– في الأيام دي صدرت نتيجة لجنة قيد الصحفيين بنقابتهم، ودي لجنة بتتعمل بشكل مستمر لقبول عضوية صحفيين ممارسين للمهنة بنقابة الصحفيين بشكل رسمي.

– قرارات لجنة القيد اللي صدرت يوم الأربعاء، حصل عليها جدل كبير جدًا بسبب تأجيل ورفض أوراق كتير من الصحفيين، وقبول ناس تانية لا تنطبق عليهم نفس المعايير القانونية.

– إيه تفاصيل المشكلة دي ؟ وليه بيحصل خناقة للانضمام لعضوية نقابة الصحفيين ؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست الحالي.

******

إيه موضوع القيد في عضوية الصحافة ؟ وليه هو حاجة مهمة ؟

– نقابة الصحفيين في مصر مبتعترفش بالصحفيين إلا بعد فترة من التمرين المستمر، وده بسبب زيادة الصحف والجرائد الخاصة، مش زي زمان لما كانت الصحافة مقتصرة على الصحافة الرسمية والحزبية.
– عضوية نقابة الصحفيين أهميتها في كونها اعتراف رسمي من النقابة وبالتالي الدولة بعضوية الصحفي، عندنا مئات الصحفيين في مؤسسات خاصة ومواقع إلكترونية غير معترف بعضويتهم ولا بكونهم صحفيين.
– الاعتراف ده بيترتب عليه مجموعة من المميزات أو الحقوق، المفروض أهمها يكون مزيد من الاحترام والرسمية في التعامل مع المؤسسات والجهات المختلفة وتسهيل مهام الصحفي في الحصول على البيانات والمعلومات ولقاء المصادر والمسؤولين.
– لكن مع الواقع الحالي اللي بتتدهور فيه الصحافة من سنوات، فعضوية النقابة بقت مقتصرة على بعض الحقوق المادية، زي بعض البدلات الشهرية اللي بتوصل ل 3 الاف جنيه تقريبًا، والتأمين الصحي، والحماية من الفصل التعسفي وغيره من الأمور المهمة للأمان الوظيفي.
– وللأسف نتيجة للوضع ده كتير من الصحفيين الشباب بيضطروا يقبلو بشغل مقابل فلوس متواضعة جدًا لحد مياخدوا عضوية النقابة بعد سنين، وبيكونو معرضين في فترة التدريب دي لكتير من الضغط والاستغلال بكل أنواعه من أول الاستغلال بالمرتب والمكافئات البسيطة لحد باقي وسائل الاستغلال، ولأنه الجرايد بتتحمل مع عضوية النقابة عن كل صحفي عندها إنها بتوثق عقده وبالتالي بتدفع عليه تأمينات وغيره، فبيقضوا فترة طويلة لحد ميتم قيد الصحفي كمتدرب، وبيتحول رئيس التحرير وإدارة كل مؤسسة لشخص بيعطي ويمنح ويمنع بالنسبة للشباب بناءًا على إنه في إيدهم شيء مهم زي الاعتراف والتسجيل كمتدرب.
– بعد فترة القيد كمتدرب وتسجيل الأرشيف بيقوم مجلس نقابة الصحفيين بتشكيل لجنة قيد ليها مواعيد بتعلن عنها كل فترة، عشان تنظر في قبول أو تأجيل أو رفض عضوية المتقدمين ليها من كل الصحف والجرايد المسجلة في النقابة، وبمجرد القبول بعد مراجعة الأرشيف وغيره من الإجراءات، بينضم الصحفي بشكل رسمي للنقابة وبالتالي يبقا بشكل رسمي عنده بعض الحقوق المادية اللي اتكلمنا عنها، وصولًا لحقوق التصويت والانتخاب والترشح.
*****

طيب إيه تفاصيل أزمة لجنة القيد الأخيرة ؟

– لجنة القيد الأخيرة حاصل عليها أزمة كبيرة جدًا، أولاً بسبب استمرار أزمة ” تكويد” بعض المؤسسات الصحفية، يعني إنه النقابة تعترف بالمؤسسات دي كصحف بشكل كامل، بناءًا على التزام مادي من المؤسسات دي بتدفعه للنقابة عشان التأمين، وإنه الإصدارات دي تكون شغالة بانتظام لمدة لاتقل عن عام عشان يتم الاعتراف بيها، ويكون في إجمالي المشتغلين بيها 70% من أعضاء نقابيين وغيرها من الشروط.
– ومع وجود مجلس نقابة الحالي برئاسة ضياء رشوان، فلسه أزمة التكويد دي مستمرة لعدة صحف وهي ( البيان والكلمة ومصر المستقبل والحدث الاقتصادي والبوصلة الاقتصادية والبورصجية وذا ميدل إيست والمسار وأهل مصر وبلدنا اليوم).
– ولسه متمش الاعتراف بيهم بشكل رسمي وبيتم مراجعة أوراقهم لأكتر من سنتين، برغم من تسديدهم المبالغ المطلوبة بشكل مسبق، وده معطل الاعتراف بالمؤسسات دي وبالصحفيين المتدربين اللي بيشتغلو فيها.
– الأزمة التانية الأهم، هو إنه لجنة القيد أعلنت قبول 204 صحفي من أصل 540 متقدم، ودي نسبة قليلة جدًا، خاصة مع عدم وجود معايير واضحة تم إعلانها في قبول أو تأجيل أو رفض أوراق وملفات المتقدمين.
– صحفيين كتير ليهم أرشيف حقيقي ومتواصلين في العمل بمهنة الصحافة من سنين تم تأجيل أو رفض أوراقهم بدون مبرر، برغم إنه كتير منهم فعلًا معروف لأعضاء مجلس النقابة وليهم أرشيف لمدة سنوات، وكتير منهم صحفيين في مؤسسات أو جرايد تابعة للأجهزة الأمنية زي اليوم السابع والوطن وغيرها.
– لكن المثال اللي واضح في غرابة الرفض وإنه مرتبط بموقف سياسي هو رفض الصحفي ” محمود السقا”، واللي هو مش بس صحفي معروف بعمله في المهنة لسنوات، لكنه كان واحد من الصحفيين المعتصمين بنقابة الصحفيين في 2016 برفقة الصحفي عمرو بدر، واللي اعتقلتهم الأجهزة الأمنية من داخل مقر النقابة في واقعة تسببت في اعتصام كبير وغضب من عموم الصحفيين وقتها، فمفيش شيء يدل على كون “محمود السقا” صحفي أكتر من الواقعة دي، ومع ذلك تم “رفض” وليس ” تأجيل” ملفه.
– في المقابل من ده تم قبول بعض المتقدمين واللي في علامات استفهام عن معايير قبولهم، زي مثلًا النائب محمود بدر، واللي هو عمليًا منقطع عن مهنة الصحافة لأكتر من 8 سنين مثلًا، واللي واضح إنه قبوله كان مجاملة وأمر مرتبط بعلاقاته الأمنية.
– والمقارنة بين نوعية محمود بدر وكتير من الصحفيين الشباب اللي ليهم أرشيف حقيقي وعمل متواصل، بتقول قد إيه بقا في تخريب واضح في نقابة الصحفيين ومهنة الصحافة، وقد إيه بقت إدارتها خاضعة بشكل كامل ولامحدود للأجهزة الأمنية والسيادية.
*****

نشوف إيه من ده كله ؟

– القصة دي كلها في الحقيقة هي انعكاس لأزمة تكوين النقابات في مصر، واللي اتحولت من كيانات غرضها في العالم كله الدفاع عن المشتغلين في المهنة وحماية حقوقهم المادية والأدبية، وتطوير مهاراتهم وغيره من مهام النقابة، لمجرد مؤسسة كبيرة بتاخد منحة من الدولة في مقابل سيطرة من الدولة بدرجات متفاوتة على الصحافة، من أول المنع والتقييد ووضع خطوط حمراء، وصولًا للوقت الحالي اللي فيه اعتقالات بالجملة وغلق مؤسسات وحجب مواقع وغيره من الإجراءات اللي بقت معروفة تمامًا.
– مفيش نقابة حرة في العالم بترفض انضمام حد ليها، لأنه زيادة عدد أعضاء النقابة، يعني زيادة في حجم النقابة وقوتها في التفاوض مع أرباب العمل المختلفين ومع الحكومة، وزيادة في حجم الاشتراك الشهري والسنوي اللي بتحصله النقابة وتنفق من خلاله على أنشطتها وبتوفر معاشات وبدلات لأعضائها من خلاله.
– لكن لأننا في دولة بتكره النقابات والعمل الحر وصلنا للوضع الحالي واللي هو وصفه صعب جدًا من كتر ما أصبح متدهور، وبقا قبول عدد من الصحفيين مرتبط بالأموال اللي هتوفرها وزارة المالية للنقابة بناءًا طبعًا على تفاهم مع الأجهزة الأمنية، وبقا كمان قبول العضويات أشبه بمنحة بترتبط بالموقف السياسي.
– صحيح أزمة القيد دي مجرد حدث وعرض للمشكلة الحقيقية، ووارد إنه المرفوضين أو المؤجلين يتم قبولهم في لجان قيد قادمة أو في التظلمات اللي بيتيحها قانون النقابة الداخلي، لكن الأزمة الكبيرة نفسها هتفضل موجودة طول ما الأجهزة الأمنية مقتنعة بإنه إدارتها الحالية للصحافة والإعلام والوضع اللي واصله الإعلام هو شيء نموذجي لازم يستمر.
– بالرغم من إنه وسائل الإعلام والصحافة بقت معدلات شرائها شبه معدومة نتيجة المحتوى الفارغ اللي بيتم تقديمه، وإبعاد الجدية عن كتابة المقالات والتحقيقات بسبب القيود الأمنية الكتير، وبقت الصحافة والإعلام متفرغين للتريندات الفارغة والمقززة والبحث عن الجرائم والفضائح وانظر لفستان الفنانة أو جريمة الخيانة الزوجية أو سفاح الإسماعيلية، وأي شيء بعيد عن مهنة الصحافة الحقيقية في التحقيق وكشف المعلومات وتحليل البيانات وتناول القضايا اللي بتهم المجتمع بجد.
– نتمنى نشوف في مصر صحافة حرة ونقابات مستقلة بجد، ونتمنى إنه الوضع المؤسف ده من الحريات اللي مخلي مصر في القائمة السوداء لحرية التعبير والصحافة يتغير في يوم من الأيام.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة