– للأسف مع إغلاق المجال العام بشكل كامل وخاصة أمام الصحافة، مواضيع كثير مش بتاخد حقها من النقاش، لأنه في الأغلب الصحافة اللي بتبقى مسيطر عليها من أجهزة أمنية أو غيره بتمنع الكلام في أي شيء، وبتخلي فيه محاذير وضوابط، ومصلحة المجتمع والناس بتبقى آخر شيء.
– حتى لو الشيء ده هو رغيف العيش المهم جدا لمعظم المصريين واللي هو مكون أساسي من مكونات السلة الغذائية للمصريين، ولكن لسه في أمل في أصوات مستقلة تتكلم عن قضايا الناس زي قضية العيش.
– ده حصل من خلال ملف نشره موقع مدى مصر عن رغيف العيش تحت عنوان “عض قلبي” هتلاقوا الملف في أول كومنت، ننصح بالاطلاع عليه بشكل كامل.
– الملف شارك فيه 7 صحفيين من مدى مصر عشان ينتجوا 7 تقارير بتتناول قضية الخبز من كل النواحي، بداية من منظومة دعم الخبز وكواليس رغبة الحكومة في تقليل دعم الخبز لحد تحليل التاريخ السياسي للخبز في مصر وعلاقته بالأنظمة السياسية المختلفة،وأيضا نقل وجهة نظر أصحاب المخابز ومشكلات توزيع الدقيق وغيرها من الجوانب.
– في البوست ده، وبوست كمان هنحاول نلخص لكم الملف وأهم اللي جه فيه، وننصح دائما بقراءة الملف كامل ودعم مدى مصر من خلال قراءة شغلهم المهم جدا واللي للأسف مفيش منه كثير في سياقنا المصري دلوقتي.
– وهنا مهم كمان نقول إن حرية الصحافة مش ترف بالنسبة للمجتمع والناس، لأن دي ضمانة كبيرة لوصول صوتهم ومناقشة مشاكلهم وقضاياهم، وممارسة الرقابة على الحكومة لصالح الشعب.
*****
النظام من جوه شايف الموضوع إزاي؟
– في التقرير الأول اللي بعنوان “حيرة النظام: ماذا لو عض الفقراء أصابعنا ونحن ننتزع اللقمة المدعومة؟” بتتكلم كل من رنا ممدوح وأميمة إسماعيل وعايدة سالم عن إزاي في خلاف جوه النظام نفسه حوالين تقليل الدعم عن الخبز.
التقرير بيقول بحسب مصادر أنه الرئيس هو اللي قرر يتكلم في موضوع رغيف العيش آخر مرة رغم نصيحة الأجهزة الأمنية بالانتظار في الملف ده شوية عشان ميعملش غضب اجتماعي، وخاصة أنه مقترحات سابقة في 2019 باللعب في منظومة الخبز وقصر توزيعه على حاملي البطاقات التموينية الذكية أنتجت احتجاجات ولو كانت ضيقة.
– وجهة نظر الأجهزة الأمنية في 2019 برضه كانت مستمدة من عدم قدرتها على توقع المظاهرات المحدودة اللي حصلت في سبتمبر 2019 ( مظاهرات محمد علي) واللي خلت الأجهزة خايفة من تكرار السيناريو مرة تانية وأنه يحصل احتجاجات زي 2019 بسبب الخبز.
– برضه مهم نشوف أنه تقديرات الأمنية لردود الفعل على حديث الرئيس عن رفع سعر الخبز لم تشجع إطلاقًا على تنفيذ القرار رغم كلام الرئيس عليه من أربع شهور، وفي الغالب القرار في انتظار التنفيذ بصيغة مختلفة.
– بيفكرنا التقرير بمقترحات مختلفة سابقة من وزارة التموين قبل كدة في 2017 بتقليل حصة الخبز للفرد واللي ساعتها كانت مسار اعتراض من الناس وحصلت مظاهرات محدودة قدام المخابز في أكثر من محافظة.
– بالتالي كان الحل الخفي دائما لقصقصة دعم الخبز هو تقليل وزن الرغيف واللي بالمناسبة قل من 130 جرام في 2013 لـ 90 جرام دلوقتي، يعني فعليا تم خفض حصة الفرد بحوالي رغيف من الوزن الجديد ده أو بـ 18%.
– الحكومة شايفة أنه حل الدعم النقدي، واستبدال الرغيف بفلوس ياخدها المواطن هي الحل المثالي بالنسبة لها، لأنه من وجهة نظر الحكومة ممكن يوفر هدر كبير في منظومة الخبز وخاصة في استخدام الخبز كعلف للحيوانات والطيور واللي هو في وجهة نظرنا مش هدر كبير ولا حاجة لأنه في النهاية نوع من استخدام وإعادة استخدام موارد متاحة.
– لكن وبحسب مصدر في وزارة التموين أتكلم مع مدى مصر ففي مشكلة في تنفيذ الموضوع عشان اعتراضات الأجهزة الأمنية في الوقت الحالي والسبب هو أن ترك سعر الخبز للعرض والطلب يترتب عليه زيادة جودة الرغيف من ناحية، وزيادة الإقبال عليه من ناحية أخرى، ما يمكن أن يؤدي إلى نقص في الخبز وعدم سيطرة الحكومة على سعره، ما يخلق أزمات سياسية وأمنية لو حصل نقص في الخبز في السوق.
– التقرير مهم جدا أنه بيورينا وجهة نظر النظام من الداخل للموضوع، وأنه فعلا في اعتراف ضمني من النظام بأهمية نظام الدعم للحفاظ على الاستقرار المجتمعي، ومع ذلك في محاولات دائمة للتنصل من المسئولية دي بدعوى أنه ده هيوفر مليارات، لكن يبقى السؤال هل مينفعش نوفر المليارات من حاجات تانية؟
*****
التاريخ بيقولنا إيه؟
– التقرير الثاني لمدى مصر بعنوان “بين الشرعية والعجز.. تاريخ الخط الأحمر لدعم الخبز” وكتبته سارة سيف الدين بيتكلم بشكل تاريخي عن تاريخ علاقة الخبز بالأنظمة السياسية المختلفة في مصر منذ نشأة نظام الدعم بشكله الحالي في الأربعينات.
– التقرير مهم لأنه بيقولنا اللي بيحصل ده مش جديد، ولكن دعم الخبز ده تاريخيا كان محل تفاوض مستمر وقص من الدولة، ومحاولة مستمرة للتوازن بين التكلفة اللي الحكومة شايفاها كبيرة للدعم ده على حساب أزمات عجز الموازنة المزمنة اللي بيعاني منها الاقتصاد المصري.
– التقرير بيشير لتاريخ الاقتصاد السياسي لدعم الخبز في الفترة الناصرية وإزاي كان مهم جدا لشرعية النظام وخاصة عند فقراء المدن، لكن بيشير لنقطة مهمة جدا وذكية حوالين إزاي النظام الناصري قدر يدفع تكلفة الدعم دي عن طريق التسعير الجبري للمحاصيل الزراعية زي القمح والقطن وإزاي الحكومة كانت بالبلدي بتكسب من الفلاحين في العملية دي، وبالتالي كان اللي بيحصل هو أنه الفلاحين الفقراء اللي بيبيعوا سلعهم أقل من سعر السوق كانوا فعليا هما اللي بيتحملوا تكلفة دعم الخبز لسكان المدن.
– التقرير بيقول أنه منذ 1961 ودي السنة اللي بدأ فيها نسبة القمح المحلي تكون مساوية لنسبة القمح المستورد ولاحقا تدنت عشان توصل في نص الثمانينات لأننا ننتج حوالي 22 % بس من احتياجاتنا من القمح، وبالتالي مع تزايد الاعتماد على الاستيراد بقينا أكثر ارتباط بأسعار القمح العالمية وبقينا عرضة أكثر لتقلبات بتنتج أزمات مالية وعجز موازنة مزمن ومستمر منذ الثمانينات في مصر.
– التقرير بيوصل لأنه إزاي انتفاضة الخبز 1977 كانت علامة فارقة في تاريخ دعم الخبز وخلت الحكومة مجبرة رغم المشكلات المالية الكثير أنها تستمر في دعم الخبز عشان الاستقرار الاجتماعي.
– لأنه وبداية من 2016 مع التعويم والإصلاح الاقتصادي الحالي المعادلة تغيرت وبقى مفيش حاجة بعيدة عن مرمي نيران “الإصلاح الاقتصادي” حتي دعم الخبز، وإزاي ده من وجهة نظر تاريخية بيعيد تشكيل العقد الاجتماعي الأساسي لدولة يوليو وهو توفير الخبز في مقابل الرضا السياسي أو السكوت بمعنى أصح.
*****
هل الحكومة كانت ساكته عن الدعم في الـ7 سنين اللي فاتوا؟
التقرير الثالث في الملف اللي كتبته بيسان كساب تحت عنوان “سبع سنوات لعب في الدعم” مهم جدا، وده لأنه بيشرح لنا بالتفصيل اللي حصل في منظومة الدعم سواء دعم السلع التموينية أو دعم الخبز.
– وليه الحكومة كانت مهتمة بأنها تعمل نظام نقاط الخبز ده في 2013 ولاحقا في 2014 عملت تحديد حصة للفرد يوميا بـ5 أرغفة بس عشان تحاول تقلل الهدر في المنظومة بتاعة الخبز.
– حاليا دعم الخبز للفرد شهريا بيتكلف في حدود 90 جنيه في حين أنه باقي الدعم السلعي بيتكلف 50 جنيه، وده يعني أنه نظام نقاط الخبز كان مفيد جدا للحكومة لأنه تحويل العيش لنقط في دعم السلع التموينية التانية بيوفر كثير من الهدر.
– شيء مهم جدا في التقرير هو أنه بيكشف ليه الحكومة مهتمة بتحويل الدعم كله لدعم نقدي مش دعم سلعي، وده لأنه الدعم السلعي يعني أنها هتضطر توفر سلع معينة وخاصة الخبز مهما كانت تكلفتها، وفي حالة الخبز اللي حوالي 60% من القمح اللي داخل في عملية إنتاجه مستورد فده يعني تحمل الحكومة لتقلبات أسعار القمح العالمية.
– في حين أنه لو الدعم نقدي فده بيسمح للحكومة بتوقع سير الإنفاق على الدعم في الموازنة والسيطرة على إنفاقها على الدعم في عدة سنوات قادمة.
– بالتالي في السبع سنوات اللي فاتوا حاولت الدولة على قد ما قدرت أنها تقصقص من الدعم السلعي بتاع التموين بكل الأشكال الممكنة عشان تقلل الكلفة بتاعة الدعم على الموازنة.
– بنشوف برضه في التقرير إزاي كان نظام دعم العيش كمنتج نهائي مش دعم الدقيق اللي بيروح المخابز حاجة إيجابية لأنه قضى على ظاهرة تسريب الدقيق للسوق السوداء وبقى بيدعم سعر العيش النهائي.
*****
كل الشكر لمدى مصر على الملف ده، وفي البوست الجاي هنكمل عرض التقارير اللي جت في الملف، بننصحكم طبعا مرة تانية بقراءة الملف بالكامل لأنه مهم جدا في فهم علاقة الدولة بالخبز ومنظومة الدعم بشكل عام. Mada
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *