– البنك المركزي المصري أصدر من شهر بيانات عن ميزان المدفوعات، أظهرت تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر في العام المالي الأخير إلى 7.7 مليار دولار، في مقابل 7.9 مليار خلال العام المالي اللي قبله، والوضع أسوأ لو عرفنا ان الاستثمارات غير البترولية حجمها كان 3.2 مليار دولار فقط! ده خالف توقعات الحكومة بكتير لدرجة ان الوزيرة سحر نصر كانت صرحت إنها تتوقع 12 مليار دولار.
وده بعد كل خطة الاصلاح اللي كان مفروض ان من أهم أغراضها جذب الاستثمار.
– أسباب التراجع بعضها تخص أمور بالاقتصاد العالمي تسببت فيما يسمى “أزمة الأسواق الناشئة” وده جانب رئيسي فعلا، لكن يهمنا هنا العوامل الداخلية اللي في ايدينا.. في بداية الشهر الحالي، البنك الدولي أصدر تقريره السنوي “مؤشر أداء الأعمال في العالم”، ومصر كانت في الترتيب 120، وده اللي هنتكلم عنه النهاردة لأن أي مستثمر قبل ما يضخ فلوسه بيقارن الدول بناء على عوامل زي المذكورة في المؤشر.
– في بداية 2018 اتكلم الرئيس السيسي على الوقت الكتير اللي بتاخده المناقصات وبالذات اللي بتتعمل لتطوير القطاع العام، كان الحل غير التقليدي اللي طرحه الرئيس أنه “بلاش مناقصات مالية ووقت يروح، احنا نقعد مع الناس ونتفق معاهم بشكل مباشر ” وقال بالنص “يعني هي المناقصات هتوفر ايه يعني ؟ “، خليكوا فاكرين الكلام ده حنقولكم إيه علاقته بالمؤشر في نهاية البوست.
*****
ايه هو المؤشر ده؟
– في البداية المؤشر بيغطي 190 دولة وبيقيس 11 مؤشر بيساهموا في تحديد إذا كان عندك بيئة إستثمارية جيدة ولا لا، وال11 مؤشر فرعي دول هما :
● سهولة إجراءات تأسيس الشركات.
● كفاءة القوانين المنظمة لسوق العمل.
● الحصول على تصاريح البناء.
● الحصول على الكهرباء.
● تسجيل الملكية.
● الحصول على التمويل اللازم.
● حماية المستثمرين من الأقليات. (اللي هما حاملي عدد أسهم محدود في الشركات)
● كفاءة النظام الضريبي.
● سهولة نقل البضائع عبر الحدود.
● إجراءات الوقاية ضد التعثر.
● مدى إلزامية العقود المبرمة.
– كل دولة بتاخد نتيجة في ال11 مؤشر الفرعي دول وبناء عليه بيتحدد ترتيبها في المؤشر الرئيسي، بالتالي التحسن في أداء الدولة بيكون بالتحسين في أداء المؤشرات الفرعية دي كلها، أو على الأقل أكبر عدد منها.
*****
مصر بقت فين السنادي؟
– مصر اتقدمت 8 مراكز في الترتيب، هوا ال 120 من 190 دولة.
– رغم ان أي تقدم بالتأكيد ايجابي، لكن لازم نقول أنه ال8 مراكز اللي تقدمت فيهم مصر غير كافيين، لأننا مازلنا بترتيب متأخر جدا، ولأنه في دول كتير عملت تقدم أفضل من مصر السنة اللي فاتت، زي أفغانستان وجيبوتي!
– كمان التقدم في الترتيب جاي بعد تراجع 6 مراكز في مؤشر السنة اللي قبلها، يعني في المجمل إحنا من 2016 لحد دلوقتي ورغم كل اجراءات الاصلاح الاقتصادي المؤلمة اتقدمنا 13 مركز بس في المؤشر دا.
– أفضل الإصلاحات اللي قامت بيها مصر كان في سهولة تأسيس الشركات، بسبب نظام الشباك الواحد اللي من خلاله ممكن المستثمر يعرف معظم إجراءات التأسيس والتصاريح الازمة من غير ما يلف على كل وزارة ومصلحة حكومية، وده بيوفر وقت كبير فعلاً.
– كمان تسهيل إجراءات الحصول على التمويل من البنوك اتطورت شوية وقل متوسط عدد الأيام الازمة للحصول علي التمويل، كمان زيادة الحصيلة الضريبة بعد ضريبة القيمة المضافة ساهم في رفع ترتيب مصر في المؤشر، وايضا مصر حسنت أداءها في مؤشر حماية حقوق مستثمرين الأقليات عن طريق اتاحة قدر أكبر من الشفافية والمعلومات الحكومية للشركات الخاصة.
*****
ايه اللي محتاج يتطور أكتر ؟
– أول حاجة عدد الأيام الازمة للحصول على الكهرباء اللي مصر فيها ال96 على مستوي العالم بمتوسط 53 يوم للحصول على الكهرباء، كمان في مشاكل بحسب التقرير في استمرارية إمداد الكهرباء.
– ثانيا تعديلات في النظام الضريبي، لتسهيل عملية التحصيل ومكافحة التهرب الضريبي، في المؤشر دا مصر ال 159 على مستوي العالم ودا ترتيب متدني جدا، ناتج بالأساس عن غياب الكفاءة في النظام الضريبي سواء في التشريعات أو في التطبيق، ودايما مع نهاية كل موازنة في رقم كبير من المتوقع في الضرايب لايتم تحصيله.
– ثالثا نقل البضائع عبر الحدود، مصر متأخرة جدا في المؤشر دا ( 171 علي مستوي العالم )، ودا يعني أنه المستثمر هياخد وقت أطول وتكلفة أكبر لو عايز يدخل بضاعة أو مواد خام للبلد، وبالتالي فإصلاح النظام الجمركي وبالذات في جزئية الوقت هام جدا عشان نتحسن في المؤشر دا.
– رابعا : إنفاذ العقود، مصر في المؤشر دا ال 161 علي مستوي العالم، ودا مؤشر مهم جدا لأنه بيتعلق بمدى كفاءة النظام القضائي وقدرته على إنفاذ القانون في حالة الخلاف بين المستثمر وأي طرف أخر سواء الحكومة أو غيرها.
جزء من ده اصلاح النظام القضائي، وجزء منه وقف التخبط الحكومي التاريخي، زي ما تتعمل صفقة مع مستثمر فيها مشكلة أيا كانت فناس تعترض فالقضاء يلغيها، أو زي ما مستثمر ياخد أرض وتيجي الحكومة بعد شوية تسحبها أو تغير القوانين واللوائح.
– تسجيل الملكية، برضه متأخرين في المؤشر دا 125 علي مستوي العالم، وده بيتطلب إصلاح في الأجهزة الإدارية للدولة اللي بتتعامل مع المستثمرين سواء مكاتب الشهر العقاري أو غيرها عشان تسهيل عمليات تسجيل الملكية دي.
*****
– رجوعا بقى لكلام الرئيس السيسي اللي ذكرناه فوق، الحقيقة أنه أي تطوير في المؤشرات اللي قولناها فوق دا محتاج يكون عندك شفافية لمحاربة الفساد ولإصلاح “المؤسسات” واقرار قواعد عامة كفؤة على الكل.
– يعني لا يجوز أنه تصريح زي دا يطلع من رئيس السلطة التنفيذية في البلد، حتي لو بنيه سليمه، لأنه بيدي مؤشر سلبي للمستثمرين أنه الموضوع بالبلدي ميغه واللي عايز يجي يستثمر يعدي علينا بس وهنخلص له كل حاجة .. طيب هل منطقي كل مستثمر هيروح مباشرة لمكتب الرئيس بس؟ طيب ولو المستثمر أخد استثناء وبعدين اتسحب منه بشكل استثنائي زي ما أخده برضه؟ أو غيره أخد استثناء أحسن منه يخل بالمنافسة وصندوق النقد الدولي نفسه أبلغ الحكومة المصرية تحفظه على تضخم حجم الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة اللي مفهوم انها بتاخد مزايا عن المستثمر الخاص سواء محلي أو أجنبي.
– تقليل الوقت بيكون بتطوير أداء المؤسسات اللي بتتعامل مع المستثمرين مش أننا نسيب المؤسسات غير كفؤة في الادارة ونخلص الموضوع باجتماع مع المستثمرين، ودا يعني تطوير مؤسسات الدولة نفسها بداية من نظام التقاضي ونظم الضرايب واستمراريتها، ومكاتب الشهر العقاري وحتى وزارة الاستثمار نفسها.
– الرقابة والمشاركة المجتمعية في غاية الأهمية والدعم للمناخ الاستثماري، وبالتالي إتاحة الشفافية والمراجعة للعقود اللي بيتم عملها بين الدولة والمستثمرين هو شيء مفيد مش معطل، وإذا كانت السلطة لغت حق الطعن على عقود الاستثمار لأي طرف غير الحكومة، وفي نفس الوقت مفيش انتخابات مجلس نواب أو محليات نزيهة، ايه معايير الثقة السياسية هنا؟
– العقلية المؤسساتية دي هي اللي بتعمل إصلاح إقتصادي ثابت، مش نفرح بزيادة استثمار مؤقتة ورقمية بسبب اكتشافات غاز في سنة، أو بسبب خفض العملة فمستمرين يدخلو يستفيدو بالاستثمار في الديون أو في شراء أصول رخيصة ويمشو، بينما انت محتاج تجذب استثمار كبير طويل المدى أول حاجة بيدور عليها هو مناخ مؤسسي مستقر.
*****