– من 4 نوفمبر الحالي ولحد دلوقتي في اثيوبيا بتحصل مواجهات أهلية مسلحة في إقليم التيجراي في شمال البلاد، الحرب بين الجيش الأثيوبي الممثل للحكومة الأثيوبية، وجبهة تحرير شعب التيجراي الممثلة لإقليم تيجراي شمال البلد.
– رغم إن آبي أحمد أعلن الانتصار في الحرب بعد السيطرة على عاصمة الإقليم، لكن الأوضاع غير مستقرة، وقادة الإقليم الرئيسيين مازالوا هاربين، والجبهة ليها خبرة في حرب عصابات استمرت 17 سنة سابقا.
– كمان حصلت اشتباكات في إقليم بني شنقول اللي فيه سد النهضة، واشتباكات تانية مع القوات السودانية على الحدود، ودي كلها توترات بتؤكد حقيقة الخط اللي اختاره آبي أحمد بديلا عن خط المصالحة والسلام اللي أظهره في أول حكمه.
– كمان آبي أحمد بيلاحق حاليا شخصيا دولية بارزة يتهمها بدعم خصومه أهمها رئيس منظمة الصحة العالمية!
– هنتناقش معاكم في البوست ده عن ايه اللي بيحصل؟ وتأثيره إيه على ملفات مهمة بالنسبة لمصر أهمها سد النهضة؟
*****
إيه اللي بيحصل في أثيوبيا؟
– في 4 نوفمبر اعلن أبي أحمد تحريك الجيش لإقليم التيجراي الحدودي بين أثيوبيا والسودان واريتريا، أهمية الإقليم ده كبيرة جدا في أثيوبيا فهو بيشكل حوالي 7 % من جملة السكان، حوالي 7 مليون نسمة تقريبا، والأهم أنه حزبة الرئيسي جبهة تحرير شعب التيجراي هي كانت الحاكم الفعلي لأثيوبيا تاريخيا من نهاية الحرب الأهلية في 1991.
– جبهة تحرير التيجراي سيطرت من 1991 لحد 2012 علي مناصب مهمة كثيرة في البلد خاصة في الجيش والمخابرات، وحتي بعد تفجر الخلافات العرقية في أثيوبيا بعد وفاة ميليس زيناوي في 2012. وحتي لحد دلوقتي رئيسه البرلمان كيريا إبراهيم استقالت علي وقع الأزمة دي ،وكمان تم اقاله رئيس المخابرات والأركان ووزير الخارجية علي وقع الأزمة دي.
– أبي أحمد اللي بنتمي لعرقية الأورمو ومتحالف بشكل جيد مع الأمهرة وهما العرقيتين الأكبرفي أثيوبيا بيحاول بشكل كبير يحجم من نفوذ جبهة تحرير شعب التيجراي.
– ده اتضح في تقليل ميزانية الإقليم، وفي التقارب واتفاق السلام اللي حصل مع أيرتريا اللي مازال عندها مشاكل حدودية مع إقليم التيجراي، وفي التقارب اللي حصل مع السودان لمحاولة محاصرة الإقليم.
– ده طبعا كان مرفوض من الإقليم واللي مازال بيملك قوة كبيرة عسكرية، حوالي 250 ألف جندي حسب بعض التقديرات.
– اللي فجر الوضع في الوقت الحالي كان تأجيل الانتخابات الأثيوبية بسبب كورونا، مع إصرار جبهة تحرير التيجراي علي إقامة الانتخابات في موعدها واللي بالفعل أقامتها في 9 سبتمبر اللي فات.
– لكن تم رفض نتيجة الانتخابات الحالية من قبل الحكومة الفيدرالية، اللي اعتبرتها انتخابات غير دستورية، علي الجانب الأخر جبهة تحرير التيجراي مسؤوليها بيوجهو انتقادات لأبي أحمد أنه دكتاتور في طور التكوين وعايز ينفرد بالسلطة.
– رهان أبي أحمد في تأجيل الانتخابات ومحاولة دعم الأحزاب المعارضة في إقليم التيجراي علي حساب جبهة تحرير شعب التيجراي منفعش، والوضع تطور لمواجهة عسكرية مفتوحة.
– واضح إن الحكومة الفيدرالية برئاسة أبي أحمد اتحركت بهدفأ نها تنصب حكومة موالية ليها في الإقليم زي ما حصل مع إقليم أرض الصومال من فترة قريبة، وانها تمنع احتمالية انفصال الإقليم، خاصة أنه ده حق بيكفله الدستور الفيدرالي في أثيوبيا.
– الجيش الأثيوبي تمكن من السيطرة على الأرض، وخصومه بيقولو إن ده تم بمساعدة قوات من أريتريا كمان اللي تاريخيا كانوا أكبر خصوم التيجراي، والتيجراي أعلنوا انهم قصفوا أسمرة عاصمة اريتريا بالصواريخ.
*****
إزاي اتأثرت سمعة أثيوبيا الدولية؟
– بقى فيه انتقادات كتير منشورة بالصحف العالمية لمنح آبي أحمد جايزة نوبل للسلام وانه ظهرت حقيقته بخلاف كل المقدمات اللي أدت لحالة التفاؤل في أول عهده زي اطلاق سراح السجناء السياسيين وعقد اتفاق سلام مع اريتريا، لكنه اعتقل معارضين تاني، ومعملش سلام جوا بلده نفسها، ده غير تصلبه الواضح بقضية سد النهضة مع مصر.
– أثيوبيا اتهمت الدكتور تيدروس غيبريسوس رئيس منظمة الصحة العالمية إنه بيساعد على شراء أسلحة لصالح التيجراي، وده أخد صدى كبير جدا بالصحافة العالمية لأن رئيس منظمة الصحة حاليا طبعا الكل بيهتم بمتابعته عشان جهود المنظمة بمكافحة كورونا.
– القوات الاثيوبية منعت تماما لمدة شهر دخول أي اغاثات إنسانية واي جهة دولية للإقليم، وفي الآخر لما سمحو قالو ده لممر محدد، وبعدها حصلت واقعة اطلاق نار على قافلة أممية، والجيش الأثيوبي بدل ما ينفي طلع يقول أيوة اطلقنا النار على قافلة الأمم المتحدة لأنها دخلت منطقة محظورة ولم تستجب لنداء التوقف! والبيان كله لغة حادة عن سيادة اثيوبيا اللي لن يتم السماح لأي جهة باختراقها
*****
ده يهمنا في ايه في مصر؟
– طبعا أثيوبيا دولة مهمة جدا بالنسبة لمصر، ومش بس عشان ملف سد النهضة الحالي وأزمة المياة المتوقعة بسببه، ولكن كمان لأنها دولة افريقية كبيرة وبتنمو بمعدلات جيدة.
– بالتالي تحول أثيوبيا لقوة إقليمية في منطقة القرن الافريقي وجوه افريقيا له تأثير مباشر علي مصالح مصر، اما انه يكون إيجابي بالتعاون معاها، واما يكون سلبي جدا بالتحول للعداء.
– في الوقت الحالي أثيوبيا ما زالت بتصارع مع عقود من الإرث العرقي السيء في بلد متعدد الأعراق، لكن واضح ان خيار آبي أحمد كان بدل الاستثمار في الصيغة الفيدرالية الحالية إنه عايز يخضع البلد كلها للحكومة المركزية بشكل أكبر، ويقمع الرافضين بالقوة.
– مشكلتنا الأكبر في المسألة دي ان في الحالات دي بيكون فيه دور أكبر للنزعات القومية، عشان كده بيحصل تصعيد ومزايدة اثيوبية ورفض لأنهم يعملو معانا ومع السودان أي اتفاق ملزم مهما كان عادل، لأن التعنت ده هدفه خطاب سياسي داخلي بالدرجة الأولى!
– مصر تعمل إيه؟
– الحقيقة ده سؤال صعب جدا وفيه موازنات معقدة .. الدور المصري محتاج يوازن بين استغلال الظرف الحالي لتوليد المزيد من الضغط على أثيوبيا للوصول لاتفاق، لكن بنفس الوقت متبقاش مصر داعمة للحرب الأهلية لأن ده هيخلي حكومة آبي احمد تاخد مواقف أكتر تشددا، وكمان لأن مش من مصلحة مصر وجود حرب أهلية في عمقنا الافريقي، ده غير ان ده طبعا مش الشي اللي نتمناه أخلاقيا وانسانيا لاخواتنا في افريقيا.
– مهم ان الدبلوماسية المصرية تحاول اثناء شغلها على المف دوليا تأكيد صورة ان آبي أحمد ليس رجل سلام بالمجتمع الدولي، وسياساته الداخلية والإقليمية مصدر خطر لازم يحصل تدخل لضبطها.
– الحقيقة أننا شوفنا في الفترة الأخيرة مبادرات كثير لإعادة إحياء الدور المصري في افريقيا وخاصة في حوض النيل، لكن المبادرات دي لازم تكمل وتستمر وتتطور لتعاون اقتصادي واتفاقات تجارية ومشاريع مشتركة تعود بالنفع علي الجميع وتعمل علي تأمين عمق مصر الاستراتيجي خاصة في ملف المياة، وده يتقدم لأثيوبيا كحوافز عكسية وتأكيد ان مصر لآخر لحظة خيارها الأول هوا الخير والمصلحة المشتركة للطرفين.
– كان إيجابي ان الخارجية المصرية أصدرت بيان رسمي يدعم السودان ويعزي في شهداء الجيش السوداني اللي سقطوا على ايد القوات الاثيوبية على الحدود، التنسيق المصري السوداني لازم يكون على أعلى مستوى لكسر الخطاب الاثيوبي بان مصر عندها تراث استعماري وعايزة تستغل مواردها.
– مهم جدا كمان ارسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي كله ان التجميد الحالي مصر لن تقبل باستمراره طويلا، وزي ما حصل صمت دولي على تحركات آبي أحمد والحرب اللي حصلت رغم حوالي مليون لاجيء داخلي وخارجي، ورغم اطلاق النار على بعثة الأمم المتحدة، فكده الوضع بيقول ان المجتمع الدولي بيتخلى عن القصة كلها، وكل واحد يتعامل بنفسه!
– دي فرصة لأننا يكون لينا دور، لازم نستغلها بحذر بعيدا عن الشعبوية والتهديدات من قبيل التدخل العسكري، ونحاول نعمل سياسة مزدوجة فيها رفع الضغط على الطرف الأثيوبي وبنفس الوقت مدى جذور الثقة والحوافز للتعاون المشترك، ونتمنى نقدر نوصل لاتفاق عادل بخصوص السد، وتنتهي الحرب الأهلية ويعم السلام في أثيوبيا وفي كل بلد أفريقي.
مشاركة: