يوم الجمعة اللي فات حصل حدث غير مسبوق، صدر بيان رسمي مشترك من سفارات 5 دول هي ألمانيا وبريطانيا وكندا وإيطاليا وهولندا، بيحتج على استمرار حبس المحامي إبراهيم متولي.
البيان قال: “قلقون إزاء ظروف الاحتجاز التي قيل إن إبراهيم متولي حجازي يتعرض إليها، ومستمرون في الدعوة إلى تطبيق الشفافية فيما يتعلق بأحوال السجون في مصر. ونطلب من السلطات المصرية أن تكفل حرية المجتمع المدني والحماية من التعذيب..”
– اللي حصل إنه من شهر، تحديداً في 10 سبتمبر الماضي، الأستاذ إبراهيم كان مسافر إلى جنيف، ليقابل الفريق الدولي المعني بحالات الاختفاء القسري بالأمم المتحدة، وده بناء على كون الأستاذ إبراهيم أسس “رابطة أسر المختفين قسريا”
***
– هنا محتاجين نقف ونشرح بسرعة يعني ايه مختفي قسريا؟
حسب المادة 54 من الدستور: “يجب أن يبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورا، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه.. ”
يعني لو أي حد اتقبض عليه ومتعرضش على النيابة خلال 24 ساعة يبقى اسمه اختفاء خارج القانون، حتى لو بعد فترة ظهر قدام النيابة زي ما بيحصل غالبا ده لا يغير ان الجريمة تمت بالفعل.
– وقبل ما حد يقول مفيش ومحصلش، المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهوا جهة رسمية، انتقد أكتر من مرة الممارسة دي، وفي تقريره الأخير قال “منذ يوليو 2016 وحتى يونيو 2017 جرى احتجاز أكثر من 100 مشتبه به دون إفصاح فى وقائع ترافقت مع وقوع هجمات إرهابية في عمق البلاد، وبقى أغلبهم دون اتصال بأسرته ومحاميه لفترات تراوحت بين عشرة أيام و50 يوما.
وبينما جرى الإفراج لاحقا عن قرابة النصف، فقد تبين أن احتجاز الباقين جاء بناء على قرارات النيابة العامة لاستكمال التحقيقات وقيد المحاكمات”
يعني جهة رسمية بتقول نفس الكلام اللي كان هيقوله الأستاذ ابراهيم أو المنظمات الدولية، ان فيه حد ممكن يختفي تماما عن أسرته ومحاميه بالخمسيييين يوم!
ولا المجلس القومي ده كمان عملاء ومغرضين؟
***
نرجع لقصة لأستاذ إبراهيم متولي.
– اللي حصل إنه راح المطار واختفى، عيلته توقعت انه اتقبض عليه لما في مطار جنيف قالولهم انه موصلش .. هوا شخصيا “اختفى قسريا” لمدى يومين، خارج فترة ال 24 ساعة، لحد ما ظهر في مقر نيابة أن الدولة في التجمع الخامس، وتم اتهامه بتأسيس جماعة على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة.
– رابطة أسرة المختفين حسب بيان تأسيسها مش منظمة ولا جماعة أصلاً، وانما مجرد مجموعة من الأُسر اللي جمعهم انهم بيدورو على ولادهم، وبيأكدو على أن الدستور والقانون يكفلوا ليهم ذلك.
– الأستاذ ابراهيم مسجون في سجن العقرب (طرة شديد الحراسة) بظروفه السيئة، زنزانة مترين في متر بأرضية مبللة وبدون مصدر ضوء، رغم انه مفروض بالقانون برضه انه سجن للمحكوم عليهم مش للحبس الاحتياطي.
– حتى الآن الزيارة ممنوعة تماما على أسرته، لكنه قال في النيابة بحضور محاميه انه كان اثناء اختفاؤه بيتحقق معاه في مقر الأمن الوطني بمنطقة العباسية، وانه أُجبر على خلع ملابسه، وتم تقيده ورش المياه عليه، و صعقه بالكهرباء والتعدي عليه بالضرب.
****
– الخارجية المصرية ردت على البيان المشترك للسفارات ازاي؟
مساعد وزير الخارجية استدعى السفراء الخمسة، وأبلغهم احتجاج مصر على التدخل غير المقبول “في الشأن الداخلي وأعمال السلطة القضائية”.
وده رغم ان البيان متفق تماماً مع اتفاقيات دولية مصر وقعتها وهي ملزمة لمصر بحكم الدستور الحالي اللي بيمنح الالتزامات الدولية درجة قانونية.
– أحد التعليقات على البوست اللي كتبناه عن مؤتمر شباب العالم كان بيقول انتو كده بتبوظوا سمعة مصر، ومفروض نقف جنب بلدنا عشان صورتها قدام العالم في وقت زي ده.
الحقيقة إن صورتنا قدام العالم لو فيه حاجة حقيقية هتأثر عليها فيها الأفعال دي، مش مجرد كلام على صفحة.
– أي حد يعمل سيرش بالانجليزي هيشوف ازاي ان أخبار البيان المشترك غير المسبوقة، والجدل حوله، وقصة المحامي إبراهيم حجازي اخدت مساحة أضعاف المؤتمر.
وهيشوف كمان تصريح وزير الخارجية الإيطالي عن الموضوع لأن المحامي إبراهيم متولي كان على علاقة أيضاً بقضية جوليو ريجيني بوصفه أحد المختفين.
وهيشوف كمان إن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة اتكلم عن قصة ابراهيم متولي بأشد العبارات أثناء اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف.
وهيشوف كمان حاجة زي تقرير لجنة الأمم المتحدة المختصة بالتعذيب اللي وصفته في مصر بأنه “ممارسة منهجية”، وضمن التفاصيل إنهم طلبوا رسمياً من مصر يبعتوا بعثة أممية فالخارجية لم ترد.
– ألف مؤتمر ومليون شعار جميل ميقدروش يعادلوا أثر حاجة زي دي، مش بنتكلم عن منظمة حقوقية من اللي مش بيحبوها، بل الأمم المتحدة ودول صديقة وحليفة لمصر.
– كان ممكن تسيبو المحامي يسافر ويقول اللي عايزه هناك، ومصر عندها بعثة كبيرة في جنيف تقدر لو الراجل ده بيكذب تعرض أدلة كذبه، لكن لما يكون الرد هوا انك تقبض عليه في المطار هل متوقع حد هيصدق إن ده مش لإخفاء الحقيقة؟
– الوطني بجد، واللي عايز يحافظ على سمعة البلد بجد، يدعو السلطة متعملش الأفعال دي من الأصل، وبعدها يدعوها تتعامل بمسؤولية وجدية في الداخل قبل الخارج.