– خلال الفترة الجاية ولمدة أسبوع هننشر عن قضايا النساء في مصر من خلال حملة #حقها، عن الجوانب المختلفة للقضايا دي بداية من جرائم العنف ضد النساء التحرش الجنسي والاغتصاب والعنف المنزلي وحتى التمييز الاقتصادي ضد النساء في مصر.
– النهارده هنتكلم عن وضع التحرش الجنسي في مصر، ايه أهم الأرقام والإحصاءات الخاصة بالتحرش الجنسي؟ ايه المطلوب من الدولة والمجتمع لحل المشكلة دي؟ ليه مهم يكون عندنا سجل وطني للمتحرشين وأصحاب جرائم العنف الجنسي؟ دي الأسئلة اللي هنجاوب عليها في سياق البوست النهاردة.
*****
ايه وضع ظاهرة التحرش في مصر؟
– التحرش ظاهرة موجودة وبتتزايد جوه المجتمع المصري بشكل كبير جدا، ظاهرة كبيرة متقاطعة في كل الطبقات والخلفيات الاجتماعية والثقافية، وموجودة بشكل كبير في كل حتة في مصر تقريبا.
– لو ليك أخت أو أم أو زميلة أو صديقة فهي من المؤكد أنها تعرضت للتحرش بشكل من الأشكال سواء تحرش لفظي أو جسدي، في الشارع في الشغل في المواصلات في المدرسة في الجامعة في كل مكان.
– كثير من الأبحاث اتعملت على الظاهرة، وخدت عينات كمية كبيرة عشان تقدر توصل لنسب الظاهرة في المجتمع المصري، طبقا لدراسة للأمم المتحدة في 2013، فـ 99% من النساء في مصر تعرضوا للتحرش، وفي دراسة تانية عملها المركز المصري لحقوق المرأة سنة 2008 كانت 72% من النساء اللي تعرضوا للتحرش لابسين حجاب أو نقاب.
– معظم السيدات في مصر ترتدي ملابس “محتشمة” ومعظم الستات في مصر محجبات، بالتالي الأرقام الحالية لظاهرة التحرش بتقول إنه التحرش ملوش علاقة باللبس زي ما كثير من الناس بتردد في المجتمع.
– الأبحاث أيضا بتؤكد أن النساء من جميع الأعمار بيتعرضوا للتحرش الجنسي. دراسة خريطة التحرش، على سبيل المثال، بتقول أن 96٪ من النساء من سن 18-24 تعرضن للتحرش و 97٪ من النساء في سن 35-39 تعرضن للتحرش بينما 72٪ من النساء من سن 40-45 سنة تعرضن للتحرش.
– أيضا دراسة الأمم المتحدة اللي اتعملت في 2013 بتقول أنه 89.3% من التحرش الجنسي يحدث في الشارع، 81.8% في المواصلات العامة، 53.3% في الحدائق العامة بينما 59.3% يحدث في الأسواق، و 60.7% على الشواطئ، و 39.2% عن طريق المكالمات الهاتفية، وطبعا دي دراسة في 2013 قبل انتشار فيسبوك الواسع والإنترنت بالشكل الحالي، واللي زاد معاها حالات التحرش الالكتروني بشكل كبير.
– أيضا دراسة الأمم المتحدة بتتكلم عن أنه 68% من النساء تعرضوا للتحرش في فترات بعد الظهر بالتالي دا بيهد تماما المبرر بتاع أصلها بترجع متأخر، وايه اللي يمشيكي في شارع لوحدك متأخر كده، فطبعا دا مبرر غير منطقي للجريمة دي.
– كل الأرقام اللي فاتت دي وغيرها من أرقام كثير من دراسات بتقول إنه التحرش الجنسي ليس له علاقة بالإعجاب، ولا اللبس ولا الوقت ولا طبيعة العمل اللي بتشتغله المرأة ولا الطبقة الاجتماعية، ولا إنت ساكن فين، ولا أي حاجة سوى أنه شكل من أشكال العنف، وله علاقة بالقوة وسلطة الذكور بشكل مباشر خاصة في ظل غياب تطبيق فعال للقانون، ووجود ثقافة عامة للأسف بتبرر للتحرش.
*****
ليه لازم يكون عندنا سجل وطني لجرائم العنف الجنسي والتحرش؟
– دول كثير في العالم عندها النوع ده من قواعد البيانات، واللي بتخدم أهداف أمنية وقانونية زي تتبع الناس المسجلة بالجرائم دي، وإعلام المجتمعات المحلية بالأشخاص دول.
– في الولايات المتحدة فيه سجل فيدرالي للبيانات دي ممكن أنك تدخل على الموقع الالكتروني الخاص به وتبحث بالاسم أو العنوان عن شخص ما إذا كان مدان في جرائم عنف جنسي سابقة أم لا.
– طبعا في أمريكا الجرائم دي بتشمل التحرش بالأطفال، العنف الزوجي والتحرش والاغتصاب وغيره، وده بيتيح زي ما قولنا التتبع الكامل للناس دي، وفيه بجانب السجل دا مجموعة أخرى من القوانين والإجراءات التقييدية للشخص، يعني مثلا لو فيه شخص متحرش بالأطفال ممكن يتمنع منه إنه يقرب من مدرسة لمسافة كام متر مثلا، ولو فيه شخص ضرب مراته ممكن يصدر من المحكمة له أمر تقييد بإنه ميقربش من المكان الموجودة فيه، وغيرها من الأمثلة.
– أيضا لو إنت مدان في جريمة تحرش ممكن القاضي يحكم عليك بخدمة مجتمعية أو أنك تروح لكل بيت في المنطقة اللي انتا ساكن فيها، تقولهم أنك مدان في جريمة تحرش.
– النوع ده من العقوبات غير المقيدة للحرية مهم، ودا بخصوص الجرائم اللي مفيهاش حبس لو الجريمة مش كبيرة وفيها أذى مباشر زي الضرب أو الاغتصاب، لأنه بيرسخ لوصم اجتماعي مهم للمتحرش بيخلي كل واحد يفكر ألف مرة قبل ما يفكر يعمل كده تاني.
– طبعا هناك في وصم اجتماعي للتحرش والمتحرشين عشان المجتمع بيفكر بالطريقة دي وبينبذ الفئة دي، وهنا في مجتمعنا مطلوب نرسخ للفكرة دي ونقضى على أي مبررات بتقال بحسن أو سوء نية لتبرير التحرش، وعشان كده محتاجين موقف إيجابي جمعي ينبذ الفعل وصاحبه مهما كانت طبقته أو مهنته أو سلطته أو أي شيء، ونتوقف عن لوم الضحية.
– السجل الوطني ده كمان ممكن يخدم توجهات الدولة في المرحلة الحالية في رقمنة كل شيء وفي عملية جمع البيانات، وبالتالي يتيح تغليظ العقوبة لو فعل التحرش اتكرر مرة تانية.
– طبعا حاجة زي دي عايزة قانون خاص بها يضمن سرية المعلومات الخاصة بالناس اللي لسه على ذمة قضايا، ومحتاجين ضمانات لنزاهة المحاكمات وعدالة التحقيقات، ومعايير واضحة لمين يضاف للسجل ده ومين لا، وعقوبات واضحة ويكون أيضا فيه إمكانية لرفع أسماء من السجل ده بعد فترة لو توقف فعل التحرش، وباختصار الموضوع محتاج فتح نقاش مجتمعي وقانوني جاد لإصدار نسخة عادلة منه.
– وساعتها ممكن نبص على تجارب دول سواء دول متقدمة زي الولايات المتحدة أو الدول الأوروبية اللي عندها سجلات وطنية لمرتكبي جرائم العنف الجنسي، أو دول بدأت في تطبيق الموضوع مؤخراً زي الهند وجنوب إفريقيا.
*****
– هل ده كافي؟
– بالتأكيد وجود سجل وطني بدون ما يكون في دعم مجتمعي للتبليغ عن قضايا التحرش وتحرك جاد من الدولة وخاصة على المستويات الصغيرة لحماية المبلغات بل وتشجيعهم على عمل بلاغات بالتحرش أو العنف المنزلي أو غيرها من حالات العنف الجنسي هو شيء ملوش معنى.
– بالتالي لازم بالتوازي مع موضوع السجل الوطني ده، يتم تغيير حاجات كثيرة في القانون وعلى مستوى التطبيق بتاع القانون الحالي اللي بيجرم التحرش.
– على المستوى القانوني الدولة خدت خطوات كويسة في تغليظ عقوبة التحرش، لكن للأسف في مشكلات دائما في تطبيق القانون سواء في عمل المحاضر والبلاغات واللي لو اتعملت بيكون بطلوع الروح، ودا بيكون أحيانا نتاج الثقافة العامة داخل أقسام الشرطة اللي بتشوف الموضوع عادي ومتكرر أو بمنطق “جت سليمة معلش”.
– للأسف كثير من السيدات والبنات بتخاف من إنها تبلغ بشكل رسمي ضد الاعتداء اللي بتتعرضله، عشان بتتواجه بكمية عوائق غير عادية من أول اللي بيتهمها بحب الشهرة أو اللي بيبرر الاعتداء أو بعض الظباط وأفراد الداخلية اللي بيكملوا ببعض التحرش اللفظي وعدم التعاون، أو أهالي البنات اللي بيضغطوا عليهم لسحب القضايا والبلاغات لأنها فضيحة، أو تسريب معلوماتهم وحياتهم الشخصية للناس كلها لأن مفيش قانون ومؤسسات بتحمي بياناتهم، أو لأنهم بيتعرضوا لتهديدات من أهالي المتحرشين والمغتصبين اللي بيعتبروا إنه الطبيعي الراجل يتحرش ويغتصب، والست مطالبة بس بالسكوت والتحمل، وكإن مفيش حاجة حصلت، أو من العدالة بشكل عام اللي في الاخر ممكن متنصفهاش أو تعاقبها وتذلها زي ما حصل مثلاً في قضية الفيرمونت.
– إحنا محتاجين تغيير وعي مجتمعي بالمشكلة قبل أي شيء وفي القلب من تغيير الوعي ده يكون الخطاب الديني اللي للأسف في شيوخ بتتكلم باسم الدين وبتبرر التحرش والاغتصاب الزوجي والعنف ضد النساء.
– كل المصريين تقريبا شاهدين وعارفين اللي بيحصل في الشوارع من هجمات المتحرشين، وبيشوفوا البنات والرسايل اللي بتجيلهم بمواقع التواصل. كل أنواع التحرش الجسدي واللفظي والالكتروني مش هيردع أصحابه غير نشر ثقافة إدانة هذا السلوك، وإنه مش هيكون مقبول يعدي بعد كده، مهما كان مين.
– وطبعا عشان الموضوع مش تفضل من حد، لكن من حق كل امرأة (والدتك – أختك – مراتك.. أو غيرهم) في بلدنا تبقى حاسة بالأمان، خصوصا إن المرأة بتمارس أدوار هامة جدا داخل وخارج بيتها، و30% من الأسر المصرية تنفق عليها المرأة المعيلة، بالتأكيد متستحقش ضغوط زيادة ومستمرة.
وده دور الدولة وأيضا دور مؤسسات مجتمع مدني شغالة بكفاءة على الملف من سنين وكل الشكر والتقدير ليهم، وكمان دور كل واحد فينا.
*****
– زي ما قلنا قبل كده، مفيش بنت أو ست في مصر مهما كانت طبقتها الاجتماعية (ساكنة في كومباوند – أو في قرية)، أو ملابسها ( محجبة – منقبة – بتلبس أي لبس) إلا وليها تجربة كضحية أحد أنواع التحرش سواء في الشارع أو مكان الدراسة أو مكان العمل، وده الحقيقة مؤشر مؤسف جدا، نقدر نقول إن فيه مشكلة مجتمعية في احترام النساء وحقهم في الأمان.
– مراتك أو بنتك أو أختك أو أمك، كلهم كسيدات معرضين تماماً للوقائع المؤسفة دي، وللأسف أحيان كتير بدل ما بيلاقوا الدعم من أسرهم، كتير جداً منهم بيخافوا يقولولهم عشان اللوم ميقعش عليهم هما.
– لازم ندعم إخواتنا وأمهاتنا وبناتنا ونقف في ظهرهم عشان يخدوا حقوقهم من المتحرشين والمغتصبين وأي حد بيمارس أي قهر أو عنف معنوي أو مادي تجاههم، وكل الاحترام والتحية للنماذج اللي شوفناها مؤخراً من عائلات قررت تدعم بناتها ضحايا العنف الجنسي وتمشي معاهم في المسار القانوني لأخد حقوقهم بدون الالتفات لنظرة المجتمع أو الثقافة الغلط السائدة في التعامل مع ظاهرة التحرش.
*****
مشاركة: