– خلال الأسبوع اللي فات ظهرت حملة على الفيسبوك وتويتر من أساتذة الجامعة والأكاديميين في مصر للمطالبة بتحسين الرواتب وظروف البحث العلمي والعمل الأكاديمي.
– الحملة شارك فيها أكتر من 50 ألف شخص تحت هاشتاج #علماء_مصر_غاضبون، وفيها قصص مؤلمة كتيرة من مئات الأساتذة والمعيدين.
– محصلش أي تعليق رسمي، لكن شفنا تعامل أمني بالقبض على الدكتور عبد العظيم الجمّال، الأستاذ بكلية طب بيطري، والدكتور عبد العزيز حسن، عضو مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة بنها، ثم الافراج عنهما بعد استجوابهما.
في البوست هنتكلم عن الوضع وإيه الحلول المطروحة.
******
إيه سبب غضب أساتذة الجامعات؟
– المشكلة الأساسية هي تدني المرتبات. وخضوعها لقانون من السبعينات.. تحديدا قانون 49 لسنة 1972 الخاص بتنظيم الجامعات.
– القانون ده بيحدد مرتب رئيس الجامعة الأساسي من 2000- 2500، والعميد من 1400 – 1800، والأستاذ المساعد من 1080 – 1440، والمدرس المساعد من 480 – 780 جنيه، المعيد 300 جنيه.
– دي مش المرتبات الحقيقة الحالية، لكن دي الأساسي اللي بيأثر على نسبة العلاوات والمعاشات لاحقا. المعيدين دلوقتي مثلا مرتباتهم حوالي 3100 جنيه بحسب شهادات ناس لشبكة بي بي سي، ومرتبات أعضاء هيئة التدريس الأعلى بتتراوح من 5000 – 10000 جنيه، حسب الدرجة الوظيفية.
– البدلات فيها مشكلة كبيرة لأن لسه ثابتة من قانون 72 وهي مبالغ رمزية زي 70 أو 60 جنية في السنة مثلا.
– وطبعا دي مرتبات هزيلة للغاية بالنسبة لمعيدين شباب مطلوب منهم شهريا يشتروا كتب ويقروا دوريات وبتابعوا مجلات علمية ويطوروا مهاراتهم البحثية، ويجهزوا لرسايل الماجستير والدكتوراه، وهنا شكوى تانية من ضعف الميزانية المخصصة للبحوث وتكاليفها، غير مصاريف العيشة بالتأكيد اللي أصبحت غالية وصعبة على الجميع.
******
إزاي وضع الأكاديميين وصل للسوء ده؟
– الحقيقة معداش أسبوع على قرار إيجابي أصدره المجلس الأعلى للجامعات بيهدف لتحسين ترتيب وتصنيف الجامعات المصرية، وهو إن نشر أبحاث الدكتوراه لازم يكون في مجلة دولية معتمدة من شركة مختصة باعتماد المجلات العلمية زي Scopus، وإن يكون للمجلات دي تقييم وتأثير عالي، وأيضا قرار من رئيس جامعة القاهرة بمكافئة 100 ألف جنيه لمن يشنر بحث في مجلات مرموقة زي نيتشر وساينس.
– لكن القرار مع إيجابياته بيتكلم عن مرحلة لاحقة للنشر، لم يراعي أمور كتير زي عدم توافر معامل متطورة بأجهزة حديثة، أو ميزانية متوافرة للإنفاق على الأبحاث العلمية، أو قوانين وإجراءات البحث والنشر، وبالطبع مرتبات الباحثين نفسهم.
– الحقيقة ظواهر بيتم دفعها كحجج لعدم التعاطف مع المعيدين ودكاترة الجامعة زي: “دول بيبيعوا كتب دراسية” أو “بيدوا كورسات” أو “بيشتغلوا في مهن تانية” هي أدعى إنها تخلينا نتمسك ونطالب بحق الأكاديميين في مرتب لائق يعفيهم من كل ده عشان يقدروا يعيشوا، ويخليهم يركزوا في التدريس والبحث العلمي، اللي بيهم بتتطور المجتمعات.
– وطبعا يلام في أمور زي دي، وفي تدهور الأوضاع الأكاديمية، أمور وتصرفات كتير مسئول عنها النظام، زي:
١- المحسوبية في تعيين واختيار رؤساء الجامعة، والتدخل الأمني في التعيينات. وده بعد إلغاء الرئيس السيسي في 2014 نظام انتخاب عمداء ورؤساء الجامعات اللي كان تم إقراره بعد ثورة يناير.
٢- عدم وجود آليات تقييم متبادلة بين الطلاب والأكاديميين.
٣- عدم وجود رقابة على موضوع الكتاب الجامعي. في ظل أن معظم العالم بدأ يستخدم طرق أحدث في التدريس الجامعي زي البحث على الإنترنت وتوفير محتوى الكتب الجامعية أون لاين. وغيرها من العوامل الكتير اللي بتطور من مستوى الجامعات في العالم كله.
٤- ضعف الإنفاق على التعليم العالي والبحث العلمي. وده اللي بيخلي أساتذة الجامعة مشغولين بتعويض دخلهم الضعيف قبل كمان الوصول لسن المعاش.
******
إزاي ممكن نعالج المشكلة؟
– الحقيقة الحل الأساسي هو قرار سياسي بأن تطوير البحث العلمي وأوضاع الجامعات أمر ليه الأولوية لو عايزين تطور حقيقي للبلد.
– طلبات الأكاديميين حقهم دستوريا، مع وجود نسب مستقر عليها للإنفاق على البحث العلمي غير متحققه بالفعل، زي نسب الإنفاق على الصحة والتعليم اللي غير مطبقة أيضا.
– بجانب المطالبة بزيادة رواتب الأكاديميين، وإن صعب حد يفكر في إنجاز بحث علمي وهو مش قادر يصرف على نفسه وبيته، مهم ندرك إن الموضوع مش هيظهر أثره على البحث العلمي بدون إنفاق على البنية التحتية، من مباني ومعامل ووسائل إتصال.
– من أهم طرق توفير الميزانيات المطلوبة كمان هو إدارة تقدر تشرك القطاع الخاص، وجعله مستفيد من هذه الأبحاث لكونها تؤدي لمنتجات ذات قيمة صناعية وتجارية، وده اللي بيحصل في دول كتير وشوفنا في بوستات سابقة عن ألمانيا والهند.
– وده بيتطلب تغيير في عقلية التعامل مع الجامعات، وإن السيطرة الأمنية تبعد عن الجامعات، وتبعد عن الرقابة على المحاضرات وأنشطة الطلاب والباحثين وحريتهم الأكاديمية في التعلم والدراسة وتبادل الخبرات، وإن اختيار القيادات الجامعية يكون على أساس الكفاءة المهنية والعلمية مش على أساس الولاءات الأمنية.
– بنأكد دعمنا للحملة ولأي مطالب ممكن تساهم في تحسين مناخ البحث العلمي وظروف القائمين عليه، ونتمنى الحلول دي لازم تلاقي طريقها للضغط الشعبي زي الحملة احالية وغيرها من الوسائل، ومهم أنها تتناقش في البرلمان وفي أوساط صناع القرار وأصحاب المصلحة من أساتذة الجامعة. النوعية دي من المشاكل بتتطلب من السلطة أن يكون عندها خطة وسياسات عامة مبنية على الحوار والمشاركة، خاصة وإحنا بنتكلم عن أوضاع بالتأكيد تحسينها مفيد للبلد واقتصادها ولكل المصريين.
******