– بعيد عن الخناقات السياسية اللي ظهرت بمجرد ما تم اعلان فوز المنتخب القطري امبارح ببطولة أمم آسيا بعد فوزه على اليابان، يهمنا النهاردة نناقش الأسباب، وهل فعلا الحكاية انهم يدوبك جابو لعيبة وجنسوهم؟!
– منتخب قطر طول البطولة كان عامل مجموعة مؤشرات مهمة على المستوى الفني، فريق متوسط أعماره صغير جدا (24 سنة و51 يوم)، فريق قدم أداء ممتاز جداً على المستوى الكروي، فاز بكل مبارياته السبعة في البطولة، أخد أفضل دفاع وأفضل حارس مرمى وأفضل هداف، وده كله لايمكن يكون شيء بالصدفة خاصة ان تاريخيا المنتخب القطري ضعيف كان بيخرج بسهولة من البطولات ودي اول بطولة آسيا في تاريخه.
*****
إيه اللي قطر عملته عشان توصل للمستوى ده؟
– القصة بدأت سنة 2004، يعني من حوالي 15 سنة، ولا كان فيه ساعتها ثورات ولا ازمة خليجية ولا كل ازمات السياسة الحالية.
– قطر وقتها افتتحت أكاديمية أسباير، “التفوق الرياضي” في الدوحة، الأكاديمية عبارة عن مشروع رياضي كبير فيه ستاد دولي بسعة 50 ألف مشاهد، ومجموعة ملاعب فرعية، وفيه مراكز علاج طبيعي وصالة جمباز، وملاعب كرة خماسية وألعاب قوى، مدينة رياضية متكاملة.
– لكن الانشاءات مش الشئ المهم، المشروع كان هدفه إعداد نجوم المستقبل ورعايتهم بالكامل بشكل احترافي وعلمي، الأكاديمية كانت بتتعاقد مع مدربين كبار متخصصين وهما اللي كانو بيصممو البرامج التدريبية وخطط الاعداد منذ الطفولة، وفي السياق ده اللاعبين المحنسين بعضهم كان مولود اصلا في قطر اسرته هناك من عشرات السنين وبعضهم امضى سنوات بالاكاديمية.
– سنة 2006 بدأ المدرب الأسباني فلكس سانشيز مشواره مع اللاعبين الناشئين في الأكاديمية.
– بعدها ب 8 سنين سنة 2014 بدأ اتحاد الكرة القطري الاعتماد على خريجي تجربة أسباير، وبدأو بتصعيدهم بنفس المدرب لمنتخب للشباب تحت 19 سنة، وقدر المنتخب القطري يفوز بالبطولة الاسيوية.
– بعدها نفس المدرب تولى مسئولية التدريب لمنتخبي قطر تحت 20 و 23 سنة، وأخيراً بقى هوا مدرب الفريق الأول مع نفس اللاعبين ليفوز بالبطولة الأخيرة.
*****
هل مصر تقدر تعمل كده؟ هل مشكلتنا اننا مش معانا فلوس زيهم؟
– الحقيقة ان مصر اللي فيها ١٠٠ مليون أغلبهم شباب لا ينقصها المواهب، وكمان لا ينقصنا المنشآت الرياضية، وميزانيات اتحاد الكرة او وزارة الرياضة بالتأكيد تسمح باستقدام خبراء تأهيل وتدريب أجانب.
– اللي ناقصنا هوا التخطيط طويل المدى والبناء التراكمي بمنهجية علمية، وده هو اللي خلى عند قطر منتخب شاب بيلعب كورة جميلة وقادر يحقق إنجازات هايلة، الاستعجال على النتايج والبحث عن المشاريع اللي بتجيب نتايجها خلال سنة او سنتين عمرها ما هتقدم إنجاز حقيقي.
*****
– نقطة كمان مهمة وهي فكرة “التجنيس” ووجود الكتير من لاعبي المنتخب من أصول غير قطرية، لكن رياضياً ده بيحصل وبرضه منتخب زي فرنسا الحاصل على بطولتين كاس عالم كانو بفضل لاعيبة فرنسية من أصول مهاجرة، وهما عاشوا واتدربوا فيها وصنعتهم فرنسا.
– السلبي فعلا ان التجنيس ده في قطر وكل الدول العربية بيظل مرتبط بحالات فردية سواء زي الرياضيين او اصحاب الانجازات، بينما نفس الدول العربية بتستفيد وتفخر بكتير من ابنائها اللي بياخدو جنسيات أمريكية وأوروبية بعد عدد سنوات عمل محدد بقواعد محددة ثابتة للكل.
– الجنسية في الدول الغربية بتتعامل بالشكل ده لأنها مرتبطة بشكل مباشر باداء المواطن لواجباته وأولها انه بيدفع الضرائب، وبالتالي لما يثبت التزامه بعد فترة بيكون له الحقوق المقابلة لدفع الضريبة، ومنها انه ينتخاب ممثليه اللي هيراقبو انفاق فلوسه .. للأسف عندنا المواطنين مش بياخدو الحق ده أصلا، والخطاب السائد كان الانفاق الحكومي فضل على الناس وكمان سر محدش يعرف او يسأل عنه.
– دول الخليج فيها عمال وموظفين ممكن يتولدو ويعيشو عشرات السنين بلا جنسية، وبالمثل مصر فيها حالات مسجلة لسودانيين او عرب بنفس الوضع.
– قطر عملت خطوة ايجابية انها السنة اللي فاتت كانت اول دولة خليجية تفتح نظام منح إقامات دائمة، وبالتأكيد المطلوب أكبر بكتير منها ومن كل الدول العربية اللي كلها محتاجة تاخد خطوات افضل بملف حقوق مواطنيها ومقيميها.
– خلينا كمان نقول مثال تاني بعيد عن الرياضة هنا في مصر، كلنا فاكرين المخرج محمد خان، لما بنتكلم عن أفضل مخرجين في السينما المصرية خان هيبقى واحد منهم، أنتج أفلام زي زوجة رجل مهم وأحلام هند وكاميليا والحريف وأفلام تانية مبدعة كتير، محمد خان باكستاني الأصل وبيحمل جواز السفر البريطاني، لكنه هو نفسه مكانش بيشعر غير إنه مصري لأنه اتولد وعاش واتربى في مصر وبيتكلم مصري، قعد سنين طويلة يطالب بإنه ياخد الجنسية المصرية لحد ما حصل عليها سنة 2014 بقرار جمهوري استثنائي، رغم إنه كان المفروض ياخدها من زمان مش بس تقديراً لانجازاته، لكن لأنها حق واحد مصري في كل حياته.
– في النهاية نتمنى نشوف المزيد من المنتخبات العربية الواعدة بتحقق أداء جيد في كأس العالم 2022 واولها منتخبنا المصري .. بالعلم والتخطيط والعمل.
*****