– من أيام أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن الفائزين بجوائز الدولة التشجيعية في فروع الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية. فريق الموقف المصري بيهني كل الفائزين بالجائزة. وبنهني بشكل خاص الباحثة د. رابحة علام، واللي فازت بالجائزة عن بحث بعنوان “وضع اللاجئات والنازحات في الدول العربية” (هتلاقوا لينك البحث أول كومنت). Rabha Seif Allam
– رابحة باحثة في مركز الأهرام للدراسات. واشتغلت كتير على الوضع في سوريا ولبنان. وكانت بتكتب في الشروق لحد 2016. البحث الفائز اشتغلت عليه رابحة في 2015، وقت أزمات اللاجئين الكبيرة في الوطن العربي. وقامت رابحة فيه بمجهود بحثي وشغل ميداني كبير في مصر والأردن ولبنان والعراق.
– هدف البحث كان توثيق شهادات اللاجئات في مخيمات هذه الدول، ومعرفة المصاعب اللي بتواجههم في الحياة اليومية. هنعرض لكم ملخص للبحث في البوست، بالتركيز علي ما يخص مصر، ومقترحات لحل المشاكل.
*****
ليه البحث مهم؟
– أولاً: عشان توقيت كتابته، وتوقيت فوز الباحثة بجائزة الدولة التشجيعية عنه. شوفنا كلنا من أسبوعين قصة بلاغ المحامي سمير صبري للنائب العام، واللي طالب فيه بحصر أموال السوريين في مصر ومراقبتها. والحقيقة البلاغ اتسبب في شعور عام من المصريين بالتضامن مع الإخوة السوريين، وصل أن هاشتاج “السوريين منورين مصر” تصدر مواقع السوشيال ميديا.
– ثانياً: لأنه مصدر مهم، نعرف منه الوضع الحقيقي لأزمة اللاجئين في الوطن العربي، خاصة وإن الدراسة مش بتتكلم عن السوريات فقط، لكن عن اللاجئات العربيات بشكل عام.
*****
إيه أهم مشاكل اللاجئين في مصر؟
– رابحة علام استندت في بحثها على توثيق شهادات 298 لاجئة، في الدول السابق ذكرها. في مصر رصدت شهادات من لاجئات سوريات، وعراقيات، ويمنيات، وليبيات.
– عدد اللاجئين في مصر:
السوريين: بيتراوح عددهم بين 250-300 ألف سوري.
اليمنيين: تقرييا 200 ألف.
الليبين: مفيش إحصاء دقيق، لكن مسئولين حكوميين قالوا إنهم 5000 عائلة (30 ألف لاجئ تقريبا).
– أبرز مشكلة اتكررت في شهادات اللاجئات اللي بيدرسوا هي البيروقراطية. خاصة فيما يخص تصاريح وأوراق الإقامة. مصر بتدي تصريح إقامة سياحي لمدة 6 شهور للاجئين السوريين، وبتدي سنة للأسر اللي عندها أطفال في التعليم. لكن شهادات اللاجئات بتقول إن التصاريح بتاخد من شهر لـ3 شهور عشان تطلع. يعني أول ما تنتهي إجراءات الإقامة يبدأوا في إجراءات إقامة جديدة.
– الظروف المعيشية: بيتشارك اللاجئين مع المصريين نفس الأزمة الاقتصادية، اللي بتوضح في زيادة أسعار كل حاجة تقريبا، خاصة الأكل وتكلفة الإيجار. وده اللي بيضطر كتير من الأسر السورية إنها تشغل ولادها في سن صغير عشان تقدر تعيش.
– مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في مصر، كانت عملت في 2014 دراسة عن الأوضاع المعيشية للاجئين السوريين في مصر قبل التعويم. الدراسة قالت إن 3000 جنية شهرياً يكفي عشان تعيش أسرة علي حد الكفاف، لكن 60% من الأسر السورية وقتها ماكنوش بيتحصلوا على نص المبلغ ده حتى.
– ده كان قبل التعويم والتضخم وأثار الأزمة الاقتصادية اللي بنعيشها. لكن تقريبا الرقم ده اتضاعف دلوقتي. خاصة بعد تقليل فلوس المساعدات الأممية في 2015 اللي بتاخدها مصر، واللي انعكس على تقليل كوبونات الأكل والتسوق اللي كانت بتوزعها المفوضية مع الحكومة المصرية.
– مشكلة تانية وهي إن من 2015، بدأت مصر تشدد على دخول السوريين، وبقت الفيزا بـ3000 دولار للسوريين. وده منع عائلات كتير من إن يتلم شملها مع رب الأسرة أو أفراد من الأسرة لسّه في سوريا. خاصة إن سعر السفر لأوروبا في البحر، بشكل غير شرعي، بحسب الشهادات في الدراسة 1000 دولار بس.
– كمان موضوع “موافقة أمنية” لإلحاق الأطفال بالمدراس في مصر، كان عائق كبير قدام كتير من الأسر السورية اللي موجودة في مصر.
– مشكلة تانية أسوأ، هي الزواج المبكر للبنات في الأسر السورية وإستغلال لظروفهم، يمكن ده كان انتشر في بداية أزمة اللجوء، لكن مع مرور الوقت الظاهرة قلت.
– لكن للأسف مشاكل زي التحرش، والعنف الأسري بتواجهه بشكل دائم اللاجئات في دول العربية. وللأسف قصص التحرش والاعتداءات الجنسية مابتنتهيش طول ما مفيش محاسبة حقيقية لكل شخص بيرتكب فعل زي ده.
– في الدراسة حكايات عن عنصرية بعض المصريين تجاه اللاجئات. موظفين حكومة مثلا بيسألوهم “أنتوا إيه اللي جابكم؟”. أو يقولوا لهم “آنتوا زحمتوا البلد”. وغيرها من الممارسات العنصرية السيئة.
– لكن فيه طبعا كتير من القصص الإيجابية، زي ما حكت إحدى السيدات عن تأجير صاحب البيت ليها بسعر أقل لما عرف إنها سورية كنوع من الدعم.
*****
بين معاناة اللاجئين في مصر وباقي الدول العربية
– مصر معندهاش مخيمات لاجئين زي لبنان والأردن، وده بيسهل اندماج اللاجئين في المجتمع. مصر اللاجئين فيها بيقدروا يدخلوا مدارس وجامعات زي المواطنين المصريين تقريبا. لكن فيه مشاكل تانية بيعانوا منها زي اللي ذكرناها.
– بشكل عام العنصرية تجاه اللاجئين في مصر خاصة السوريين مش كتير، بالمقارنة بدول عربية تانية. زي لبنان، واللي فيها مشاكل عنصرية كبيرة، ومطالب كتير بعودة اللاجئين بسبب التراث الطائفي في لبنان، وطبيعة العلاقات السورية اللبنانية تاريخيا، وأسباب تانية منها إن لبنان بتستضيف 1.2 مليون سوري (أعلى كثافة للاجئين بالنسبة لتعداد سكان الدولة. السوريين ربع سكان لبنان تقريبا حاليا).
– لكن لو قارنا معاملة المصريين للسوريين بالتعامل مع اليمنيات مثلا، هنلاقي الموضوع أسوأ والعنصرية أعلى. وهنلاقي يمنيات بتحكي عن تحرشات واعتداءات مباشرة. وللأسف الشديد ده مرتبط بالمستويات المادية، لإن السوريين مع الوقت عملوا مشاريع اقتصادية كبيرة ومتوسطة وصغيرة، بيستفيد منها ناس كتير.
*****
إيه ممكن نعمله لتحسين أوضاع اللاجئين؟
– مهم إن الدول العربية توحد وتسهل إجراءات الإقامة لطالبي اللجوء، وتراعي في ده لم شمل الأسر اللي لسه أفراد منها في أوطانهم الأم. مفيش مبرر أخلاقي أو سياسي يحرم أسر هربت من حروب إن يتلم شملها.
– لازم دول الخليج تسمح باستقبال اللاجئين. مش منطقي أو طبيعي دول زي ألمانيا وكندا تفتح الباب للسوريين واليمنين، ودول الخليج الغنية رافضة تساعد في ده.
– لازم يكون في جهد عربي مشترك لتمويل توطين اللاجئين في مساكن آمنة، وتوفير الغذاء الكافي، والرعاية الصحية، بما في ذلك الصحة النفسية للناجيات من العنف والاعتداءات الجسدية. بالإضافة لتسهيل شروط الالتحاق بالتعليم لأبناء اللاجئين.
– تطوير المساعدات الأهلية اللي بتروح للاجئين، فبدل ما تبقى معونات مادية، تبقي مساعدات تسهل حصولهم على التمويل وإقامة مشروعاتهم. ده هيدمجهم أكتر في المجتمعات. مش نطالب بحصر ممتلكاتهم والرقابة عليها.
– مفيش أصعب من خروج الإنسان مجبور من وطنه. اللاجئين دول مجوش مصر أو دول تانية للسياحة، دول هجروا بيوتهم بسبب الحرب. ولو كانوا فضلوا هناك كانوا هيموتوا. وبالتالي الواجب الأخلاقي والإنساني هو دعمهم وتخفيف المعاناة عنهم.
– وأخيرًا فالحل الأمثل طبعا، واللي كلنا نتمناه للاجئين في كل مكان هو عودتهم لأوطانهم بعد وقف الحروب، وإعادة إعمار بلادهم مرة تانية. لكن ده حل مستحيل حاليا لأسباب كتير، أهمها إن الحروب لسه ما انتهتش، وطبيعة النظام السياسي القمعي اللي مسيطر في هذه البلاد.
*****
– بنكرر التهنئة للباحثة المميزة رابحة سيف علام، ولكل شخص اشترك في البحث، وساهم في إخراجه بهذا الشكل، وعلى رأسهم منظمة المرأة العربية. وبالتأكيد بنشكر كل من ساهم في حصول البحث المميز ده على جائزة الدولة التشجيعية.
– ودي فرصة نقول إن فيه كتير باحثين ومبدعين عندهم اللي يقدموه في خدمة مجتمعهم وقضاياه، لكن المناخ السيء اللي بيضيق على كتير منهم في حرية البحث والكتابة أو التعبير عن الرأي هو اللي بيخليهم خايفين يشتغلوا أو يكتبوا. منهم إسماعيل الإسكندراني المحكوم عليه بـ10 سنين سجن. والباحث هشام جعفر اللي تم إخلاء سبيله من فترة قريبة، ومن أيام تم القبض على الباحث الاقتصادي عمر الشنيطي.
– ودي القضايا الأهم للمستقبل، لو الدولة اللي أدت الجائزة للباحثة رابحة، مهتمة فعلًا بالبحث العلمي والإبداع، خاصة مع حجب الجائزة عن أكتر من 20 فرع كلهم متعلقين بحرية الرأي والفكر والبحث العلمي.
*****