– من يومين اتفاجئ الوسط الثقافي في مصر بخبر ترحيل الكاتبة والناشرة الفلسطينية بيسان عدوان، رغم إنها عايشة في مصر مع أسرتها منذ طفولتها باقامة قانونية.
– اللي حصل بيطرح أسئلة كتير عن وضع المقيمين العرب في مصر اللي كانت طول تاريخها بتفخر بانها تحتوي المقيمين من العالم العربي وأفريقيا، فما بالنا كمان ببيسان صاحبة الدور المعروف في الوسط الثقافي المصري.
****
مين هيا بيسان عدوان؟
– بيسان مولودة لأم مصرية وأب فلسطيني، وهي صاحبة دار نشر ابن رشد في القاهرة، دار نشر مصرية نشرت كتير من الأعمال والكتب المهمة.
– بيسان من عائلة كمال عدوان أحد مؤسسي حركة فتح وأحد رموز النضال الفلسطيني، اللي تم اغتياله في بيروت سنة 1973 في عملية إسرائيلية شهيرة.
– بيسان اتربت طول عمرها في مصر، ومن وقت طفولتها لحد النهاردة كان دايما بيتم تجديد اقامتها، لكن فجأة بدون أي سبب تم احتجازها في القسم لمدة أسبوع ورفض تجديد إقامتها، وبعدين وبدون أي أسباب معلنة تم ترحيلها.
– ترحيل بيسان مش الأول المرتبط بفلسطينيين معروفين مؤخرا، أخرهم كانت قصة رامي شعث وهوا يحمل الجنسيتين المصرية والفلسطينية، وتم سجنه من شهور وترحيل زوجته الفرنسية سيلين شعث بدون أي أسباب واضحة، إلا إن رامي كان منسق الحركة الشعبية لمقاطعة اسرائيل في مصر bds.
– كتبت بيسان بعد ترحيلها تشكر كل اللي دعموها وقالت:
“حتفضل مصر بلدي زي ما فلسطين بلدي كل الحب ده ودار ابن رشد دار مصرية وحتفضل أمانة هي صرح مصري ثقافي ومكملين وحرجع قريب مصر وتكمل سوا في حب مصر وفلسطين، وبطمنكم أن بدير دار ابن رشد عضو اتحاد الناشرين المصريين والمدير التنفيذي حسن جمال ومطمنة أن ابن رشد حتبقي بيكم اقوى واقوي”
*****
إيه الوضع القانوني للفلسطينيين والعرب المقيمين في مصر؟
– بشكل عام يحسب لمصر إننا معندناش مخيمات لاجئين أو أشكال خاصة لعزل غير المصريين زي ما بيحصل في دول تانية، بالعكس بيعيش وسط المصريين سوريين وعراقيين ويمنيين وفلسطينيين وسودانيين، وليهم حقوق التنقل والعمل والتعليم والعلاج الحكومي زي المصريين.
– على سبيل المثال اللاجئين السوريين المسجلين في مصر عددهم 115 ألف لاجئ مسجل بالامم المتحدة، لكن الحكومة بتقدرهم ب ٥٠٠ ألف سوري عشان بتعد معاهم المقيمين غير المسجلين.
– كمان حصل تطور ايجابي قبل سنوات بشأن منح الجنسية لأبناء المصريات، وبقت تمنح تلقائيا لمواليد بعد ٢٠٠٤ ومن حق مواليد قبل ٢٠٠٤ التقدم بطلب لوزير الداخلية.
– لكن الاطار العام الايجابي ده بيتغير حسب الأوضاع السياسية، مثلا فيما يخص الفلسطينيين السنادي القضاء كان بينظر قضية رفعها أب فلسطيني وام مصرية بعد رفض الداخلية منح الجنسية لابنهم بدون ابداء أسباب، والقضاء حكم لصالحهم.
– تاريخيا وقت عبد الناصر كان للفلسطينيين المقيمين في مصر كل حقوق المصريين تقريبا، بما فيها التملك وحتى الشغل في القطاع العام، لكن في عهد السادات بتغير موقف الدولة تم في الفترة من 1978 – 1982 تم تعديل معظم القوانين اللي بتدي ميزة نسبية للفلسطينيين ومعاملتهم كالأجانب بالعديد من الملفات.
– ده كان منافي لاتفاقات إقليمية موقعة عليها مصر فيما يخص اللاجئين الفلسطينيين تحديدا وأهمها بروتوكول الدار البيضاء سنة 1965 واللي بينص على معاملة اللاجئين الفلسطينيين كمواطني الدول العربية المقيمين فيها فيما يتعلق بالتوظيف والتشغيل والحق في التنقل وتسهيل إصدار وثائق السفر والإقامة وغيرها.
– الوضع بقى أعقد في عهد مبارك بعد حرب الخليج لما حصل شبه عداء بين النظام المصري وبين ياسر عرفات بسبب دعم عرفات لغزو صدام للكويت، لكن بعدين تم اصلاح العلاقات.
– وشفنا مؤخرا طبعا تأثر اختلاف العلاقات مع حماس، في وقت التوتر يتقفل المعبر ويتم تعسيف اهل غزة في التنقل للتعليم والعلاج، وفي وقت التعاون الأمني زي المرحلة الحالية الأمور بتنعكس في تطورات ايجابية.
******
نشوف ايه في كل ده؟
– زي ما قلنا سابقا لما ناقشنا مسألة السوريين ان مصر تاريخياً كان فيها يونانيين وإيطاليين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات كتيرة جداً، مدن زي إسكندرية كانت “كوزموبزليتان” متعددة الجنسيات والثقافات وبينهم حالة تعايش مميزة خلتهم يدوبو في مصر ويشتغلو في كل الأعمال الممكنة من أول المطاعم والقهاوي لحد التمثيل السينمائي، وده كان دايما مفيد اقتصاديا وثقافيا لمصر، وبالتالي لهجة الاستعلاء السيئة أو أي ممارسات سلبية أو عنصرية ضد المقيمين الاجانب خاصة الأفارقة هي شيء مسيء جداً لينا قبل أي حد ولازم نمنع أي حد من الممارسات ده، ونتصور ان على المستوى الشعبي دي ممارسات أقلية وناس كتير بتتدخل ايجابيا.
– القرارات الأخيرة ضد رامي شعث وبيسان عدوان تحديدا تخلينا نفكر في موقف الحكومة المصرية اللي رسميا رفضت صفقت القرن على لسان الخارجية وفي بيان جامعة الدول العربية، لكنها بتستهدف اللي بيرفضوها في مصر! مع ان نشاطات الناس دي مفروض انها كده دعم للموقف الرسمي لما توري العالم ان في رفض شعبي كمان.
– لازم الدولة المصرية تفصل بين قناعاتها السياسية وسياستها الخارجية وبين حياة المواطنين اللي عايشين بقالهم سنين في البلد وبيشتغلوا وأهاليهم هنا، مينفعش بسبب خلاف سياسي أنك تفرق عائلات ويعيشوا شتات تاني.
– نتمنى إنه أي شخص عاقل في السلطة يتراجع عن قرار ترحيل بيسان عدوان ويتم الإفراج عن رامي شعث وعودة زوجته، وعن كل السجناء السياسيين. أوضاعنا مش هتتحسن بالملفات الداخلية والخارجية بغير مشاركة الشعوب.