اللي قدامنا في الصورة دي وزيرة الدفاع الأثيوبية عائشة محمد موسى! ودي كانت واحدة من المفاجآت اللي ظهرت في أول حكومة يشكلها آبي أحمد رئيس الوزراء الأثيوبي الجديد.

إحنا كنا كتبنا سابقاً عن “ثورة إصلاح” بتحصل في أثيوبيا بكل الملفات الداخلية والخارجية على يد آبي أحمد، شملت الإفراج عن المعتقلين السياسيين ومصالحة وطنية، وتحقيق السلام مع اريتريا العدو اللدود لأثيوبيا، واعفاء قادة كبار بالجيش في بلد معروف بتأثير الجيش على السياسة، وحتى إعطاء المزيد من حرية التعبير للصحافة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
التفاصيل هنا:

والنهاردة هنكمل متابعة للملف، ونشوف تشكيل الحكومة الجديدة.
*****
استمرار ثورة الإصلاح

– في بداية أكتوبر الحالي جدد المؤتمر العام للجبهة الثورية الوطنية الشعبية، وهي الائتلاف الحاكم في أثيوبيا، الثقة في رئيس الوزراء أبي أحمد اللي اتعين في ابريل الماضي، وده بالتالي دعم سياسي جنب الدعم الشعبي لاصلاحاته.

– قبل أيام أعلن أبي أحمد عن تشكيل حكومته الجديدة وأول تغيير فيها هوا انه خلاها 20 وزارة بدل 28 لتقليل عدد الوزارات وبالتالي تقليل مصروفات الجهاز الإداري.
– الحكومة الجديدة فيها 10 وزيرات يعني نص الوزرات شغلها نساء، وعلق آبي أحمد على الموضوع قدام البرلمان أنه “المرأة ستساعد في محاربة الفساد لأنها أكثر كفاءة، وأقل فسادا من الرجل “.

– الوزارة شملت عائشة محمد بمنصب وزيرة الدفاع، ودي خطوة كبيرة جدا أنه يجي حد مدني وكمان مرأة على رأس وزارة سيادية زي دي، وكمان في بلد أفريقي مش في الاتحاد الأوروبي مثلاً عشان يتقال دول متقدمة وظروفها كده، ده بالعكس أثيوبيا جيشها خاض حروب وكان دايما ليه تأثير سياسي.
– عائشة محمد نموذج كمان للمسؤول السياسي مش مجرد تكنوقراط (خبير فني)، يعني هي رئيسة برلمان سابقة، ومسكت وزارة الثقافة والسياحة قبل كده، وكانت وزيرة إسكان ومستشارة في مشروع سد النهضة، وليها نشاط في مجال حقوق المرأة، يعني باختصار تم تأهيلها سياسياً لأنه سابقا اثيوبيا فيها عملية سياسية مستقرة نسبيا لوجود ائتلاف حاكم حتى لو كان فعليا مش ديمقراطي وبيحتكر السلطة، لكنه كان قادر يعمل انتخابات داخلية جواه.

– كمان استحدث أبي أحمد وزارة جديدة في الحكومة هي وزارة السلام وعين فيها سيدة تانية وهي رئيسة البرلمان الحالية مفريات كامل واللي مسكت المنصب لمدة 5 شهور، والوزارة الجديدة هتتولى الإشراف على الأجهزة الأمنية الكبيرة في أثيوبيا زي المخابرات، وجهاز الأمن والشرطة الاتحادية، ودي وزارة لا تقل أهمية عن وزارة الدفاع خاصة في بلد الأجهزة الأمنية فيه ليها تاريخ كبير من القمع والصراع على السلطة، وبالتأكيد هي مهمة مش سهلة إطلاقاً!

– الوزارة الجديدة راعت كمان التشكيلة العرقية والدينية في بلد متعدد الأعراق، في وزيرتين مسلمين في الوزارة منهم وزيرة الدفاع، ودا يمكن محاولة لتهدئة الاحتجاجات الأخيرة في أديس أبابا اللي كان آخرها الشهر اللي فات اعتراضا على انخفاض أجور العسكريين، وتخللها أحداث عنف عرقي كبيرة خلت الحكومة تقوم بالقبض على عدد من المتظاهرين دول وصل ل 1200 بحسب رئيس شرطة أديس أبابا، واللي أطلقت سراح معظمهم لكن وجهت تهم التخريب والعنف لحوالي 175 من المتظاهرين دول .
وآبي أحمد تعرض لخطر على حياته لما اقتحم 250 ظابط وجندي مكتبه، وقدر يهدي الجنود حتى وصول المساعدة بانه طلب يعملو احد تمارين الجيش لخفض التوتر وشاركهم في عمل تمارين الضغط!
– ضمن الإصلاحات الشفافية مع الشعب، وبالتالي قاللهم ان جدول سد النهضة هيتأخر، وإن السبب هوا ان الشركة الأثيوبية اللي كان مفروض تصنع التوربينات وهي شركة تابعة للقوات المسلحة فشلت في مهمتها، وبعدها فعلا أعفى الشركة دي وبدأ يشوف بديل دولي.
– استمرار خط آبي أحمد بشكل متصل واضح انه نابع من إرادة سياسية واضحة لإصلاح الوضع في إثيوبيا، ودا كان واضح في أول خطاب ليه واللي اعتذر فيه عن عمليات القمع اللي عملتها الحكومة في 2015، ووصف رجال الشرطة اللي عذبوا المواطنين بالارهابيين، ووعد باصلاح وضع الفلاحين اللي الحكومة القديمة انتزعت أراضيهم.

******

ليه لازم نهتم بأثيوبيا ؟
– قد يكون الوضع في أثيوبيا مشابه نوعا ما للوضع في مصر، بلد بعدد سكان كبير أغلبية السكان من الشباب الناقم على الوضع لأن معدلات النمو الاقتصادي مش بتنعكس على مستوي الدخل لأغلبية السكان دول، طبعا إحنا أقل من أثيوبيا في معدلات النمو لأنه البلد هناك بتشهد حرفيا قفزة اقتصادية من فترة ومعدلات نمو وصلت ل 10 % سنوياَ.

– أثيوبيا دولة مهمة جدا في القارة، وأهم دولة في جذب الاستثمارات الصينية في أفريقيا ولحد 2015 كانت بالفعل ماشية على نمط قريب من النموذج الصيني، بمعنى معدلات نمو عالية وحكومة غير ديمقراطية بتقمع كل الأصوات المعارضة، لكن الاحتجاجات الاجتماعية من 2015 ولحد دلوقتي واللي جابت أبي أحمد رئيس وزراء كمحاولة للسيطرة على الوضع السيء في البلاد هي اللي خلت التحالف الحاكم من أقلية التيجري والنخبة الأمنية (الجيش والشرطة والمخابرات) تتراجع شوية عن المشهد وتفسح المجال أكتر للمدنيين وللعرقيات التانية لإدارة الأمور في البلد وإجراء إصلاحات، لازم نشوف إصلاحات آبي أحمد في السياق دا لأنه في النهاية محدش بيتطوع ويديك ديمقراطية وحرية تعبير وحريات سياسية ببلاش.
هنا ممكن تلاقو تفاصيل أكتر في البوست اللي كتبناه سابقا عن قصة نجاح آبي أحمد في الوصول للسلطة، وعلافة ده بالخريطة السياسية والعرقية في أثيوبيا:

– الأهم كمان هو أننا لينا علاقات مشتركة كبيرة جدا مع أثيوبيا خاصة في ملف سد النهضة واللي لازم نفهم طبيعة التحولات اللي بتحصل في النظام السياسي هناك عشان نعرف احنا بنتفاوض مع مين وعقليه المفاوض دا ايه، بمعنى أننا لازم ندرك أنه مع التحولات ده في أثيوبيا فعقلية الأجهزة الأمنية وابتعاد السياسة في إدارة ملف سد النهضة مش هتنفع.

– شخصية زي آبي أحمد والتغيير اللي بيعمله في بلده هي تجربة تاريخية مهمة لازم نتابعها ونستفيد منها .. مهم للسلطة تشوف نموذج عملي ازاي الإصلاح الطوعي من الداخل أحسن بكتير من انك تقفل كل الحريات ومسارات الاصلاح، ومهم كمان لكل الحالمين بالتغيير يشوفو قصة التغيير المستمر في أثيوبيا اللي فيها كل الأدوات من المظاهرات والاشتباكات والاضرابات لحد دخول عضوية الائتلاف الحاكم وإصلاحه من الداخل، وربما دي تكون رسالة أمل تشجعنا كمواطنين اننا في يوم هنشوف بلدنا مصر بيحكمها نظام عادل وشاب، ولازم نعتمد على النفس الطويل والعمل الدؤوب والسعي في كل المساحات المتاحة.
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *