امبارح قررت النيابة تجديد حبس 28 شخص من أهالي مركز ميت سلسيل لمدة 15 يوم بسبب تظاهرهم اعتراضاً على ادانة محمود نظمي بقتل أطفاله، في القضية اللي شغلت مصر كلها. في البوست ده مش بننحاز لرواية معينة انها الحقيقة لكن بنفكر سوا ليه قطاع من المواطنين مش مصدقين منظومة العدالة في مصر.
*****

الحكاية بدأت ازاي؟

– في أول أيام العيد قدم المواطن محمود نظمي بلاغ باختفاء طفليه واختطافهم بتوكتوك أثناء وجودهم معاه في ملاهي ميت سلسيل، بعدها بيوم تم القبض على محمود وانتشر فديو ليه بيعترف بقتل أطفاله، واتقال انه مدمن وعنده مشاكل نفسيه وكان بيحاول يستعين بالسحر لاكتشاف الآثار.
– كتير من الأهالي اعترضوا وانتشرت قصة ان السبب خلاف على تجارة الأثار الموجودة في أرض ورثها محمود عن أبوه، وان ده انتقام من ناس ذوي نفوذ، وان فيه شهود شافوا واحدة منتقبة معاها الأطفال، وان فيه كاميرا رصدت التوك توك اللي بيقول عليه، وبدأ تداول أسماء معينة، وبعدها نشروا ورقة منسوبة لمديرية الأمن فيها أسماء قيادات متهمة بالاتجار في الآثار.
– في المقابل الداخلية والنيابة أكدوا انه رغم ان محمود في الأول قال قصتين مختلفتين منها قصة الآثار وقصة تانية عن علاقة نسائية تسببت في الانتقام منه، إلا أن الكاميرات كشفته لأنه ادعى انهم اتخطفوا منه في ملاهي ميت سلسيل بينما الكاميرات أظهرته وهوا مع الاطفال رايح مدينة فارسكور اللي تمت فيها واقعة الغرق، وأهم فيديو صورته كاميرا محطة بنزين في الطريق والأطفال معاه رايح بيهم هناك.

– الأهالي اتجمعوا قدام بيت محمود وبدأوا في الهتاف وبدأوا مسيرة بيطالبوا بتحقيق عادل، لكن قوات الأمن بسرعة فضت المظاهرات بالغاز المسيل للدموع، وبعدها قبضوا على 28 شخص من بيوتهم، واتوجهلت لهم تهم التظاهر والانضمام لجماعة إرهابية وغيرها.

– تاني يوم صحي أهالي المدينة على واجهات المباني والمحلات في الطريق الرئيسي وهي متكسرة بحملات من الداخلية كعقاب للأهالي على مظاهراتهم!
*****

ايه دلالات القصة ده؟؟

– لحد دلوقتي محدش يقدر ينفي أو يأكد أي رواية ويتعامل معاها باعتبارها الحقيقة، لكن الأكيد هو حالة عدم الثقة في رواية الداخلية، وده طبعا نتاج لحوادث كتيرة الداخلية عملت فيها روايات اكتشف المصريين بعدها كدبها زي مثلاً قضية تعذيب عماد الكبير، أو قتل شيماء الصباغ، أو قتل خالد سعيد، أو قضية الفنانة حبيبة اللي اعترفت بقتل جوزها واتحكم عليها واتضح بعد سنين القاتل الحقيقي .. الناس شايفة انه (ممكن) أجهزة العدالة تضلل العدالة.
– كمان واضح غياب الثقة في ممثلي البلد اللي مفروض يكونو النواب المنتخبين ومفهوم طبعاً ليه الثقة فيهم غايبة.
– في بعض البلاد زي أمريكا وكندا وانجلترا وغيرها فيه نظام اسمه “المحلفين”، يعني مواطنين عاديين بشروط معينة بيكونو طرف في محاكمة المجرمين وليهم رأي استشاري للقضاة .. يعني مش بس الثقة في الداخلية والقضاء، دي كمان قدر من الشراكة الشعبية في المحاكمة.
– الأهم من ده لو رواية الداخلية صح أو غلط، ازاي يتم التعامل مع الناس بالطريقة ده؟ طريقة القمع المباشر والضرب والحصار والاتهامات الجاهزة، وده مش بيحل المشكلة بل بيزودها لأن الناس بيجيلها تصور ان ده بيتعمل لحماية أطراف ما.
– كمان وسائل اعلام كتير تعاملت بشكل غير مهني، من اول عرض فيديو الاعترافات المخالف للقانون اصلا، وكمان وصفت الراجل علطول بأنه “قاتل طفليه” مش المتهم – اللي المفروض لسه في تحقيق نيابة ومحاكم بدرجاتها هيروحلها – وبدل ماتدعم حق المواطن في المعرفة والحقيقة، كمان بقت بتحرض على الأهالي وخدت موقف عدائي منهم مباشرة، ومتمش ذكر أو تصوير أي شيء حصل للأهالي سواء من القبض أو الغاز المسيل أو تكسير الواجهات.
– في وضع مثالي كان هيكون فيه اعضاء منتخبين للمجلس المحلي لميت سلسيل، ونواب عن الدايرة، ودول موضع ثقة الأهالي يعرضوا على الشرطة والنيابة شكوكهم ويشوفو في المقابل أدلة الادانة، وبعدها محاكمة شفافة عادلة الناس واثقة فيها، ساعتها محدش هيزعل من الحق أيا كان .. وحتى في الوضع الحالي كان ممكن ده يتعمل مع كبار عائلات البلد بشكل محترم لضمان العدالة مش بعقاب اللي يتجرأ يسأل أو يشك!
*****

موقفنا في النهاية نقدر نقوله في الجمل ده:
– احنا مش منحازين لأي رواية بعينها ومنملكش الحقيقة، لكن طلبنا انه الناس يتاح ليها التعبير عن رأيها وانه مهمة أجهزة الدولة هو كشف الحقيقة بحياد ومهنية، والوصول لثقة الناس وقناعتها.

-المواطنين فاقدين الثقة تماما في الإعلام، وبتنشر روايتها وكلامها ورأيها وبتجيب معلوماتها من السوشيال ميديا، ولو لسه في ناس خايفة على مهنة الصحافة اللي بتنتهي في مصر لازم تشوف قد ايه خطورة ده في المستقبل، ومين بجد اللي بيدور على انتشار الشائعات وغياب الحقيقة.

– منهج الضرب والحبس والتشويه الاعلامي عمره ما هيأدي لاستقرار حقيقي لما المواطنين يفقدوا الثقة تماما في كل شيء حواليهم، ونتايجه الفعلية هو انه المواطن ميحسش بقيمة الدولة أو وظايفها في حياته، وده منطق مخيف جداً ونتايجه غير مأمونة على الجميع.
*****

:
:
*****




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *