– في 8 أكتوبر اللي فات صدر تقرير عن الفريق الدولي للتغير المناخي IPCC، وده منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة معنية بدراسة المناخ، التقرير بيتكلم عن خطر كارثة بشرية ممكن تحصل خلال 11 سنة، وممكن توصل لتهديد الوجود البشري سنة 2050 بسبب “الاحتباس الحراري”.

– ومؤخراً بدأت تزيد الكوارث الطبيعية من أعاصير وفيضانات وعلماء المناخ بيتكلمو عنها باعتبارها مؤشرات على الظاهرة. في البوست ده هنتكلم عن التقرير وعن الجانب اللي يخصنا عن الخطورة المتوقعة على مصر، والخطوات اللي المفروض العالم ومصر تعمله لمواجهة الكارثة.

********

مبدأياَ ايه هو الاحتباس الحراري؟

– الاحتباس الحراري هو ظاهرة مناخية معناها ارتفاع درجة حرارة الأرض بسبب الانبعاثات الغازية (ثاني اكسيد الكربون – الميثان – ثاني اكسيد النيتروجين) والناتجة بالأساس عن النشاط البشري الصناعي واللي بتعمل طبقة عازلة دافية للأرض وبتمنع الحرارة من الخروج من الغلاف الجوي.
– زيادة درجة حرارة الأرض ارتفعت بشكل مبالغ فيه في ال20 سنة اللي فاتوا مع وجود الصين والهند وأمريكا كمستودعات صناعية كبيرة بتساهم بشكل كبير في الانبعاثات دي.

طيب وايه الخطورة لما حرارة الأرض تزيد؟

– ده معناه دوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي وزيادة درجة حرارة مياه المحيطات والبحار واللي بتمتص ما يقرب من 80 % من الزيادة في درجة حرارة الكوكب، وده يخلي مستوى الماء في البحار والمحيطات يرتفع وهتهدد بإغراق المدن الساحلية.
– حسب التقرير ده اللي شارك في إعداده 91 خبير من 40 دولة، الفيضانات هتأثر في حياة 10 مليون شخص، وممكن يزول عن الوجود بعض الأماكن المنخفضة عن سطح البحر زي جزير المادليف مثلا.

– كمان زيادة درجات حرارة الأرض معناها زيادة الفرصة لانتشار الأمراض والأوبئة زي الملاريا، انخفاض انتاجية محاصيل استراتيجية زي القمح والرز، وزيادة معدلات الاعاصير المناخية، ونهاية كاملة للشعب المرجانية.

– العلماء دول حطوا حاجة اسمها ( ميزانية الكربون –carbon budget ) وهي كمية الكربون اللي ممكن يتحملها الكوكب دا وهي عبارة عن 2900 جيجا طن من الكربون، ودلوقتي احنا استهلاكنا حوالي 80 % من الرقم دا و بالمعدلات السنوية الحالية من المتوقع اننا نتخطى النسبة المسموح بيها في خلال عشرين سنة بس، ودا بالتأكيد هيعرض الأرض لكارثة حقيقة.
– التقرير كمان بيقول انه يجب على الحكومات والشركات الخاصة إجراء تغييرات غير مسبوقة في أنظمة الطاقة، وإدارة الأراضي، وكفاءة البناء، والعمليات الصناعية، والشحن، والطيران، وتصميمات البناء. وانه الهدف انه يتم خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45% عن نسب 2010، واللي جنيفر فرانسيس عالمة المناخ في جامعة روتجرز بتقول انه ده أمر طموح ومش واضح انه هيحصل!

***

إيه الخطر اللي ممكن يصيب مصر؟
– الخطر المباشر علينا هوا انه بارتفاع مستويات البحر هيكون عندنا شمال الدلتا والاسكندرية مهددين بالغرق لكل المناطق الأقرب للبحر، ملايين المصريين هناك مهددين يفقدوا بيوتهم.
– كمان الدلتا كلها مهددة بارتفاع ملوحة الأرض وبالتالي تأثير مدمر على الزراعة المصرية.
– البنك الدولي اعتبر مصر من الدول الاكثر تعرضاً لأخطار التغير المناخي خاصة بالنظر لنسب الفقر والزيادة السكانية.

*******

ازاي دول العالم بتتحرك في الأزمة دي؟

– برغم المجهودات الكبيرة من بعض الدول في أوروبا تحديدا في الاعتماد على مصادر متجددة للطاقة (الطاقة الشمسية والرياح) بدل المصادر التقليدية زي البترول والفحم واللي بتسبب خروج الغازات دي، وواضح أنه لسه الطريق طويل جدا.

– في 1997 تم عقد اتفاقية ال “كيوتو” لتقليل إصدار الغازات الدفيئة ووقع على الاتفاقية أكثر من 160 دولة ورفض اتنين من كبار مصدري غازات الكربون في العالم الانضمام للاتفاقية وهم أمريكا وكازاخستان.

– في يناير 2005 أعلن الاتحاد الأوروبي عن مشروع لتجارة الانبعاثات بحيث تتعاقد الشركات والدول مع مصادر الطاقة النظيفة والأقل انبعاثا للكربون والميثان، وأعلن الرئيس الأمريكي السابق أوباما في 2013 عن خطة اقتصادية لتجارة الانبعاثات عالمياً، منها تقديم قروض ب 8 مليار دولار لمنتجات الطاقة “النظيفة”، وقال وقتها مسؤولين إدارة أوباما انه مفيش خطوة لوحدها هتوقف تأثيرات التغير المناخي لكن لدينا التزام أخلاقي أمام أطفالنا بعدم ترك كوكب ملوث أو مدمر لهم.

– في 2015 كان في خطوة جيدة وهي اتفاق باريس للتغير المناخي واللي ألزم الدول الصناعية الكبرى بتبني سياسات لتقليل انبعاثات الكربون في الأرض منها مثلا تقليل استخدام الفحم في الانشطة الصناعية وتوليد الكهرباء، وكمان انه حط التزام كمان على الدول دي وهو تقديم 100 مليار دولار سنويا كتمويل للدول النامية اللي زي حالاتنا لتشجيعها على تبني سياسات صناعية مع البيئة وتقلل من انبعاثات غاز الكربون.
– لكن الاتفاق دا معرض للخطر حاليا بعد تهديد ترامب بالانسحاب منه لأنه شايف انه امريكا بتدفع تمويل كبير للصندوق في حين إنه الصين مبتوقفش استخدام الفحم، ورغم ان الصين مازالت من كبار الملوثين لكنها بالفعل عملت خطوات كبيرة في السنين اللي فاتوا لتقليل الاعتماد على الفحم وبتضخ استثمارات كبيرة جدا في مجال الطاقة الشمسية اللي هيا أكبر منتج ليها بالعالم حاليا باجمالي 130 جيجاوات في السنة (كامل انتاج الطاقة في مصر في 2017 كان 32.8 جيجا).

– وفي النهاية الملف ده بخطورته الحالية متروك للمجتمع الدولي ورؤساء جميع الدول في الجولة القادمة من محادثات تغيير المناخ في بولندا في شهر ديسمبر الجاي، وبحسب التقرير فقادة العالم قدامهم المسؤولية التاريخية لاتخاذ قرارات وسياسات واضحة المعالم لانقاذ الكثير من الدول والبشر بالإجراءات المطلوبة.

***
مصر بايدها تعمل إيه؟

– أولاً مصر استفادت من التمويل الدولي السنادي دي لما وزارة الري اتفقت على منحة مع صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة ب 31 مليون دولار (حوالي نصف مليار جنيه) لزيادة إجراءات الحماية، والانذار المبكر لارتفاع حرارة المياه ومنسوبها.
– اجراءات الحماية دي تشمل اعلان الحكومة في يوليو خطتها لانشاء سلسلة من الحواجز الغاطسة لمحاولة منع زحف البحر، وان ده هيحصل في الإسكندرية وراس البر ورشيد وشمال سيناء ومطروح.
– في 2016 مصر صدقت على اتفاقية باريس للمناخ.
– الاجراءات دي ايجابية كخطوات اولى، وان الملف على الأقل موجود بالاهتمام الرسمي فعلا، لكن غريب ان حاجة تفرق مع مستقبل مصر كلها محدش بيجيب سيرتها في الاعلام ولا السياسة ولا أي حاجة!
ومفيش أي جهة كان متاح ليها الشراكة بوضع الخطة، ولا فيه جهة هتراقب اتنفذت وللا لا.
– ثانياً بالتأكيد مصر ليها دور في تقليل انبعاثات الغاز عندها، ورغم ان البعض بيقول دي أزمة الدول الصناعية الكبرى، ومينفعش يطلبوا من العالم الثالث تقليل استخدام مصادر الطاقة الرخيصة الملوثة بعد ما هما تقدموا بالأسلوب ده ودلوقتي عندهم رفاهية الطاقة النظيفة الغالية.
– والحقيقة رغم صدق جانب كبير من المنطق ده، وانه بالفعل الدول الصناعية تاريخيا ودلوقتي هي المسئول الأكبر، لكن الأزمة دي هتأثر على بقاء الكل فقراء وأغنياء، شمال وجنوب، وبالتالي لازم دول العالم كلها تقلل من الانبعاثات كل دولة بقدر مسؤوليتها، وعامل مهم تاني وهو انخفاض التكلفة الاقتصادية للطاقة المتجددة بشكل مستمر فمفروض النظر على المدى الطويل مش القصير.
– والحقيقة أنه مصر بدأت التوسع بشكل كبير نسبيا في الاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة زي الطاقة الشمسية والرياح في السنوات الأخيرة، وده شيء ايجابي وهنرجع نتكلم عنه تاني، لكن لسه الطريق طويل، خاصة ان مصر اخدت برضه خطوات عكسية زي الترخيص لمصانع الأسمنت باستخدام الفحم، واعلان وزارة الكهرباء نيتها افتتاح اكبر محطة بالفحم في الشرق الأوسط!
– مطلوب كمان التوسع في إنشاء مساحات خضراء، وده مش بس عشان تقليل غاز ثاني أكسيد الكربون، لكن لان ده حق المواطنين، وبيحمي المدن زي ما كانت أصلاً فكرة الحزام الأخضر حول 6 أكتوبر اللي اتدمرت بقوة الأمر الواقع عبر سنوات طويلة – ده كان موضوع رئيسي بتقرير المستشار جنينة – وفي النهاية الرئيس السيسي اصدر في 2017 قرار يسمح بتحويلها لمباني.
– وفي نفس السياق مطلوب تقليل مساحة التعدي على الأراضي الزراعية وعمليات تبوير الأراضي اللي هي جرايم كبيرة في حق المواطنين كلهم، وده محتاج سلطات محلية منتخبة وقوية، وأيضاً حلول عملية للناس.

– كمان مصر على المستوى الدبلوماسي الدولي ممكن تسعى لتجميع الدول النامية والأفريقية لتشكيل قدر من الضغط ولو محدود على الدول الأكبر للوفاء بالتزاماتها.
– والمفروض قضية بالحجم ده تكون مصدر نقاش و اهتمام في الصحافة والاعلام والبرلمان وكل أجهزة ومؤسسات الدولة في مصر، واحنا كمواطنين سواء اعضاء نقابات أو أحزاب أو حتى أفراد عاديين نضغط على نواب البرلمان انهم يتكلموا ويتناقشو في السياسة المصرية لحماية البيئة والمناخ، لكن مفهوم طبعاً ليه دي صورة خيالية بعيدة عن الواقع حاليا، لكن كل واحد عليه يعمل اللي بوسعه ضد حاجة تهدد مستقبل مصر وحياة الملايين من البشر.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة