– من 3 أيام استقال القائم بأعمال وزير البحرية الأمريكي توماس مودلي، بسبب توابع إصابة 150 فرد من جنود حاملة الطائرات “روزفلت” بفيروس كورونا. الاستقالة مكنتش عشان البحارة اتصابوا بالفيروس، ولكن بسبب تصرفات قائد القوات البحرية بعد اللي حصل.
– إيه القصة بالظبط وليه ممكن نهتم بيها ؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده، تابعونا.
*****
ايه اللي حصل؟
– في 24 مارس اللي فات ظهرت 3 حالات لبحارة مصابين بفيروس كورونا من الموجودين على حاملة الطائرات “روزفلت” الموجودة في “غوام” بالمحيط الهندي، تم عزل ال 3 مصابين خارج السفينة، لكن العدوى كانت أصابت ناس تانية.
– بحلول 3 أبريل كانت الحالات وصلت 100 حالة، ودلوقتي في حوالي 286 حالة من إجمالي 4800 عدد طقم السفينة.
– بعد اكتشاف أول 3 حالات، طلب قائد السفينة بريت كروزر من قيادته، إخلاء السفينة وتعقيمها وترك طاقم إدارة المفاعل النووي الأساسي فيها لمنع تفشي الوباء.
– الطلب اترفض، والقائم بأعمال وزير البحرية مودلي قال أنه ” يمكن أن نحافظ على سير العمليات وتشغيل السفينة ونكافح انتشار الوباء “.
– الرفض ده خلا بريت كروزر يبعت في 28 مارس ايميل “غير آمن” لعدد من قيادات وزارة الدفاع، وعدد آخر من المسئولين خارج القيادة المباشرة ليه، يطالب فيه بإخلاء السفينة حرصا على حياة البحارة ولأننا دلوقتي مش في حالة حرب تبرر بقاء الحاملة في موقعها بأي تمن.
– طبعا ده في تقاليد كل جيوش العالم غير مقبول تخطي التسلسل الطبيعي للقيادة، لكنه كان حاسس بالخطر اللي ممكن يهدد سلامة جنوده.
– بعدها بأربع أيام وتحديداً 2 ابريل، خطابه اتسرب لجريدة “سان فرانسيسكو كرونيكل” ونشرته، ودا خلى الرأي العام الأمريكي يعرف القصة، وبقى فيه شكوك هل قائد الحاملة بنفسه اللي سرب الخطاب ولا اتسرب من حد من اللي أرسله ليهم.
– وبسبب انتشار القصة للصحافة تم إقالة قائد السفينة “كروزر”، وأثناء خروجه من السفينة اتجمع البحارة كلهم يهتفوا ليه ويحيوه لأنه أظهر خوف حقيقي على حياتهم.
– قائد القوات البحرية الأمريكية مودللي، واللي استفزه مشهد تحية البحارة والجنود لقائد السفينة اللي هو أقاله، قرر تاني يوم يسافر من واشنطن للسفينة في المحيط الهندي عشان يقول خطاب للبحارة في السفينة، وفي الخطاب اللي بثته مكبرات الصوت في السفينة وصف الكابتن كروز بأنه “غبي وساذج” أنه يطلب شيء زي ده، وقال للجنود هنعمل ايه لو حصلت حرب هل هنخاف برضه كده من فقدان الأرواح؟
– ده أغضب طاقم السفينة جدا وهاجموه، وكمان بعضهم سجلوا الخطاب واتذاع في الصحافة، وده زود الانتقاد الشعبي للي حصل.
– في يوم 8 إبريل نشر موقع USA TODAY تقرير عن رحلة مودلي للسفينة، واللي كانت مدتها 15 ساعة وتكلفتها وصلت 243 ألف دولار “من أموال دافعي الضرائب”! عشان يروح يشتم في ظابط مسؤول منه ويثير غضب البحارة.
– التصرف ده وردود أفعال الناس الغاضبة من إهدار الفلوس بالشكل ده، خلى مودلي يضطر يستقيل بسبب ضغوط وزارة الدفاع عشان يتم تهدئة الرأي العام، والرئيس الأمريكي ترامب نفسه قال إنه هيعيد التفكير في إعادة الكابتن كروزر إلى موقعه مرة تانية.
– خطاب مودلي وتغطية الصحافة خلت البنتاجون يتحرك لإخلاء السفينة بالفعل لحد دلوقتي حللوا لمعظم ال4800 جندي، وأخلوا 2300 منهم.
*****
– مهم هنا نعرف إن القائم بأعمال وزير البحرية الأمريكي اللي استقال ده يعتبر من رجال الرئيس ترامب، ووصل لموقعه بعد ما رحيل وزير البحرية اللي سبقه مارك إسبر بسبب خلافه مع الرئيس في نوفمبر من العام الماضي.
– مارك إسبر كان اعترض بشدة على قرار ترامب بالعفو عن إيدي غالاغار، مجند بحرية أمريكية، تمت ادانته في محاكمة عسكرية لإنه اتصور جنب جثة مقاتل من داعش في العراق.
– الوزير السابق قال في رسالة لترامب إن تدخله بالعفو عن غالاغار “يقوض المبدأ الأساسي للنظام الجيد والانضباط داخل للجيش الأمريكي”
وقاله كمان: “لا يمكنني بضمير جيد إطاعة أمر أعتقد أنه ينتهك القسم المقدس الذي أخذته بحضور عائلتي وعلمي وإيماني لدعم دستور الولايات المتحدة والدفاع عنه”.
وبعد مغادرته منصبه انضم لحملة بلومبرج المرشح الديمقراطي ضد ترامب.
*****
نشوف ايه في كل ده؟
– أول حاجة لازم نشوفها هو الصحافة ودورها، حتى في وقت الأزمات الكبيرة اللي زي وباء كورونا من المفترض مفيش قيود تبقى على حرية الصحافة بدعوى أنها بتشكك في الرواية الرسمية أو غيرها، لأنه الصحافة المستقلة لما تعمل شغلها بتكون رقابة لصالح الشعب عشان يعرف أي خطأ ممكن يحصل داخل دوائر السلطة وبالتالي بتدي للجميع فرصة لتصحيح الأمور.
– الأشخاص اللي في السلطة من الوارد يغلطوا في أي مكان بما فيها أكتر الدول تقدما، ومفيش حد محصن من النقد أيا كانت مؤهلاته وانجازاته، و لكن المهم هو اكتشاف الخطأ وتصحيحه وهنا بيجي دور الصحافة والرقابة الشعبية.
– مهم كمان نشوف انه بتحصل لأكثر مؤسسات الدولة حساسية زي وزارة الدفاع، وزي قائد القوات البحرية اللي بيتحكم في أكبر أسطول في العالم، من غير ما حد يتعرض للتخوين، ولا يتقال عليه من أهل الشر، وبيعطل جهود أمريكا لحرب الإرهاب وغيرها.
– لما حصل ده بدأت الصحافة والتحليلات من متخصصين تناقش كمان أسئلة زي طبيعة إدارة الأمور في البحرية الأمريكية، وهل خطط الانتشار العسكري الحالية مناسبة أم غير مناسبة، وازاي يبقي فيه 4 حاملات طائرات في المحيط عليهم آلاف البحارة والجنود في وقت زي ده مفيش فيه حروب، وفرص الإصابة والعدوى كبيرة، وليه في حاملات طائرات بتعمل مهام في مناطق فيها إصابات.
– الصحافة طرحت الأسئلة دي كلها بدون ما حد يطلع يخون الصحفيين والسياسيين اللي اتناقشوا، أو يحولهم لمحاكمات غير عادلة ويتحبسوا سنين، أو يقفل صحف وقنوات ويحجب مواقع.
– النظام الديمقراطي الأمريكي بالتأكيد فيه عيوب كتير وبتحصل أخطاء كتير، وشفنا التصاعد الكبير في حالات الاصابة والوفاة بفيروس كورونا بسبب تأخر التعامل مع التحذيرات وتفضيل مصلحة الاقتصاد في البداية، لكن بتفضل دايما فيه أدوات بتدي للناس صوت وقدرة على التأثير والتغيير ومن أهمها حرية الصحافة اللي بتحمي المجتمعات وتكشف الأخطاء وتخلي المواطنين يقدروا يقيموا ويحاسبوا أداء السلطات والمؤسسات المسؤولة عنهم.
*****