– كل سنة وكل المصريين بخير .. وإحنا بنحتفل بالعيد بنفتكر اللي قضوه بعيد عن أهلهم لمجرد رأي أو نشاط سياسي سلمي، ونفتكر كمان اللي بيتحرموا يومياً من حريتهم بسبب أحكام المراقبة بالسنوات الأخيرة.
– كتير مننا بيكون متوقع إن فلان الناشط السياسي السلمي، اللي تم حبسه سنوات مش قليلة، هيكون ح بعد ما خلص سجنه، يحاول يعوض اللي فاته بحياته.
لكن الواقع مخالف لتوقعاتنا للأسف، وبقى العديد من اللي اتقبض عليهم بعد 2013، واقعين حاليا في أزمة “المراقبة”. بمعنى إنه يكون مطالب انه يقضي 12 ساعة يوميا في القسم لعدد قد يساوي السنين اللي اتحبسها.
– هنتكلم في البوست عن معاناتهم، وعن حجم الظاهرة، وعن المخالفات القانونية في الاجراء ده، وعن تجارب الدول التانية في المراقبة لو لها ضرورة أمنية بحالات جنائية.
*****
يعني إيه مراقبة شرطية؟
– المراقبة هي عقوبة تكميلية بتصدر بحكم قضائي، وبتكون لمدة مماثلة لفترة السجن، بحيث تكون المراقبة متقلش عن سنة وما تزيدش عن 5 سنين.
– كانت المراقبة مقتصرة على بعض القضايا الجنائية، زي الاحتيال والدعارة، والهدف منها التأكد من سلوك الشخص المفرج عنه تجاه المجتمع. لكن بناء على قانون “البلطجة” أو الترويع والتخويف اللي أصدره المجلس العسكري سنة 2011، بقت المحاكم من 2013 بتدي أحكام بالمراقبة على اللي بيتحكم عليهم في قضايا تظاهر، اللي هي قضايا رأي بالأساس.
– القانون بيتضمن نصوص غامضة ومطاطة بقت تستخدم ضد المتظاهرين. والمجلس العسكري كمان وضع بند بيخلى الحكم بالمراقبة إلزامي على اللي تثبت عليه التهمة.
– طبعا المتهمين بالتظاهر تم الحكم عليهم بموجب أكتر من قانون، منهم قانون البلطجة، وقانون التجمهر اللي موجود من أيام الاحتلال الإنجليزي واتكلمنا عن عدم دستوريته قبل كده.
– ده بيحصل مع متهمين من خلفيات متنوعة، مع نشطاء زي أحمد ماهر ومحمد عادل أعضاء حركة 6 أبريل، والناشط علاء عبدالفتاح بسبب التظاهر أمام مجلس الشورى، اعتراضا على قانون التظاهر. كمان اتحكم على عدد كبير من المتهمين في قضية فض رابعة بنفس الطريقة.
– النيابة بقت تفرج عن بعض المتهمين في قضايا رأي بشرط التدابير الاحترازية “المراقبة في القسم”. واللي بقت ظاهرة متكررة السنين الأخيرة. أعداد الخاضعين للمراقبة بأحكام قضائية عدو الألف، وبقرارات النيابة عدد بقى صعب إحصائه.
*****
إيه الفرق بين السجن والمراقبة؟
– حسب قانون الوضع تحت مراقبة الشرطة، عقوبة السجن بتسلب الحرية من المحكوم عليه، كجزاء على اللي عمله في حق المجتمع. أما المراقبة فهي عقوبة وقائية، بتقيد الحرية بشكل جزئي، وهي مش عقوبة قد ما هي إجراء احترازي
– وعشان كده الخاضع للمراقبة بيختار المنطقة اللي هيقضي فيها المراقبة، والمنزل اللي هيتواجد فيه، وبيكون ملزم يقضي الليل فيه. والقانون بيقول إن الشرطة ممكن تختار مكان المراقبة لو كان المراقب من المشردين مثلا ومعندوش محل إقامة.
*****
ازاي الوضع حاليا بيخالف القانون؟
– الحكم اللي بيصدره القضاء أو قرار النيابة بمراقبة شخص، مش بيحدد التنفيذ هيكون إزاي. وزارة الداخلية هي اللي بتحدد طريقة التنفيذ وفقا لقانون الوضع تحت مراقبة البوليس، اللي صدر سنة 1945، ورغم كده بيتم مخالفته برضه.
– الداخلية بتنفذ المراقبة بطريقة تخليها كإنها سجن تاني لنص اليوم، بإنها بتلزم المراقبين يكونوا في القسم 12 ساعة يوما، من 6 مساءًا لـ6 صباحا. وبترفض أنهم يقضوا المراقبة في بيوتهم.
– رغم إن المادة الخامسة من القانون بتقول “على المراقب أن يتخذ له سكناً في الجهة المعينة لمراقبته فإذا عجز أو امتنع عن ذلك أو اتخذ سكناً يرى مكتب البوليس أنه يتعذر مراقبته فيه عين له مكانًا يأوي إليه ليلاً، ويجوز أن يكون هذا المكان ديوان المركز أو القسم أو نقطة البوليس أو مقر العمودية”.
– المشكلة مش بس في إن المراقبة بتكون في القسم، لكن ظروف المراقبة نفسها واللي بيحصل خلالها من إهانات وتكدير وتعذيب نفسي وبدني، زي الحبس في اوضة ضيقة، أو طلب تنظيف القسم، أو الحبس مع الجنائيين. ومنع دخول الموبايلات أو أي أغراض شخصية مع إن ده مباح وفق القانون. أو رفض طلب المراقب بنقل محل المراقبة بعد مرور 6 شهور، زي ما القانون بيقول.
*****
إزاي ده بيأثر على حياة المراقبين؟
– مفيش مرونة في مواعيد الحضور للمراقبة، ولو الشخص اللي عنده مراقبة اتأخر في الحضور بيتعمله محضر هروب وبيتحبس لحين عرضه على النيابة.
– في شهر رمضان، بعض الأقسام بترفض تأجيل بدأ المراقبة لبعد الفطار.
– الداخلية بترفض تدي إجازات للمراقبين تحت أي ظرف، رغم إنها تملك السلطة القانونية لده، كنوع من التنكيل، وفيه مراقبين اتمنعوا من حضور امتحاناتهم، أو إجراء عملية جراحية، أو توفيق المراقبة مع ظروف العمل.
*****
ليه ده بيحصل؟
المراقبة كانت أصلا إجراء احترازي لضمان عدم عودة المجرمين للجريمة بعد خروجهم من السجن، لكن ده كان بيتنفذ بإنهم يوقعوا في دفتر، ويقضوا ساعة أو اتنين في القسم وخلاص.
لكن بقت دلوقتي عقوبة غرضها الإذلال والأذى للسياسيين خارج القانون، زي استخدام الحبس الاحتياطي بنفس الغرض.
******
المراقبة بتتنفذ إزاي بره مصر؟
– القانون الفرنسي مثلا بيلزم المراقب إنه يتردد على قسم الشرطة مرة كل شهرين، وإنه يستجيب للشرطة لو تم استدعاءه، كذلك بالمساعدة والدوام في أي من الجمعيات الخيرية المخصصة لتأهيل المساجين.
– القانون اللبناني مثلا بيلزم المراقب بعدم التواجد في أماكن معينة، زي الملاهي الليلية مثلا بالنسبة للمحكوم عليهم بسبب ارتكاب جرائم تحت تأثير الكحول. كمان بيخضعوا لرقابة من هيئة هدفها مساعدة المراقب أنه يقاوم تأثير الجريمة في المستقبل.
– في الإمارات، المراقبة إنه مايغيرش محل سكنه، ويلتزم بالبقاء فيه ليلا، ومايروحش الأماكن اللي المحكمة تحددها، كمان يقدم نفسه للجهة الإدارية المختصة لما تطلبه.
*****
إيه اللي مفروض يحصل في تنفيذ المراقبة؟
فيه دراسة عملتها المبادرة المصرية للحقوق والحريات عن المراقبة، وصدر في نهايتها عدة توصيات:
١- توقف إلزام المراقَب بقضاء الليل في أقسام الشرطة.
٢- توفير أماكن مناسبة لبيات المراقبين اللي معندهمش سكن في دايرة الشرطة المحددة للمراقبة.
٣- اعطاء المحكوم عليهم الحق في اختيار المنطقة اللي هيقضوا فيها فترة المراقبة.
٤- اعفاء اللي بيشتغلوا أو يتعلموا خلال الليل من الإقامة خلال الليل في سكنه أو المكان المحدد للمبيت.
٥- عقوبة المراقبة تبقى اختيارية للمحكمة مش إلزامية.
٦- مايتمش تشغيل المراقب في أقسام الشرطة بأي شكل.
٧- التوسع في إعفاء من يثبت حسن سلوكه مِن نصف مدة المراقبة.
– مهم نأكد إن المراقبة على السياسيين وأصحاب الرأي، بعد حبسهم بالشهور، ملوش نتيجة غير مزيد من الإحباط للشباب وفقدان الأمل في المستقبل وفي البلد، ودي جريمة بيرتكبها النظام والأمن اللي مفروض دورهم مع منظومة القضاء إرساء العدالة وسيادة القانون واحترام حقوق المواطنين.
– وإن مطالب زي اللي طلعت بيها دراسة المبادرة المصرية، أقل حاجة ممكن تتعمل لتسهيل حياة مئات الأشخاص، من اللي حياتهم شبه متوقفة بسبب تعنت السلطة في تنفيذ المراقبة. وإن لو النظام مهتم حقيقي بالشباب وسماع آرائهم تكليفهم بأدوار في التغيير الأفضل اللي بيتمناه للبلد، فمن باب أولى يوقف التعسيف ضد شباب كل ذنبه إنه أمن وسعى للتغيير بشكل حقيقي.
**********