“أقول تاني؟ كل البيانات وكل الوثايق متدينيش إلا إن أنا أقول الحق دا بتاعهم. اللجان.. اللجان فنية متخصصة .. مش أي حد يعرف يتكلم فيها، وعملت حداشر جلسة. حداشر؟ حداشر جلسة. لجان متخصصة .. يعني مفيش في وزارة الخارجية وطني؟ كلهم ناس مش كويسين بيبيعوا بلدهم؟ طيب. مفيش في المخابرات العامة وطني؟ وكلهم عاوزين يبيعوا بلدهم؟ طيب. مفيش في الجيش حد وطني؟ إنتو حاجة صعبة قوي .. صعبة بجد ..” من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحوار المجتمعي عن الجزيرتين.
– بعد نشرنا للأسئلة التاريخية التي وجهناها للمسؤولين بأجهزة الدولة بشأن قضية الجزيرتين، اتقابل أعضاء من فريق صفحة الموقف المصري مع دبلوماسيين يعملون في وزارة الخارجية، وحكوا لنا عن تفاصيل مدهشة في وقائع اللي حصل بالوزارة لإجبار كل أفرادها على تبني الرأي الرسمي أو الصمت!
– السطور القادمة تأكدنا تماماً من صحتها بعد ما سمعنا الرواية بنفس التفاصيل من عدد من السفراء المحترمين من أبناء وزارة الخارجية، المخلصين والحريصين على أرض مصر وعلى مستقبل البلد.
****
أولاً: كواليس ما قبل تنازل الرئيس عن الجزيرتين:
– كان الموقف الدائم للإدارة القانونية بوزارة الخارجية بعهود رؤساء مصر منذ عصر السادات هو التمسك بمصرية الجزيرتين، وفي نفس الوقت الاكتفاء رسمياً بمماطلة السعودية كلما طالبت بترسيم الحدود البحرية، نظرا لحساسية الملف بسبب أهمية الجزيرتين، وبسبب أهمية العلاقات السعودية المصرية، خاصة إنه لو تمسك كلا الطرفين برأيه سيكون الملجأ هو التحكيم الدولي، وهو ما تجنبته الدولة المصرية دائماً للحفاظ على عدم تدهور العلاقات مع السعودية.
– الوزير سامح شكري استطلع رأي الإدارة القانونية بالوزارة، وتم إبلاغه بالموقف القديم الثابت بعدم أحقية السعودية في الجزر، وأيضاً بأن النصيحة هي المماطلة بالاجراءات الفنية والقانونية المعقدة للحفاظ على العلاقات مع السعودية.
– وزير الخارجية سامح شكري نقل هذا الموقف لرئاسة الجمهورية، وتحديدا للرئيس السيسي بشخصه .. رئاسة الجمهورية لم تبدِ أي تحفظ أو ملاحظات على موقف وزارة الخارجية، ولم يتم إبلاغ الدبلوماسيين بأي شيء يغير الوضع، لكن التغير المفاجيء حدث قبل يومين فقط من وصول سلمان ملك السعودية للقاهرة!
– مندوب من رئاسة الجمهورية زار وزير الخارجية في مكتبه بالوزارة وطلب منه الآتي: على وزارة الخارجية والإدارة القانونية السعي للحصول على وثائق تساند الموقف السعودي وتقول أن الجزيرتين سعوديتين! وزير الخارجية نقل الطلب لموظفي الخارجية، وأعلن دعمه لتوجيه رئاسة الجمهورية اللي بيقول اتصرفوا وخلوا الجزيرتين سعوديتين.
– رد الإدارة القانونية كان غير مرحب بفكرة سعودية الجزيرتين، عدد كبيرة من أعضاء الإدارة قالوا بشكل واضح للوزير في اجتماعات رسمية، ومنها اجتماعات عقدها الوزير في مكتب الإدارة القانونية نفسها، وهو أمر نادر الحدوث في الخارجية، أن قرار رئاسة الجمهورية خاطيء من الناحية القانونية، ومن الناحية السياسية، وكذلك من ناحية المعاهدات والوثائق الدولية حتى إن عدد من كبار موظفي الخارجية، قالوا للوزير بشكل واضح في اجتماع رسمي أنهم “أبرياء” من هذا الاتفاق.
– وزير الخارجية قال لأعضاء الإدارة القانونية أن الاتفاق مع السعودية هو قرار سياسي اتخذه رئيس الجمهورية، وان احنا مش محتاجين لأسانيد قانونية ولا حجج تدعم موقفنا.
– رغم تحذير الإدارة القانونية وموقف موظفيها أصر الوزير على أن يقوم الفريق القانوني باستخراج الوثائق التي باستطاعة الوزارة تفسيرها لكي تقول أن الجزيرتين سعوديتين، واستخدم وزير الخارجية نفوذه والضغط المؤسسي والأمني لإجبار الإدارة القانونية على أن يكون رأيها القانوني في صالح السعودية.وبالمناسبة ده مش أول قرار خاطيء يقوم بتنفيذه سامح شكري، ولا المرة الأولى اللي يستخدم فيها نفوذه “الأمني” ضد الموظفين بالخارجية، وهنتكلم في المستقبل في بوست لوحده عن اللي عمله منذ توليه منصبه.
****
ثانياً: كواليس ما بعد تنازل الرئيس عن الجزيرتين:
– منذ حوالي أسبوعين الوزير سامح شكري دعا موظفي الخارجية للقاء في مقر الوزارة، بهدف مناقشة موضوع الجزيرتين، لكن اللي حصل إن الوزير لم يتكلم في البداية إطلاقاً عن الموضوع وبدأ يتكلم بشكل عام عن إنه : “الدبلوماسي يجب ألا يكون له رأي سياسي”، وقال إنه هو شخصياً كوزير ملتزم بذلك ويمثل رأي الدولة الرسمي فقط.
محدش قدر يرد عليه من الحاضرين، لكن الكل في الخارجية عارف ان الوزير سامح شكري كان أحد المتظاهرين يوم ٣٠ يونيو، وكان نازل في مظاهرة وصلت حتى قصر الاتحادية.
– كانت كلمات الوزير فيها نبرة تهديد ووعيد لكل من يتحدث من الدبلوماسيين عن الجزيرتين وكانت الرسالة، ان التهديد دا مش هيكون كلام بس، “أنا أقدر كمان أحول تهديدي لفعل”، وفعلا حوّله لفعل مع نهاية الجلسة زي ما هنقرأ في السطور القادمة.
– لم تتم مناقشة موضوع الجزيرتين الذي دعى الدبلوماسيين للاجتماع بشأنه أصلاً، إلا بعد أن اضطر بعض الحاضرين ومنهم بدرجة مساعدي الوزير لفتح الحديث عن الجزيرتين، وتحدث بعضهم بقوة متسائلا نفس أسئلة رجل الشارع، بشأن عدم الشفافية والتعجل الشديد في إتمام الاتفاق.
– أحد مساعدي الوزير تسائل عن سبب عدم وصول نص الاتفاق الذي أقره رئيس الجمهورية مع ملك السعودية إلى الخارجية حتى الآن! وبالتالي لا أحد يعرف تفاصيله حتى من تتطلب طبيعة عملهم ذلك، لكن الوزير كان رده إن “ان الاتفاق عبارة عن إحداثيات وبالتالي لن يكون مفهوما حتي لو تم نشره”!
– بعض السفراء الحاضرين تحدثوا عن شهاداتهم خلال عملهم بمكتب الوزير الأسبق عصمت عبد المجيد، وذكروا خلفيات الوثيقة التي يستند اليها الوزير والموقف الرسمي حالياً في سعودية الجزيرتين، وأكدوا جميعا بأن الوثيقة لا قيمة لها قانونيا، وأنها كانت بهدف التسويف والمماطلة، وهو أمر معمول به في الشؤون الدبلوماسية والتفاوض. لم يرد وزير الخارجية على تعليقاتهم.
– عن مسألة طرح الاتفاق للاستفتاء الشعبي، قال الوزير أن المسألة غير مطروحة للاستفتاء، إلا أن بعض الحضور قالوا أن ظروف الاتفاقية تطابق المادة ١٥١ في الدستور المصري والتي توجب على رئيس الجمهورية طرح المسألة للاستفتاء، فكان رد الوزير سامح شكري أن المسألة ملتبسة.
– أدي النقاش المستمر وطرح الأدلة من قبل الدبلوماسيين لتأكيد أحقية مصر بالجزيرتين إلى أن أبدى الوزير غضبه، وطلب إنهاء النقاش حول الموضوع قائلاً “الجزر محل نزاع”. وهو ما ينفي ثقته كوزير للخارجية بأن الجزيرتين سعوديتين!
– أعلن الوزير في نهاية هذا الاجتماع، وكتطبيق عملي لتهديده للدبلوماسيين بعدم الحديث عن الجزيرتين مرة تانيه، أنه تم اتخاذ قرار بمعاقبة أحد الدبلوماسيين في إحدي سفاراتنا، وإعادته إلى مصر لينضم للعمل في ديوان عام الوزارة، وهي عقوبة متعارف عليها للدبلوماسيين المغضوب عليهم في الخارجية .. سبب العقوبة القاسية هو أن هذا الدبلوماسي كتب على موقع فيس بوك رأيه الرافض لتنازل مصر عن الجزيرتين!
****
إيه هيا الإدارة القانونية بوزارة الخارجية؟
في ٢١ سبتمبر ١٩٥٥، صدر القانون ٤٥٣ لتحديد مهام وزارة الخارجية، وخلال الفترة التالية نشأت الإدارات الجغرافية التي تغطي علاقات مصر مع دول العالم، وإدارات متخصصة من أهمها الإدارة القانونية. تعتبر الإدارة القانونية هي الذراع الاستشاري الذي يقدم الرأي والمشورة القانونية لجهات الدولة بشكل عام، ولوزارة الخارجية بشكل خاص، في كل ما يخص عقد كافة المعاهدات والاتفاقات الدولية. وتتولي هذه الإدارة القيام بالاتصالات والمباحثات والمفاوضات، والإشراف على تنفيذها وتفسيرها ونقدها، بالاشتراك مع مؤسسات الدولة المختلفة، ثم عرضها علي مجلس النواب للتصديق عليها عقب توقيعها.
****
– ما مدى استقلالية ومهنية وزارة الخارجية؟
– وزارة الخارجية كانت من ضمن مؤسسات قليلة في البلد يحظى العمل فيها بقدر من الاستقلالية نسبياً، وترك الأمور الفنية للمتخصصين بها، مع هامش حركة به قدر من المرونة .. لكن الوضع تدريجياً كان يتغير خلال السنوات الأخيرة، وللأسف التدخل من رئاسة الجمهورية للتأثير على اختصاصات وزارة الخارجية، وعمل إداراتها المختلفة، مش أول مرة يحصل.
– الرئيس الأسبق حسني مبارك جعل قرارات المخابرات العامة أولوية فوق رأي الخارجية فيما يخص القضية الفلسطينية، والسودان، وكمان ملف ليبيا تم تسليمه كاملاً لصفوت الشريف بأمر من مبارك.
– في عهد الرئيس السابق محمد مرسي كان فيه محاولات لتجاوز الخارجية وتهميشها، لصالح عصام الحداد الذي تم تعيينه مساعداً لرئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولى.
– إلا أن التدخل الحالي بعهد الرئيس السيسي أصبح بمستوى يفوق تجاوزات سابقيه بكثير، مما يعرض حقوق مصر وأراضيها للخطر، كما أنه يطرد كفاءات تدربت وعملت في هذه المؤسسة لعقود طويلة دون استفادة منها في مقابل الاعتماد علي من أهم أقل خبرة في هذا المجال، أدت السياسات الأمنية المفروضة في وزارة الخارجية مؤخرا لاستقالة دبلوماسيين أصحاب تاريخ مهني مهم وانتقالهم للعمل في مؤسسات دولية زي الأمم المتحدة واليونسكو واليونسيف ومحكمة العدل الدولية.
– تمت إقالة الوزير السابق نبيل فهمي لرفضه إنهاء عمل عدد من السفراء في الخارج وإعادتهم للديوان، أو عدم تسكين البعض الآخر نهائياً في إدارات الوزارة عقب عودتهم من الخارج لتعارض مواقفهم مع النظام الحالي بالنسبة لاعتراضهم على سياسات النظام الإقليمية وحالة الحريات والحالة السياسية في البلد، وهي المطالب التي نفذها كاملة الوزير سامح شكري عقب توليه منصبه، كما سمح بالتدخل من جانب أجهزة أمنية أخري وعلى رأسها المخابرات الحربية، في إعادة عدد كبير من الدبلوماسيين في درجات وظيفية مختلفة من الخارج، دون تسليمهم عمل بالديوان العام للوزارة، أو فصل بعضهم كنوع من التنكيل بهم لنشاطهم المستقل بالخارج أو مشاركتهم في ثورة يناير، وهو ما يبدو أنها حملة مستمرة حتى الآن وفقا لما ذكره الوزير في لقائه مع عدد من مساعديه منذ ثلاثة أسابيع.
– هنتكلم بالتفصيل وربما بالأسماء في بوست قادم ان شاء الله عن حركة إنهاء عمل الكثير من الدبلوماسيين أو ما يسمى في عرف العمل بالوزارة حركات التسكين.
****
هل كان لأفراد وزارة الخارجية مواقف ورأي بأحداث مصر السياسية؟
– دايماً كان لدبلوماسيي الخارجية القدرة على التعبير عن مواقفهم السياسية وانحيازاتهم، وأحياناً دفع الثمن لأجلها لو كانت ضد رغبة الدولة.
– في نهاية السبعينات محمد إبراهيم كامل وزير الخارجية المصري استقال من منصبه ليلة التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد اللي كان رافضها ملايين المصريين. استقالة كامل كان سببها خلافه مع الرئيس المصري السابق أنور السادات الذي وقع المعاهدة مع إسرائيل عام ١٩٧٩ دون رجوع للخارجية في تفاصيل كتير. وكمان وزير الخارجية آخر هو إسماعيل فهمي استقال برضه من منصبه بعهد السادات، اعتراضاً على زيارة السادات للقدس، اللي قوبلت برفض شعبي كبير.
– أيام ثورة ٢٥ يناير عدد كبير من الدبلوماسيين وقعوا بيان بيعلنوا فيه تضامنهم مع مطالب الشعب المصري الذي يتظاهر في الميادين للمطالبة برحيل مبارك.
– في نوفمبر ٢٠١١ صدر بيان من١٤٥ دبلوماسي يطالب بوقف الاعتداءات الممنهجة على المتظاهرين، ويطالب المجلس العسكري بـ«التعهد بعقد الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة للمدنيين بحد أقصى منتصف ٢٠١٢».
– في ديسمبر ٢٠١٢ كرد فعل على أحداث الاتحادية، وقع ١٠٠ دبلوماسي مصري بيان يعلن رفض الإشراف على الاستفتاء على دستور٢٠١٢ الذي “تسبب بإراقة دماء المصريين”.
– في ٢ يوليو ٢٠١٣ وقع ١٢٩ دبلوماسي بيان يدعم مطلب المتظاهرين ضد مرسي بـ ” اللجوء المبكر إلى الآليات الديمقراطية لتحكيم الإرادة العامة للشعب مصدر السلطات في شأن رئاسة الدولة حقنا لدماء المصريين بلا تفرقة.”
– أكيد حقنا دلوقتي نتسائل إزاي مطلعش ولا بيان عليه توقيع واحد من أي حد من العاملين الحاليين بالوزارة في قضية بضخامة أزمة الجزيرتين؟
التفسير هو اللي اتكلمنا وهنتكلم عنه: كل أدوات التهديد والتحكم الأمني والإداري اللي نفذها سامح شكري، بإشراف الأجهزة السيادية، واللي لسه مستمر باستخدامها لحد النهارده.
****
ايه اللي ممكن يعمله الدبلوماسيين اكتر من كده؟
عندنا قصتين من فرنسا وأمريكا:
– سنة ٢٠١١، مجموعة من الدبلوماسيين الفرنسيين من مختلف الفئات العمرية و التوجهات السياسية، قرروا يعترضوا علي السياسة الخارجية للرئيس الفرنسي السابق ساركوزي و سموا نفسهم مجموعة مارلي، نسبة إلي القهوة اللي اتجمعوا فيها أول مرة علشان يفكروا في طريقة للاعتراض على توجهات الرئيس بالنسبة للشؤون الخارجية. قرر أعضاء مجموعة مارلي عدم الافصاح عن أسمائهم و قاموا بنشر رسالة تنتقد الخارجية الفرنسية و سياسة أوروبا الخارجية في جريدة لوموند الفرنسية.
الرسالة بتوضح إن أوروبا أصبحت ضعيفة قدام العالم، و إن فرنسا لم يعد لها أي تأثير علي العالم علي الرغم من ما تملكه من أسلحة و قوة نووية، بسبب اتباعها لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية وافتقادها للرؤية السياسية و المناورة الدبلوماسية. رسالة مجموعة مارلي وصفت السياسة الخارجية الفرنسية بالاندفاعية وعدم الاحترافية، و بغير المتسقة والمرتجلة، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط و أفريقيا، ده غير إنهم اتهموا ساركوزي بعدم احترامه لإدارات الدولة بالإضافة لتحميل تلك الإدارات مسؤولية نكساته السياسية.
في آخر الرسالة عرضت مجموعة مارلي طلباتها، و اللي بتتلخص في إنهم عايزين يكونوا في خدمة سياسة ناضجة و مستقرة، و طالبوا بتحديد الأهداف السياسية الخاصة ببعض المواضيع مثل حدود أوروبا المستقبلية، السياسة تجاه الوطن العربي المنتفض أثناء الثورات العربية، أفغانستان و أفريقيا. و أخيرا، طالبوا بتطبيق بعض القيم زي الديمقراطية، التضامن و احترام اختلاف الثقافات، وأكدوا إنهم مستعدين يقدموا كل خبرتهم و إخلاصهم.
– في أمريكا وأثناء قرار بوش بشن حرب على العراق، في يوم ٢٧ فبراير ٢٠٠٣، استقال ٣ موظفين من الخارجية الأمريكية في حادثة لم يسبق لها مثيل، هم John H. Brown, John Brady Kiesling و Mary A. Wright ، وذلك اعتراضا علي قرار جورج بوش بغزو العراق. و علي الرغم من ان الموظفين الثلاثة يعتبروا من النخبة إلا ان قرار استقالتهم كان مبني علي مبدأ. John Kiesling مثلا، كان مستشار سياسي في السفارة الأمريكية في أثينا ورئيس للقسم السياسي، John Kiesling كان مسؤول بشكل أساسي عن الإبلاغ عن الأوضاع السياسية في اليونان. John Kiesling كان علي درجة مرتفعة من الثقافة و يتحدث اليونانية والأرمينية والألمانية والإيطالية والإسبانية، ومستواه مقبول في العربية، التركية والعبرية، و للأسف لم يحصل علي معاش لإنه تقاعد في سن ٤٥ سنة و دي تضحية كبيرة جدا بالنسبة لموظف في الخارجية.
أما John Brown فمعاه دكتوره من جامعة برينستون و خدم في بلدان كتير، و أخيرا، Mary A. Wright، بالإضافة إلي خدمتها في بلدان كثيرة، حصلت علي جائزة وزارة الخارجية الأمريكية للبطولة. كلهم استقالوا بسبب ان الرئي بوش فشل في شرح قيام الجيش الأمريكي بشن حرب علي العراق. Kiesling وصف وزير الدفاع الامريكي Donald Rumsfeld بإنه بيتصرف من وحي خياله، و أرجع السبب لأحداث ١١ سبتمبر اللي غيرت من السلطة السياسية و المالية في الولايات المتحدة و أعطت سلطة مطلقة لوزير الدفاع.
هاجم John Kiesling الإدارة الأمريكية و قال أنها سممت الجو الفكري، و إن الحرب علي العراق تسببت في نفور ليس فقط الدول المعادية لأمريكا، بل و أيضا بعض الدول الصديقة، ده غير إنه طرح سيناريو كابوسي في حالة إن بغداد رفضت الاستسلام لأمريكا متسائلا عن موقف الولايات المتحدة، في حالة ما إذا قوات التحالف لم تجد أسلحة دمار شامل.
****
ما يهمنا من جديد تكرار إبراز أسلوب عدم الشفافية التام وعدم التشارك على الإطلاق، اللي تم التعامل بيه مع قرار تسليم الجزيرتين، وهو ما أقر به الرئيس شخصيا بأنه تفادي طرح الاتفاق للنقاش المسبق حتي لا يصدم الرأي العام. بالإضافة للأساليب الأمنية اللي استخدمت للضغط على الكثير من موظفي وزارة الخارجية اللي كان رأيهم بعد الدراسة القانونية ان الجزيرتين تابعتين لمصر.
“هذا الموضوع لم يتم تداوله قبل كدا، حتى المراسلات والمكاتبات اللي كانت بتعني هذا الموضوع، مكانتش بتتطرح حتى لا تؤذي الرأي العام في البلدين.. حتى لا تؤذي الرأي العام في البلدين.” من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الحوار المجتمعي حول الجزيرتين.
– كان يجب علي النظام أن يلجأ إلى القانونيين المتخصصين من داخل وخارج وزارة الخارجية، من المستقلين غير المحسوبين على آراء سياسية يرغب بها، والمعروفين بجدارتهم العلمية للبحث في كل الوثائق التي تحدد وضعية الجزيرتين وترك المسألة لكل المسارات القانونية المنطقية المعتادة.
– عايزين في الختام هنا نحيي بعض موظفي وزارة الخارجية اللي كان دايماً بيظهر بينهم من يبذل جهده تجاه إرساء قيم مهمة زي الشفافية، والوقوف إلى جانب رأي الناس، ومنهم الدبلوماسيين اللي أمدونا بالمعلومات القيمة اللي هنا، ونتمنى يكون ده سلوك المزيد من الموظفين المحترمين في مختلف المؤسسات.
– السطور السابقة هي شهادة تاريخية يتحمل مسؤوليتها رئيس الجمهورية ووزير الخارجية اللي ساهموا في تحجيم وتقييد عمل وزارة الخارجية بإجراءات وسياسات أمنية تعيدنا لأيام ما قبل ثورة يناير واسوأ بمراحل. وشكرا للموظفين المحترمين اللي رغم كل الضغوطات قالوا للوزير كلمة الحق في وشه وحملوه مع رئيس الجمهورية مسؤولية التنازل عن الجزيرتين للسعودية. شكرا لكم من كل عضو وعضوة في صفحة الموقف المصري.
****

المصادر




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة