– يوم الجمعة اللي فات اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف نتايج أعمال جلسات المراجعة الدورية لملف مصر الحقوقي، واللي انتهت بتقديم 372 توصية من 133 دولة.
– الوفد المصري كان برئاسة المستشار عمر مروان، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، وقرر تأجيل التعليق إلى جلسات المجلس القادمة في مارس.
إيه التوصيات اللي اتقالت؟ إزاي الدولة اتعاملت مع الجلسات دي ومع ملف حقوق الإنسان عامة؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست.

*****

إيه أهم التوصيات والملاحظات اللي أقدمت لمصر؟

– كان ملحوظ جدا الزيادة الكبيرة في عدد التوصيات، 372 توصية هوا العدد الأكبر في تاريخ مصر. في 2010 اتقدم 122 توصية لمصر، وفي 2014 اتقدم 300 توصية، وده دلالة على تصاعد الانتقادات الدولية للأوضاع في مصر.

– من أبرز التوصيات المتكررة كانت بشأن ملف الاختفاء القسري، واتكلمنا أكتر من مرة سابقا عن تكرار وقائع اختفاء أشخاص في أماكن احتجاز غير قانونية، ممكن تكون “مقرات الأمن الوطني”، وممكن يظهروا بعدها بيقدمو اعترافات تلفزيونية أو متهمين قدام نيابة أمن الدولة العليا .. وكان الطلب الرئيسي مش بس التوقف عن الجريمة دي لكن الإنضمام للاتفاقية الدولية الخاصة بمناهضة الإختفاء القسري.
– عدد كبير من الملاحظات كان يخص الانتهاكات داخل السجون والأقسام سواء بجريمة التعذيب أو سوء المعاملة والإهمال الطبي اللي بيؤدي للوفاة، وده كان موضوع تقرير صادر من المقرر السامي بالأمم المتحدة اتكلمنا عنه الأسبوع اللي فات.
– دول أخرى طالبت الحكومة المصري برفع القيود على حرية الصحافة، وحرية الرأي والتعبير، وضرورة التوقف عن إعتقال السياسيين والصحفيين بسبب آراؤهم السياسية، ورفع حظر السفر عن نشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإتاحة حق التظاهر أمام المواطنين.
– وكان في مطالب وتوصيات تانية كانت متعلقة بالتسرب من التعليم للفتيات ورفع التمييز ضد المرأة وتعديل القوانين المعيقة لعمل منظمات المجتمع المدني.
– توصيات تانية طالبت بوضع حد لإفلات المجرمين من السلطات الرسمية بانتهاكات حقوق الإنسان وخاصة جريمة التعذيب، مع بعض المطالبات بوقف عقوبة الإعدام أو تعليق العمل بها نتيجة التوسع فيها في السنين الأخيرة خاصة مع المتهمين في قضايا ذات طابع سياسي، بالإضافة لملف المحاكمات التي لا تتوفر بها ضمانات العدالة، وإساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب.

– باستثناء إسرائيل فجميع الدول اللي شاركت في الجلسة الخاصة بمصر قدمت توصيات وملاحظات على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، بما فيهم دول أفريقية زي غانا ومدغشقر.
– حتى الدول اللي عندها سجل كبير في إنتهاكات حقوق الإنسان زي روسيا والصين والسعودية قدمت توصيات لمصر لكن مكانتش في الملفات المرتبطة بالسياسة زي التعذيب والإخفاء القسري، لكن في قضايا التعليم والرعاية الصحية والمساواة والتنمية الاقتصادية للريف.

***********

السلطات في مصر اتعاملت ازاي مع الملف ده؟

– السلطات في مصر بشكل عام عندها مشكلة في ملف حقوق الإنسان لأنه مفيش اعتراف أصلاً بأهمية مفهوم حقوق الإنسان، أو بالتعبير اللي اتكلم عنه الرئيس السيسي أكتر من مرة، “انسانيتكم غير انسانيتنا” زي ما قال للرئيس الفرنسي ماكرون، حقوق الإنسان بالنسبة لمصر هي حق المواطن في الوظيفة وفي التعليم الجيد والسكن الجيد، ومع ان الملفات دي برضه كلنا شايفين وضعها لكن السلطة بتقول انها بتقدم إنجازات فيها وبتطلب العالم يساعد فيها، لكن ملفات الحقوق السياسية والحق في التعبير بيعتبروها رفاهية مش لشعوبنا أصلا!

– قبل ما تبدأ الجلسات بأيام الهيئة العامة للاستعلامات والنيابة العامة عملو زيارات مصورة لسجن “طرة” واللي كان فيها صور حفلات الشواء والأكل الفاخ ، بالإضافة لصور مستشفيات مميزة وملاعب وزنازين نظيفة، ومزرعة نعام، وهو طبعاً شيء كان واضح جداً قد إيه هو مفضوح، وده اللي خلى مثلاً مدير مؤسسة هيومان رايتس ووتش يكتب إنه على السلطات في مصر إذا أرادت تزييف الحقيقة أن تحترم عقولنا قليلاً.

– على المستوى التاني نشر موقع “مدى مصر” تقرير عن كواليس قبل جلسات المراجعة الدورية في جنيف، وإنه السلطات المصرية اتصلت بالدول الصديقة ليها عشان توجه ليها ملاحظات غير قاسية أو إنها تشيد بالملف بتاعها في حقوق الإنسان قدام الهجوم المتوقع، بالإضافة لمنع أي ناشط حقوقي مصري من السفر من مصر عشان ميكونش فيه رواية تانية مستقلة من داخل مصر.
– على مستوى الجلسة نفسها فالوفد المصري برئاسة المستشار عمر مروان كانت كلمته بتتلخص في إن مصر بتحقق تقدم كبير في ملف حقوق الإنسان وفقاً لإرادتها الوطنية وقوانينها المحلية ومفهومها الخاص بحقوق الإنسان، وإنه في إنجازات مصرية في الملف ده أهمها انتخاب البرلمان وعمل قانون بيتيح التظاهر بالإخطار!
– وقال كمان ان مصر نجحت في إصدار قوانين تنظم العمل الإعلامي، وإصدار قانون لتنظيم بناء الكنائس، وإنه التعذيب في مصر غير منهجي وهي مجرد حالات فردية وتم تقديم أصحابها للمحاكمات، وإن في مجهودات في خفض مستويات الفقر وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، بالإضافة لتمكين المرأة بأكبر عدد من المقاعد ليها في مجلس النواب الحالي، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

– وبعد إنتهاء الجلسات قامت وسائل الإعلام المصرية “المملوكة لجهاز المخابرات” بالإشادة الواسعة بكلمة الوفد المصري وإنه تم إحباط المؤامرة الإخوانية، وإن عدد الملاحظات الكبير ده دليل على أهمية مصر وزيادة إنجازاتها في الملف الحقوقي!

********

إيه نتيجة الجلسات دي؟

– بالتأكيد جلسات الأمم المتحدة دي مش محاكمة للسلطة المصرية يمعنى ان مفيش نتيجة قانونية مباشرة، لكن بالتأكيد أثرها كبير اعلامياً وسياسياً على “سمعة مصر” اللي بيقولوا انهم بيحافظوا عليها وضد كل الجهود والميزانيات المخصصة لتلميع الصورة الدولية للنظام الحالي .. وده كمان له تأثير على جذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة اللي من عواملها الاستقرار السياسي على المدى الطويل.

– آلية المراجعة الدورية دي “آلية طوعية”، يعني مصر اللي اختارت تدخلها بارادتها، وهيا معمولة عشان الدول تتناقش في أوضاع حقوق الإنسان عند بعضها، وتعرض مساعدات في تحسين الملف ده، وبالتالي المتوقع ان الدول تقرت بالمشاكل اللي عندها وإنها بحاجة للدعم والمساعدة، مش تكابر وتنكر كالعادة.

– مفروض ان مصر في الجلسات القادمة في فبراير أو مارس هترجع بتعليقها على الملاحظات والتوصيات بالإجراءات اللي هتلتزم بيها أو اللي بترفضها، خاصة في الأمور المتعلقة بالانضمام لاتفاقيات دولية زي اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة “سيداو” اللي مصر متحفظة على أجزاء منها، أو اتفاقية مكافحة التعذيب، أو مكافحة الاختفاء القسري، أو الإنضمام للمحكمة الجنائية الدولية.

– مصر أصلا موقعة على اتفاقيات دولية ملزمة بموجب الدستور المصري زي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واللي منها حقوق التظاهر وعمل المجتمع المدني وتجريم التعذيب وضمانات المحاكمات العادلة وغيرها، لكن واضح إن الواقع مختلف.

******
إيه اللي مطلوب إنه يحصل في الملف ده عامةً ؟

– اللي بنطلبه وبنتمناه بما إننا مواطنين مصريين إننا نتمتع بحقوقنا الطبيعية مش عشان العالم بيتكلم أو مش بيتكلم عننا، أصل الموضوع هل إحنا (مواطنين) لينا حقوق بموجب ملكيتنا كلنا لبلدنا؟ نقدر نشارك في حكمها وقراراتها؟ نقدر نراقب انفاق أموال ضرائبنا ومواردنا؟ نقدر نتساوى كلنا أمام القانون؟

– في الإطار ده لو الحكومة مهتمة فعلاً إنها تحسن وضع حقوق الإنسان أو تقدم “إصلاحات” فقلنا سابقا عن إجراءات فورية بديهية، زي الافراج عن آلاف المواطنين المحبوسين باتهامات وهمية، التحقيق بكل الانتهاكات الحقوقية ومحاسبة مرتكبيها، رفع القيود عن المجتمع المدني وحرية الصحافة وطبعا الغاء حجب المواقع، وبالطبع حياة سياسية ديمقراطية فيها حرية عمل أحزاب وانتخابات نزيهة محليات وبرلمان ورئاسة.

– المواطن المصري زي أي مواطن في العالم من حقه ياخد نفس الحقوق والواجبات سواء كانت حقوق سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ومايرفضش ده إلا اللي شايف إن المواطن المصري مش من حقه يعيش كبني آدم كامل الحقوق والاحترام وهما دول فعلا اللي بيهينوا مصر والمصريين.

******




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *