– الأسبوع اللي فات وافق البرلمان بشكل مبدئي على تعديلات قانون صندوق تحيا مصر، والمجلس أحال مشروع القانون لمجلس الدولة لأخذ رأيه على أن يتم أخذ الموافقة النهائية على مشروع القانون فى جلسة قادمة.
– التعديلات الجديدة مهمة لأنها بتقدم مجموعة من الإعفاءات الضريبية والإعفاءات من الرسوم على كل أنشطة الصندوق تقريبا، وبتزيد أهميتها في ظل الوضع الخاص اللي بيتمتع به الصندوق، ورغبته في التوسع الفترة الجاية لتملك شركات في السوق.
– النهاردة هنشوف إيه هي التعديلات دي بالظبط؟ وليه فيها مشكلة؟ وإيه اللي ممكن يحصل في ملف صندوق تحيا مصر يحقق أبسط مبادئ الشفافية؟
*****
إيه أهم التعديلات؟
– الحكومة كانت قدمت مشروع قانون في فبراير اللي فات بتعديل بعض أحكام القانون رقم 84 لسنة 2015 الخاص بإنشاء صندوق تحيا مصر.
– القانون بتعديلاته الجديدة بيتضمن إعفاء صندوق تحيا مصر من جميع أنواع الضرائب والرسوم على اختلافها، سواء الموجودة حاليا أو اللي تفكر الحكومة في فرضها في المستقبل.
– الإعفاءات اللي وضعها القانون للصندوق شملت:
1- الإعفاء من ضريبة القيمة المُضافة على السلع والخدمات.
2- الإعفاء من ضريبة الدخل والدمغة
3- الإعفاء من رسم تنمية موارد الدولة.
4- الإعفاء من رسوم الشهر العقاري والتوثيق والتصديق على التوقيع.
5- إعفاء العقود اللي الصندوق طرف فيها من أي رسوم.
6- الإعفاء من الرسوم الجمركية كلها ورسوم المناطق الحرة لكل ما يستورده من معدات وأجهزة ومستلزمات.
7- إعفاء التبرعات والمنح اللي بيخدها الصندوق من أي نوع من أنواع الرسوم والضرائب.
– كل الإعفاءات دي تعني عمليا أنه الصندوق مش هيدفع أي ضرايب أو رسوم على أي حاجة في مصر حاليا أو في المستقبل، إلا بس لو الصندوق قرر يستثمر في أذون الخزانة والسندات والبورصة ساعتها هيدفع فقط ضريبة الأرباح الرأسمالية.
– طبعا مفيش أي اعفاءات زي دي متاحة لأي جهة حكومية أو خاصة في مصر سوى للقوات المسلحة فقط، وهو ده اللي يخلينا نسأل إيه الهدف من التعديلات الحالية.
*****
إيه الهدف من التعديلات؟
– بحسب المذكرة الشارحة للقانون، والنواب المؤيدين للتعديلات في البرلمان فالهدف من التعديلات الحالية للقانون هو توسع أنشطة الصندوق في الفترة الأخيرة واللي ظهرت معها الحاجة للإعفاءات دي.
– بحسب النائب محمد بدراوي عضو لجنة الخطة والموازنة “الصندوق مُعفى من الضرائب والرسوم بالفعل، ولكن توسع أنشطته وامتلاكه لأراض ومشروعات مختلفة، واستيراده لأجهزة ومستلزمات طبية من الخارج، وتلقيه تبرعات من خارج البلاد وغيرها، أظهر حاجته لمزيد من الإعفاءات”.
– النائب في تصريحه لموقع مدى مصر أيضا قال “أنه خلال اﻷشهر الماضية، وعند استيراد مسؤولي الصندوق أجهزة ومستلزمات طبية خاصة بعلاج الفشل الكلوي والوقاية من كورونا وغيرها بأموال الصندوق لصالح عدد من المستشفيات والمؤسسات، فوجئوا بفرض مصلحة الجمارك رسوم على تلك الأجهزة والمستلزمات، بحجة أن الصندوق مُعفى من الضرائب والرسوم ولكن الجهات التي يشتري لها ليست معفية،” وده اعتبره بدراوي معطل للأنشطة الخيرية والأهلية التي يقوم بها صندوق تحيا مصر.
– لكن الحقيقة أنه ده هدف غريب جدا، لأنه الإعفاءات دي لا تنطبق على مؤسسات المجتمع المدني الأخرى اللي شغاله في نفس نطاق عمل الصندوق، وبرضه بتشتري مستلزمات مستشفيات وأدوية، يعني مثلا الجمعيات الخيرية في مصر معفاة من ضرائب الدخل فقط، ولكنها بتدفع ضريبة قيمة مضافة ورسوم كثيرة من اللي تم إعفاء صندوق تحيا مصر منها.
*****
طيب هل صندوق تحيا مصر هو مؤسسة خيرية بس؟
– الصندوق بيلم تبرعات من جهات مختلفة وأشخاص لصالح أنه هو صندوق تنموي خيري غير هادف للربح، وده على الورق ولكن مش سر أنه الصندوق بيدير استثمارات كبيرة منها ما هو غرضه تنموي وخيري زي مشروع الأسمرات مثلا، ولكن له استثمارات في مجالات أخري.
– القانون المنشأ بموجبه أساسا الصندوق يكفل له الحق في إنشاء شركات مملوكة ملكية تامة له، أو المساهمة في رأس مال شركات أخري سواء مملوكة للقطاع العام أو الخاص.
– وده حصل بالفعل في 2018 لما أعلن الصندوق عن إنشاء شركة تحيا مصر القابضة للاستثمارات واللي ليها حصص ملكية في شركات كثيرة وفي مجالات متنوعة، برأسمال 2.5 مليار جنيه، 98% من أسهمها ملك للصندوق، و1% للبنك الأهلى، و1% لبنك مصر.
– وسبق وأسس تحيا مصر شركة أخرى تابعة للقابضة باسم “مصر للتأجير التمويلى” بمشاركة بنك مصر بنسبة 51% من رأسمالها، و39% لصندوق تحيا مصر، و10% للقابضة للتأمين.
– وفي قطاع الدواء عنده شركة بتشتغل على أدوية السرطان اسمها we can ، بشراكة بين الشركة المصرية لإنتاج الأمصال واللقاحات “فاكسيرا” والهيئة القومية للإنتاج الحربى وصندوق تحيا مصر وشركة فاركو للأدوية باستثمارات 1.250 مليار جنيه للمرحلة الأولى.
– وشركة مصر للإدارة التعليمية اللي مالكة مدارس النيل الدولية.
– وشركة التسويق الإلكتروني EG gate، إضافة إلى شركة “أسواق مصر إكسبريس” للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وضمن مشاريعها مشروع شارع مصر 306 اللي فيها عربيات الطعام والمشاريع الصغيرة الجديدة دي، وشركة EVCC لتطوير الصناعة والمصانع المتعثرة و BM LEASE للتقسيط والتمويل الصغير.
– بالتالي الصندوق مش مجرد مؤسسة خيرية، بالتالي إعفاء شركاته من الضرائب والرسوم فيه مشكلة بالنسبة للمنافسة مع القطاع الخاص في مصر واللي مش معفي من الضرائب والرسوم دي كلها.
– الإعفاءات الجديدة أيضا مقلقه لينا لطبيعة الصندوق نفسها واللي هي شديدة الغموض من ساعة إنشاءه بقرار من الرئيس في 2014 ومن ساعة كلام الرئيس لرجال الأعمال عن الحاجة لـ100 مليار جنية في الصندوق.
– لما تأسس الصندوق في 2014 كان بحسب القانون خاضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، ولكن في 2015 وفي خضم المشكلة بتاعه المستشار هشام جنينة حول تكلفة الفساد في مصر وتحديدا في يوليو أصدر الرئيس تعديل على القانون ألغى رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وقصرت دوره على إعداد مؤشرات عن الأداء بناءً على قوائم مالية يعدها الصندوق بمعرفة أحد مكاتب المحاسبة يختاره مجلس أمناء الصندوق.
– بالتالي فعليا مفيش أي رقابة على كل اللي بيعمله صندوق تحيا مصر، مفيش أي أرقام أو بيانات مالية عن استثمارات الصندوق مش بنسمع بس غير عن مشاركته في مشاريع زي الأسمرات أو في شراء مستلزمات كورونا، لكن الاستثمارات والفلوس وحجم التبرعات وطبيعة التبرعات دي حواليها كتير من الغموض، وبنسمع كتير في وسائل الإعلام تضارب في الأرقام.
– كمان في مشكلة كبيرة في طبيعة عمل الصندوق، التبرعات اللي بيتلقاها من رجال الأعمال وخاصة اللي عندهم مشاكل ضريبية مع الدولة زي ساويرس وقبله صلاح دياب وغيره من رجال الأعمال اللي بيتبقض عليهم ونسمع بعدها عن تبرعات للصندوق، ودا ممكن يدي صورة إنه باب خلفي للتقرب من النظام، وبالتالي التخلص من المشاكل القانونية المتعلقة بالضرائب بتاعتهم مع الدولة، أو التفاوض عليها.
– ده طبعا بيؤثر على الحصيلة الضريبية اللي تقدر تلمها الدولة وتوجه جزء منها للإنفاق الاجتماعي والإنفاق على مشاريع تخدم المصريين، مش معقول أننا نترك الحصيلة الضريبة ونجري ورا رجال الأعمال عشان يتبرعوا، بدون تبرع أو أي شيء إحنا مش محتاجين سوي أننا ناخد حق الدولة العادي في الضرائب.
*****
إيه المفروض يحصل؟
1- لو الغرض من التعديلات هو تسهيل عمل الصندوق في الأعمال الخيرية وتقديم إعفاءات لرجال الأعمال والمتبرعين للصندوق عشان نزود حصيلة التبرعات فكان الأولى إنه الإعفاءات تحصل على المشروعات الخيرية والتنموية مش على مجمل أنشطة الصندوق.
2- لازم صندوق تحيا مصر يبدأ يعلن عن التبرعات اللي بيتلقاها سنويا، عشان درء شبهة استخدام النظام للصندوق أو رجال الأعمال في التقارب مع بعضهم البعض وتسوية قضايا أخرى غير حتى موضوعات الضرائب.
3- لازم يكون في إعلان عن الموازنة السنوية للصندوق ويتم مناقشتها في البرلمان زيها زي موازنات الهيئات الاقتصادية الأخرى التابعة للدولة لأنه فعليا الصندوق حاليا هو جهة من جهات الدولة.
4- لازم يرجع الصندوق مرة أخري تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات ويقوم الجهاز بدوره الرقابي السنوي على موازنة الجهاز ويعدد تقارير متاحة للنشر وتناقش في البرلمان سنويا عن الصندوق.
5- بشكل عام ومع الاتفاق على أهمية حاجات من اللي بيعملها صندوق تحيا مصر ولكن غياب الشفافية في أي مؤسسة هو باب كبير للفساد والمحسوبية وده تكلفته كبيرة علينا كلنا كمصريين، لأن الصندوق بيتعامل مع أموال عامة كبيرة (بنص قانون تأسيس الصندوق).
– نتمنى من الدولة أنها تبدأ تنتبه لأهمية الشفافية ولدور الشفافية في تطوير السوق وبيئة ممارسة الأعمال في البلد، لأنه ده فعلا اللي بيحفز المنافسة وبينتج مع الوقت سوق طبيعي فيه منافسة عادلة وقادر على التطوير والابتكار ومفيهوش معدلات فساد مرتفعة.
*****