– من عشر أيام، رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي فتحت تحقيق لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسبب مكالمة مع الرئيس الأوكراني، بيضغط فيها الرئيس ترامب على الرئيس الأوكراني لاتهام إبن منافسه “جو بايدن” بالفساد، عشان يقوي حظوظه في الإنتخابات الأمريكية الجاية.

– ايه اللي اتقال في المكالمة ومين اللي سرب محتواها؟ وإيه اللي الاجراءات اللي هتحصل في الفترة الجاية؟ وايه اللي يهمنا نعرفه كمصريين عن الموضوع ده؟

******

ايه قصة المكالمة؟

– القصة بدأت بإن أحد العاملين في الاستخبارات الأمريكية قدم شكوى للكونجرس (البرلمان المنتخب) بإن ترامب طلب من الرئيس الأوكراني في مكالمة تليفونية يوم 25 يوليو، يفتح تحقيق في وقائع فساد مع إبن جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، واللي هو أحد منافسي ترامب على رئاسة أمريكا السنة الجاية.

– في مجموعة خطوات بتتعمل مع المكالمات الرئاسية مع رؤساء الدول الأجنبية ، بتتم في البيت الأبيض بحضور أعضاء من مجلس الأمن القومي- عضوين على الأقل- وبيكون في مسؤولين قاعدين في غرفة تانية من البيت الأبيض، يسمعوا المحادثة ويدونوا ملاحظات منها. كمان بيتحفظ نسخة من المكالمة نفسها على الكمبيوتر، وبيتم مقارنتها الملاحظات المدونة بالنسخة الصوتية، ويتم حفظهم مع بعض.

– الشكوى اللي قدمها عميل الاستخبارات بتقول إن التعامل مع المكالمة تم بطريقة غير معتادة، وتم حفظ محضر المكالمة في مكان إلكتروني سري، وبعدين تم تصنيفها على إنها سرية للغاية، وده معناه المسؤولين اللي معاهم أعلى التصاريح الأمنية هما بس اللي يقدروا يطلعوا عليها. الشكوى بتقول إن ده حصل لأسباب سياسية مش لأسباب تتعلق بالأمن القومي أو تهدد حياة الأفراد للخطر.

– المفروض اللي يعمل التنصيف ده هما الموظفين اللي مكتب السكرتير التنفيذي لمجلس الأمن القومي، لكن حسب الشكوى، مسؤولي البيت الأبيض كانوا عارفين المحتوى السياسي في المكالمة، عشان كدا أخفوها.
– مستشارين ترامب شايفين إن محتوى المكالمة جيد وعادي، لكن المعارضين لترامب بيقولوا إن طريقة التعامل مع المكاملة، وطلب ترامب من رئيس أوكرانيا يعتبر إساءة استخدام للسلطة الرئاسية.
******

ازاي تم التعامل مع الموضوع؟

– مجلس النواب كان بيحقق في الشكوى، والرئيس بينكر الاتهامات الموجهة ليه، والإدارة التابعة ليه رافضة التعاون مع لتحقيقات، لكن الديمقراطيين ضغطوا للحصول على مزيد من المعلومات عن الموضوع، وبعدها في 25 سبتمبر، ترامب نشر على تويتر محتوى المكالمة.

– نص المكالمة وضح إن ترامب طلب من الرئيس الأوكراني يفتح تحقيق في تهم بالفساد ضد إين جو باين اللي بيشتغل عضو مجلس إدارة شركة نفط في أوكرانيا، ويتأكد إن جو بايدن استغل سلطته لما كان نائب الرئيس، وضغط على أوكرانيا عشان تقفل التحقيق في القضية في 2016.

– صحيفة واشنطون بوست بتقول إن الرئيس منع مساعدات ب 4 مليون دولار عن أوكرانيا قبل أسبوع من المكالمة دي. وده معناه إن المساعدات استخدمت كورقة ضغط لتحقيق أهداف ترامب السياسية.

– عشان كدا نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب قالت إن ترامب بيستخدم أموال الشعب الأمريكي الي بيدفعها في صورة ضرائب لمصالحه، وأعلنت عن التحقيقات اللي هتتم في لجنة الاستخبارات، وهيقودها رئيس اللجنة آدم شيف، وقالت إن إجراءاتها هتمشي “على وجه السرعة”.

– في المقابل ترامب هاجم الجمهوريين وقال إنهم عايزين يبوظوا رحلته للأمم المتحدة، وهاجم رئيس لجنة الاستخبارات وطالبه بالاستقالة، واعتبر الشخص اللي سرب المعلومات دي جاسوس وهدد انه هيتعامل معاه كخائن لما يعرفه.

– بعض الجمهوريين في مجلس النواب – أعضاء حزب الرئيس- تقدموا بمشروع قرار لوقف الإجراءات ضد ترامب، لكن تم رفض القرار بأغلبية 222 نائب، مقابل 184.

****
إيه احتمالات عزل ترامب؟

– دي مش أول مرة ترامب يتهم بالتواصل مع دولة أجنبية ويسمح لها بالتدخل بطريقة تخل بالأمن القومي الأمريكي. من أول ما وصل للرئاسة كانت في اتهامات ضده بالتواطؤ مع روسيا في قضية التدخل في الانتخابات الأمريكية.

– وقتها بدأت تحقيقات يقودها محقق خاص اسمه روبرت مولر، استمرت لمدة سنتين، وقدم نتيجتها للكونجرس، لكنه موصلش لأدلة تدين ترامب، وكمان ما أثبتتش براءته تماما من التهمة، خاصة اانه قدر يدين أكتر من شخص من أقرب مساعدي ترامب وأعضاء حملته ببتهم مختلفة.

– لكن كتير من المحللين شايفين الوضع في القضية دي مختلف والحالة أوضح، وده سبب ان الكونجرس يقرر يبدأ اجراءات عزل ترامب، وده محصلش في قضية التدخل الروسي.

– لكن مش بالضرورة إن مساعي الكونجرس تنجح ويقدروا يعزلوه، لأن عشان ده يحصل لازم مجلس النواب يوافق بأغلبية بسيطة، وبعدين مجلس الشيوخ يوافق بأغلبية الثلثين على القرار.

– مجلس النواب يتكون من 435 عضوا، والجمهوريين -حزب الرئيس- ليهم 199 عضو فقط في المجلس، بينما الديموقراطيين معاهم 235 نائب، وعضو مستقل. يعنى الديموقراطيين يقدرو لوحدهم يوافقوا على توجيه لايحة الاتهام للرئيس.

– لكن في المقابل الجمهوريين معاهم 53 مقعد في مجلس الشيوخ المكون من 100 عضو، بينما الديموقراطيين معاهم 45 مقعد، بالإضافة لعضوين مستقلين عادة بيصوتوا مع الديموقراطيين، وبالتالي في صعوبة في إن أغلبية الثلثين تصوت لصالح قرار العزل، إلا لو انضم لهم 20 عضو جمهوري، بحيث يكون العدد الإجمالي 67.

– محصلش قبل كده إن رئيس أمريكي اتعزل نتيجة للمساءلة. مجلس النواب وجه اتهامات لرئيسين، وهما جونسون سنة 1968، وبيل كلينتون سنة 1998، لكن مجلس الشيوخ مقررش إدانة أي منهم. أما ريتشارد نيكسون اللي حصلت في عهده فضيحة ووترجيت، فاستقال قبل ما تتم مسائلته، لأن إدانته كانت واضحة تماماً.

*****

إيه علاقتنا بالكلام ده؟

– ضروري نشوف إيه اللي بيحصل في الدول الديموقراطية اللي بيتم مسائلة الرئيس فيها عن كل كبيرة وصغيرة. يهمنا ناخد بالنا من تفاصيل زي إن الرئيس مالوش صلاحيات مطلقة في كل شيء، لدرجة إنه مايقدرش يعمل مجرد مكالمة تليفون رسمية إلا بحضور أعضاء مجلس الأمن القومي.
– المكالمات بتتسجل وتتأرشف وبعد سنوات هتكون وثيقة متاحة لكل المواطنين، مش زي عندنا لحد النهاردة مفيش قانون حرية تداول معلومات وطلب أي وثائق تاريخية من دار الوثائق القومية مسألة صعبة جدا!

– شوفنا الإجراءات اللي بتتعمل لتوثيق محتوى المكالمة، ولما الرئيس حاول يخبي المحتوى اللي ممكن يدينه، الدنيا اتقلبت وفيه تحقيقات هتتعمل معاه ممكن تعزله. وفي مصر، عندنا الرئيس عدل الدستور عشان يفضل في الحكم، وفي شبهات حوالين طريقة التعامل مع جزر تيران وصنافير وحقيقة التعامل مع الوثائق التاريخية بتاعتنا، أو حتى قضية القصور الرئاسية الجديدة ومافيها من إهدار للأموال ومع ذلك متمش أي تحقيق جاد في أي قضية، ومن بابه الأجهزة الأمنية مبتخضعش لرقابة البرلمان أو البرلمان يقدر يسألها، بالعكس الأجهزة الأمنية هي اللي بتشرف على إختيار النواب بما يخدم مصالحها مش مصلحة المواطنين.

– محاولة التأثير على وضع مرشح منافس في أمريكا تم التعامل معاه على إنه بيضر بالأمن القومي وحصلت الإجراءات اللي اتكلمنا عنها، دليل على أهمية الفصل بين السلطات وعدم إستغلالها بشكل سيء وقد إيه ده مهم لحماية الشعوب من الديكتاتورية، أما في مصر، فعندنا الرئيس سجن منافسيه في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، وبيحبس المعارضين طول الوقت، وكمان أجهزته الأمنية بتراقب نشاطات المعارضين والصحفيين بأحدث التقنيات.

– لما يكون عندك مؤسسات حقيقية بتحمي الشعب فعلاً والمؤسسات دي كلها بتخضع للقانون ولقواعد الديمقراطية، فإنت كمواطن بتضمن دايماً إنه حتى لو حصل أي إنحرافات فانت هتعرفها وهيتم محاسبة المتجاوزين دول حتى لو كانو في قمة السلطة، لكن لما يكون عندك ناس مبيتطبقش عليهم قانون ولا بيلتزمو بيه ولا إرادة الشعب بتقدر فعلاً تحمي القانون ويتطبق على الكل أو تمنع أي حد معاه سلطة إنه يستبد أو يستخدم طرق غير مشروعة للحفاظ عليها فالمواطن هو المضرور الأول ومش هيبقى عنده قانون يحميه من أبسط التجاوزات – زي تفتيش التليفون – لو هو مش في السلطة دي أو ليه مصلحة معاها.

– الدول بتتبني بسيادة القانون وبالمساواة وبالعدالة وبالفصل بين السلطات، إنما الدول بتتهد بالديكتاتورية وحكم الفرد ووجود أشخاص فوق القانون.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة