– النهاردة الساعة 9 صباحا بدأ تطبيق الأسعار الجديدة للوقود، والزيادة جاية على خلفية خطاب حكومي بيروج إن دي خطوة مفيدة للاقتصاد والاستثمار، والشعب لازم يستحمل، وكل الدعاية اللي هنناقشها هنا.
– لكن رغم إنه المفترض اننا وصلنا لنقطة تحرير أسعار الوقود، لكن ده لا يعني ان الأسعار مش هترتفع تاني، وبقى الكلام الجديد إن الوقود هيخضع لألية التسعير التلقائي كل 3 شهور يتحدد سعره بناء علي أسعار البترول العالمية وسعر الدولار وعوامل أخرى.
– كالعادة لازم نأكد في البداية إن أي سلطة تحترم مواطنيها قبل قرار زي ده بتعمل حوار مع الفئات المتضررة، والأحزاب والنقابات تتناقش وتتفاوض لأفضل حل للكل، والإعلام الحر يغطي، والبرلمان ليه دور رئيسي في حماية مصالح الناخبين، لكن في مصر كل ده مش موجود طبعا.

*****

ايه الزيادات الجديدة؟ ومين الأكثر تضررا؟

– زي ما شايفين في الجدول المرفق السولار وبنزين 80 زادوا بنسبة 22.7 %، ومينفعش يتقال ده دعم مش بيوصل لمستحقيه، محدش عنده عربية فخمة بيمونها بالأنواع دي!
– البوتجاز المنزلي والتجاري كان نسبة زيادته كبيرة وهي 30 % زي ما واضح في الجدول، وده طبعا ضد خطاب الحكومة اللي بيقول أنه الزيادات دي عشان نوصل الدعم لمستحقيه، مين هيكون مستحق أكتر من مستخدمي أنابيب البوتاجاز المنزلي، خاصة إن المناطق الأغنى فيها غاز طبيعي، ده غير الاعتماد عليه في المطاعم والمحلات بالتالي دا أثرة التضخمي أعلي وهيسبب زيادة أسعار السلع خاصة في بند الأغذية والمشروبات .
– أيضا الغاز الطبيعي المخصص للمنازل هو كمان زاد بنسب من 20 % ل 34 % حسب الشريحة، وده رغم الاحتفالات اللي شفناها باننا وصلنا للاكتفاء الذاتي من الغاز وهنصدر كمان!
– في المقابل بنزين 92 زاد بنسبة18.5 % فقط وبنزين 95 زاد بنسبة 16% بس.
– الزيادة لم تشمل أسعار الغاز والمازوت للصناعات كثيفة استهلاك الطاقة زي الأسمدة والحديد والأسمنت، رغم ان كتير منها بتصدر منتجات بالسعر العالمي، وكمان الأرباح بتخرج من مصر لصالح مستثمرين أجانب بالعديد منها.
– في الأربع سنين اللى فاتوا، من يونيو 2014 لحد يونيو 2018، ارتفعت أسعار البنزين أربع مرات . يكفي أننا نعرف أنه فى يونيو 2014 كان سعر لتر بنزين 80 حوالي 90 قرش، وصل دلوقتي ل 5.5 جنية، وأنبوبة البوتجاز اللى كان سعرها الرسمي 8 جنيه بقت دلوقتي 50 جنية، يعني نسب زيادة أكتر من 600%!
بالعقل كده هل أجور عامة المصريين زادت بما يتناسب مع الأرقام دي؟

***

“القرار لصالح الاقتصاد عشان تقليل عجز الموازنة”
– خلاص خلينا نتكلم عن الاقتصاد نفسه، محدش من الحكومة طلع اتكلم عن “الأثر التضخمي” اللى هتنتجة الزيادة دي، وتكلفتها على الاستهلاك المحلي اللي هو المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي في مصر.
– يعني لما كل الأسعار تغلى، وضمنها كلفة نقل كل البضائع الزراعية والصناعية، ناس كتير مش هتقدر تشتري، فالمصانع متبيعش والفنادق متلقاش اللي يروحها وهكذا، فيزيد “الركود”، وبالفعل فيه مصانع صغيرة كتير قفلت وأي حد في السوق يقدر يحس بالوضع ده واتكلمنا سابقا عن خطورة “الركود التضخمي” ده.
– باللضافة لآثار غير مباشرة بزيادة معدلات العنف والسرقة والجريمة والادمان، بيضعف القوى العاملة ضعيفة التعليم والتدريب اصلا، فالمصانع والشركات متلاقيش اللي يشتغل.
– أولوية عجز الموازنة حسب كلام الحكومة وشروط صندوق النقد منظور خاطئ تماما لأنه عادي وطبيعي يكون موجود عجز موازنة بأغلب دول العالم، حتى أمريكا وأغنى الدول عندها عجز، لكن الفكرة في نسبته كام من الموازنة، وفي إدارة العجز ده يعني إزاي أقدر أخلي عجز الموازنة مبيأثرش على النشاط الاقتصادي وعلى المواطنين. مهو لو كل الناس افتقرت عشان الأرقام تتظبط يبقى مين اللي استفاد؟ وده كله بيتعمل عشان مين؟
– وزارة البترول اتكلمت قبل كدة أكثر من مرة في 2018 في بيان رسمي وحتي في الحملة الاعلانية الحالية ليها للترويج لرفع أسعار الوقود إن القرارات “لتعديل التشوه” بمنظومة دعم الطاقة اللي كلف الموازنة فى آخر أربع سنين حوالي500 مليار جنيه.
– الرقم فعلا حقيقي لكنه مضلل، أولا لأنه مبيقولش أد ايه راح لدعم الصناعة واد ايه للقطاع المنزلي اللي لا يزيد نصيبه عن 20% حسب دراسة لباحث بالبنك الدولي سنة 2014، وثانياً الرقم مش ضخم جداً لو قارنته بحاجة زي كلفة فوايد الديون بس اللي وصلت بالموازنة الأخيرة فقط 541 مليار جنيه، وثالثا طريقة حساب الرقم نفسها عليها انتقادات كتير حول حساب الانتاج المحلي بكلفة الفرصة البديلة للسعر العالمي.
– دعم استيراد البترول تضاعف مش لان استهلاكنا تضاعف لكن لأن سعر الدولار تضاعف، والمسؤول هو قرار التعويم اللي هوا قرار حكومي برضه .. في الموازنة الحالية دعم البترول حوالي 89 مليار جنيه على حساب إن السعر العالمي 67 دولار للبرميل بينما هو دلوقتي 75 دولار، ودا بينتج حوالي 24 مليار جنيه فرق، لأنه كل دولار زيادة في سعر البترول بيكلف الدولة 4 مليار جنيه زيادة، ومعنى ده إنه هننتظر زيادات تانية لتعويض الفرق ده غير الخطة الأصلية لرفع الدعم كاملاً “خلال عامين أو ثلاثة بحد أقصى” زي ما قال وزير البترول.
– اقتصاديا ده مش إصلاح اقتصادي دا اسمه “اجراءات تقشف”، ونتيجتها زيادة الفقر (النسبة كانت 27.8% في 2015 لسه مستنيين الاحصاء الجديد بعد كل ده) وزيادة معاناة كل المصريين في حياتهم اليومية، بدون تحسن واضح في “الاقتصاد الحقيقي” من صناعة وزراعة، أو جدول زمني محدد لده مستمر لحد امتى وايه معايير النجاح والفشل، مطلوب بس المواطن يسقف ويتحمل النتيجة كلها لوحده.

***

هل فيه بديل للقرارات دي؟

– البدايل اتطرحت كتير سابقا سواء على يد خبراء اقتصاديين، أو على يد أحزاب سياسية، وتناولنا هنا في صفحتنا العديد منها سابقا
– بنكرر انه حتى لو افترضنا انه لا بديل عن رفع الدعم كامل فعلا، يبقى اول خطوة ان المواطنين يحسو فعلا ان ده على الكل، يعني أول اجراء اقتصادي هو خفض الانفاق الحكومي في بنود زي مليارات الجنيهات على الطيارات الخاصة الفالكون اللي اتكلمنا عنها، ومكاتب المسؤولين وعربياتهم الفخمة، وأجور كبار موظفي الدولة مش نشوف البرلمان يزود مرتبات الوزراء والنواب والمحافظين ونوابهم، ونشوف تمييز في الاجور والمعاشات لصالح فئات زي الظباط والقضاة. مادامت أزمة فعلا يبقى الكل يستحمل!!
– كمان لازم يتم وقف سياسة التوسع بالاقتراض اللي بسببها أكبر بند في الموازنة هو رقم الفوائد 540 مليار جنيه.
– لازم يتم تحسين النظام الضريبي ومحاسبة المتهربين ضريبياَ، مكافحة الملاذات الضريبية اللي اتكلمنا عنها، وفرض ضرائب تصاعدية على الشرائح الأعلى من الدخل أو ضريبة الأرباح الرأسمالية.
– مراجعة ملف دعم الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك على أساس فردي لكل حالة، ووفق معايير منها اعتبارات قانونية واقتصادية واجتماعية.
– مراجعة شاملة لكفاءة أداء العاملين بمصادر الدخل الحكومي غير الضريبية زي السياحة وغيرها.
– القرارات اللى بيوصفها الإعلام بالقرارات الشجاعة مش شجاعة ولا حاجة، ومفيش حاجة اسمها قرار شجاع اقتصاديا، ومفيش أي شجاعة في الاضرار بملايين المواطنين لاصلاح جزئي لخلل تسببت بيه الحكومات، الاقتصاد هدفه تحسين اوضاع الناس مش قهرهم .. ونظام الحكم الشجاع فعلاً مش اللي يستخبى ورا القوة الأمنية اللي بتخوف أي معترض، زي ما اتقبض على اللي اعترضوا على غلاء المترو، لكن هوا اللي يشارك شعبه في القرارات ويتحمل مسؤولية قراراته ووعوده..
No photo description available.
****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة