– امبارح أعلنت عدة منظمات حقوقية القبض على الدكتورة الصيدلانية إيزيس مصطفى، بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وقررت النيابة حبسها 15 يوم.

– الدكتورة إيزيس كانت ظهرت في فيديو وهي بتبكي وعليها آثار ضرب، وقالت إنه ده بسبب اعتداء عليها من موظفات الوحدة الصحية اللي بتشتغل فيها، لأنهم بيتنمروا عليها وبيشتموها بسبب كونها “غير محجبة”.
– بعدها فوجئنا كلنا بظهور إيزيس مصطفى محمد أحمد، بنيابة أمن الدولة العليا، والتحقيق معها بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وقررت النيابة حبسها على ذمة القضية رقم 2214 لسنة 2021 حصر أمن الدولة عليا.

– إيه القصة بالظبط؟ وليه الموضوع يوصل لاتهامها بالإرهاب؟ وفين دور القضاء ومؤسسات العدالة؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.

*******

إيه قصة إيزيس؟

– الدكتورة إيزيس مصطفي هي صيدلانية عمرها 27 سنة بتشتغل في وحدة ” كفر عطالله” الصحية في مركز الزقازيق بمحافظة الشرقية، طلعت في فيديو من أيام بتحكي فيه قصة اعتداء اتعرضت ليه من موظفات الوحدة الصحية.
– الفيديو ظهرت فيه إيزيس وهي مضروبة، وحكت إنه من شهور في موظفة إدارية جديدة جت المكان وبتضطهدها هي وزميلاتها لأنها “غير محجبة” بحسب رواية إيزيس، وإنها بتتعرض لمضايقات كتير من أول التهكم والتنمر والإساءة والشتيمة لحد منعها من التوقيع في دفاتر الحضور والانصراف عشان يتم فصلها، والموضوع وصل للاعتداء عليها بالضرب من 2 موظفات بعد ما اشتكت في النيابة الإدارية، كما وقام أحد العاملين أيضاً بالتحرش بها أثناء ضربها.
– الفيديو تحول لتريند، وتم إحالة أصحاب الواقعة للتحقيق القانوني، ومحافظ الشرقية استقبل الدكتورة إيزيس فيما يشبه اعتذار لها عن الموقف، وتم نقلها لمكان آخر بعيد عن الوحدة اللي كانت بتشتغل فيها، وطبعًا كانت إيزيس قدمت بلاغ للشرطة ضد الموظفات اللي اعتدوا عليها، وكمان اتنشر فيديو للاعتداء نفسه وكان واضح إنه في 2 موظفات بيضربوها في الفيديو، وظهرت في أكتر من وسيلة إعلامية بعد الواقعة دي بتشرح اللي كان بيحصل معاها من تنمر وسباب لحد لحظة الاعتداء.
– وطبعا لحد هنا جايز تكون قضية عادية يفترض تاخد مسارها القانوني الطبيعي من تحقيق إداري وشرطة ونيابة وغيره، ويفترض مؤسسات الدولة تاخد إجراءاتها لرد حق المعتدى عليه، مع الرفض الكامل لأي تمييز أو تنمر، لكن اللي حصل بعد كده مكنش طبيعي خالص ومستغرب جدا من جانب الكل لأنه عليه علامات استفهام كتير.
********

إيه اللي حصل بعد كده؟

– أول إمبارح الجميع بيتفاجئ بإنه تم إحالة الدكتورة إيزيس إمبارح لنيابة أمن الدولة العليا، وتوجيه لها التهم المعتادة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة إرهابية.
– طيب ليه يا جماعة؟ مواقع إخبارية مقربة من الأجهزة الأمنية نشرت رواية جديدة، الرواية بتقول إنه إيزيس كاذبة وبتنشر إشاعات، وإنها هي اللي اعتدت على الموظفات وشتمتهم لأن الموظفات ملتزمات بنظم العمل وبيرفضوا إنها توقع في دفتر الحضور والانصراف لأنها بتيجي متأخر، وإنها كانت بتتعالى عليهم وتقولهم أنا دكتورة لكن انتو موظفات، وختمتها الموظفة صاحبة واقعة الاعتداء إنها زعمت بتعرضها للمساومة من والدة إيزيس عشان يحصل تصالح مقابل إنها تدفعلهم 50 ألف جنيه.
– وطبعًا يعني الرواية دي ينفع يتقال إنها منطقية وكده يبقى هنا لازمة التحقيق، لكن نقدر ببساطة نتساءل هل الفيديو بتاع الاعتداء على إيزيس مش قرينة كفاية على صدق كلامها؟ طيب هل حصل تحقيقات قانونية مع جميع الأطراف عشان يتم التأكد من صحة رواية أو عدمها؟ وليه ميكونش فيه تواطؤ ما بين جميع أطراف الوحدة ضد الفتاة الشابة لأي اعتبارات وخلافات أخرى؟
– كل دي أسئلة ممكن تروح وترجع ويبقى فيها جدال يفترض تحسمه تحقيقات شفافة، لكن السؤال اللي ملوش إجابة منطقية، ليه إيزيس تتحبس بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية؟ ليه المستوى ده من التلفيق والتضليل وتغييب العدالة؟ وإزاي وكيل النيابة اللي أكيد سمع عن القضية والواقعة صدق الاتهام اللي قدمه الأمن الوطني لإيزيس؟ طيب بلاش، مين اللي ادوا تعليمات بحبسها، وإذا هي عاملة بلاغ كاذب حتى “مش دا له إجراءات قانونية” ايه علاقتها بتهمة الإرهاب؟ دي لسه كانت في برامج تلفزيونية والإعلام كله تناول روايتها، وقابلت المحافظ، فحتى لو البنت كدابة إزاي فجأة نقتنع إنها إرهابية؟!
– بافتراض يعني إنه كلام الموظفات صح وإنه البنت هي مدعية وكان غرضها من القصة كلها إنها تتنقل من الوحدة دي، إزاي مفيش تحقيق قانوني من وزارة الصحة؟ ما هي دي مش خناقة مع جهة سيادية، دي مشاجرة ومحضر في بيئة عمل حكومية ولازم يحصل فيها تحقيق إداري وشؤون قانونية بصورة طبيعية جداً، فين ده كله؟!
– طيب لو افترضنا برضه إنه الشؤون القانونية أدانتها وثبت كذبها وإنها هي اللي اعتدت على الموظفات دول فعلًا، ما هو بيحصل جزاء إداري من جهة العمل، وممكن بالكتير يتعملها محضر بتهمة إزعاج السلطات والبلاغ الكاذب، واللي هي تهم برضه يعاقب عليها القانون على فكرة بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة وبغرامة مالية !! ليه ده مبيتطبقش؟ ليه برضه يتوجهلها تهمة الإرهاب؟!
– طيب هل كل دا عشان اتكلمت واشتكت على فيسبوك؟ يعني ما كل يوم آلاف الناس بتطلع تشتكي من مشاكل بتحصل معاهم على فيسبوك، هل يفترض الدولة تقبض عليهم وتوجه لهم تهم “الإرهاب”؟
– الموضوع الحقيقة ملوش أي تفسير، لا قانوني ولا غيره ولا سياسي ولا أمني ولا أي حاجة، لأنه التلفيق واضح، ويبدو إنه التفسير الوحيد إنه فيه قرار بـ”تأديبها”، فالتأديب ده يكون بحبسها بتهمة “الإرهاب” بلا أي سياق ولا دلائل فجأة كده.
– وكمان رواية إيزيس بتقول إن الموظفة هددتها بأنها هتحبسها عشان عندها أقارب من “ذوي النفوذ والسلطة”.
***********

نشوف ايه من دا كله؟

– شيء صعب إنه الحال في مصر يوصل للدرجة دي من استخدام النيابة والقضاء لتمرير تهمة الإرهاب تجاه المواطنين العاديين عشان تبقى مبتذلة بالشكل ده، دا بجانب إنه بيتحبس باسمها معارضين سياسيين وصحفيين ومحامين ومواطنين عاديين بيترموا في حبس احتياطي بالشهور والسنين بدون محاكمة.
– الموضوع لما يوصل لدرجة إن مواطنة عادية يتوجه لها تهمة إرهاب في خناقة جوا مكان عملها، فبكده دا ضرب في أساس فكرة العدالة والقانون، هيوصل بالناس إنها تفقد الثقة تماما في القانون وأجهزة إنفاذه اللي بتتلاعب بيه لمجرد التأديب والانتقام، لأنها بتتجاهل كل القوانين اللي المفروض بتتعامل مع الحالات دي لصالح حاجة مش مفهومة أصلا.
– شيء مؤسف جدًا إننا نوصل للحالة دي من غياب القانون، ويفترض إن مفيش حد عاقل يقبل باستمرار الوضع دا في الحالة دي والمبدأ نفسه في العموم، ويا ريت نشوف قرار بوقف المهزلة دي لو فيه أي إرادة إننا مندمرش البقية الباقية من ثقة المواطنين في حاجة اسمها عدالة.
– التحقيقات غير الموجهة والمحايدة هي الطريق الوحيد لحل الأزمة دي، ويحال الموضوع للقضاء للبت فيه بدون تدخل أحد، وبدون تهديد وترهيب من حد.
– بنشكر كل المنظمات الحقوقية المصرية اللي طلعت بيان مشترك استنكرت فيه الحبس التعسفي للمواطنة إيزيس مصطفى، وبنطالب معاهم بإخلاء سبيلها فوراً دون قيد أو شرط.
– والحقيقة لو كان في حاجة بتسيء لسمعة مصر، فهو النوع ده تغييب العدالة والتلاعب بالنيابة والقضاء والتنكيل بمواطنة مصرية لسبب غير معلوم.
****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *