– قبل أسبوع مجلس الوزراء المصري وافق بشكل مفاجيء على إضافة مادة لقانون العقوبات تجرم تجرم تصوير جلسات المحاكم .
– المادة الجديدة كانت صدمة للجماعة الصحفية في مصر خاصة في ظل التضييق الشديد الحالي على الصحافة، وإن تغطية القضايا صحفيا مسألة إخبارية بحتة.
– النهاردة حنشوف معاكم ايه هو التعديل المقترح؟ هل مخالف للدستور أم لا؟ وايه اللي ممكن نشوفه من تبريرات الحكومة للتعديل ده خاصة أنه المستشار نادر سعد بيقول أنه “جاء لدعم حقوق الإنسان “!
*****
ايه هو التعديل؟
– المادة المقترح إضافتها واللي وافق عليها مجلس الوزراء أنها تضاف لقانون العقوبات المصري بتقول ” يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صور أو سجل أو بث أو نشر أو عرض، كلمات أو صورا لوقائع جلسة مُخصصة لنظر دعوى جنائية أثناء انعقادها بأى وسيلة كانت؛ بدون تصريح من رئيسها، وذلك بعد موافقة النيابة العامة، والمتهم، والمدعى بالحق المدنى، أو ممثلى أى منهما، ويحكم بمصادرة الأجهزة أو غيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة، أو ما نتج عنها، أو محوه، أو إعدامه بحسب الأحوال.”
– بالتالي المادة بشكل صريح بتقول أنه أي حد حيصور أو يسجل حتي صوت أو نشر واللي يقع في نطاقها الكتابة والتغطية الصحفية العادية لجلسات المحاكم فدا يعرضة للحبس سنة أو غرامة تصل ل200 الف جنية .
– طبعا المادة دي جايه بعد سنوات من التضييق علي عمل الصحفيين والمصورين الصحفيين في تغطية جلسات المحاكم ، خاصة في القضايا السياسية واللي بقت بتتطلب الحصول علي تصريح من قاضي المحكمة قبل تصويرها في معظم الحالات .
– المادة دي تعنى عمليا أن هناك حظر نشر على كل جلسات المحاكمات .. قبل كدة كان الأصل العلنية والنائب العام أو رئيس المحكمة ممكن يصدر حظر للنشر في قضايا بعينها.
– وعلي الرغم أنه السنوات اللي فاتت شهدت توسع في استخدام حظر النشر علي قضايا ملهاش أي علاقة “بالأمن القومي” اللي هوا السبب اللي بيتقال دايما، زي قضية الفيديوهات الفاضحة لخالد يوسف، وقضية فساد مشروع الضبعة، وقضية “الرشوة الكبرى” اللي كان متهم فيها أمين عام مجلس الدولة، وغيرها من القضايا.
*****
هل المادة مخالفة للدستور؟
– المادة مخالفة واضحة للدستور بأكتر من زاوية، سواء لأنها ضد مبدأ علنية المحاكمات، وكمان لأنه الدستور المصري الأخير منع الحبس في قضايا النشر إلا في ثلاث حالات أجاز فيها فرض عقوبة الحبس وهي” التحريض على العنف أو التمييز بين المصريين أو الطعن في الأعراض”. لكن اللي المادة بترسخة هو الحبس والغرامة في كل القضايا بمجرد التصوير أو نقل وقائع المحكمة حتي!
– عشان كدة المادة لقت إنتقاد كبير من الجماعة الصحفية ومجلس النقابة اللي دعا لإجتماع طارئ لمناقشة الوضع الحالي ، وكمان شعبة المصوريين الصحفيين واللي يبدو أنها حتكون أول ضحايا المادة دي حال تطبيقها .
– حتي صحفيين غير معارضين خالص زي عماد الدين حسين ، واللي هو عضو مجلس شيوخ حالي تم تعيينة من الرئيس السيسي رفض المادة وطلب بمراجعتها لانها في رأيه بتزود عدم ثقة المصريين في الاعلام المحلي وتقوم ” تشجيع وتقوية وسائل الإعلام المعادية للدولة ” و ” المتربصين بمصر ” علي حد تعبيره.
*****
ازاي الحكومة بتبرر ده؟
– الحقيقة المستشار نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء قال تبرير للمادة أنها تخدم حقوق الإنسان ، وخاصة حقوق المتهمين لأنه من حق المتهم ألا يتم تصويرة لأنه المتهم برئ حتي تثبت إدانته.
– وبعيدا عن الدخول في تفاصيل ده وممارسات الدولة والأجهزة الأمنية اللي صورت إعترافات ناس زي سامح حنين والطلبة الأردنيين أيام مظاهرات سبتمبر وخلت عمرو أديب يعرضها .
– أو اللي سربت فيديوهات في قضايا زي قضية الفيرمونت وغيرها ، أو اللي أجهزتها الإعلامية ليل نهار بتتهم النشطاء السياسيين في السجون بأنهم بيتلقوا تمويلات من الخارج رغم أنهم مش متهمين بده أساسا زي قضية المبادرة المصرية الأخيرة .
– بعيدا حتي عن كل ده فده كلام غير قانوني وغير مسئول من الحكومة ، لأنه لو الحكومة عايزة تحافظ علي القاعدة القانونية اللي بتقول أنه المتهم برئ وخايفة من تسريب صور المتهمين داخل المحكمة بدون حكم نهائي يعني عشان ده يراعي حقوق الإنسان كانت ببساطة خلت المادة تمنع نشر صور المتهمين بس.
– يعني بشكل بسيط نعمل زي بعض الدول الأوربية ما بتعمل وتخلي الصحافة تنشر سكيتشات للمتهمين من داخل المحكمة، أو حتي تتعامل مع كل قضية علي حدة وتصدر قرارات حظر بالنشر من النائب العام.
*****
– ليه العلانية في المحاكمات مهمة؟
– للأسف المقصود من التعديل هو إرساء قاعدة جديدة وهو أنه الأصل في جلسات المحاكم هي السرية مش العلنية ، ودا الشيء اللي يعتبر كارثة فعلية .
– كارثة فعلية لمنظومة العدالة كلها واللي العلانية هي ركن مهم من أركانها لأنها بتؤدي لمزيد من ثقة الناس والمجتمع في المنظومة كلها علي بعضها مش بس في القضاء.
– متابعة المواطنين لجلسات المحاكم هو الأصل في مبدأ القضاء ، لأنه القاضي هو مفوض من المجتمع عشان ياخد حق المجتمع من المتهم ، القاضي ليس دكتاتور ، كل منظومات العدالة الحديثة بتحرص علي إشراك المجتمع بالرقابة والمتابعة للقضاء لانه ده بيقفل باب كبير جدا للفساد.
– أيضا التعديل الحالي بيضرب حرية النشر والصحافة في مقتل ، وبيشيل حق المواطنين الدستوري في المعرفة بحسب مواد الدستور وكل المعاهدات الدولية اللي مصر وقعت عليها ووافقت علي بنودها بخصوص حرية النشر.
– العلانية هي مبدأ قانوني مهم في أي منظومة قضائية بتسعي لأنها تنال إحترام وثقة المواطنين ، ومبدأ العلانية هو اللي بيخلي المواطنين راضيين عن القضاء واللي بيساهم في دورة في دعم السلم المجتمعي في أي بلد ، التعامل مع أي قضية أمام المحاكم علي أنها سر من أسرار الدولة مش بيحصل في أي حته في العالم اللهم إلا دول زي كوريا الشمالية.
– نتمني من مجلس الوزراء مراجعة قرارة بإدخال التعديل الحالي ، وأنه القضاه علي منصات المحاكم يسهلوا عمل الصحفيين لأنه الصحفي أو المصور هو شريك في كشف الفساد مش عدو يجب عرقله أي حاجة بيعملها.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *