يوم الأحد 18 أكتوبر بدأت أولى جلسات مجلس الشيوخ الجديد، الغرفة البرلمانية الثانية اللي استحدثتها تعديلات الدستور الأخير، الجلسات بدأت بعد تعيين الرئيس السيسي 100 عضو اللي هما ثلث المجلس اللي يحق للرئيس تعيينه.
قرارات التعيين الجديدة جت متأخرة جدا، على الرغم من أنه انتخابات مجلس الشيوخ انتهت الجولة الأولي منها من أكثر من شهرين وجولة الإعادة من أكثر من شهر إلا أنه قرار التعيينات أصدرته الرئاسة قبل ساعات من بدء انعقاد المجلس.
تأخر التعيينات والأسماء اللي جت فيها يخلينا نسأل أسئلة كثير حوالين ال100 عضو اللي عينهم الرئيس وبالتأكيد عن دور المجلس الحالي اللي هو منزوع الصلاحيات ويبقي دوره في أفضل الأحوال هو دور استشاري.
النهاردة حنناقش معاكم بهدوء التعيينات الجديدة ؟ بتعكس ايه عن اللحظة الحالية في مصر ؟ وايه اللي ممكن يقدمه مجلس الشيوخ في الوضع الحالي في مصر ؟
*****
ليه التعيينات تأخرت ؟
مصادر مختلفة اتكلمت عن سبب تأخر التعيينات للحظة الأخيرة، والمصادر الكثير دي رجحت التأخير لأسباب متعددة :
1- اتقال إنه الرئيس السيسي كان منزعج من اللي حصل في انتخابات الشيوخ، واللي تم تسريبه عن دفع مرشحين لرشاوي مالية كبيرة عشان يدخلوا القائمة، والرئيس السيسي بيحاول يبعد نفسه عن النوع ده من المشاكل، وبالتالي اتاخد وقت كبير من الرئاسة والرقابة الإدارية لدراسة التعيينات بحيث تيجي أسماء معروفة وليها خبرات سياسية وفنية وترشحيات ليها وزن من المؤسسات بعيد عن أي شبهة رشاوي من أي مرشح عشان يكون في قائمة التعيينات.
2- مصادر تانية قالت إنه السبب هو أنه الأجهزة الأمنية اللي بتفلتر وبتقدم التعيينات اتأخرت في إعداد الأسماء أو مراجعة كتير منها، وفي ناس معرفتش ومتبلغتش غير في الأيام الأخيرة قبل انعقاد المجلس، زي مثلاً حالة الفنانة سميرة عبدالعزيز اللي بحسب تصريحاتها للمصري اليوم تفاجئت من اختيارها كعضو معين في مجلس النواب وده كان يوم 13 أكتوبر، يعني خمس أيام فقط قبل انعقاد المجلس.
3- السبب الثالث هو انتظار الكشف الطبي وباقي الإجراءات الورقية للمعينين، واللي أسفرت عن استبعاد 5 مرشحين للتعينات بسبب تحليل المخدرات بتاعهم.
وربما تكون في أسباب تانية غير دول لكن بشكل عام دي الأسباب المتداولة والمنطقية واللي ليها روايات محددة.
*****
مين اللي اتعينوا ؟
الأسماء ال 100 اللي تم اختيارهم كلهم بالطبع مؤيدين للرئيس بدرجات مختلفة، وفي ملف تم تسريبه من رئاسة الجمهورية لحوالي 98 اسم منهم كان بيوضح جهات الترشيح والسيرة الذاتية لكل مرشح، وبشكل عام هو نفس المنهج بتاع الدولة المصرية في تعيينات الشيوخ أو الشورى سابقاً، ترشيحات من المؤسسات الدينية والأمنية والمجالس القومية والجامعات وبعض القيادات الحزبية، واللي بيعد الملف ده الأجهزة الأمنية بشكل مشترك.
التعيينات المرة دي مفاجئ فيها شوية هو الترضيات الكتيرة للإعلام ورؤساء تحرير الصحف المقربة من السلطة زي رئيس تحرير “الوطن” محمود مسلم، ورئيس تحرير “الشروق” عماد الدين حسين، والسكرتير العام لنقابة الصحافيين محمد شبانة، وزي محمود الكردوسي وطارق سعدة وإبراهيم حجازي، واللي باستثناء عماد الدين حسين، فمش متوقع منهم إضافة حقيقية بأي شكل في السياسات العامة أو الحقوق والحريات وغيره، هي مجرد ترضيات ليهم ولجناح محدد جوة الأجهزة الأمنية.
كمان اتعين 7 من تنسيقية شباب الأحزاب، وده مؤشر على استمرار المشروع ده والاستثمار فيه من أجهزة الدولة لسنين طويلة في كافة الاستحقاقات السياسية.
كان في تعيينات تمت بناء على ترشيحات الأزهر والكنائس ولواءات سابقين في الجيش والمخابرات العامة والداخلية، والمجلس الأعلى للجامعات، وبعض الفنانين.
وكمان شملت التعيينات بعض رؤساء الأحزاب المقربة من الدولة، زي الفريق جلال هريدي رئيس حزب حماة الوطن اللي بترعاه المخابرات الحربية، واللي أدار الجلسة الافتتاحية بصفته أكبر الأعضاء سناً ( 90 سنة )، مع بعض قيادات حزبه من اللواءات، بالإضافة لرؤساء أحزاب الوفد والتجمع ومصر الحديثة وإرادة جيل.
وفي نفس الإطار يقال إنه اتعرض على رئيس حزب التحالف الشعبي مدحت الزاهد التعيين لكنه رفض بشكل قاطع لأن حزبه رافض لعودة مجلس الشيوخ، ومفيش جهة أو متحدث باسم الرئاسة نفى هذا الأمر.
التعيينات شملت المرة دي عضوين من حزب النور، وهما محمود ترك من تنسيقية شباب الأحزاب والدكتور أشرف ثابت، وده بيقول إنه في حد تاني جوة الدولة غير اللي أشرف على انتخابات الشيوخ وقوائمها، قرر إنه من الخطورة استبعاد حزب النور، ومن الضروري يتم ترضيته والسيطرة عليه ولو بمنصبين هامشيين.
*****
في الجلسة الأولى تم انتخاب رئيس حزب مستقبل وطن المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس للمجلس، بعد تكهنات صحيحة من شهور إنه هيكون رئيس مجلس الشيوخ، المستشار عبدالوهاب حصل علي 287 صوت من 299، ودي نتيجة طبيعية لأنه حزب مستقبل وطن فعليا بيسيطر علي مجلس الشيوخ فاز ب 75 % تقريبا من مقاعد الانتخابات واتعين في ال100 المعينين ناس قريبين منه.
المستشار عبدالوهاب عبدالرازق هو صاحب الحكم الشهير للمحكمة الدستورية العليا في مارس 2018 لما كان رئيسها بالاستمرار في تطبيق اتفاقية التنازل عن تيران وصنافير، وبالتالي التعيين الحالي له كرئيس لمجلس الشيوخ هو فعليا مكافأة على هذا العمل بعد المكافأة الأولي له بأنه جه رئيس لحزب مستقبل وطن في مارس 2020.
طبعاً مثير للمفارقة والتأمل إنه لأول مرة أجهزة الدولة تقدم التعيينات كهدايا عائلية أو تورث المناصب داخل العائلات أثناء حياتهم، يعني هنلاقي في تعيينات الشيوخ رجل الأعمال تيسير مطر واللي هنلاقي إبنه “محمد” داخل قائمة النواب، هنلاقي “محمود بكري” في قائمة مجلس الشيوخ وهنلاقي أخوه الكبير “مصطفى بكري” في قائمة النواب، هنلاقي بهاء أبو شقة في تعيينات الشيوخ، وبنته “أميرة” في قائمة النواب بالإضافة لابنه اللي بيشتغل في رئاسة الجمهورية كمستشار قانوني، هنلاقي في قائمة النواب وقائمة الشيوخ وتعيينات الشيوخ 5 من عائلة السادات، ولاد محمد أنور عصمت السادات “كريم” و”سامح”، وولاد أخوه، وأخوه “عفت”، وده كله مستفز للغاية ومحصلش قبل كده بالفجاجة دي.
*****
إيه المنتظر من مجلس الشيوخ ؟
زي ما كتبنا وقت انتخابات المجلس وقولنا أنه فعليا مجلس الشيوخ ملوش أي صلاحيات حقيقة، يعني حتى ميقدرش يقترح مشاريع قوانين، ورأيه اللي بيؤخد في أي قوانين أو معاهدات هو اختياري لمجلس النواب والحكومة بالتالي مفيش منطق من وجوده والصرف عليه.
كتبنا برضه أنه وجود مجلس الشيوخ بالصيغة الحالية هو محاولة لتوزيع الأدوار، وتوسيع دائرة المستفيدين من النظام خاصة أنه في مشكلة في زيادة اعداد مجلس النواب، وشوفنا إزاي تم إدارة الانتخابات بنفس المنطق الأمني اللي أفرز في النهاية أنه حزب مستقبل وطن المؤيد كليا للرئيس واللي من لحظة تأسيسه هو ذراع للأجهزة الأمنية.
لكن حتى رغم كل ده كان ممكن مجلس الشيوخ يكون ساحة فعلية للنقاش واختلاف الأراء بين المؤيدين والمعارضين للحكومة وسياساتها، ولكن حتى ده الأجهزة الأمنية مش عاوزة تسمح بيه داخل مجلس الشيوخ إلا في أضيق الحدود.
قائمة التعيينات بتعكس ده بكل وضوح اختيار كل الأسامي نابع من وجود علاقة جيدة مع الأجهزة الأمنية، يعني المجلس مش زي ما كان بيروج له هيبقى مجلس كفاءات تكنوقراط، على الرغم من إنه بعض الأسامي اللي اتعينت واضح إنها كفاءات تكنوقراطية، لكن دي حالات قليلة جداً، وفي كتير من الأسامي ملهاش علاقة بالكفاءة ولا فهم السياسة ولا إدارة الدولة.
كل ده يخلينا نعيد السؤال حوالين جدوي وجود المجلس نفسه ؟ يعني لو الرئيس مش عايز يسمع غير الأصوات المؤيدة بس، عاملين المجلس ليه وهو هيكلف الدولة مبالغ كبيرة من جيوب المصريين ؟
ميزانية المجلس ده مش هتقل عن مليون جنيه شهرياً، ما بين متوسط 30 ألف جنيه للعضو كمرتب أساسي وحوافز وبدلات يعني 900 ألف شهرياً، بالإضافة لمرتبات استثنائية لرئيس المجلس ووكلاؤه، بالإضافة لرواتب الموظفين اللي تعدادهم بالالآف.
كل الفلوس دي هي من ضرائب المصريين في وقت في أزمة اقتصادية بسبب كورونا، بالتالي من الاجدر أنه الحكومة وهي بتدور علي التقشف وبتخصم 1 % من أجور الموظفين كانت توفر فلوس مجلس الشيوخ لأنه مش هيكون إضافة.
عامة هنشوف أداء مجلس الشيوخ ونقاشاته، وعلى الرغم من كده هنشوف برضه إنه مصر فيها كتير من الكفاءات والخبرات اللي متمش تعيينهم في المجلس ده أو في أي مسؤوليات سياسية حقيقية، ولا اتساب ليهم وسائل إعلام حرة يعبروا فيها عن رأيهم ورؤيتهم بدون تخويف من القمع والحبس والتنكيل، وكانوا هيبقو إضافة حقيقية فعلاً على مستوى النقاش والحوار مش للتصقيف.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *