من أيام انتشرت أخبار عن إيقاف الاتحاد الدولي للفروسية للفارس المصري محمد طارق مصطفى بعد إثبات تعاطيه لمنشط فيه مادة مستخلصة من الحشيش.

الخبر كان مفاجئ لكن وراه قصة فساد تقليدية جدا في الاتحادات الرياضية في مصر اللي مليانة محسوبية وواسطة وفساد من أول اتحاد كرة القدم لباقي الألعاب واللجنة الأوليمبية والاستثناءات قليلة قوي.

ايه اللي حصل بالظبط ؟ نشوف ايه من القصة دي ؟ وازاي ممكن يتعمل إصلاح للمنظومة الرياضية في مصر؟

*****

ايه اللي حصل ؟

قبل أوليمبياد طوكيو، كان في أكتر من فارس مصري نتائجهم كويسة جدا وتصنيفهم الدولي كمان متقدم، زي الفارس “سامح الدهان” و ” عبدالقادر سعيد” واللي كان المفروض يشاركوا بشكل طبيعي مع الفريق المصري في الأوليمبياد.
لكن اللي حصل بشكل مفاجئ استبعاد الفارسين دول لصالح فارسين تانيين، الأول وهو محمد طاهر زيادة وده هنتكلم عنه بعدين، والتاني بطل القصة دي وهو محمد طارق مصطفى واللي بالصدفة طلع ابن أخو رجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى، اللي خرج من السجن بعفو رئاسي بعد إدانته بقتل الفنانة سوزان تميم.
طارق طلعت مصطفى والد ” محمد” هو رجل أعمال وشريك في مجموعة طلعت مصطفي وكان عضو مجلس الشعب عن الحزب الوطني في فترة مبارك.
عائلة طلعت مصطفى علاقتها جيدة بالنظام الحالي، وهي أكبر مطور في العاصمة الإدارية ودفعت فلوس كثير جدا عشان يتم الافراج بعفو رئاسي عن هشام طلعت.
بالإضافة لده، فرئيس الاتحاد المصري للفروسية هشام حطب مشهور بأنه عنده شركة توريدات رياضية اسمها حطبكو، ودي بتؤكد رواية أنه تم وضع إسم محمد طارق مصطفى في الفريق ارضاءا لعائلة طلعت مصطفى اللي فيه بينها وبين هشام طلعت مصالح بيزنس.
سافر محمد طلعت ولم يحقق أي نتايج زيه زي باقي لاعبي الفروسية، وفي تحليل المنشطات اللي اتعمل للاعبين في الأوليمبياد، تم إثبات عينات إيجابية عليه، تؤكد تعاطيه لمستخلص ” الحشيش” وبناءًا عليه صدر قرار باستبعاد كافة نتايج لاعبي الفروسية المصريين من الأوليمبياد، وإيقاف اللاعب لمدة عامين.
بعد اللي حصل وإعلان الاتحاد الدولي للفروسية إلغاء نتائج الفريق المصري في أوليمبياد طوكيو، طلع هشام حطب وقال أنه حيتقدم بتظلم في المحكمة الرياضية الدولية. وأنه العينة اللي اتاخدت من محمد طارق مصطفي كانت قبل سنتين من البطولة في 2019، وده بيشير يعني لأنه في تعنت ضد الاتحاد المصري والفارس محمد طارق مصطفى.
لكن الحقيقة أنه لو حتي العينات اتاخدت من سنتين لأنه كان مقرر للأولمبياد أنها تحصل في 2020 فدي مشكلة الاتحاد برضه اللي عينات المنشطات بتاعته لم تكشف عن تعاطي محمد طارق مصطفي للمنشطات واللي منها الحشيش، أو يمكن تكون كشفت والموضوع تم التعتيم عليه.
*****

هل دي قصة الفساد الوحيدة في اتحاد الفروسية واللجنة الأوليمبية ؟

الإجابة الواضحة لأ، في واقعة تانية فيها فساد واضح تنتظر التحقيق وكشفت عنها النائبة مها عبدالناصر عضو مجلس النواب الحالي في أكتر من مداخلة تلفزيونية وطلبات إحاطة اتقدمت بيها ضد اللجنة الأوليمبية ورئيسها.
منها واقعة واضح فيها الفساد متعلقة بالفارس التاني محمد طاهر زيادة، واللي والدته هي ” حنان الدريني” بيجيلها كافة التحويلات والفلوس المتعلقة باتحاد الفروسية وبتصرفها من حسابها الشخصي للاعبين، ودي طبعًا مخالفة مادية واضحة جدًا لأنها أموال عامة والمفروض تدخل حسابات رسمية وتتصرف من خلال حسابات رسمية برضه.
لكن اللي حاصل إنه السيدة دي ليها علاقة قوية برئيس اللجنة الأوليمبية، وواضح إنه في تعاملات مالية تخصهم، فنتيجتها إنها أصبحت متحكمة في اتحاد الفروسية، وبتدفع ابنها للمشاركة في الأوليمبياد حتى لو لم يكن الأكثر تميزًا وكانت نتايجه أقل من الاخرين، وكمان يحصل على أعلى دعم مادي من اتحاد الفروسية.
النائبة ذكرت في مداخلات تلفزيونية إنه الفارسين عبدالقادر سعيد وسامح الدهان، أكدوا كذب رئيس اللجنة الأوليمبية هشام حطب في الفلوس اللي خدوها، وأكدو إنه المبالغ اللي استلموها من الاتحاد ومضو عليها أقل بكتير من اللي تم إعلانه ! ومحدش يعرف راحت فين الفلوس دي !
كمان في تقرير سابق للجهاز المركزي للمحاسبات عن بعثة أوليمبياد ريو دي جانيرو 2016، واللي كان من ضمنها نفس الشبهات والمخالفات المالية، صرف مكافئات بدون وجه حق، وصرف فلوس بدون تحرير إيصالات أو شيكات أو مستندات، والاحتفاظ بالأموال العامة في حسابات شخصية.
وفي النهاية بعد كل ده وبعد النتايج السيئة اللي قدمها منتخب الفروسية الحالي، الفارس سامح الدهان اختار تمثيل منتخب بريطانيا بسبب الظلم اللي تعرض ليه في مصر، وهو مش الأول في القرار ده، سبقه لاعبين اخرين.
*****

نشوف ايه من كل ده ؟

دي مش أول قصة فساد تنشر عن الاتحادات الرياضية في مصر، كل المنظومة الرياضية سواء في الألعاب الجماعية أو الفردية مليئة بالفساد.
ورغم كده مفيش أي تحركات جدية من قبل الدولة للسيطرة على الموضوع، فبعيدا عن ضعف الإمكانيات والصرف على الاتحادات وخاصة في الرياضات الفردية واللي يتخلي في أبطال أوليمبيين يسيبوا مصر ويمثلوا دول تانية زي فارس حسونة وغيره ففي فساد كبير في الاتحادات.
اللجنة الأوليمبية المصرية، بالإضافة لكل الاتحادات مليئة بالشللية والمصالح ، وبيحكمها ناس لم تتغير منذ عقود حتى اتحاد الكرة المصرية نفس المجموعة مسيطرة عليه وبتمنع أي إمكانية للإصلاح وبيستغلوا قوانين دولية زي قواعد الفيفا واللجنة الأوليمبية الدولية اللي بتمنع الجهات التنفيذية والسياسية في التدخل في عمل الاتحادات.
ألعاب كانت مصر من المفروض تحصل فيها على ميداليات زي رفع الأثقال تم منع مشاركتنا فيها في طوكيو بسبب فضائح الفساد والمنشطات.
بسبب الفساد في اتحاد رفع الأثقال تورط المنتخب المصري في فضيحة منشطات في 2016 في بطولة إفريقيا للناشئين تسببت في أنه يتم حرمان مصر من المشاركة سنتين في البطولة، قبل ما تحصل كارثة كبرى في 2019 ويتم إيقاف الاتحاد مرة تانية لمدة سنتين وعدم المشاركة في أولمبياد طوكيو بسبب منشطات مرة تانية.
فضيحة المنشطات دي كانت بسبب فساد الاتحاد اللي جاب مكملات رياضية واداها للاعبين المصريين اللي مكنوش عارفين أنه فيها مواد محظورة.
نفس رئيس الاتحاد اللي تسبب في فضيحة المنشطات ده لما حصل تحقيقات وتم إقالة الاتحاد تم تعيينه هو شخصيا على رأس اللجنة المؤقتة اللي بتدير الاتحاد حالياً.
وبجانب الفساد ده اتحرمنا من المشاركة في طوكيو وعلى الأقل ضمان ميداليتين لأبطالنا محمد إيهاب وسارة سمير واللي كان مستواهم مرتفع وكانوا قادرين على تحقيق ميداليات برونزية لمصر على أقل تقدير.
القصة دي هي واحدة من القصص الكتيرة لفساد المنظومة الرياضية في مصر، يمكن بنسمع كثير عن فساد اتحاد كرة القدم بمنطق أنها اللعبة الشعبية الأولي لكن فساد المنظومة كله موجود وشيء بتساهم فيه الحكومة والدولة نفسها
قصص زي سرقة ملابس اللاعبين، أو التعاقد مع شركة ملابس جديدة غريبة، أو أزمة الطيارة وصورة صلاح، أو بيع أحد أعضاء الاتحاد لتذاكر المباريات في السوق السوداء واللي اتكلمنا عنها قبل كدا في بوست طويل حوالين أسباب فشل منتخبنا كاس العالم.
ممكن يحصل فساد، دا شيء وارد وبيحصل في كل دول العالم، لكن المهم هو رد فعلك علي الفساد دا هي هيكون فى آليات للمحاسبة والمراقبة على الناس دي؟ هل هيكون في رد فعل تجاه اللي بيحصل فى اتحاد الكورة مثلا؟ هل هيتم إقالة اتحادات فاسدة زي الفروسية ورفع الأثقال وغيرهم واستبدالهم بأشخاص جايين من خلال انتخابات نزيهة لا يتم فيها شراء أصوات الأندية الصغيرة بفلوس ومنح وزارة الشباب والرياضة؟ في الأغلب ده مش هيحصل وفي مبرر واضح إنه التدخل الحكومي بيخلي الاتحادات الرياضية الدولية توقف النشاط الرياضي، لكن ده مبيشملش إدانة الناس في وقائع فساد كتير واللي هو شيء واضح جدًا والدولة نفسها عارفاه وأثبتته أكتر من مرة
*****
المنظومة الرياضية المصرية محتاجة الكثير من الإصلاح من أول الألعاب الجماعية اللي زي كرة القدم واللي بننتقل فيها من فشل لآخر بعد فضائح وفساد اتحاد الكرة، ودي اللعبة اللي بتاخد معظم التمويل اللي بيتحط في اللجنة الأولمبية بدون ما تحقق أي نتائج.
كمان الاتحادات الفردية فيها فساد كبير وعقود وعمولات بتتعمل من تحت الطربيزة وشللية بتقصي أي مختلف معاها وفوق كل ده ضعف تمويل.
بالتالي لو عايزين فعلا خطوات لإصلاح الرياضة في مصر بشكل عام لازم يكون على رأس الخطوات دي حاجتين اثنين:
أولا : محاربة الفساد داخل الاتحادات، وتفعيل أدوار الجهاز المركزي للمحاسبات والجهات الرقابية الأخرى بدون التدخل في عمل الاتحادات عشان منتعرضش لإيقافات دولية من قبل اللجنة الأوليمبية الدولية أو الفيفا.
وده بيتطلب أنه يكون الملف ده فيه شفافية، محتاجين نعرف مثلا في قصة ابن اخو طلعت مصطفي ده حصل ازاي، ازاي تم استبعاد فارس مصري أرقامه أفضل لصالح واحد قريب رجل أعمال، ولو حتي ابن طلعت مصطفي أفضل ليه لم يتم الكشف عن تعاطيه للمخدرات قبل ما يروح الأولمبياد ويهدد نتائجنا في الاولمبياد، طبعا لو كنا خدنا ميدالية كانت حتتلغي.
ثانيا : زيادة الإنفاق الحكومي وخاصة على الألعاب الفردية وده في ألف طريقة ممكن يتعمل بيها بدون ما يحمل الميزانية بتاعة الدولة كتير.
ممكن مثلا نفرض على الأندية تخصيص جزء من ايرادتها للألعاب دي، وأنه الفلوس كلها متتصرفش على كرة القدم.
ممكن ناخد جزء من عقود لعيبة الكورة اللي بالملايين دي لدعم الألعاب التانية
ممكن ننشط دور القطاع الخاص وخاصة البنوك في رعاية الأبطال الأوليمبين والألعاب الفردية بنشوف ده بيحصل مع السي أي بي مثلا اللي بيرعي بطولات الاسكواش وأبطال كثير في الاسكواش، وممكن يتم ده مقابل إعفاءات ضريبية، لأنه في عندنا فعلًا أبطال كتير جدًا موجودين في مراكز شباب وأندية مغمورة ومحتاجين بس فرصة عادلة، زي ما شفنا مع البطلة الأوليمبية فريال أشرف اللي طلعت من مركز شباب بالمطرية، مش نادي كبير.
كل ده مش حيحصل الا لو في إرادة حقيقية للإصلاح من الدولة، والتعامل بشفافية مع الملف كله علي بعضه سواء في الأندية أو الاتحادات الرياضية المختلفة.
ولحد ما تكون الإرادة دي موجودة، حتفضل نفس الوجوه موجودة بنفس الفساد ونفس منطق الفهلوة والسمسرة والعمولات من تحت الطربيزة، وده مش حيودي لشيء إلا لتدهور أكثر لكل الرياضات في مصر.
احنا 100 مليون بني آدم، سجلنا الأوليمبي والرياضي لازم يكون أفضل من كده لأننا بلد كبير ومليان بالمواهب اللي محتاجة حد يهتم بيها ويعمل منظومة إدارية واحترافية تخرج أبطال مش تطفشهم.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *