– بنكرر التهنئة لمهندسي وعمال ومسؤولي هيئة قناة السويس اللي قدروا يحققوا انجاز حقيقي ويحلوا الأزمة في توقيت سريع جداً مقارنة بالتوقعات اللي خرجت من العالم كله.
– الخبر يستاهل كل الفرحة اللي شفناها في فيديوهات العمال والمهندسين في الموقع، لإننا قدرنا نتعامل مع الأزمة بشكل سريع وكانت الاستجابة منظمة وناجحة.
– والاستعانة بالخبرات الأجنبية السليمة كان شيء يحسب لينا بالأساس ضمن جهود التعويم الجبارة اللي حصلت.
– في البوست ده هنتكلم عن حصاد موضوع السفينة وتطوراته، وبعض الدروس المستفادة منه، وبعض المخاطر والفرص اللي لازم الانتباه ليها فيما يخص مستقبل القناة.
*****
إيه آخر التطورات؟
– يوم الاتنين تم الإعلان عن تعويم السفينة أخيراً، ونقلنا فديوهات احتفالات العمال الجدعان على القاطرات والكراكة بعد ما اشتغلوا ليل ونهار، وكسروا توقعات أغلب الصحف الأجنبية المتخصصة إنه الموضوع ده هيمتد لأسابيع.
– رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، عمل مؤتمر صحفي أتكلم فيه بشفافية واحترافية نشكره عليها، وقال إنه ميقدرش يحدد لسه مسؤولية جنوح السفينة لكنها في الأغلب أسباب “مركبة” بين الجو وقيادة السفينة وأسباب فنية أخرى، وإن الموضوع قيد التحقيق الفني المتخصص، وإن في سفن أكبر من إيفر جيفن قدرت تعدي القناة بدون مشاكل.
– الفريق أسامة أعلن إنه السفن العالقة اللي تقدر بـ 422 سفينة هيتم الانتهاء من تسييرها خلال 4 أيام فقط ودا اللي بدأ بالفعل خلال الساعات اللي فاتت بمجهود كبير جدا من مرشدي الهيئة.
– الفريق أسامة ربيع ضمن كلامه برضه اتكلم صحة خبر رويترز اللي قال إنه السفينة كانت جنحت مرة تانية بعد إبعادها من الشط أول مرة، وأكد دقة المعلومة وإنه ده حصل لفترة بسبب الرياح، لكنه تم التعويم نهائياً الساعة 3 مساء.
وده شيء إيجابي منه انه ممشيش مع مزايدات شفناها في الإعلام المصري عن النقطة دي كإن فيه مؤامرة من رويترز ضد مصر.
– كان في بعض السفن بدأت تاخد طريق رأس الرجاء الصالح الأطول بمدة 10أيام، على اعتبار إنه قفل القناة هيستمر وهيطول، لكن مع إعادة فتح القناة في بعض السفن رجعت مرة تانية زي سفينتين شركة “ميرسك” الدنماركية، اللي هي أحد أهم شركات الشحن في العالم.
– عملية التحرير نجحت بعد حفر الكراكات المصرية حوالي 30 ألف متر من الرمال المحيطة بالسفينة، ونجاح محاولات شد وتعويم مقدمة ومؤخرة السفينة، دون الاضطرار لتخفيف الحمولة اللي بتزيد عن 13 ألف حاوية واللي هي عملية كانت هتاخد وقت طويل جداً.
– تمت عملية التعويم بالاستعانة بخبراء من شركة “شميت” الهولندية بقاطرتين، واللي بالتعاون مع أسطول مصري من 11 قاطرة بحرية شكلوا قوة كفاية عشان تعوم السفينة، مع الأخذ في الاعتبار إنه وجود “مد مائي” ساعد على التعويم وتجنب سيناريو تخفيف الحمولة، ودا يبين إنه دايماً الاستعانة بالعلم وبالخبرات شيء مهم جداً، ودا شيء إيجابي يحسب للمسؤولين في الهيئة سرعة تصرفهم أثناء إدارة الأزمة الجديدة من نوعها.
– وبيان الشركة الهولندية أوضح إن فريق خبرائهم عمل بالتعاون الوثيق مع هيئة قناة السويس.
– وللعلم إنه دول كتير عرضت على مصر المساعدة والاستعانة بخبراتها وقدراتها في حل المشكلة، ورئيس هيئة قناة السويس قال إنه كان من الممكن الاستعانة بدول أخرى في حالة اللجوء لسيناريو تفريغ حمولة السفينة، لأنها عملية محتاجة إمكانيات كبيرة، ودا بيأكد جدية نهج إدارة الأزمة دي، لأنه مش عيب أبداً بل وميزة إنك تعرف تستدعي الخبرات والإمكانيات في الوقت المناسب لحل أزمتك.
– بعد نجاح التعويم السفينة راحت منطقة “البحيرات المرة” في فايد، عشان يتم فحصها وفتح تحقيق مع الطاقم اللي عليها عشان فهم أسباب جنوح السفينة وتحديد المسؤوليات بدقة عشان تكاليف الخسائر اللي حصلت لقناة السويس ولكتير من الشركات والسفن والبضائع، واللي هو إعلانه شيء مهم عشان نفهم إيه المشكلة بالظبط وإزاي نتفادى تكرارها بعد كده، بالإضافة لحفظ حقوق المصريين.
*****
– الرئيس السيسي زار هيئة قناة السويس في رسالة دعم للهيئة والعاملين بيها، وإنها كانت فرصة جيدة للتأكيد على قيمة قناة السويس للعالم كله اللي اتعطلت تجارته وارتفعت أسباب البضائع والبترول في أسبوع واحد بمجرد قفلها.
– وده كان أنسب وقت ومكان فعلا لإعلان التصعيد بقضية سد النهضة، وأد إيه العالم كله هيتأثر بالأزمة مش مصر بس لو أثيوبيا فكرت فعلا تحرم مصر من حقوقها المائية.
*****
– لكن التناول الإعلامي المصري اللي حصل في الأيام الأولى من الأزمة كان سيء جدا ومثال واضح لما لا ينبغي أن يكون عليه الإعلام في وقت الأزمات، ونقدر نقارن بين الفارق في مؤتمر رئيس الهيئة وبعده مؤتمر الرئيس السيسي، وتناول الإعلام العالمي ليهم، وبين المختلفة تماماً في الإعلام المحلي اللي نشر خبر موحد كاذب في أقل من 24 ساعة عن نجاح تعويم السفينة، وإنه في إشاعات وأكاذيب بتنال من الدولة، وشفنا ازاي أول أيام الواقعة كل الصور جاية من السفن الأجنبية بالقناة أو من الأقمار الصناعية، ومكانش في مصر مراسل واحد لقناة أو جريدة حكومية أو خاصة كان يقدر يعمل بث مباشرة أو يغطي الموضوع خارج إطار التصريحات الرسمية، على الرغم من وجود مثلاً مراسل دائم لجريدة الأهرام في هيئة قناة السويس وكان موجود من أول لحظة لكن لم ينشر شيء.
– والحقيقة الأداء المخيب للآمال ده مش بس بيأكد للمواطن المصري إنه معندوش قنوات إعلامية بتخدمه بشكل حقيقي، لكن كمان كان سيء التصرف في إطار أزمة بتهم العالم كله ومصر كأنها مش طرف في الموضوع، يعني الإدارة الأمنية لملف الإعلام دي مش بس مضرة بملف الحريات والديمقراطية وحق المواطن بالمعرفة دي مضرة بمصالح الدولة نفسها.
– الإعلام المحلي مش بس قصر في تغطية أهمية القناة، لكن حتى مجهودات اللي اضطر يتكلم عنها رئيس الهيئة بنفسه، زي توفير متابعة “بيطرية” وأعلاف، لأكتر من 53 ألف راس ماشية في السفن العالقة، خوفاً عليها من المرض أو النفوق الجماعي، وجهود تانية كتير ملاقتش اللي يغطيها ويظهرها بالشكل المطلوب.
*****
إيه المخاطر اللي ممكن تواجه قناة السويس مستقبلاً؟ وإزاي نستفيد من واقعة السفينة؟
– على الرغم من إنه حادثة الجنوح دي نادرة جدا لكن لازم تتاخد مستقبلاً في الاعتبار، والرئيس أتكلم بالفعل عن ده في كلمته.
ممكن يتم تطوير أسطول الهيئة بقاطرات وسفن تواكب التطور السريع بحجم الناقلات الضخمة، أو لو ده مكلف جداً ومش منطقي يتصرف على حاجة احتماليتها ضعيفة جدا ممكن يكون البديل المقترح عقد دائم مع الشركات المالكة للقاطرات الضخمة توفرها فور وقوع حادث شبيه.
– الحادثة زي ما أكدت أهمية القناة أكدت كمان وجود محاولات مستمرة للتقليل من دورها أو إيجاد بديل ليها.
البعض أتكلم عن مشاريع خطوط القطارات سواء اللي من إسرائيل لأوروبا أو ضمن طريق الحرير الصيني، لكن دي أمور بعيدة جدا لأنه أي قطار مهما بلغ حجمه كقطار بضائع هيكون بيهدر وقت وحجم كبير مقارنة بالنقل البحري.
– لكن عندنا منافس بيحاول يكبر ويستفيد من الوضع الحالي والتغيرات المناخية، وهو طريق ممر الشمال الروسي، وده طريق بحري من روسيا مباشرة لأوروبا عن طريق القطب الشمالي، والممر ده بيحصل عليه حركة فعلاً ولكن في الشهور من يوليو لحد أكتوبر اللي بيكون فيها درجة الحرارة عالية.
– لكن مع التغيرات المناخية الحالية وزيادة درجة حرارة الأرض، فالطريق ده روسيا بتروجله كطريق للمستقبل، وإنه خلال سنوات هيكون الطريق الرئيسي للتجارة بين روسيا والصين واليابان إلى قلب أوروبا طول العام، بدون الحاجة للإبحار الطويل من المحيط الأطلنطي ثم قناة السويس.
– وطبعاً طول الـ 6 أيام بتاعت قفل القناة وروسيا كانت بتحاول تعظم في الممر التجاري الخاص بيها وبتحاول تروج ليه إعلامياً كبديل لقناة السويس، وإنها هتقدم كافة الضمانات والتأمينات لشركات النقل عشان تشجعها على المرور من الطريق ده، لكن طبعاً ده لسه قدامه وقت طويل وحتى الآن الحجم التجاري بتاع الممر ده لا يقارن بحجم قناة السويس.
– أيضاً فيه فكرة تانية عن أنابيب نفط تمر بإسرائيل كبديل عن ناقلات النفط في القناة لكنها مازالت برضه فكرة مكلفة جدا وعلى المدى الطويل.
– لكن ده لا يمنع من أننا طول الوقت نكون مركزين مع المواضيع دي قبل ما تحصل بوقت كافي، وكان كويس إن الهيئة من وقت للتاني بتقدم تخفيضات كحوافز لخطوط ملاحية بعينها بتلاقيها وارد تستخدم طرق مختلفة.
*****
مشروع محور قناة السويس
– طبعاً الحادثة الحالية بتعيد المناقشة والتفكير حوالين مشروع تنمية محور أو إقليم قناة السويس، واللي هو مش مجرد الحفر المائي لقناة أو تفريعات، لكن بناء منطقة كبيرة للخدمات اللوجستية على امتداد القناة، وده اللي هينقل قناة السويس لمستوى تاني.
– المنطقة دي هتحول قناة السويس من مجرد تحصيل رسوم، لمنطقة فيها صيانة للسفن، وتزويد بالوقود، وإعادة شحن وتفريغ للحاويات بسرعة وكفاءة كبيرة، واللي هو مشروع كبير ومحتاج استثمارات ضخمة جداً. وبالتأكيد في وقت حادثة زي دي لو كان عندنا منطقة خدمات لوجيستية ضخمة كانت السفن عملت تفريغ للحاويات بتاعتها وإعادة شحن وتزويد بالوقود، ويتم إعادة توزيع الحاويات على كل ميناء لوحده بدل ما نفس السفينة تروح أكتر من ميناء.
– بنتكلم مثلا عن نموذج زي سنغافورة، أو بمنطقتنا عندنا ميناء زي جبل علي ومنطقته الحرة بيقدرو يشيلو أكتر من 22 مليون حاوية، وده بيخليهم يحققوا أرباح ونمو كبير في تجارة الإمارات الخارجية وصلت قيمتها لحوالي 83 مليار دولار سنة 2017.
– طبعاً الحجم الضخم ده ندركه لما نعرف إنه أرباح قناة السويس السنوية في المتوسط من 5 لـ 6 مليار دولار سنوياً، وده رقم أقل بكتير من الإمكانيات الحقيقية اللي ممكن تطلع من تنمية قناة السويس.
– مشروع تنمية قناة السويس، تكاليفه ضخمة جدا فعلا، لكن ممكن تكون شبه تكاليف مشروعات تانية كتير بدأناها وبالتالي هوا مش مستحيل.
– طبعاً بلا شك إنه قوى عالمية وإقليمية متحبش إن مصر تتوسع في المجال دا من باب المنافسة، زي ما دول تانية بتحاول تجد بديل عن القناة، ومش لازم أبداً دا يكون في “سياق مؤامراتي”، لكن كل دولة بتدور على مصلحتها، وده مش عيب، العيب هيكون علينا احنا لو مشتغلناش بأقصى طاقتنا لتحقيق مصالحنا، وكل اللي حصل ده يدفعنا إننا نطور من القناة ومشروع المحور، لتحقيق أكبر استفادة للمصريين.
*****
– نقدر نستخلص من الموقف السفينة الجانحة والتعامل الناجح معاه إن إدارة الأزمات بتحتاج قدر عالي من الكفاءة، ودا شيء موجود في مصر وظهر في رجال الهيئة اللي كل الشكر ليهم، ومحتاجين نفعله في باقي المجالات، وكذلك الشفافية مطلوبة لإبراز الجهود اللي بتحتاج تشجيع ومكافأة، زي ما بتظهر المقصر اللي مفروض يتحاسب.
– نتمنى في النهاية إنه كل اللي بنقوله عن تنمية قناة السويس وتعظيم الاستفادة منها يتحط كأولوية في الاقتصاد المصري، ونتمنى دايماً كل التقدم والخير لبلدنا.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *