الأهم: إيه الأزمة والصعوبة يعني في إن الجيش كمؤسسة عسكرية هدفها حماية البلاد وتأمين حدودها وأمنها، تقوم بدورها. وتترك باقي الأدوار للوزارات والهيئات المدنية الطبيعية، زي ما بيحصل كل دول العالم الطبيعية والمحترمة؟
و
– أخيرا، فيه أسماء محددة لقيادات معروفة اتقالت في فيديو محمد علي، ووقائع محددة اتذكرت، لو مفيش أي ردود منطقية ومكاشفة حقيقية حصلت، فمنطقي ان ناس كتير تصدق الكلام خاصة وإن فيه أدلة كتير عليه. والمسار ده من الهيمنة العسكرية على السياسة والاقتصاد بيؤدي لمآسي كبيرة دخلتها دول زي تركيا وباكستان ودول بأمريكاالجنوبية ونماذج تانية، دفعت فيها الشعوب كتير جدًا.

*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *