في فيلم “سلام يا صاحبي” فيه مشهد مهم بيكتشف فيه عادل إمام وسعيد صالح إن كل المنافسين اللي بيتخانقوا معاهم مجرد واجهات للكينج اللي مسيطر على السوق كله، وبيتفق معاهم الكينج إنهم هما كمان يكونو واجهات مزيفة من خلال شركات في الحقيقة هو اللي بيمتلكها.. دلوقتي مجال الإعلام المصري بقى مايفرقش كتير عن قصة الكينج، مع فرق أنه معادش مهتم يستخبى أوي زي زمان.
خلال آخر سنتين تم الاستيلاء على معظم وسائل الإعلام الخاصة، من خلال واجهات تخص جهات أمنية وسيادية هيا الكينج الحقيقي، وكان آخرها منذ أيام شركة “إيجل كابيتال”.
– صدمة “إيجل كابيتال” تتمثل في الاسماء، انه في لحظة بقى مفيش حاجة اسمها احمد ابوهشيمة في الإعلام، ومكانه ظهرت داليا خورشيد، وزير الاستثمار السابقة وزوجة رئيس البنك المركزي الحالي .. الصدمة كمان في حجم الأرقام الضخم والمتضارب، جريدة المصري اليوم قالت نقلا عن (مصادر) مجهولة ان الصفقة بقيمة 6.8 مليار جنيه!
– مدى مصر عملت تحقيق مهم كشف ان “إيجل كابيتال” عبارة عن صندوق استثمار مباشر private equity fund مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهاز، وهوا نفس اللي قاله بعدها رئيس تحرير المصري اليوم بمقاله بشكل صريح “الشركة بمثابة «صندوق سيادى» ضخم يُنظِّم المعاملات والعلاقات المالية فى أكثر من جهة”، وقال انها هتتمدد خارج الإعلام.

خلينا نتعرف على رجالة وواجهات الكينج:

1- إعلام المصريين (أحمد أبوهشيمة).
– عائلة أبو هشيمة مكانش ليها تاريخ في صناعة الحديد لكن ليها تاريخ أمني، الأب هو اللواء حمدي أبو هشيمة اللي وصل لمنصب مدير مباحث مطار القاهرة.
2002: بعد6 سنين بس من تخرجه من الجامعة امتلك أحمد أبو هشيمة أول حصة ليه في مصنع حديد في بورسعيد.
2007: بدأت علاقته مع الإماراتيين وده جانب مهم جداً، دخل في شراكة مع “شركة الإمارات الدولية للاستثمار”، أيامها كان سوق الحديد مسيطر عليه تماما من أحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطني، لكن وجود الشركة الإماراتية وفر له حماية معقولة أمام عز.
2010: تأسست مجموعة “حديد المصريين”، أحمد أبو هشيمة هو رئيس مجلس إدارتها، لكن 70% من أسهم الشركة يمتكلها بنك الاستثمار FEP Capital، اللي هو تابع لشركة FirstEquityPartners، مقرها في البحرين، وجنسيات المؤسسين فيها من قطر والكويت، وضمن مجلس إدارتها الشيخ عبد الله بن حمد ابن حاكم الفجيرة الإماراتية.
يعني أبوهشيمة من اللحظة الأولى كانت استثماراته بالحديد واجهة لهذا التحالف.
يونيو 2013: أسس أبو هشيمة شركة إعلام المصريين، وفضلت الشركة مش معروفة لمدة 3 سنين.
مايو 2016: ظهرت امبراطورية شركة إعلام المصريين بخبر استحواذها على شبكة قنوات ON TV (مالكها ساويرس) وهي أكبر شبكة قنوات إخبارية وقتها، بعدها بسرعة تمددت الشركة واشترت موقع وجريدة اليوم السابع، بالاضافة إلى 6 مطبوعات ومواقع تشمل دوت مصر وصوت الأمة وعين، حصة النصف في شركة مصر للانتاج السينمائي، النصف في شركة سينرجي للانتاج التلفزيوني والسينمائي، زائد شركات في مجال العلاقات العامة والإعلان والتسويق أبرزها شركة “إيجبت أوت دور” لإعلانات الشوارع، وشركة بريزنتيشن وهي أكبر وكالة تسويق حقوق رياضية في مصر .. وفوق كل ده شركة آيفلاي وهي الشركة الوحيدة المسموح لها رسمياً من “الجهات الأمنية” بالتصوير الجوي في مصر!
– خلال قصة الصعود السريع لأحمد أبو هشيمة، كان فيه سؤال دائم يتعلق بقدرته المفاجأة على تمويل نشاطه في صناعة الإعلام، بينما هو أصلا في مجال الحديد، مجاله الأساسي، يمتلك أقل من تلت مجموعة المصريين.. أبو هشيمة جاب الفلوس منين؟ الإجابة إنها مش فلوسه.
سبتمبر 2016: بعد 4 شهور من صفقة ON TV، أعلنت مجموعة FEP عن خطة لزيادة رأس مال الشركة لمليار جنيه لتمويل “استحواذات جديدة” والتمهيد لطرحها في البورصة، وأبو هشيمة ماكنش ليه أي دور في الإعلان ده.
بعدها بأيام أعلنت المصريين عن “توقيع عقد” اندماجها مع وكالة D Media الإعلانية.. كل ده في أقل من 4 شهور، وفي النهاية الدمج ماحصلش.
خلال 2017 استمر الكلام عن طرح الشركة في البورصة، لكن ده محصلش طبعا.
ديسمبر 2017: بشكل سري، استحوذت “إعلام المصريين” على جزء يقارب نص أسهم شبكة قنوات CBC من شركة “المتحدة للطباعة والنشر وتكنولوجيا المعلومات” المملوكة مباشرة لجهاز المخابرات العامة، مع استمرار الحصة الأكبر في CBC مع رجل الأعمال محمد أمين من خلال شركته فيوتشر (نفتكر برضه إن الأمين عمره ما اشتغل في الإعلام قبل تأسيس الشبكة).
المفاجأة: بعدها بأيام أعلنت شركة إيجل كابيتال عن الاستحواذ بالكامل على إعلام المصريين في صفقة قيمتها لا تقل عن 6.8 مليار جنيه.
– وبكده انتهى دور أبو هشيمة خلاص، مع تسريبات مقصودة إن السبب من إقصاؤه المفاجئ هو سوء إدارته اللي تسبب في خسائر ضخمة، وان ده سبب عدم قيد الشركة بالبورصة لمخالفتها قوانينها بحجم الخسائر.. قنوات ON لوحدها سجلت خساير 355 مليون جنيه بسبب المبالغة في الإنفاق على إنتاج المسلسلات (ده رغم إن إعلام المصريين تمتلك أصلا حقوق حصرية للدوري المصري)
– الحقيقة الخسائر شيء متوقع في سنة التأسيس وكمان ظاهرة متكررة بسوق الإعلام المصري، لكن مثلا ماحدش اتكلم خالص عن خساير شبكة DMC، ده معناه إنه المشكلة مش في حجم المصروفات والخساير، ولكن في أوجه الصرف نفسها.
– تسريبة تانية أوضحت إنه أبو هشيمة كان مسيطر على أسهم أقلية في إعلام المصريين، أمال مين اللي كان مسيطر على الأغلبية اللي إيجل اشترت نصيبه دلوقتي؟ مافيش حد ينفع يقوم بالدور ده غير شركاؤه من مجموعة FEP.
– إيجل كابيتال كالعادة هي شركة جديدة واتأسست من سنة واحدة، رئيسة مجلس إدارتها هي وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد اللي اختفت من الحياة العامة بعد زواجها من محافظ البنك المركزي طارق عامر، والمفروض إن نشاط الشركة دي هو الاستحواذ على الشركات وتطويرها بهدف إعادة بيعها أو طرحها في البورصة .. فجأة تكون دي أول صفقاتها!
*****

2- شركة D Media (طارق إسماعيل)
– الشركة هي المالك والوكيل الإعلاني لمجموعة قنوات DMC التليفزيونية، ومالكها رجل الأعمال طارق إسماعيل، واللي امبراطوريته تشمل كمان: راديو 9090، قناة الناس الدينية، حصة من موقع دوت مصر .. ونلاحظ هنا ان 9090 هوا الراديو الوحيد في مصر اللي له رخصة البث من خارج مدينة الانتاج الإعلامي.
– طارق إسماعيل هو كمان رجل أعمال مالوش تاريخ في الإعلام، وفجأة بقى صاحب أحد أكبر الشركات الإعلامية في مصر.
– بدأ حياته بتجارة الملابس، وبعدها اشتغل في السيارات، وبعدها اشتغل في المقاولات .. علاقته بجهاز المخابرات الحربية غامضة، كل اللي بيتردد بالوسط الاعلامي إنها بدأت عبر اللواء علاء أبوزيد، المدير السابق للمخابرات الحربية بالمنطقة الغربية، اللي اتعين محافظ مطروح في 2015 .. وعبرالعلاقة دي سنة 2008 حصل على قطعة أرض بالاسكندرية أمام جرين بلازا كانت مخازن للمقاولين العرب بقيمة 350 مليون جنيه في حين كانت قيمتها 4 مليارات جنيه حسب بلاغ تقدم بيه محمد سعد خيرالله مؤسس “جبهة مناهضة أخونة مصر”، البلاغ برقم 3980 لسنة 2014.
– بجوار إسماعيل فيه شخص تاني مهم جداً، ياسر سليم، وده بوضوح ظابط سابق في المخابرات العامة ومستمر في العمل بالجهاز في مهام مدنية (هوا اللي قدم نفسه بالوصف ده في اجتماع داخل مقر المخابرات، خلال تحضير قائمة دعم الدولة اللي اكتسحت بعدها انتخابات البرلمان بدعم الأجهزة الحكومية، وكان لياسر سليم دور سياسي مهم فيها)
– ياسر أعماله تتداخل مع كل من اسماعيل وأبوهشيمة، هوا مالك شركة بلاك آند وايت اللي استحوذت في 2014 على الحقوق التسويقية الحصرية لليوم السابع داخل وخارج مصر بالشراكة مع بروموميديا (صاحبها نجيب ساويرس)، وفي آخر 2015 اشترت كل أسهم موقع دوت مصر من الممولين الإماراتيين، بعدها بقى مدير الموقع والملكية مشتركة بين أبو هشيمة وطارق إسماعيل.

*****

3- فالكون جروب
– شركة فالكون أصلاً تم انشائها كخدمة خدمات أمنية سنة 2006، مالك الحصة الأكبر بقيمة 40% هوا البنك التجاري الدولي، تولت تأمين بنوك وجهات حكومية، واسمها ظهر بالاعلام لما تم تكليفها بتأمين جامعات حكومية ثم تولت تأمين حملة الرئيس السيسي أثناء ترشحه.
– رئيس مجلس ادارة الشركة هوا خالد شريف اللي اتقال انه كان بيشتغل بالمخابرات العامة وكان رئيس قطاع الأمن في اتحاد الاذاعة والتلفزيون سابقاً، لكنه في حوار صحفي نفى ذلك دون أن يوضح خبراته الأمنية السابقة كانت فين بالظبط.
– بشكل مفاجيء دخلت فالكون مجال الإعلام في يوليو 2017 من خلال إذاعة DRN، وبعدها بأيام أسست شركة “تواصل” للعلاقات العامّة والإعلام”، وبعدها بشهر اشترت كمان قناة العاصمة من شركة هوم ميديا (مالكها سعيد حساسين نائب البرلمان)، وفي سبتمبر 2017 اشترت كمان شبكة قنوات الحياه اللي كانت قبلها متعثرة ماليا لدرجة إن مدينة الإنتاج قطعت عنها إشارة البث .. الصفقة تم الاعلان انها بقيمة 1.4 مليار جنيه!!
– قناة العاصمة اتعين رئيس مجلس إدارتها العقيد أحمد سمير، المتحدث الرسمي السابق باسم الجيش المصري، وتولى المنصب في القناة بعد 15 يوم فقط من إنهاء خدمته! وعلى جنب أسس كمان شركة للإنتاج وتنظيم المؤتمرات.
– الكاتبة غادة الشريف كشفت إن الشركة تواصلت معاها للعمل كمذيعة في قناة الحياة، وحصل الاجتماع معاها في مقر المخابرات العامة!
*****

إيه الخلاصة؟
الخلاصة إنه بعد سلسلة الاستحواذات الأخيرة، بقتى عندنا 3 كيانات رئيسية في الإعلام المصري، إيجل وفالكون ودي ميديا، الأولى والتانية تابعين للمخابرات العامة، والتالتة للمخابرات الحربية ..الكيانات دول مع بعض مسيطرين على الغالبية العظمى من مؤسسات الإعلام غير الحكومية بكل أشكالها.
*****

الدرس المهم: إزاي ده كان بيحصل؟
– عندنا فيه نمط أساسي للعملية، وهو الاستعانة برجل أعمال مدني ليه علاقة بالأجهزة الأمنية وموثوق فيه، زي أبو هشيمة وطارق إسماعيل ومحمد الأمين وسعيد حساسين، عادة بيبقى مالوش علاقة بالإعلام.. ربما لإن الإعلاميين مش موثوق فيهم كفاية مهما كان ولائهم.
– وفيه كمان نمط ظهور شركاء خارجيين من دول الخليج خاصة الإمارات الحليفة للرئيس السيسي، عادة بيبقى دورهم وسيط في مرحلة التمويل، زي FEP مع أبو هشيمة، ومجموعة الممولين الإماراتيين في موقع دوت مصر.. المضحك المبكي في الموضوع إن وجودهم كان بيحط بعض الضغوط على رجال الأعمال الأمنيين بضرورة تحقيق ربح ولو كان رمزي، بينما الملاك الحقيقيين (الجهات الأمنية) والواجهات بتوعهم من رجال الأعمال المصريين، مش مهتمين بنقطة الربح دي خالص!
– لكن مؤخرا النمط ده اتغير، وقررت الأجهزة الأمنية إنها تدير الإعلام بشكل مباشر وبدون شركاء أو واجهات .. مافيش فرصة للخطأ وإحنا داخلين على انتخابات رئاسية.
*****

طيب إحنا ليه زعلانين.. ماهو كله بفلوسهم؟
– الحقيقة إنه كل الفلوس دي أساسها مال عام، أيوه مال عام، مافيش حاجة اسمها عرق المخابرات والجيش زي ما قال أحدهم، دي جهات حكومية، وكل المليارات دي مصدرها الأصلي موازنة الدولة، والأصول والأرباح اللي أضيفت ليها تخص المصريين كلهم مش مجموعة أشخاص غامضين بيدوروها بمزاجهم في السر.. وأدينا زي ما إحنا شايفين، تم تبديد مبالغ ضخمة لإنه غرضهم مش الربح ولا النجاح المهني، ولكن هو السيطرة على المجتمع، والخسائر غالبا سببها عدم الخبرة مع الاستعانة بالمحاسيب.
– النقطة دي فيها جزء لازم نوعى له: في مؤسسات الإعلام الأمنية، ومع انعدام الشفافية، أولوية الاستفادة مش بس للمقتنعين بخطها السياسي، لا كمان قبلهم القرايب والأبناء وأبناء الأصدقاء، لإن أولادهم وبناتهم مش هيتخرجوا ويتعينوا بمرتبات باقي الشعب.
– أي عمل شرعي بيتعمل في النور، مش محتاج كل الإجراءات الاستثنائية دي .. لما نشوف شركات تتأسس في السر بشكل معقد، وتشتري بعضها بدون داعي في السر، وممولين خليجيين يدخلوا في مشاريع خاسرة، ده بيرفع فوراً امكانية العمليات غير الشرعية وغسيل الأموال.
– وفي النهاية، هل قدموا منتج إعلامي محترم مثلا أكتر من المنافسين اللي أقصوهم من السوق؟ آديك شايف بعينك.
طيب هل قدروا يعوضوا مصاريفهم حتى؟ واضح إنه لا.
هل عندهم الجرأة يطرحوا مؤسساتهم في البورصة ويتحملوا الرقابة والشفافية الإجبارية؟ نشك جدا في ده، لدرجة إننا خايفين لو عملوها يغيروا قواعد البورصة نفسها عشان تناسب البيزنس المظلم بتاعهم.
*****

– أول خطوة لمكافحة اللي بيحصل ده هوا وعي كل مصري بايه اللي ورا اللي بيشوفه ويسمعه، ليه معلومات وأفكار معينة يتم الالحاح عليها، ليه ضيوف معينين يتكررو بالقنوات والاذاعات، وغيرهم يختفي.
– رغم ان الدولة حجبت عشرات المواقع، لكن مازال دورنا ننشر المعلومة لحق كل مواطن في المعرفة. متستقلش بحاجة بتنشرها على صفحتك بعد التأكد انها سليمة مش دعاية كاذبة مضادة برضه.
– كل اللي بيحصل جزء من صورة أكبر، زي ما بنقول دايما لا اقتصاد بدون سياسة، وكمان لا إعلام بدون سياسة، وبالتالي الحل النهائي مش هيحصل الا بشكل شامل، مسار طويل ينتهي باصلاح سياسي يتضمن بطبيعته إعادة الأجهزة الأمنية لدورها المهني، و الرقابة والعلنية على كل مليم من المال الحكومي.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *