– نشرنا في بوست سابق عن تحقيق استقصائي لموقع ” ديسكلوز” الفرنسي عن مساعدة المخابرات الفرنسية للجيش المصري في عملية تأمين الحدود الغربية واللي فيها شبهات استهداف مدنيين بدون داعي، ودا اللي دعا فرنسا تفتح تحقيق في الموضوع، مع دعوات برلمانية أيضا لفتح تحقيق.

– موقع ” ديسكلوز” اللي تم حجبه في مصر بعد التحقيق ده، نشر حلقة تانية تحت عنوان “مراقبة صُنعت في فرنسا”، اعتمد في التقرير ده على وثائق مسربة من المخابرات الفرنسية.

– هنشوف مع بعض في البوست دا إيه الجديد اللي في التقرير ده؟ وإيه نتايجه؟ وهنسأل سؤال مشروع عن فين خصوصية بيانات المصريين اللي محمية بالدستور والقانون؟

*****

إيه محتوى التقرير الجديد؟

– التقرير الجديد لموقع ديسكلوز اللي بينشره بالتعاون مع مجلة تيليراما، بيقول إنه في 3 شركات فرنسية نقلت تكنولوجيا برامج تجسس للحكومة المصرية، وأشرفت على تشغيل شبكة مراقبة هدفها جمع المعلومات من شبكات الاتصالات في مصر.
– شركة ” نيكسا” الفرنسية، وقعت عقد بقيمة 11.4 مليون يورو عام 2014 مع الحكومة المصرية لتثبيت برنامج مراقبة على الإنترنت اسمه Cerebro، أما شركة “إيركوم” فازت بعقد مع الحكومة المصرية قيمته 15 مليون يورو في نفس السنة لتطوير جهاز بيتجسس على المكالمات وبيحدد الموقع الجغرافي، أما مجموعة شركات “داسو” اللي بتملك مصانع طائرات الرافال والفالكون، وقعت شركة تابعة ليها مع الحكومة المصرية نيابة عن جهاز المخابرات العامة، لتوفير محرك بحثي ضخم – اسمه إيكساليد – بيسهل البحث عن المعلومات وتحليلها في قاعدة البيانات المصرية من بطاقات الرقم القومي وجوازات السفر.
– التقرير بيأكد إنه التقنيات دي اللي بحسب اتفاقيات الأسلحة للاتحاد الأوروبي لازم الحكومة الفرنسية توافق عليها، وأكد حصول موافقة من وزارة الاقتصاد الفرنسية للشركات دي على تقديم الخدمات دي للحكومة المصرية.
– كمان بحسب الوثائق فجهاز المخابرات العامة قدر يعمل سيرفر تاني بالتعاون مع شركة أمريكية بأجهزة جديدة، عشان يسيطر على حركة الانترنت من الكابلات البحرية اللي بتربط مصر بأوروبا، عشان تتمكن من جمع وتحليل البيانات.
– أحد مسؤولي شركة نيكسا أكد موافقة الحكومة الفرنسية على تعاقد الشركة مع الحكومة المصرية، وإنه لو كانت الحكومة الفرنسية عندها شك في سوء استخدام التقنيات دي مكانتش هتوافق للشركة على التعاقد، وبحسب الوثائق فالعقد اللي بين شركة نيكسا والحكومة المصرية كان هدفه “تنفيذ نظام اعتراض قانوني في سياق مكافحة الإرهاب والجريمة”.
– نفس الأمر أكد مسؤولي شركة “إيركوم” واللي أكدوا موافقة الحكومة الفرنسية ليهم لتصدير نظام تجسس على المكالمات الهاتفية لصالح الحكومة المصرية سنة 2014.
– وأضاف التقرير إنه الرئيس المصري السيسي اعتمد على حليفين مهمين وهما الإمارات وفرنسا، بسبب دفع الإمارات حوالي 168 مليون دولار في 2013 لتزويد مصر بخدمات التجسس الرقمي، عن طريق شركتها الإماراتية “اعتماد”.
– شركة “اعتماد” الإماراتية عن طريق شركة فرنسية إسمها “إس إم إي” واللي مقرها في الإمارات، تعاقدت مع شركة نيكسا لتوفير برنامج التجسس “سيربرو”، واللي بيقدر يحلل بيانات من مليارات المحادثات المسجلة، ويقدر يستنتج منها سلوك الأشخاص وعلاقاتهم ببعض.
*****

كان إيه ردود الأفعال على التقارير دي؟

– من وقت ما نشرت تقارير موقع ديسكلوز، والصحافة الفرنسية والجدل مستمر هناك عن الدور الفرنسي في بيع السلاح وخدمات التجسس بشكل يتم استخدامه في انتهاكات حقوق الإنسان.
– خاصة وإنه شركة “نيكسا” تم فتح التحقيق معاها قبل كده في 2017 بسبب “التواطؤ في أعمال التعذيب والإخفاء القسري” في مصر وليبيا، وتم توجيه الاتهام فعليًا لإدارتها في أكتوبر الماضي “بالتواطؤ في التعذيب والإخفاء القسري في مصر بين عامي 2014 و2021”.
– مكتب المدعي العام في باريس أعلن عن فتح تحقيق جنائي في قضية إفشاء أسرار دفاع وطني وكشف هويات عسكريين وعناصر في أجهزة الاستخبارات الفرنسية بسبب تسريب ديسكلوز الأول، واللي بيأكد في الوثائق بتاعته إنه السلطات الفرنسية لم تهتم بمراجعة مهمتها الاستخباراتية في مصر بعد تأكدها من حدوث تجاوزات.
– وزارة الدفاع الفرنسية قدمت شكوى للنائب العام بسبب ” انتهاك أسرار الدفاع الوطني” في وثائق ديسكلوز، والمتحدث باسم وزارة الدفاع قال إنه التسريب خطير وبيعرض أفراد الجيش للخطر، لكن الوزارة هتفتح تحقيق داخلي للتأكد من إنه الجانب المصري لم ينتهك القواعد، وإنه فرنسا بتقدم دعم لمكافحة الإرهاب بغض النظر عن السياق السياسي للبلد.
– بينما في مصر الصحافة والحكومة المصرية تجاهلوا الموضوع تمامًا، واكتفت الأجهزة الأمنية بحجب الموقع اللي نشر الوثائق دي.
*****
– في النهاية ده مش التقرير ولا التحقيق الأول ولا هيكون الأخير اللي تنشر فيه صحافة مستقلة أجنبية عن تعاون مخابراتي غربي مع مصر في مجال التجسس داخل مصر، وللأسف بنشوف إن عمليات التجسس دي من ضمن ضحاياها الرئيسيين الصحفيين والحقوقيين والسياسيين المدنيين.
– محدش ضد تعزيز القدرات السيبرانية للأمن من أجل استخدامه فعلا في مكافحة الإرهاب والجرائم بشكل عام، لكن بشكل أساسي لازم تكون فيه ضمانة ورقابة مشددة لعدم استخدام التكنولوجيا في انتهاك حقوق المصريين وخصوصيتهم وبياناتهم.
– رغم إن الدستور بينص بوضوح على إنه “للحياة الخاصة حُرمة، وهى مصونة لا تُمَسّ، وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية، والمحادثات الهاتفية، وغيرها من وسائل الاتصال حُرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائى مُسبّب، ولمدة محددة..”، لكن خلال الفترة اللي فاتت تم إقرار قوانين بتناقضه واستيراد تكنولوجيا تستخدم دون رقابة، زي ما شرحنا قبل كده قانون “جرائم تقنية المعلومات” أو قانون أوبر وكريم اللي ألزمو الشركات تحتفظ ببيانات العملاء لمدة 180 يوم وتتيحها “لجهات الأمن القومي أو لأي جهة حكومية مختصة عند الطلب” … مش لازم يعني إذن قضائي مُسبب.
– وهنا تم إتاحة بيانات المصريين بشكل غريب جداً لشركات أجنبية عشان تثبيت أنظمة مراقبة ومحركات بحث في بياناتهم بدون ما حد يعرف السبب ولا إمتى ولا ليه، عرفنا بس من تحقيق منشور في الصحافة برا.
– وهنا الخوف بيبقى مشروع لأن عندنا سوابق قبل كده في التجسس على المعارضة وشخصيات سياسية، زي ما شوفنا التسريبات اللي بتذاع على الهواء في قنوات حكومية وخاصة بدون أي تحرك قضائي ضد اللي بينشروا التسريبات دي، فنرجع ونقول استخدام التقنيات دي مرهون بالأوامر القضائية بنص الدستور، وبناء عليه شراها واستخدمها لازم يكون تحت رقابة البرلمان والقضاء عشان مفيش يُسيء استخدامها زي ما بنشوف.
– لازم نكون واعيين لعدم الانجرار لأي نقاش لمحتوى تسريبات تخص أطرافها فقط، وننسى المشكلة الحقيقية وهي الأجهزة الأمنية اللي بتخون وظيفتها قدام الشعب المصري، وبتستخدم فلوس المصريين من الموازنة، وسلطات مفروض انها مستمدة من الدستور، وبتنتهك بيها الدستور.
– وللأسف تقنيات التجسس بتتطور يوم عن يوم، وبقى في انتهاك واضح لخصوصية كل شخص فاعل بدرجة ما في العمل العام، بإن كل محادثاته الشخصية ومكالماته الهاتفية بيتم التجسس عليها بدون أي قواعد قانونية تحمي الشخص من التجسس طالما مرتكبش مخالفات قانونية بشكل حقيقي.
– التقنيات دي زي ما بتستخدمها الدول في التجسس على بعضها زي مثلًا فضيحة برنامج بيغاسوس الإسرائيلي اللي استخدمته دول كتير للتجسس على مسؤولين حكوميين في دول تانية، لكن بيروح للأسف ضحيته ناس مسالمة مبترتكبش جرايم، وبيتم معاقبتهم لنشاطهم السياسي والحقوقي السلمي.
– لكن في نفس الوقت ورغم تشابك المصالح بين الدول اللي بتتطور التكنولوجيا بأنواعها والدول اللي بتستفيد منها بالشراء والاستهلاك، لكن يفضل في الغرب صحافة حرة تقدر تراقب وتكشف التطورات دي، ولما الحكومات بتغضب منهم متقدرش تحبسهم، لكن بتقدم ضدهم بلاغات وبيتم التحقيق فيها لمدة شهور وسنوات، وقوانين حرية الصحافة والبحث بتحميهم.
– نتمنى إنه في مصر السلطات الأمنية تحترم الدستور والقانون، وتوقف النوع ده من الانتهاكات والتلصص والتجسس اللي بيمنعه وبيجرمه الدستور المصري، طالما مفيش إذن قضائي للمراقبة والتجسس بسبب قضية حقيقية.
– بنكرر تاني محدش أبدا ضد بناء قدرات تستخدم في إطار القانون لمكافحة الإرهاب، لكن بوضوح كل الدول الديمقراطية اللي عندها التقنيات دي بتستخدم في إطار معين ومحدد بالدستور، ولو تم تجاوزه فيه أجهزة رقابية أخرى وفيه برلمان وصحافة بيتدخلوا ويقولوا كلمتهم لتعديل استخدامها، ويقدر المواطن العادي يقاضي الحكومة بكل سهولة وبلا خوف.
– بنفكركم بفضيحة ووترجيت اللي اتشال بسببها الرئيس الأمريكي نيكسون، وكانت في الأصل بسبب تجسسه على المعارضة! اتشال الرئيس فيها لأنه بس اتجسس على اجتماعات سياسية، مش تجسس على بيوتهم وحياتهم الخاصة كمان.
– نتمنى ميكونش السياسة المتبعة في القصص اللي زي دي هي “التجاهل” لحد ما الموجة تعدي، ويكون فيه حد بيحترم حق المصريين في إنهم يعرفوا ايه اللي بيحصل من جوا بلدهم، مش من الإعلام الخارجي.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *