– من ساعات قليلة تم إعلان وفاة الحاج أحمد إدريس عن عمر يناهز 84 عاما، وهو صول سابق بالجيش المصري معروف بإنه “صاحب الشفرة النوبية”.
– الراجل محدش كان يعرف قصته لأن الشفرات سر عسكري مهم، لحد ما تم الكشف عنه سنة 2017 وتم تكريمه من رئيس الجمهورية بوسام النجمة العسكرية.
– قصة الصول أحمد إدريس هي إنه واحد من أبناء النوبة من قرية توماس وعافية بمحافظة أسوان، ودخل الجيش كعسكري متطوع من سنة 1954 وانضم لسلاح حرس الحدود، شارك في حرب العدوان الثلاثي وحرب اليمن وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.
– في فترة حرب الاستنزاف كان بيتم تغيير الشفرات بتاعت التواصل كتير، وكانت إسرائيل بتنجح في فك شفرات التواصل في الجيش المصري، وده كان سبب لمؤتمرات واجتماعات كبيرة داخل الجيش بتوجيهات من الرئيس السادات، لمحاولة حل أزمة مشكلة فك إسرائيل للشفرات.
– الصول أحمد سمع القائد بتاعه بيتكلم في الموضوع فعلى طول قاله أنا عندي حل بسيط وسهل، إنه الشفرة تكون باللغة النوبية لغة مميزة كونها لغة بتنطق ولا تُكتب ومفيهاش حروف أبجدية، وهيبقى في صعوبة شديدة لحد انه يتعرف عليها بسهولة، وميعرفهاش غير أهلها، وبالتالي لو الإرسال نوبي والاستقبال نوبي محدش هيعرف يفك الشفرة.
– الاقتراح كان مميز وأعجب بيه قادة الصول أحمد إدريس، وباقي القادة أعجبوا بالاقتراح ده، وتم رفع الاقتراح لرئيس الأركان واللي وصله للرئيس السادات في الوقت ده، ووافق فورًا الرئيس السادات، وطلب إنه يشوف الصول صاحب الاقتراح ده.
– بيقول الصول أحمد في حديث تلفزيوني، إنه قابل السادات وهو خايف جدًا لأنها أول مرة يشوف رئيس الجمهورية ودي طبعًا ليها رهبة، بالذات وهو كان صول أو شاويش بسيط في الجيش، مش قائد كبير مثلاً، والمقابلة تمت في المخابرات الحربية، وعشان التمويه تم اقتياده لمقر المخابرات الحربية بالكلابشات عشان محدش يكتشف أو يشك في أمره، باعتباره عسكري أخطأ وهيتم التحقيق معاه ومعاقبته، السادات قابله بترحاب كبير وقاله (فكرتك ممتازة لكن هننفذها إزاي؟).
– بيكمل الصول أحمد (لابد من جنود يتحدثون النوبية وهؤلاء موجودون في النوبة وعليه أن يستعين بأبناء النوبة القديمة وليس بنوبيي 1964، اللي اتنقلوا بعد بناء السد العالي لأنهم لا يجيدون اللغة) وأضاف (هم متوفرون بقوات حرس الحدود) .. فابتسم السادات للمرة التانية وقاله: بالفعل أنا كنت قائد إشارة بقوات حرس الحدود وأعرف أنهم كانوا جنود بهذا السلاح.
– بيكمل الصول إدريس قصته، وقال أنه بعد عودته إلى مقر خدمته العسكرية كان عدد المجندين 35 فرد، وتم الاتفاق على استخدام اللغة النوبية كشفرة، وقرروا الاستعانة بالمجندين النوبيين اللي عددهم كان 70 مجند في سلاح حرس الحدود لإرسال واستقبال الشفرات، وتم تدريب الجميع، وبدأوا في العمل خلف الخطوط لتبليغ الرسائل والتواصل بالشفرة الجديدة من سنة 1971 لحد حرب أكتوبر.
– الصول إدريس قال إنه السادات طالبه بعدم الإفصاح عن السر العسكري ده، وهدده بالإعدام لو حد عرفه، واستمرت الشفرة دي معتمدة في الجيش في حرب أكتوبر ولحد سنة 1994 وبعدها تم تغيير الشفرة، لكن مكانش حد يعرف قصة الصول أحمد إدريس ولا قصة الشفرة النوبية.
– كلمة “أوشريا” هي الكلمة الأشهر في قاموس الشفرات النوبية بحرب أكتوبر، ومعناها العربي “اضرب”، وجملة “ساع آوي” معناها “الساعة الثانية”، وفي الوقت المحدد للحرب تلقت الوحدات العسكرية كلمة “أوشريا” وكلمة “ساع آوي”، عشان تبدأ ساعة الصفر وتنطلق حرب أكتوبر سنة 1973، وسط جنان الإسرائيليين من عدم قدرتهم على فك الشفرة دي أو فهم هيا في أنهي لغة في العالم كله، وده ساعد كتير جدًا في تحقيق الانتصارات المصرية بحرب أكتوبر.
*****
– الحاج أحمد إدريس وغيره كتير من الأبطال قدروا يخدموا مصر فعلًا ويحققولها مجد حقيقي وتاريخ وإنجازات بنفتخر بيه من 50 سنة ولسنين كتير قدام، ومع ذلك الناس دي بعيدة عن الضوء لسنين طويلة، وبدون ما ياخدوا مناصب ولا جوايز ولا فلوس ولا مشاريع، يدوب المعاش العسكري المحدد ليه، وعاش حياته بسيط جدًا، ولولا تكريمه في 2017 والإذن بالإعلان عن قصته مكانش حد هيعرف اللي عمله الراجل ده لبلده من خدمة تاريخية لازم يتم تقديره عليها.
– أسرة صفحة الموقف المصري بتقدم خالص التعازي في وفاة البطل فقيد مصر أحمد إدريس، وكل الدعوات بالرحمة للأبطال الحقيقيين المجهولين اللي زيه واللي مصر مشافتش منهم غير كل خير وتضحية وفداء حقيقي مش بالشعارات. ربنا يرحمه ويغفرله ويصبر ذويه.
*****


المصادر




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *