– امبارح السودان شهدت احتشاد عشرات الآلاف في الشوارع، في أكبر مسيرات ومظاهرات حصلت من ساعة فض اعتصام القيادة العامة. أسرة الموقف المصري بتعزي في الشهداء الـ7، اللي استشهدوا نتيجة قمع قوات الأمن للتظاهرات، وبنتمنى الشفاء العاجل لأكثر من 180 مصاب.
– مظاهرات أو “مليونية” امبارح دعت ليها “قوة الحرية والتغيير”، وكانت بترفع شعار “مواكب الشهداء وتحقيق السلطة المدنية”. هنتعرف في البوست على أهم أحداث مليونية امبارح، وأخر تطورات المشهد في السودان، وعن المبادرة الاثيوبية، وطريقة تعامل المجلس العسكري مع المظاهرات ومع مسار المفاوضات.
******
إيه اللي حصل في السودان امبارح؟
– من ساعة فض اعتصام مقر القيادة العامة، وقتل أكثر من 100 مواطن، وقطع الإنترنت اللي صعب التواصل بين المتظاهرين، وتعليق العصيان المدني اللي استمر 3 أيام، والمتظاهرين السودانيين تحت قيادة “قوة الحرية والتغيير” بيسعوا للرد على انتهاكات المجلس العسكري، والتأكيد على مطالبهم وتذكر شهداء الفض. وده بالدعوة والحشد لمليونية 30 يونيو.
– في المقابل قوات الأمن كان باين ترقبها وقلقها من المليونية، واللي ظهر في اقتحام الجيش مقرات تجمع المهنيين السودانيين، ومنع عمل مؤتمر صحفي قبل يوم واحد من المليونية. وظهر كمان في انتشار الجيش والشرطة مسلحين في الشوارع بكثافة. وباعتقالات مسبقة لقيادات الحراك.
– لكن عشرات الآلاف من السودانيين نزلوا في الخرطوم وفي 16 مدينة تانية، منهم أمدرمان ومدينة بحري وبورتسودان وعطبرة وودّ وشندي. ورددوا هتافات زي “حرية سلام وعدالة.. مدنية خيار الشعب”، “مدنية مدنية.. أو الثورة الأبدية”، “سلمية سلمية.. ضد الطلقة النارية”. وحاول المتظاهرين الوصول لمقر وزارة الدفاع لكن قوات الأمن أطلقت النار في الهواء. وحاولو كمان يوصلوا القصر الرئاسي لكن الشرطة قفلت الجسور وأطلقت الغاز المسيل.
*****
إيه مطالب المتظاهرين؟
١- المطلب الرئيسي والأهم بالنسبة للثوار السودانيين هو تسليم السلطة للمدنيين.
٢- محاسبة المتورطين في حادث فض القيادة العامة.
٣- عودة الإنترنت، زي ما حكمت محكمة سودانية من أيام.
٤- تحقيق المبادرة الإثيوبية، اللي المجلس العسكري وافق عليها في الأول، وبعدين رفضها.
*****
إيه أهمية المبادرة الإثيوبية؟
– قبل فض اعتصام القيادة العامة كان فيه مفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، لكن توقفت بسبب الفض. قبل توقفها، كان فيه اتفاق على إنشاء 3 هيئات تعتبر هيكل السلطة: مجلس سيادي ومجلس وزراء ومجلس تشريعي. لكن كان فيه خلاف على نسب تمثيل كل طرف في المجالس دي.
– الخلاف بشكل أساسي على تشكيل المجلس السيادي والتشريعي، لكن فيه اتفاق على اختيار حكومة تكنوقراط مكونة من 17 وزارة.
– المبادرة الإثيوبية بتقترح اختيار المجلس العسكري لـ7 أعضاء في المجلس السيادي، و7 مدنين تختارهم قوى الحرية والتغيير، ومدني آخر يتم اختياره بالتوافق بين الطرفين. ورئاسة المجلس هتكون بالتناوب بين المدنيين والعسكريين كل 18 شهر، والبداية هتكون للعسكريين.
– أما المجلس التشريعي اللي هيتكون من 300 عضو، هيكون تمثيل قوى الحرية والتغيير فيه 67%، وباقي القوى السياسية 33%.
– المبادرة أيدها الإتحاد الأفريقي اللي كان عنده اقتراحات مشابهة، وقام بتعليق عضوية السودان وأدى مهلة للمجلس العسكري لآخر الشهر عشان يسلم السلطة للمدنيين وإلا هيتم توقيع عقوبات على السودان، كنوع من الضغط عشان التفاوض يتم.
*****
المجلس العسكري شايف الحراك إزاي؟
– للأسف ردود أفعال المجلس العسكري وحميدتي على مظاهرات امبارح، مش بعيدة كتير عن كل ردود الأفعال الساذجة اللي قامت بها الأنظمة العربية في بداية الربيع العربي: ١- اتهامات بإن فيه مندسين داخل مظاهرات امبارح بيسعوا للتخريب. ٢- فيه قناصة هما اللي بيقتلوا وبيضربوا رصاص على الجيش. ٣- مخربين وناس عندها أجندات بتقود الحراك. ٤- إن المتظاهرين مسؤولين عن أمن وسلامة المنشآت ومؤسسات الدولة.
– المجلس العسكري كان موافق على المبادرة الاثيوبية أول ما طرحت. في الأغلب لأنه كان متوقع إن قوى الحرية والتغيير هترفض المبادرة، لكن عكس ما توقع العسكريين، قوى الحرية والتغيير وافقوا ورحبوا بالمبادرة، فالمجلس العسكري رجع في كلامه مرة تانية. وشايف إن فيه خلاف حوالين نسب التمثيل.
– من أسبوع طلع شمس الدين الكباشي المتحدث باسم المجلس العسكري، واتحجج بإنهم عايزين إثيوبيا والإتحاد الأفريقي يقدموا مبادرة مشتركة، وإن كل طرف يقدم لهم رؤية مختلفة، والأفضل يحصل ما بينهم اجتماع ومايحطوش شروط مسبقة. ودي باختصار تصريحات للتهرب واللف والدوران.
– قوى الحرية والتغيير مدركين إن العسكريين بيتلككوا، وعايزين يطولوا مدة التفاوض، ويخلوا الناس تتعب من التظاهر اللي مستمر من 6 شهور مع توجيه ضربة كل شوية، زي اللي حصل في مظاهرات امبارح، واقتحام مقر تجمع المهنيين عشان يمنعوا لقاء قوى الحرية والتغيير مع المبعوث الأفريقي والمبعوث الأثيوبي.
*****
إيه المتوقع مع استمرار الأداء ده من المجلس العسكري؟
– للأسف الشديد الشيء الواضح إن المجلس العسكري السوداني مصر على عدم نجاح الثورة السودانية وانتقال السودان للحكم المدني، خوفًا على مصالحهم وامتيازاتهم، وخوف من نجاح نموذج ديمقراطي فيه سيادة قانون، وكمان رغبة منهم في الحكم واستمرار الدعم الثلاثي من مصر والإمارات والسعودية على المستوى العسكري والمخابراتي والمالي.
– رفض المجلس العسكري بيعبر عنه بالقمع المباشر زي ما حصل امبارح في المظاهرات، وفي مجزرة فض اعتصام القيادة العامة. وللأسف في انتهاكات بشعة وجرائم ضد حقوق الإنسان قام بيها المجلس العسكري السوداني، مش بس بالقتل وإخفاء الجثث في النيل، لكن الأكثر إجرامًا هو العمليات الممنهجة اللي قامت بيها قوات “الجنجويد” بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على المتظاهرات والناشطات السودانيات.
– الانقلاب على الثورة السودانية بدأ التخطيط ليه من أول لحظة، وقصاد المظاهرات الشعبية واسعة الانتشار ضد المجلس العسكري وضد استمرار حكم العسكرييين، فالمجلس العسكري بيحاول يعيد إحياء التحالفات مع القبائل والعشائر والأطراف اللي كانت بتدعم البشير قبل كده، عشان يستمروا في الحكم بالقوة.
– القوة والعنف مكانوش بس في فض الاعتصام، لكن كمان لجان الأحياء والمظاهرات بتتواجه بالقمع، وفي دعوات لمظاهرات الريف كنوع من تجديد دم الثورة السودانية.
– الداعمين للمجلس العسكري السوداني (السعودية والإمارات ومصر) رافضين ظهور أي نموذج تغيير وديمقراطية ناجحة في المنطقة، لأن ده معناه إنه في أمل للشعوب إنها تعيش بشكل أفضل وتتحكم بشكل أفضل فيه ديمقراطية وعدالة وحرية، وده خطر على التحالف الثلاثي ده اللي بيعادي الديمقراطية.
*****
– مرة تانية ثوار السودان بيأكدوا على وعي وفهم مميز، وقادرين لحد دلوقتي على مواجهة ألاعيب عسكريين السودان وداعميهم، وإنهم بيتعلموا من تجارب الربيع العربي وأخطائها وقادرين يجمعوا بين التفاوض الجاد وأدواته وكسب المساحات فيه، وبين العمل الاحتجاجي والضغط الجماهيري.
– كل العزاء والتضامن مع الشعب السوداني في ضحايا مليونية امبارح. وكل الدعم للشعب السوداني ولقوى الحرية والتغيير في اكتمال واستمرار نجاحهم.
*****