– استمراراً لحملة حقها اللي بدأناها الاسبوع اللي فات، البوست ده مخصص للتعريف بوضع المرأة المعيلة، ونشرح أكتر مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والدولة والمجتمع بيتعاملوا معاهم إزاي.
– ممكن تشاركوا معانا وتبعتوا على إيميل الصفحة قصصكم ومشاهداتكم في الموضوع ده بالذات لو في قصص شخصية، وتبعتوها في رسائل الصفحة وهننشرها مجهلة طبعا للحفاظ على خصوصيتكم.
*****
مين هي المرأة المعيلة؟ وإيه نسبة وجودها في المجتمع؟
– المرأة المعيلة هي اللي بترأس أو بتدير شؤون الأسرة وتتخذ قراراتها، وده ناتج عن كونها هي مصدر الدخل الرئيسي لأسرتها زي ما بيعرفها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وإن كان مفهوم المرأة المعيلة المفروض يشمل كمان السيدات اللي بتساهم في الدخل الشهري للأسرة بمرتبها بالكامل لأنها كده بتشارك في إعالة الأسرة أو الإنفاق عليها حتى لو كان في زوج أو أب بيصرفوا.
– وبالتالي لو عاوزين نحط تعريف متكامل للمرأة المعيلة تبقى كل امرأة تعيل نفسها وأطفالها أو أفراد أسرتها لغياب العائل؛ سواء لإعاقة صحية تمنعه عن العمل، أو لوفاته، أو لهجره لها، أو لوجوده في السجن، أو لتعاطي المخدرات، أو لامتناعه عن الإنفاق نتيجة للطلاق بينهم.
– بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء سنة 2017 ودي آخر إحصائيات محدثة، عندنا في مصر 3.3 مليون أسرة بترأسها وبتدير شؤونها النساء بواقع 12 مليون امرأة، يعني عندنا متوسط من 33 لـ 38 % من الأسر المصرية مسؤول عنهم سيدات بالأرقام الرسمية.
– نسبة الأميات منهم حوالي 59.1% من إجمالي السيدات رؤساء الأسر، أما الحاصلات على مؤهل متوسط 17.6%، والحاصلات على مؤهل جامعي بنسبة 8.5%، وده باعتماد مفهوم الإنفاق الكلي والكامل على الأسرة.
– معظم السيدات المعيلات في تعداد 2017 هما النساء الأرامل بنسبة 70.3% من إجمالي المعيلات، بعدهم السيدات المتزوجات بنسبة 16.6%، وبعدهم المطلقات بنسبة 7.1%.
– نسبة الأمية بين السيدات المعيلات بتبلغ 44 % في الحضر، و66% في الريف، أما نسبة الأرامل والمطلقات منهم في الحضر 83% والريف حوالي 70 %.
– أما نسبة الفقر بين السيدات المعيلات هي حوالي 26.3 % وده بأرقام جهاز التعبئة العامة والإحصاء اللي بيحسب حد الفقر بحوالي 700 جنيه، ودي أرقام 2017.
– في بعض الإحصائيات القديمة شوية بتقول إنه أعلى نسبة للمرأة المعيلة بمحافظات: سوهاج (22.3%) الأقصر (20.4%) الدقهلية (19.8%) القاهرة (19.2%) مع زيادة كبيرة في المناطق العشوائية تحديدًا.
بينما أقل نسبة للمرأة المعيلة بمحافظات: جنوب سيناء (1.7%) الوادي الجديد (4.9%) البحر الأحمر (6.6%) مطروح (7.3%).
*****
طيب إيه المعاناة اللي ممكن تكون بتتعرضلها السيدات المعيلات؟
– بناءًا على الأرقام والنسب اللي قلناها في بداية البوست فاحنا بنتكلم عن فئة مهمة جدًا في المجتمع وبتعاني معاناة مضاعفة اقتصاديًا واجتماعيًا، المعاناة هنا إنه الست بتتحول لأب وأم مع بعض، يعني بتشتغل وبتبذل مجهود مضاعف في شغلها عشان تحافظ عليه وتتحمل كافة ضغوطات العمل وظروفه، وفي نفس الوقت تقوم بالرعاية لأطفالها وأسرتها، تربويًا وتعليميًا وكل حاجة، وبالتالي معندهاش مجال للراحة أو ل.
– ناهيك بالطبع عن ظروف عمل المرأة اللي قلناها في بوست سابق واللي بتشمل احتماليات تعرضها للتحرش بأنواعه أو المساومات الجنسية على مرتبها أو وضعها المادي، لما يتعرف إنها مطلقة أو أرملة، وده للأسف معاناة كبيرة بسبب الطابع الذكوري اللي بيسعى للسيطرة والاستقواء على الأطراف الأضعف وبالذات السيدات.
– وده من ناحية اجتماعية بيخلق دايمًا ضغط على المرأة إنها تتجوز مرة تانية في حال إنها مطلقة أو أرملة، عشان يكون في عائل للأسرة يخفف العبء من عليها، وبمعنى آخر يوقف شوية حالة الاستقواء اللي بتتم عليها، والفكرة في حد ذاتها بتكون ضاغطة لستات كتير جدًا، بالذات مع نسب الفقر والأمية أو التعليم الضعيف.
– والوضع ده بيفضل مكمل مع المرأة أو الست لسنين قدام، على سبيل المثال لو عندها بنت وكبرت، فهي مطالبة وفقًا للعادات الاجتماعية إنها توفر لها ” جهاز” للزواج، ودي طبعًا بوابة كبيرة للاستدانة والاقتراض وبتوصل للسجن لأنه أكبر بند للغارمات اللي بيدخلوا السجن للظروف دي. ومع إقرارنا بإنه في مبالغة اجتماعية أحيانا في التفاصيل المالية دي، لكن برضه في ضغط كبير بتتعرضله الأسرة اللي من النوع ده واللي مضطرة إنها تدفع تكاليف كبيرة، عشان تخرج برة إطار المكايدات والمعايرة بالفقر أو بالطلاق أو بوفاة الزوج والأب، وباقي المشاكل الاجتماعية.
– اقتصاديًا عندنا مشكلات مركبة، بيدور معظمها في فلك العمالة غير الرسمية. احنا بنتكلم إنه في الإحصائيات غالبية كبيرة للسيدات المعيلات في الريف، وغالبية من الأميين، وبالتالي هنلاقي كتير من النوعية دي تحديدًا بتشتغل في عمالة غير رسمية، زي العمالة الموسمية في الزراعة بجمع المحاصيل، أو الخدمة المنزلية واللي كتير من السيدات بيخافوا يتكلمو عن عملهم بيها، وبالتالي هما هنا معندهمش دخل ثابت ومحدد ولا تأمين صحي، ولا أمان وظيفي إنهم مستمرين ومكملين في الوظيفة زي القطاع الحكومي وبالتالي ممكن يسيبوا العمل لأي ظرف طارئ، واللي جزء منه طبعًا بيكون مضايقات وتحرشات جنسية زي ما قلنا فوق.
– من ضمن برضه المشاكل الاقتصادية التانية هي تفاوت الأجور، وده اتكلمنا عنه في بوست سابق، لكن دي واحدة من المشكلات اللي بتعاني منها السيدة المعيلة، واللي بتضطر تقبل بأجر أقل تحت اعتبار إنه مفيش بديل تاني، بالإضافة لمشكلة تانية وهي تفضيل القطاع الخاص والأعمال للفئات الأفقر للرجل عن المرأة وبالذات المعيلة، بسبب ظروفها اللي ممكن تجبرها على طلب اجازات للظروف العائلية.
– والوضع بيكون أسوأ أكتر مع مشاكل الأحوال الشخصية المختلفة، زي إنه الست تكون بتشتغل نتيجة إن زوجها ممتنع عن الإنفاق عليها وممتنع عن إنه يطلقها، هنا الست بتكون أضعف بكتير وبالذات فيما يخص التعاملات الرسمية مع الدولة، زي مثلاً الولاية التعليمية، أو حتى استخراج شهادة الميلاد للأطفال، وكمان فتح حساب بنكي أحيانًا، وبالتالي التعقيدات البيروقراطية دي بتزود العوائق قدام المرأة، وبالذات لو المرأة غير مقتدرة ماليًا ودي النسبة الأكبر.
– في تأثيرات تانية بقى زي إنه في نسبة من الأسر اللي بتعولها سيدات وارد يكون فيها زوج ولكنه عنده إعاقة أو مرض اتسبب بيمنعه من العمل، أو يكون في أطفال بنفس الحالة دي، وده بيزود العبء المالي لو كان الزوج ده أو الطفل من العمالة غير الرسمية أو ملوش تأمين صحي. وبتزيد المعاناة دي في العمالة غير الرسمية للمرأة المعيلة نفسها، زي مثلاً عاملات الخدمة المنزلية واللي كتير منهم بيجيلهم مشاكل صحية في العضم والعمود الفقري بيتطلب رعاية ليها هي نفسها أو زيادة في مصاريف العلاج والدواء.
– أعباء تانية بتحصل زي احتمالية التسرب من التعليم لبعض الأطفال عشان يشتغلوا ويساعدوا في دخل الأسرة، أو تراجع المستوى الدراسي لبعض الأطفال والأبناء للأسرة الواحدة نتيجة الانشغال الدائم للمرأة في توفير دخل مادي للأسرة، بدون وجود متابعة لدراسة الأطفال.
*****
طيب الدولة بتتصرف إزاي مع الوضع ده؟
– اتكلمنا شوية عن اللي المجتمع بيعمله من تصرفات سلبية وانتهاكات ضد السيدات المعيلات، لكن في جانب تاني إيجابي – طبعاً النسب متفاوتة لكن مهم نشير للجانب ده – زي الجانب الإنساني والتكافلي اللي بيقوم بيه كتير من الأشخاص المقتدرين من أعمال خير سواء بالتبرع أو محاولة التوظيف اللائق، أو اللي بتقوم بيه جمعيات المجتمع المدني للسيدات دول، وطبعًا مع فهم إنه مش كل الناس تقدر تاخد تبرعات أو مساعدات بطريقة شبه معلنة، حرصًا على كرامتهم وكرامة أبنائهم وحالتهم النفسية، وطبعاً أي حد بيعمل عمل خير في الإطار ده سواء بالتبرع للمحتاجين أو بالإقراض أو محاولة التوظيف هو إنسان فاضل ويستحق التشجيع والاحترام وإننا نشجعه أكتر على عمل الخير ده.
– وزارة التضامن الاجتماعي كمان بتعمل بعض المشاريع بالذات في الأماكن الأفقر، من تأهيل وتدريب زي مثلاً مشروع ” مستورة” اللي قدمه بنك ناصر الاجتماعي وبيوفر قروض للمرأة المعيلة ذات الدخل البسيط من 4 لـ 20 ألف جنيه بشرط إنهم يتوجهوا لمشاريع إنتاجية.
– وطبعًا عندنا برنامج تكافل وكرامة، واللي بيقدم دعم نقدي للمرأة المعيلة وللأسر الفقيرة لكن تستلمه المرأة، بقيمة بتوصل لـ 500 جنيه تقريبًا، مقابل انتظام الأبناء في التعليم والدراسة.
– لكن للأسف التدخلات دي سواء من المجتمع المدني أو الدولة مبتخرجش نسبة مؤثرة من النساء والأسر دي من الفقر والانتقال لمستوى معيشي أفضل، في النهاية يعني المرأة المسؤولة عن أبناء عشان تحصل على خدمة جيدة وآدمية سواء في التعليم أو الصحة أو المواصلات وباقي الاحتياجات من أكل وشرب ولبس، فده بالتأكيد مرتبط بالدخل اللي بيجيلهم وبقدرتهم على الشراء والإنفاق.
– كمان مشكلة زي دي بترجعنا لأهمية قوانين الأحوال الشخصية، وتفعيل القوانين دي بالذات في بند النفقة وأهمية دعم السيدات ماليًا، وإلغاء القيود البيروقراطية السخيفة في حصولها على قروض أو الولاية التعليمية على الأطفال أو غيره من المشاكل السخيفة اللي بتهين السيدة والمرأة وتحسسها بالعار والذنب إنها انفصلت عن زوجها أو إن زوجها اتوفى أو إنها مضطرة للإنفاق.
– عاوزين نفكر نفسنا والدولة والمجتمع إن المادة 11 من الدستور تنص على أن “تلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجاً”.
– الأرقام اللي إحنا ذكرناها دي بالتأكيد تزايدت، وهناك التزام دستوري حتى الآن غير كافي تجاههم، لأننا محتاجين تفعيل القوانين الموجودة زي مثلا قانون رقم 23 لسنة 2012 بنظام التأمين الصحي للمرأة المعيلة، واللي فرض تأمين صحي للمرأة المعيلة، ولكنه للأسف غير فعال بالدرجة الكافية، لعدم توافر قاعدة بيانات تمكن من التواصل مع النساء.
– مثلا محتاجين تفعيل قانون رقم 219 لسنة 2017 المعدل لقانون المواريث، واللي فرض عقوبات أكثر صرامة على اللي بيحجبوا الميراث عن كل من له الحق في هذا الميراث، ودا له أثر كبير على النساء المعيلات اللي بيبقوا لهم ميراث ومش بيتمكنوا من الحصول عليه بسبب تعنت بعض الرجال.
– طبعا مع كل اللي بنحكيه مع الظروف اللي بتتعرضلها النساء دي، فهما محتاجين بالطبع دعم نفسي عشان يقدروا يواجهوا الحياة، ودا طبعا ضمن المساحة المشتركة لدور الدولة في توفير وإتاحة العلاج النفسي، وكذلك الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني.
*****
– نتمنى بالشكل ده نكون سلطنا الضوء على مشاكل المرأة المعيلة الكبيرة اللي مبتاخدش حظها من الحديث الإعلامي ومن التشريعات والسياسات الحكومية وتطبيقها.
– ونتمنى من المجتمع إنه يدعم الفئات دي ويرحمها من التصرفات المسيئة والجارحة، ونتمنى إن الحكومة تزود من برامجها الاجتماعية اللي بتستهدف الفئة دي من السيدات والأسر، سواء بالدعم المالي أو بالتأمين الصحي، وسرعة التقاضي في مشاكل الأحوال الشخصية.
*****
مشاركة: