أول امبارح محكمة الأمور المستعجلة حكمت بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ببطلان اتفاقية تيران وصنافير.
الكارثة القانونية مش بس إنه بنص الدستور المحكمة دي مش من حقها تقبل القضية أًصلا، بل إنه فيه قانون أًصدره مجلس النواب مفروض كان ينهي القصة الهزلية دي تماماً، لكنه اختفى!
في ٩ أغسطس الماضي وافق مجلس النواب نهائياً على اقتراح مجلس الدولة بتعديلات قانونه، ومنها إضافة المادة ٥٠ مكرر تطبيقاً للدستور، وتنص على أنه “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر إشكالات التنفيذ….ولا يترتب على رفع الإشكال أمام أية محكمة أخرى وقف تنفيذ الحكم”
القانون ده تفعيل للمادة ١٩٠ من الدستور اللي بتقول بوضوح تام: “مجلس الدولة يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه…”

الغريب إنه رغم تصويت البرلمان بالموافقة من حوالي شهرين، إلا أنه القانون لم يصدر!
آلية صدور القوانين هي ان البرلمان يوافق عليها، ثم تصبح سارية من يوم صدورها بقرار جمهوري من رئيس الجمهورية ونشره بالجريدة الرسمية (الوقائع المصرية)، ورغم ان الفترة دي شهدت إصدار الرئيس السيسي لـ ٨ قوانين على الأقل وافق عليها البرلمان بعد قانون مجلس الدولة، لكن القانون ده لم يصدر .. اختفى!
بينما مثلاً الرئيس أصدر قانون رفع رسوم العاملين بالخارج اللي وافق عليه البرلمان في ٢١ أغسطس، وقانون تغليظ عقوبات الختان اللي وافق عليه البرلمان ٣١ أغسطس.
نعتقد إن تأخير صدور القانون ده هو أمر متعمد من السلطة التنفيذية، أو بوضوح من رئاسة الجمهورية، اللي أجلت القانون لحد ما صدر حكم امبارح، وما زال القانون مختفياً الله أعلم هيظهر تاني امتى.
*****

الموضوع ده للأسف محصلش على أي تغطية إعلامية كافية كما تستحق أهميته البالغة.
بنوجه كل الشكر للصحفيين المحترمين المهنيين اللي اتكلموا عن الموضوع.
– الصحفي المميز محمد بصل Mohamed Bassal، رئيس القسم القضائي بالشروق، كتب عن الموضوع في الشروق في 29 سبتمبر تحت عنوان فرعي “القانون المفقود”: http://bit.ly/2cJ2xsU
– الصحفية رنا ممدوح Rana Mamdouh كتبت في 25 أغسطس بجريدة المقال “قانون مجلس الدولة في التلاجة لانعاش أحكام الأمور المستعجلة”
وعلى حد علمنا مفيش إلا دول فقط .. موضوعين بس من اتنين صحفيين فقط في الصحافة المصرية كلها للأسف!

****
اللي بيحصل مع محكمة القضاء المستعجل اللي كل شوية تصدر حكم خارج اختصاصها تماماً ده ممكن نسميه “تهريج قضائي” .. ده مثلاً زي ما قاتل تحكم عليه الجنايات يروح يقدم طعن قدام محكمة الأسرة!
كون الدولة نفسها تخالف الدستور اللي بيحكمها، وتخالف نظامها القضائي، ده بيدمر مفهوم الدولة أصلاً .. لما نسمع شعارات كتير زي “هيبة مؤسسات الدولة” و “دولة القانون” الشعب محتاج يشوف تطبيقها واحترامها من حكومته الأول.
*****

هل الحكم الجديد هيفرق في مسار القضية؟
– بالعقل والقانون مفروض إنه لأ، هيئة الادعاء هتقدم طعن ضد الحكم، ونتوقع إلغاؤه.
وفي كل الأحوال الحكم صادر بوقف مؤقت للتنفيذ إلى حين فصل المحكمة الإدارية العليا بطعن الحكومة.
– طعن الحكومة مش بيقول ان الجزر سعودية، بل بيطالب بس ان القضاء ميبقاش له ولاية على القرار لأنه من “أعمال السيادة”، يعني حتى في أسوأ الاحتمالات بالفعل مجلس الدولة قرر إن الأرض مصرية خالصة، وهيفضل ده سند لكل المدافعين عن الأرض.
– زي ما قلنا كتير، وزي ما هو واضح في اللي حصل مؤخراً، أن المشاكل في مصر ليها جوانب سياسية مش تقنية وقانونية بس.. ووضحنا سابقاً الأبعاد السياسية الكتير في قضية تيران وصنافير تحديداً.
وعشان كده جهود المعارضين للاتفاقية بتستخدم كل الوسائل الممكنة مش القضاء بس، وكان منها مظاهرات الأرض اللي اتقبض على مئات الشباب منها.
*****

الحكومة كان ممكن تستند لحكم بطلان الاتفاقية ومصرية الجزيرتين وتعفي نفسها من الحرج مع السعودية، لكن في سابقة غريبة الحكومة بتقدم طعون عشان تمنح الأرض للسعودية، وتصدر بيانات عبر الهيئة العامة للاستعلامات عشان تقول برضه إن الأرض سعودية!
ودلوقتي بيتم التلاعب بالقانون والدستور عشان يلاقوا أي ثغرة تمشي الاتفاقية.

مهما حصل ومهما عملتم مش هنتخلى عن أرضنا، وعن مطالبتنا بالشفافية والشراكة في القضية دي وغيرها.
مهما حصل هيفضل كل اللي عنده ضمير وطني من كل الأطراف رافض التعامل المستهين بالأرض، أرضنا كلنا بكل فئاتنا وانتمائاتنا، أرض كل المصريين.
*****


المصادر




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة