– قبل أيام أصدر قاضي التحقيق في القضية 173 لسنة 2011 المعروفة بقضية “التمويل الأجنبي” قرار بحفظ التحقيقات مع 18 مؤسسة، وكمان في الحيثيات قال كلام إيجابي عن “عن دور المجتمع المدني في تقدم الأوطان”.
– لكن القرار الأخير لم يشمل المؤسسات الحقوقية الرئيسية بمجالات بترفضها الدولة زي مكافحة التعذيب أو الاعتقال التعسفي.
– وقبل أسبوع أطلقت 5 مؤسسات حقوقية مصرية بيان مشترك تحت عنوان #أول_سبع_خطوات يطرح 7 مطالب بيدعو الحكومة لتنفيذها “قبل الحديث عن إنفراجة في أوضاع الحقوق والحريات في مصر”.
– النهاردة حنشوف إيه معنى القرار الأخير؟ ليه القضية مستمرة لحد دلوقتي؟ وايه اللي ممكن يتعمل عشان نفتح صفحة جديدة للوضع الحقوقي المصري لصالح كل المواطنين؟
*****
ايه اللي حصل في القرار الأخير بالقضية؟
– القضية تعتبر واحدة من أطول القضايا في القضاء المصري، أكتر من 10 سنوات من التحقيقات لا بيتم حفظها ولا بيتم إحالتها للمحاكمة في وضع عجيب بيدل في حد ذاته على الأبعاد السياسية في القضية.
– القرار الأخير صدر بإنهاء التحقيقات مع18 مؤسسة، في حالة 15 منها كان السبب من قاضي التحقيق هوا أنه “لا وجه لإقامة الدعوى”، وفي 3 منها قال ان السبب هوا “عدم كفاية الأدلة”.
– قاضي التحقيقات اللي هو المستشار علي مختار رئيس محكمة استئناف القاهرة، طلع بيان أو خطاب بعد حفظ التحقيقات مدح فيه في أهمية دور مؤسسات المجتمع المدني لصالح البلد، لكن العجيب ان الدور المهم ده يفضل متعطل أكتر من 10 سنوات باتهامات لا وجه لإقامتها أو لا أدلة عليها.
– معظم المنظمات اللي تم حفظ التحقيقات معاها هي منظمات تنموية ملهاش علاقة بالسياسة، وبعضها قبطية أو مرتبطة بنظام مبارك، ومنها الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، والجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، ومركز التنوير للتنمية وحقوق الإنسان، ومؤسسة محمد علاء مبارك الخيرية، والمنظمة المصرية لحقوق الانسان، وجمعية النهضة الريفية بشبين الكوم، وجمعية رواد البيئة، وغيرها.
– في نهاية مارس الماضي أيضا كان صدر قرار أخر بإنهاء التحقيقات بالنسبة ل20 منظمة أخري في القضية، وقبلها في ديسمبر مجموعة تالتة، عشان يوصل العدد النهائي للمنظمات اللي تم حفظ التحقيقات معاها في القضية ل58 مؤسسة، كلها ثبتت براءتها تماما ومفيش أدلة توديهم المحكمة أساسا.
– لكن مازالت القضية مستمرة بالنسبة للمؤسسات حقوقية أخرى بتعتبرها جهات الدولة الأمنية في خصومة معاها، وده يشمل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز أندلس لدراسات التسامح والمساواة، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان وغيرها.
*****
ليه القضية مستمرة ؟
– القضية مرت بمراحل طويلة جدا من ديسمبر 2011 أيام المجلس العسكري لما اقتحمت قوات الأمن المصرية مقرات 17 منظمة حقوقية وقبضت علي 43 شخص منهم مصريين وأجانب قبل ما تقوم النيابة بترحيل الأجانب والإفراج عن المصريين.
– لمراحل أخري أثناء حكم الإخوان في يونيو 2013 لما حكمت المحكمة 43 من العاملين في المؤسسات دي بأحكام غيابية تتراوح بين 1- 5 سنوات لكن مع إيقاف التنفيذ.
– وحتي إعادة فتح القضية مرة تانية في 2016 وضم المؤسسات الحقوقية المصرية المشهورة زي المبادرة المصرية، والشبكة العربية، ونظرة للدراسات النسوية، ومركز النديم، ومركز القاهرة لحقوق الإنسان عشان ينضم 37 منظمة أخري للقضية.
– بوضوح شديد الغرض من القضية هو التضييق علي عمل مؤسسات المجتمع المدني وخاصة المؤسسات الحقوقية دي، واللي تعرضت علي مدار السنوات اللي فات لتجميد حساباتها وتجميد أموال أفراد منها ومنعهم من السفر زي جمال عيد وحسام بهجت ومحمد زارع ومزن حسن وإسراء عبدالفتاح المحبوسة حاليا وغيرهم كثير.
– تم في خلال القضية التحفظ علي الأموال والأصول الشخصية للمدافعين عن حقوق الإنسان دول، وفي حالات تم التحفظ علي أموال أبناءهم، وبعضهم تم سجنه.
– من آخر التطورات دي اللي حصل في السنة الأخيرة 2020 لما اتحكم غيابيا على بهي الدين حسن مؤسس مركز القاهرة لحقوق الإنسان بالسجن 3 سنين بسبب بسبب تضامنه مع علاء الأسواني لما اتوقف في المطار واتفتش موبايله في 2018، وبعدها اتحكم عليه ب 15سنة بسبب تغريدات كتبها على موقع تويتر تم اتهامه بيها ب “إهانة القضاء” و”نشر أخبار كاذبة”.
– أيضا شفنا الهجمة الأمنية الكبيرة على المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والقبض علي جاسر عبدالرارق المدير التنفيذي للمبادرة في نوفمبر 2020، بالإضافة لكريم عناره الباحث بالمبادرة، ومحمد بشير المدير الإداري قبل ما يتم الإفراج عنهم بالتزامن مع تصاعد ضعوط دولة.
–
– أيضا من المبادرة تم القبض علي باتريك جورج اللي لسه محبوس حاليا رغم كل المطالبات بالإفراج عنه.
– وفي سياق القضية تم التحقيق مع عشرات العاملين في المؤسسات دي مرارا وتكرارا علي مدار السنوات الأخيرة.
*****
ايه اللي المفروض يتعمل في الملف ده ؟
– الخطاب الرسمي للدولة هوا ان دي قضية قانونية بحتة، المنظمات اشتغلت بدون تراخيص في بعض الأمور، ولازم توفق أوضاعها، وبنحقق في فلوسها، وده الخطاب اللي بيتم توجيهه للغرب وأي صحفي أجنبي يسأل عن القضية أو وضع حقوق الإنسان في مصر في العموم.
– لكن الجقيقة أنه كثير من المنظمات دي تقدمت بطلبات لتوفيق أوضاعها أكثر من مرة للجهات المختصة زي وزارة الشئون الاجتماعية بدون ما يخدوا أي رد بالموافقة.
– وعلي العكس من الخطاب الرسمي في خطاب إعلامي تحريضي ضد المنظمات دي وصل لإنتاج مسلسلات في رمضان زي “هجمة مرتدة” لتشويه أي حد شغال في منظمة دولية حقوقية وتصويره بمنطق الخائن، مع ان القضية مفيش فيها أي اتهامات قانونية “بالخيانة العظمة” ولا حاجة . مهو لو دول جواسيس ساسيبينهم كل السنين دي ازاي؟
– شوفنا ده في مسلسلات بينتجها إعلام المخابرات زي هجمة مرتدة السنة دي، وفي تحريض واضح من أبواق النظام الإعلامية سواء أحمد موسي أو نشأت الديهي أو غيرهم.
– لكن بعد 7 سنوات من تولي الرئيس السيسي، والتدهور المستمر في ملف حقوق الإنسان، والمطالبات المستمرة من الداخل والخارج بأهمية تحسينه، بقى بيطلع من فترة للتانية كلام عن إنفراجه سياسية في الملف ده، وشفنا مؤخرا الاجتماعات لإطلاق “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، وكمان شفنا حضور وزراء لمؤتمر “المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية” اللي يرأسه العميد خالد عكاشة، ورغم كده قال توصيات تشمل مراجعة ملف الحبس الاحتياطي.
– وبالطبع مش ممكن فصل الحراك ده عن فوز بايدن بالإنتخابات الامريكية، ووضع الأمريكان ملف حقوق الإنسان علي رأس أولويات سياستهم الخارجية في المنطقة، في وقت مصر بحاجة فيه لدور دولي أكبر بقضية السد.
– 5 منظمات حقوقية مصرية أصدرت بيان بيطرح 7 مطالب مناسبة كخريطة طريق لبداية إصلاح سياسي وحقوقي.
– البيان أطلقته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، ومركز حرية الفكر والتعبير، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات.
– البيان وقع عليه حتى الآن 52 حزب ومؤسسة وحركة مصرية ودولية، مع توجيه الحملة نداء لعامة المواطنين للمشاركة بتوقيعاتهم.
– المطالب أو اللي سمتها المنظمات الحقوقية الخطوات الأولي للإصلاح دي هي :
1- الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليهم من جميع التيارات السياسية بالآلاف بسبب نشاطهم السلمي.
2- إنهاء الحبس الاحتياطي المطول ومفتوح المدة ووقف “تدوير” السجناء السياسيين كمتهمين في عدة قضايا لإبقائهم في السجون.
3- رفع حالة الطوارئ المفروضة منذ 2017 بالمخالفة للدستور والمستخدمة في تعطيل كافة الحريات الأساسية وحقوق المحاكمة العادلة.
4- تأجيل تنفيذ جميع أحكام الإعدام الصادرة في قضايا جنائية أو سياسية وعرضها على لجنة مختصة للعفو الرئاسي قبل تنفيذها.
5- إنهاء الملاحقة الجنائية للمدافعين عن حقوق الإنسان وإغلاق القضية 173 لسنة 2011 ضد منظمات المجتمع المدني.
6- سحب مشروع قانون الأحوال الشخصية وإطلاق حوار مجتمعي بشأن قانون عادل للأسرة يكفل الحقوق المتساوية للنساء.
7- رفع الحجب عن مواقع الإنترنت والصحف الرقمية والتي تجاوز عددها 600 موقع محجوب بالمخالفة للقانون وبدون حكم قضائي.
– طبعا الخطوات السبعة دي لو حققت تضامن شعبي أكتر، ولو الدولة إستجابت ليهم فهما خطوة أولية في سبيل إصلاح سياسي أوسع وممكن يعملو تقدم حقيقي مش تلميع لمشاكل حقوق الإنسان المتراكمة، واللي مش بس بتأثر علي صورة مصر بره وبتضعف موقفنا في قضايا مهمة لينا زي سد النهضة وغيره، وإنما كمان الأهم إنها بتاثر علي المواطن المصري، سواء بملفات عامة زي إدارة أزمة كورونا، أو في حياته اليومية كل يوم تعامله مع الكمين أو قسم الشرطة.
– نتمني يكون في صوت عاقل في الحكومة يسمع ويعرف أنه إصلاح ملف حقوق الإنسان وعمل المجتمع المدني في فائدة كبيرة للدولة المصرية قبل المواطن أو المنظمات اللي شغاله في المجال ده، وأنه ده من شأنه يحل مشكلات كثيرة متراكمة في مصر ويسمح للمواطنين بصوت حقيقي عبر الصحافة ومؤسسات المجتمع المدني والمشاركة الشعبية وغيرها من الأليات الديمقراطية الضرورية لصالح التنمية والشراكة الشعبية.
*****
مشاركة: