– قبل أسبوعين أعلنت شركة برايم سبيد عن اتفاق مبدئي مع الحكومة الروسية لاستيراد 10 مليون جرعة من لقاح سبوتنك، وده بعد مفاوضات تمت بين هيئة الدواء المصرية والصندوق السيادي الروسي.
– توقيت الإعلان مهم جدا لأنه جه بعد ساعات فقط من ترخيص الهيئة للقاح الروسي للاستخدام في مصر.
– فيه كتير من الألغاز والأسئلة المتداولة بسوق الدواء المصري حول الشركة دي. ليه هيا الشركة الخاصة الوحيدة في مصر اللي أخدت الترخيص ده؟ ومين يملكها وعلاقته إيه بالسلطة؟ ودور العلاقات دي كمان بملف تحاليل تشخيص كورونا؟
*****
إيه اللي حصل بموضوع اللقاحات؟
– قبل 5 أشهر شركة فاركو للأدوية وهي أحد كبرى شركات الدواء في مصر كانت تقدمت بطلب لوزارة الصحة بالموافقة على ترخيص اللقاح الروسي.
– لكن الوزيرة بحسب رئيس شركة فاركو رفضت الترخيص لإجراء التجارب السريرية على اللقاح رغم استعداد الشركة لتوريد 25 مليون جرعة.
– المثير أنه بعد تأخير شهور فجأة الموافقة دي تروح لشركة برايم سبيد ميديكال اللي هتورد 10 مليون جرعة من اللقاح لهيئة الدواء المصرية.
– ليه تم منع فاركو من استيراد اللقاح أو تصنيعه محليا رغم أنه الشركة بتقول أنها كان عندها خطط طموحة لتحويل مصر مركز لتصنيع للقاح الروسي؟
وليه أصلا سبيد ميديكال أو أي شركة خاصة تستورد لصالح هيئة الدواء اللي حسب بيان الشركة هيا اللي تفاوضت على الصفقة؟
– طيب سؤال أغرب: وفين هيئة الشراء الموحد اللي أُنشئت بقانون قبل سنة (القانون 151 لسنة 2019 ) ؟
– حسب القانون مفروض إن الهيئة دي، اللي يرأسها اللواء بهاء الدين، تتولى الشراء الطبي على المستوى القومي، وبالنص “لا يجوز لأي من الجهات الإدارية شراء المستحضرات أو المستلزمات الطبية من غير طريق الهيئة إلا في أحوال الضرورة وبعد أخذ رأي مجلس إدارة الهيئة وموافقة مجلس الوزراء”
– هل وزارة الصحة المصرية أو هيئة الشراء الموحد أو غيرها من الجهات الحكومية مش معاها ثمن 10 مليون جرعة من لقاح تكلفة الجرعة فيه أقل من 10 دولار، يعني 100 مليون دولار لحاجة تعتبر أمن قومي فعلا تحتاج إدخال القطاع الخاص في الموضوع؟
– الإجابة على الأسئلة دي مفيش معلومات صلبة عليها، لكن تتبع مسار الشركة دي وصاحبها بيدينا صورة على الأقل بالتأكيد مفيهاش منافسة عادلة، سواء كان السبب هوا ما يتردد بدون دليل ان الشركة واجهة لجهات سيادية، أو على الأقل إن العلاقات الحكومية القوية لصاحبها بتخدمه لمعاملة تفضيلية.
*****
إيه قصة شركة برايم سبيد؟
– بعد أقل من شهر من ظهور أول مصاب كورونا في مصر في مارس 2020 تأسست شركة برايم سبيد، الشركة هي نتاج تعاون مشترك بين شركة سبيد ميديكال، وشركاء أخرين منهم شركة برايم القابضة اللي بيديرها رجل الأعمال تامر وجيه سالم.
– سبيد ميديكال هي شركة معامل طبية متوسطة الحجم، في 2019 كان عندها حوالي 65 فرع بس، وفي 2019 فازت بعدد من العقود الحكومية بحسب تصريح مديرها محمود لاشين واللي قال أنه %90 من الهيئات المتعاقدة مع معامل التحاليل فى مصر، متضمنة الوزارات والنقابات والهيئات الحكومية وشركات تأمين القطاع الخاص وشركات البترول حاليا مع شركته.
– الفوز بالنسبة الكبيرة دي في سوق التحاليل وخاصة عن طريق تعاقدات حكومية يقتضي علاقات جيدة مع الحكومة، لكن دي مش المؤشر الأهم.
– المؤشر الأهم هو تامر وجيه، المدير التنفيذي لبرايم سبيد، ومدير مجموعة برايم القابضة.
– رجل الأعمال تامر وجيه اسمه موجود بالأوساط المالية من فترة طويلة، وهوا عضو بمجلس الأعمال المصري الإماراتي، لكن اتعرف إعلاميا على نطاق واسع لما بقى عضو غرفة العمليات المركزية لحملة الفريق شفيق في 2012، وبعدها قيادي في حملة الرئيس السيسي في 2014 (بعض المواقع وقتها عرفته المدير التنفيذي للحملة وبعضها عرفته عضو المكتب التنفيذي).
– تامر وجيه يدير شركات تابعة لبرايم بمجالات غير الدواء وأيضا لها علاقات حكومية جيدة، منها رويال ريسورس وهي شركة بترول عضو في مجلس إدارتها سامح فهمي، وسيد مشعل وزير الإنتاج الحربي السابق.
– بالإضافة لبرايم تورز اللي روجت لعلاج فيروس سي في مصر وجابت ميسي لما استضافه عمرو أديب، وبرايم ستون وهي شركة إنشاءات تأسست في 2018 ولها مشاريع في العلمين الجديدة والجلالة.
– بعد إطلاق شركة برايم سبيد، سبيد ميديكال المسجلة بالبورصة امتلكت فيها 30 % بس، لكن 70 % من الأسهم كانت لشركاء آخرين والمدير كان تامر وجيه، وبعد فترة قليلة جدا قفزت أرباح سبيد ميديكال من حوالي 17 مليون في نهاية 2019 لـ 79 مليون جنيه في سنة واحدة بس وهي سنة فيروس كورونا.
– الطفرة الكبيرة في الأرباح دي لأنها كانت الشركة الوحيدة اللي استوردت الاختبارات السريعة لكورونا، وهي اللي عملت فحص “الدرايف ثرو” اللي سعر تحليل كورونا فيه كان 2500 جنيه رغم أنه وزارة الصحة رفضت أكثر من مرة إجراء تحليلات كورونا بره معامل الوزارة.
– ورغم أنه مصطفي مدبولي رئيس الوزراء بنفسه، ومحمد أمين مستشار الرئيس وأمين صندوق تحيا مصر، كانوا حاضرين في افتتاح أول درايف ثرو لتحاليل كورونا في جامعة عين شمس في يوليو 2020 إلا أنه الحكومة لم تعلن عن أي تفاصيل لعلاقتها ببرايم سبيد.
– وكان قبلها المعمل التابع للمجلس الأعلى للمستشفيات الجامعية هيقوم بتوفير الاختبار بـ 2600 جنيه، وكمان تعاقد مع جهات حكومية وخاصة لإجراء التحاليل للعاملين بها، (ومحدش فاهم الرقم دا اتحط على أساس أيه؟)
– وكمان حصل خناقة مع المعمل دا مع وزارة الصحة اللي مكنتش عاوزة تعترف بنتايجه لأنه غير خاضع لإشرافها، وفي النهاية رئيس الوزراء استجاب لوزير التعليم العالي وحصن المعمل من رقابة الوزارة عشان يفضل يقدم خدماته، في حين تمسكت الوزارة بعدم الاعتراف بنتايج المعامل الخاصة. (ودا تناقض غريب وبيطرح علامات استفهام)
– الخدمة جرى ترسيتها على برايم سبيد بدون ما نشوف وجود أي مناقصة أو إعلان عام.
– وعلى عكس المعمل التابع لوزارة التعليم العالي اللي اتعاقد مع برايم سبيد، المعامل الخاصة بتخضع لرقابة وزارة الصحة، وتحديدًا الإدارة المركزية للعلاج الحر اللي قامت بدورها وأغلقت معملين تابعين لـ”سبيد ميديكال” قبل انطلاق خدمة “درايف ثرو” لمخالفتهم قرارات وزارة الصحة بعد ما قاموا بإجراء اختبارات كورونا!
– كمان سبيد ميديكال مكتفتش ببيع الكواشف لصالح برايم سبيد، وإنما كما أعلنت عن فوزها بتوكيل حصرى لتوزيع أجهزة شركة cellex الأمريكية الكاشفة عن الفيروسات والأجسام المضادة في مصر.
*****
نشوف إيه من كل ده؟
– داخل سوق الدواء في مصر مسؤولين برايم سبيد وسبيد ميديكال بيتفاخروا بنجاحهم الأخير لأنه في وقت قياسي الشركة عملت توسعات كثيرة منها خطط للاستحواذ على مستشفيات خاصة زي مستشفي الصفوة ،واستحوذت على معامل تحاليل زي معامل مصر في بني سويف، وسلاسل معامل تحاليل في محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة والجيزة والقاهرة.
– النجاح السريع ده في ظرف أقل من سنة ربما جزء أساسي منه أنه سبيد ميديكال، وبرايم سبيد هما شركتين مسنودين من الحكومة. سبيد ميديكال أيضا بتتفاخر أنها أول شركة تروح من بورصة النيل وهي بورصة الشركات الصغيرة في مصر اللي رأس مالها أقل من 100 مليون جنيه للبورصة الرئيسية بشكل سريع جدا.
– هيفضل عندنا سؤالين واضحين جدا:
أولا فين المنافسة العادلة؟
– لو كانت الحكومة عايزه تدخل القطاع الخاص في التحاليل أو اللقاح ليه تحصرها على برايم سبيد فقط؟ ما كانت تفتحها لكل الشركات الدوائية والطبية الخاصة في مصر، والمواطن هيستفيد من تعدد جهات الحصول على الخدمة ومن انخفاض الأسعار بفعل المنافسة.
– لو الحكومة لازم تتعاقد على التوريد لصالحها من شركة خاصة وسيطة، ليه متمش الإعلان عن مناقصة علنية والشركات تقدم عروضها.
ثانيا: هل ده الوقت المناسب للتربح من بيزنس تحاليل ولقاحات كورونا؟
– في التحاليل مثلا تحليل برايم كان بسعر 2000 جنيه في حين أنه المعامل المركزية كانت بتعمل اختبارات البي سي ار بـ 1000 جنيه للراغبين في السفر للدول الي بتشتطرها، يعني تقريبا ضعف السعر الحكومي، وطبعا لأنه مفيش غيرها في السوق فالناس مقدمهاش خيارات أخرى تاني غير التزاحم في المستشفيات الحكومية.
– نفس الوضع في اللقاحات، وحتى بافتراض أنه الحكومة مش عايزة توفر اللقاح للمصريين ببلاش زي بقية دول العالم كلها تقريبا ليه يتم التكسب من ده، زي ما حصل مع لقاح أسترازينكا اللي الوزيرة أعلنت أنه حيكون بـ 200 جنيه للقادرين، في حين أنه سعره العالمي تقريبا 4-5 دولار يعني 90 جنيه.
*****
– الخلاصة إن المشكلة الحقيقية مش في فتح الباب أمام القطاع الخاص، أو أنه القطاع الخاص ينمو ويكبر طالما فيه آليات للمراقبة في السوق ومنع الاحتكارات وخاصة في قطاع حساس زي القطاع الدوائي وفي وقت حساس زي وقت جائحة عالمية، لكن المشكلة هو أنه يكون خلفه شركة واحدة من القطاع الخاص بدعم الحكومة أو الأجهزة السيادية في مصر، والشركة تراكم ملايين الأرباح على حساب صحة المصريين.
– نتمني كل الجهات الرسمية اللي بتوفر بيئة عمل في السوق المصري مليانة بترتيبات الفساد والمحسوبية الواضحة تدرك الخطأ ده في القريب العاجل، وتدرك أنه حق المصريين في الصحة مقدم على أي ربح ممكن تحقيقه في الأزمة الحالية، وإنه بالعموم المنافسة العادلة هيا الأفضل للاقتصاد والنمو وجذب الاستثمار الأجنبي.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *