– لازلنا بنتابع تطورات الوضع في السودان من لحظة انقلاب البرهان، ويوميًا في تطورات بتحصل في السودان من تظاهر وعصيان مدني رافض لعملية الانقلاب اللي قادها البرهان.
– وبنأكد على دعمنا الكامل لكل الحراك المدني في السودان المطالب بعودة الديمقراطية ورفض الانقلاب العسكري.
– إمبارح كان يوم الأكثر دموية على الإطلاق منذ انقلاب 25 أكتوبر، بعد ​​استخدام قوات الأمن السودانية الذخيرة الحية في وجه المتظاهرين السلميين، ودا أدى لمقتل 15 متظاهر.
– خالص العزاء لجماهير الشعب السوداني، اللي بتدفع ثمن وقوفها في وجه انقلاب استبدادي بيحاول يرسخ شرعيته بالدم.
– ايه آخر التطورات اللي حصلت؟ والوضع رايح على فين؟ دا اللي هنشوفه مع بعض في البوست دا.
*****

إيه اللي بيحصل حاليًا؟

– برغم انقطاع الهواتف والاتصالات في السودان، لكن من امبارح وحتى اليوم في مظاهرات مستمرة بالعاصمة السودانية الخرطوم وتحديدًا في حي بحري، بعد مقتل 15 شخص في مظاهرات إمبارح الأربعاء في السودان بحسب بيان لجنة أطباء السودان المركزية، التابعة لتجمع المهنيين السودانيين، عشان يوصل الإجمالي من يوم إعلان الانقلاب في 25 أكتوبر لحوالي 39 شهيد، بالإضافة لمئات المصابين.
– ورغم توثيق وزارة الصحة ولجنة أطباء السودان المركزية لحالات الوفاة بتاعت امبارح وغيرها، لكن من بداية المظاهرات الأخيرة بعد قرارات الانقلاب يوم 25 أكتوبر، ووزارة الداخلية السودانية بتنفي بشكل مستمر استخدامها للرصاص الحي ضد المتظاهرين، وبتتهمهم بتعمد الهجوم على مراكز الشرطة، وبتتكلم عن إصابات في صفوفها.
– المظاهرات الأخيرة دي بتتزامن مع دعوة تجمع المهنيين السودانيين للالتزام بالعصيان المدني المستمر من بداية لحظة الانقلاب، مع صدور قرار قضائي باعتقال مديري شركات الاتصالات بسبب عملية قطع الإنترنت لحين عودته مرة أخرى.
– دعوة تجمع المهنيين للعصيان المدني بتدعو لشل الحياة العامة عبر الإضراب الكامل عن العمل، وإغلاق الطرق العامة والداخلية بالمتاريس وتجنب الاشتباك مع قوات الأمن، ومقاطعة كل المؤسسات الحكومية وعدم التعامل معها، وعدم دفع أي رسوم أو فواتير أو ضرائب للسلطات المركزية والمحلية.
– وتصاعدت المواجهات الأخيرة بين المواطنين الرافضين للانقلاب والجيش، بعد قرار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان يوم الخميس 11 نوفمبر، بتعيين مجلس جديد للسيادة بدون عضو واحد من قوى الحرية والتغيير المحرك الأساسي للحراك في الشارع.
– المجلس الجديد حلف اليمين أمام رئيس المحكمة العليا السودانية، وضم في عضويته نفس العسكريين اللي كانوا أعضاء في المجلس السابق اللي تم حله، منهم نائبه محمد حمدان دقلو “حميدتي” نائب رئيس المجلس، وقائد قوات الدعم السريع والمتهم بارتكاب جرائم حرب، بالإضافة لأشخاص مدنيين جدد منهم ممثلة للمسيحيين، ورجل أعمال ونائب برلماني سابق في عهد البشير، وشخصية ثالثة ليس لها أي تاريخ سياسي يذكر.
– وطبعًا الخطوة دي هي بمثابة محاولة للتأكيد على استمرار الانقلاب واكتمال أركانه، وانعدام أي فرصة للتراجع من طرف الجيش السوداني، وإنهم مصرين على الوصاية والسيطرة على اختيارات الشعب، وإقصاء أطراف الثورة، وعدم الانصياع لأي مبادرات داخلية أو خارجية لحل الأزمة.
– وبرغم دعوات المجتمع الدولي بإطلاق سراح المعتقلين من قوى الحرية والتغيير ووزراء حكومة حمدوك، لكن لم يتم إطلاق سراح غير 4 وزراء فقط من حكومة حمدوك، فضلًا عن استمرار الإقامة الجبرية لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
– ولحد النهارده لا يزال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، عاجز عن تشكيل حكومة جديدة خلفًا لحكومة حمدوك، بالإضافة إلى أن اختياراته في مجلس السيادة لا تعبر عن أي تيار أو مكون سياسي محدد، وده مؤشر على صعوبة إدارة البرهان للدولة من لحظة الانقلاب.
*****

إيه أخبار المجتمع الدولي؟

– خرجت بيانات عديدة من الأمم المتحدة والرئيس الفرنسي والخارجية الأمريكية والإنجليزية، وعديد من وزارات الخارجية الأوروبية بتطلب من الجيش العودة للمسار الدستوري وإطلاق سراح المعتقلين والتنديد بالخطوات الأحادية الجديدة للبرهان، لكن البرهان مستمر في إجراءاته وفي الاعتقالات واللي كان آخرها الناشط محمد ناجي الأصم عضو لجنة أطباء السودان المركزية والقيادي بتجمع المهنيين السودانيين، بالإضافة لاعتقالات جديدة لنور الدين صلاح القيادي بتجمع المهنيين، وقيادي آخر بحزب المؤتمر.
– وإمبارح خرجت بيانات جديدة من وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن بيدعو فيها قادة الجيش بالعودة للمسار الدستوري، وأضاف بلينكن إنه الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لن يدعموا السودان إلا بعودة الممثل الشرعي للسلطة في السودان وهو رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
– أما بريطانيا والنرويج وسويسرا فأدانت ما سمته التعيين المزعوم لمجلس السيادة الجديد بالسودان في “انتهاك” للإعلان الدستوري الموقع في 2019، ودعت للعودة إلى حكومة انتقالية يترأسها مدنيون.
– وفي نفس السياق قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، مولي في، اللي زارت الخرطوم يوم الثلاثاء 16 نوفمبر، إنها قابلت رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، بدون نشر تفاصيل كثيرة عن اللقاء.
– لكن نشرت وسائل إعلام سودانية تصريحات لأحد أعضاء المجلس السيادي السوداني، إنه هيتم إطلاق سراح حمدوك ومعتقلين آخرين خلال أيام، لكن طبعًا لايبدو إنه المعلومة دي صحيحة حتى الآن، وقد تكون للاستهلاك الإعلامي أمام الغرب.
– كمان التقت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي بعبد الفتاح البرهان، واللي قال إنه خطوات الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا خلال استيلاء الجيش على السلطة بدأت، ولكن الإفراج لن يشمل من يواجه اتهامات “جنائية”.
– وقالت السفارة الأمريكية إن مولي في التقت أيضا مريم المهدي، وزيرة الخارجية في الإدارة التي حلها البرهان، “لإظهار دعم الولايات المتحدة للمرحلة الانتقالية التي يقودها المدنيون”.
*****

الوضع رايح فين؟

– لا يزال الوضع في السودان غير مستقر ومش متوقع استقراره في وقت قريب، بسبب حالة العجز الكامل للجيش في ممارسة السلطة برضا من المواطنين اللي رافضين حكم الجيش بشدة، وبدليل عجز الجيش عن تشكيل حكومة جديدة أو عن السيطرة على الشوارع والميادين، أو بخلق وإظهار قاعدة من المؤيدين للانقلاب اللي حصل يوم 25 أكتوبر.
– وكان واضح بالطبع من لحظة إسقاط عمر البشير رغبة العسكريين في الالتفاف على الثورة السودانية بأي شكل وعودة الحكم العسكري في أسرع توقيت، وده كان واضح من المقاومة لمدة شهور بعد إسقاط البشير لفكرة عمل تسوية مع المدنيين ولحد اللحظات الأخيرة في إتمام الاتفاق على الوثيقة الدستورية وظهر بعد نهاية الوثيقة وبداية العمل محاولات الوقيعة والإطاحة بمكونات الحكم المدني في مرات عديدة، مع تحميلهم المستمر لأي أزمات اقتصادية.
– وكانت الأمور بدأت تتصاعد بشدة في آخر أسابيع وشهور مع اقتراب موعد تسليم رئاسة المجلس السيادي للمدنيين بدلًا من العسكريين، وبدأت التصريحات تكون أعنف تجاه الحرية والتغيير، وبدأت عمليات الاستهداف تتضح بعمل اعتصام من أنصار البشير بجوار القصر الجمهوري، وإعلان الفيسبوك وقف شبكات تواصل اجتماعي تتبع اللواء حميدتي، لاستهداف نشطاء داخل السودان، لحد ما بدأ الانقلاب بالفعل وبدأت معاه الاعتقالات.
– خطورة استمرار الوضع الحالي في السودان زي ما شرحنا قبل كده، هو في حالة عدم التجانس أو التماسك بين مكونات الجيش السوداني نفسه، واللي هو أصلًا حصل فيه عدة محاولات انقلاب من قيادات عسكرية مختلفة عن البرهان وحميدتي خلال السنتين اللي فاتوا، كان آخرهم محاولة قبل الانقلاب بشهر واحد فقط من اللواء عبد الباقي البكراوي الموالي لعمر البشير، وقال عنها رئيس الوزراء حمدوك إنه المحاولة دي دليل على أهمية إصلاح الجهازين الأمني والعسكري، وبالتالي هو أصلًا المؤسسة العسكرية غير متماسكة ومعرضة في أي وقت للانشقاقات.
– خاصة مع الوضع في الاعتبار غياب أي دعم دولي واضح من أي طرف للانقلاب اللي قام بيه البرهان وحميدتي، وبالتالي مش واضح إنه المجتمع الدولي ناوي يتعاطف مع البرهان أو يتصالح مع فكرة إدارته، خاصة إنه محدش واقف معاه أو مقرر يدعم إدارته ماديًا أو سياسيًا لحد الآن فيما هو ظاهر.
– ومع وجود حالة تحفز أمريكية من إدارة بايدن بسبب تنفيذ الانقلاب بعد أقل من 48 ساعة من حوار للمبعوث الأمريكي للسودان مع جميع الأطراف مش منتظر إن دول إقليمية تدعم هذا الانقلاب علناً على الأقل حتى لا تدخل في صدام مباشر مع إدارة بايدن اللي قامت بتجميد المساعدات اللي كانت رايحة للسودان ومقدرة ب 700 مليون دولار، بالإضافة لتجميد مشاريع تنموية للبنك الدولي في السودان تقدر بـ2 مليار دولار.
– يضاف لعوامل عدم الاستقرار وجود حركات سياسية مسلحة زي مثلًا الحركة الشعبية بقيادة مالك عقار، وحركتي الطاهر حجر والهادي إدريس، بالإضافة لتسلح كبير للقبائل في دارفور وكردفان، واللي بيوصل فيها التسليح لحد المدافع والرشاشات، وبالتالي البيئة خصبة جدًا في حال استمرار الوضع الحالي لدخول السودان في منعطف خطير لا قدر الله.
– ودي كلها عوامل بتصعب فكرة إدارة البرهان أو حميدتي للسودان أو فرضهم للسيطرة وإجراء انتخابات زي ما بيتكلموا، لأنه عشان ده يحصل بالوضع الحالي في الشوارع السودانية هتكون النتيجة إراقة كبيرة للدماء بين المواطنين، وده موضوع مش سهل.
– البرهان رهانه واضح في إطالة الوقت وفرض الأمر الواقع، مع استمالة مدنيين ملهمش علاقة بالسياسة ولا بالثورة السودانية، زي اللي استدعاهم في المجلس السيادي وبيحاول يلاقي غيرهم في تشكيل الحكومة الجديدة، وبالطبع هيكونو أشخاص مطيعين تمامًا وولائهم للي عينهم واختارهم، وصحيح الخطوة دي متعثرة شوية لحد دلوقتي، لكن هو ده المسار بتاعه.
– وللأسف احتمال آخر غير الحرب الأهلية أو إراقة كبيرة للدماء في السودان من أجل سيطرة العسكريين، يحصل تفكك في الجيش بين أنصار حميدتي “قائد الدعم السريع” وبين الفريق البرهان، بالإضافة لتحدي آخر في حال اكتمال سيطرة العسكريين على السلطة هو إزاي هيتم إدارة الوضع الاقتصادي السيء بشدة في ظل عدم وجود أي دعم أو نوايا دعم من أي حليف لأنه الجميع عنده مصالح مع أمريكا وهيرفض التضحية بيها في الوقت الحالي على الأقل.
– وبالتالي معنى ده إنه السودان مرشحة للعودة لحالة العزلة الدولية والحصار الاقتصادي زي ما حصل مع البشير لسنوات، وبالتالي حتى مع ترحيب أو ارتياح روسي للموقف في السودان والرغبة في إقامة قاعدة عسكرية هناك، لكن ده مش شيء كافي للاستناد عليه في الحكم سياسيًا ولا اقتصاديًا في ظل وجود إدارة بايدن والموقف الدولي الحالي، وبالتالي السودان مرشحة للعودة لقوائم الدول الراعية للإرهاب وعودة الديون اللي كانت انخفضت بعد الدعم الدولي للثورة من 60 مليار لـ 23.5 مليار دولار.
– كل اللي بيحصل دا مش في مصلحة أي حد وضد مصلحة الشعب السوداني وضد مصلحة المنطقة كلها، لأن عدم الاستقرار في السودان هيطول دول الجوار قبل أي حد تاني وأي مغامرات خارجية هتكون عواقبها وخيمة، وهتأثر في الجزء دا من إفريقيا أيضا، وهتدخل المنطقة في دوامة كبيرة مليئة بالعنف، بسبب رغبة العسكريين في السلطة والحكم.
– في النهاية إحنا مع الشعب السوداني ورغبته المشروعة جدًا في الوصول لحكم مدني ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب ولرأيه ورضاه مش لأي شيء تاني، ونتمنى إنه ده يحصل في أسرع وقت وترجع السودان للسودانيين.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *