الشهر اللي فات فوجيء المقبوض عليهم في القضية المعروفة باسم معتقلي العيد (السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق، الدكتور رائد سلامة عضو الهيئة العليا بحزب تيار الكرامة، الدكتور يحي القزاز أستاذ الجيلوجيا بجامعة حلوان، وباقي زملاؤهم في القضية) بصدور قرار بالتحفظ على أموالهم .. السفير معصوم قال انه القرار “إعدام لأسرته” خصوصا إنه عائلهم الوحيد.
– وقبل القرار ده بأيام لجنة التحفظ على اموال الإخوان أعلنت لأول مرة (مصادرة) أموال 1589 شخص وضمها لخزانة الدولة، وده يشمل كل أموالهم السائلة والأصول، و133 شركة، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس و69 مستشفى و 33 موقع إلكتروني وقناة فضائية .. مصر شافت كتير وقائع تحفظ على أموال، لكن دي أول واقعة مصادرة لكامل أموال أشخاص من عهد عبدالناصر وقت التحول من الملكية والتأميمات!!
في البوست ده هنتكلم على قرارات التحفظ ومصادرة الأموال واستخدامها كمنهج عقابي خارج الإطار القانوني المفترض، وبدون أحكام قضائية كما ينص الدستور، وبتعسف ضد اللي بتختار السلطة معاقبتهم بكل الطرق.

*******

إيه الوضع القانوني لقرارات التحفظ والمصادرة؟
– الدستور الحالي بينص بوضوح في المادة 40 إنه “المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائى.”
– قبل 2013 ارتبطت قضايا التحفظ ومنع التصرف في الاموال بجرايم نهب المال العام أو التهرب الضريبي، وده كان معمول بضوابط قانونية محددة، ومفيش تجميد إلا بإثباتات من النيابة على مصدر الأموال، وبقرار من المحكمة، وبإمكان أي حد بيصدر ضده القرار الطعن عليه خلال شهر قدام محكمة مختصة، وكمان كان بيتم ندب وكيل مسؤول عن الأموال ده ويبقى حارس قضائي على بعض الأموال عشان يضمن معيشة أسرة المتهم بما لايخل بالغرض من التحفظ.
وكانش مطروح خالص حاجة اسمها مصادرة كل اموال المتهم، لو القضية خلصت بحكم نهائي بيقول انه مثلا استولى على اموال حجمها كذا، يبقى دي بس اللي بتتصادر ومعاها الغرامة، وترجع كل الأموال الباقية لصاحبها.
– الوضع اتغير بدءاً من سبتمبر 2013، محكمة الأمور المستعجلة أصدرت حكم بحظر جماعة الإخوان والتحفظ على أموالها وأموال المنتمين ليها، وعشان الحكم ده يتطبق وزير العدل عمل لجنة تتولى مهمة حصر الأموال والتحفظ عليها، وتولى إدارة اللجنة المستشار ياسر أبو الفتوح وبيحمل عضويتها “المقدم” محمد سرحان من الأمن الوطني، و”اللواء” حسام حسين رئيس جهاز تصفية الحراسات من وزارة المالية، وممثل من وزارة التضامن.
– في فبراير 2015 صدر قانون الكيانات الإرهابية، وخلى النيابة العامة عندها إمكانية تقديم طلب لمحكمة الجنايات، بإدراج أشخاص وكيانات لقوايم الإرهاب. من الآثار المترتبة على ضم اسم أي شخص للقوايم دي هو التحفظ على أمواله.
– حصلت طعون كتير بالقضاء الاداري سواء أفراد – اشهرهم أبوتريكة اللي حصل على أحكام متكررة لصالحه – أو ضد اللجنة نفسها لأنها لجنة غير قضائية زي ما بينص القانون.
– الثغرات القانونية المتعددة كانت بتخلي الحكومة تلجأ لأساليب ملتوية عشان مترفعش الحظر، في العادة كانت اللجنة بتلجأ لمحكمة الأمور المستعجلة عشان تلغي حكم القضاء الإداري، فالناس تروح القضاء الاداري تاني، واللجنة تروح المستعجلة تاني!
– كانت فيه قضايا مرفوعة أمام محكمة النقض ضد التحفظ، وفي أبريل 2018 المحكمة حجزت الحكم لجلسة في شهر يوليو، فبعد يوم واحد من حجز القضية للحكم، محكمة الجنايات أصدرت قايمة جديدة بنفس الأسماء، وبالتالي لما محكمة النقض قبلت الطعن ولغت إدراج الأسماء على قايمة الإرهاب الواقع متغيرش، لان كده القرار الجديد بنفس الاسماء هوا اللي بقى ساري وهياخد وقت لحد الطعن عليه تاني!!
– وبدل ما الحكومة والبرلمان يحاولوا ينهوا العك ده ويشوفوا شكل قانوني عادل فعلاً، البرلمان في أبريل أصدر قانون بتشكيل لجنة “ذات طبيعة قضائية” عشان يسدو الثغرة دي، وبقت اللجنة من 7 مستشارين، وكان اول قرار جديد خدته اللجنة هو قرار المصادرة في 11 سبتمبر الماضي.

*****

اللجان ده بتشتغل ازاي؟
– ببساطة حسب كلامهم اللجنة بتعتمد بشكل رئيسي على تحريات الأجهزة الأمنية، الأمن الوطني بشكل خاص، واللي هي لا تعتبر في حد ذاتها دليل أصلا، ومحكمة النقض أعلى محكمة مصرية كررت في أحكامها انه مينفعش أي حكم قضائي – اللي هو أقوى بالطبع من القرارات الادارية – يعتمد على تحريات الشرطة وانما لازم الشرطة تقدم أدلة محددة على كلامها صح أو خطأ .. لكن اللي بقى بيحصل هوا ان الأمن الوطني يقدم اسماء فاللجنة تنفذ وخلاص.
– النتيجة إننا شفنا حالات ظلم واضحة ومشهورة، سواء باعتبار البعض ضمن أعضاء الاخوان وهما مش اخوان اطلاقا، ومنهم اللي بدون أي توجه سياسي أصلاً .. ده غير ان حتى اثبات ان شخص من اعضاء الاخوان ده مفروض مش كافي للتحفظ على كل أمواله، لأن المفروض ان أي مصري لما يحصلله الاجراء القاسي ده عليه وعلى أسرته، يكون بناء على دليل واضح بان فلوسه دي ليها مصدر غير مشروع أو استخدمت في تمويل الارهاب او نشاط غير مشروع.
– على سبيل المثال، هيثم محمدين اللي هو ناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين تم التحفظ على أمواله وهو بالتأكيد مش من ضمن جماعة الاخوان فضلاً على انه معندوش ممتلكات أصلاً عشان يتحفظوا عليها، واللاعب محمد أبو تريكة وقضيته المشهورة بعد اعتزاله الكورة، وصفوان ثابت صاحب شركة جهينة برضه تم التحفظ على أمواله بقوائم الاخوان، وكمان شباب من حركة طلاب مصر القوية تمت اضافتهم، ونجل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح .. وحصلت واقعة قبل كده بإضافة أسماء 7 متوفيين ضمن القوائم!
– وشفنا كمان امتداد الاجراءات لجهات صحفية وثقافية، زي ما اتكلمنا سابقا عن التحفظ على اموال رجل الأعمال مصطفى صقر وشركة بيزنس نيوز المالكة لجريدتي البورصة وديلي نيوز، رغم ان فيها شريك سعودي، ورغم ان ديلي نيوز دي تحديدا نشرت مقالات للرئيس السيسي!! وشفنا بعدها التحفظ على سلسلة مكتبات ألف وأموال رئيس مجلس ادارتها رجل الأعمال عمر الشنيطي، وبعدها جريدة المصريون، وفي الاجراءات دي الشخصيات دي موجودين في بيوتهم عادي، ولم يخضعوا لأي محاكمة على الإطلاق.
– يعني تدمير لحياتهم ولمنشآت اقتصادية وثقافية وبدون أي أدلة أو محاكمة. وطبعاً ده كله سلبي على مناخ الاستثمار وعلى “سمعة مصر” اللي بيتهموا المعارضين بتشويهها، خاصة ان منها شركات مشهورة زي راديو شاك وموبايل شوب.

*****
هل معنى كدا ان فلوس الناس دي هتروح عليهم خلاص؟
– ماحدش يقدر يتأكد من ده في الوقت الحالي، لكن واضح إن فيه اتجاه لده، خاصة بعد قرار المصادرة مع انه محدش فاهم بالظبط هيتنفذ ازاي ومحدش استلم صيغته الرسمية حتى الآن!
بالاضافة لان اللي لم تشملهم المصادرة ودخلوا دوامة التحفظ مش واضح اي نهاية ليها، لانه زي ما قلنا الطعون بتروح محكمة الأمور المستعجلة، ودي أصلا محكمة غير مختصة، وبتقف عادة في صف الجهات الرسمية زي ما شفنا النزاع القانوني بينها وبين المحكمة الادارية العليا في وقف قضية تيران وصنافير.

– مؤخراً أصدرت الحركة المدنية الديمقراطية (تجمع لأحزاب المعارضة المصرية) بيان ضد سياسة التحفظ على الأموال وطالبت فيه بإلغاء قرارات التحفظ غير القانونية والالتزام بنصوص الدستور، ومحصلش طبعاً أي استجابة أو رد يذكر للمطالب ده.
– الحقيقة انه المنهج اللي اتخذته السلطات مع المعارضين كان مختلف تماماَ عن وضع مبارك وأسرته ورجال أعمال مقربين منه زي حسين سالم وأحمد عز مكانش فيه أي مصادرة للأموال، بالعكس كانت بتطلع قرارات تجميد للأرصدة والأموال لحد مسار القضايا لما ينتهي وطلبت مصر من سويسرا تجميد أموال مبارك مثلاُ وده استمر لأكتر من سنة، لحد ما السلطة قررت التصالح مع كل رجال الأعمال اللي ارتكبوا جرايم نهب وسرقة في المال العام مقابل دفع مبالغ متفاوتة مبتعبرش عن القيمة الحقيقية للتخريب اللي اتسببوا فيه، وبدفع المبالغ ده تم إنهاء قضايا كتير، كانت ممكن حتى يتم التصالح بمقابل أكبر في وقت سابق إذا كان مبدأ التصالح متوافق عليه.
– سياسة التحفظ ومصادرة الأموال على الأفراد والمؤسسات بدون إثباتات وأسانيد قانونية هي سرقة واضحة للأموال ده وقايمة الظلم ممكن تضم أشخاص ومؤسسات تانية كل يوم طالما انه مفيش وسيلة ممكنة لوقف الإجراءات ده اللي بتخالف نصوص الدستور وأبسط قواعد حفظ وحماية الملكية الفردية اللي هي برضه أهم مبادئ اللي بسببها تم إنشاء الدول.
– نتمنى الأوضاع ده تنتهي وميتمش إساءة استغلال القانون وانتهاك الدستور وحقوق الناس بالشكل ده ويكون وطننا عادل على الجميع، وأكيد اليوم ده هييجي.

****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *