– من أيام انتشر قرار من محافظة القاهرة بفرض رسوم على التصوير في الشوارع والأماكن الحكومية والعامة بمحافظة القاهرة، بواقع 15 ألف جنيه للساعة و100 ألف جنيه لليوم.
– وبعد حالة من الغضب في أوساط الفنانين وصناع السينما لمدة يوم تراجع محافظ القاهرة عن القرار وأعلن إنه هيتم التوصل لمبالغ معقولة.
– كنا شاركنا وقتها بوست معاكم وطلبنا رأيكم في التعليقات اللي كانت ثرية جداً وفيها أفكار بديلة وحلول للأزمة.
– إيه اللي حصل بالظبط؟ وليه قرار زي ده اتاخد؟ وليه القرار بيضر صناعة السينما والدراما؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست ده.
*****
إيه اللي حصل؟
– صدر بيان مفاجئ من صفحة محافظة القاهرة فيه لايحة تحصيل رسوم الإعلانات والمشاهد السينمائية في شوارع وأبنية وأنفاق وجراجات محافظة القاهرة، بحيث يكون مقابل الساعة للتصوير 15 ألف جنيه، ومقابل اليوم 100 ألف جنيه.
– بعد الإعلان ده خرجت كتير من التصريحات والتويتات من فنانين ومن منتجي السينما والدراما، اللي كانوا غاضبين جدًا من القرار ده، واللي غالبًا هيشجع باقي المحافظات إنهم يرفعوا رسوم التصوير بشكل متتابع بعد قرار محافظ القاهرة.
– خاصة وإنه الرسوم اللي رفعتها محافظة القاهرة مبالغ فيها جدًا، وبالتالي هتزود تكاليف التصوير للأفلام والمسلسلات بشكل كبير، وعن قطاع الإعلانات حتى لو هيتأثر، فتأثره بسيط نتيجة إنها إعلانات تجارية فعلًا، ومدفوع فيها فلوس لغرض الإعلان وهتجيب أرباح.
– للسبب ده شفنا مكالمات ومداخلات كتيرة لفنانين ومنتجين، وفي تاني يوم من القرار ده حصل اجتماع بين نقيب المهن التمثيلية ومحافظ القاهرة وبعض نواب البرلمان، وحصل تراجع بشكل ما عن قرار الرسوم الجديدة، بدون تحديد إيه هو الرقم اللي اتفقوا أو لسه هيتفقوا عليه.
– وأصدرت غرفة صناعة السينما بيان بتطالب فيه وزيرة الثقافة بالتدخل، وبترفض فيه الوقوف عند فكرة تراجع المحافظة بعد اجتماعها مع نقيب الممثلين، بسبب إنهم المتضررين المباشرين كأصحاب الصناعة من شركات الإنتاج، وبيطلبوا حلول جذرية لمشكلة تطفيش الاستثمارات وقتل الصناعة.
– وفي الأغلب هو القرار ده مكانش متاخد بشكل مركزي من الحكومة أو الدولة، وممكن يكون اجتهاد المحافظ نفسه عشان يزود موارد المحافظة، لكن بدون دراسة ومعرفة بخطورة قراره ولا فهم لطبيعة اتخاذ القرارات المهمة من النوع ده.
*****
طيب ليه قرار زي ده بنشوف فيه مشكلة؟
– السينما والدراما بالفعل متأثرين نتيجة إنه التكاليف من بعد التعويم زادت جدًا، والضرايب والرسوم بتزيد، ده غير الممارسات الاحتكارية اللي حصلت في سوق الدراما والسينما والإعلام والمدعومة من الدولة وبالتالي بقى عدد الأفلام والمسلسلات قليل وتكاليفه كبيرة، وده أضر بالآلاف من اللي بيشتغلوا في صناعة السينما والدراما سواءً كانوا ممثلين ثانويين أو أصحاب المهن المرتبطة بالسينما (نجارين، سواقين، حلاقين وكوافير) وغيرهم من الشباب اللي بيشتغلوا في الصناعة نفسها زي المونتاج والتصوير وغيرهم، ودول هما أغلبية الصناعة مش ممثلين الصف الأول ولا المنتجين الكبار.
– واتكلمنا قبل كده عن اللي حصل من احتكار شركة “سينرجي” المتبوعة لمجموعة المتحدة الإعلامية اللي هي الممثل القانوني والتجاري لفلوس المخابرات العامة اللي هي بتمتلك جميع وسائل الإعلام تقريبًا، وبالتالي خرج كتير من المنتجين وقلت جدًا الأفلام والمسلسلات اللي بينتجها أي حد تاني غير شركة سينرجي، وبالتالي بدل ما كان عندنا 50 فيلم و 40 مسلسل في السنة، العدد ده قل للنص تقريبًا، وبعدين شوفنا نتيجة السياسات دي ومحاولات التغطية على فشلها مؤخراً.
– وبالتالي لما هيتم زيادة التكاليف فده هيساهم أكتر في تطفيش شركات الإنتاج اللي خارج الاحتكار بتاع سينرجي، وده هيأثر أكتر في عدد الأفلام والمسلسلات، وهيقلل أكتر من دخل الآلاف من الأسر اللي مرتبطة بصناعة السينما.
– السينما والدراما مهماش مجرد تسلية، دي صناعة مهمة فعلاً اقتصاديًا وثقافيًا، وكل ما كان في إنتاج وعمل فني كويس ومحترم، ومساحة مفتوحة للسينما المستقلة والخاصة، هيزيد نشاط السينما وأعداد الأفلام وأعداد المسلسلات وبالتالي يحصل زيادة دخل وضخ فلوس للشركات وللسينمات، وجذب استثمارات أكتر من شركات أجنبية عاوزة تيجي تصور في مصر.
– وللأسف الشديد لسه عندنا قصور في فهم دور الصناعة دي وفيه حصر في دور “البروباجندا”، في حين إننا محتاجين نفكر بطريقة استثمارية واقتصادية ناجحة، بنشوف مثلاً المغرب وتركيا بيستضيفوا شركات الإنتاج الأجنبية وبيخلوا التصوير عندهم رسومه تقريبا قليلة جدا وأحيانا شبه مجاني، وللسبب ده في مئات الأفلام الأجنبية اتصورت في البلدين دول، وقدروا البلدين دول إنهم يستفيدوا من استثمار أجنبي، ويستفيدوا من الدعاية للأماكن السياحية بجذب سياح أكتر عجبتهم البلد من الأفلام دي، ده غير المهرجانات والعروض الكبيرة واللي اشتغل فيها ناس من أبناء البلاد دي، وبالتالي يقدرو يستفيدو بأفضل شكل من صناعة السينما والدراما.
– بينما مصر اللي هي أقدم دولة عرفت السينما في المنطقة، ومن أقدم الدول في العالم اللي دخلتها السينما، وهي أكتر بلد عربي ليها تاريخ وتأثير في الإنتاج السينمائي والفني، فيها تراجع كبير جدًا لسنوات طويلة من تصوير أي أفلام أجنبية في مصر، بسبب بيروقراطية التصاريح والأوراق والضرايب والجمارك للمعدات وآلات التصوير المستوردة، ورسوم التصوير المبالغ فيها جدًا للأماكن السياحية واللي بتوصل لإنه مجرد معاينة المكان السياحي للتصوير لوحدها بتتكلف آلاف الجنيهات.
– وده الفرق بين دولة عارفة تبص للموضوع بمنطق استثماري واقتصادي ناجح زي المغرب مثلاً وما بين العقلية القديمة اللي بتعتبر السياحة والسينما مصادر لجمع أي فلوس بأي طريقة حتي لو ده اتسبب في انهيار المورد ده بعدين.
– وطبعًا مش هنقارن نفسنا بأمريكا أو الصين أو الهند، اللي بينتجوا سنويًا مئات الأفلام وقدروا يسوقوا لبلدهم وللسياحة عندهم ولثقافتهم عن طريق الأفلام دي، وبيجنوا أرباح كمان سنويًا بالمليارات بتوصل لـ 11 مليار دولار أمريكي سنويًا أرباح من النشاط السينمائي فقط!
*****
– الموارد ممكن تزيد لما النشاط نفسه يزيد وياخد دعم، وتزيد عندك الحوافز لاجتذاب شركات الإنتاج السينمائي العربية اللي طفشت في السنين الأخيرة نتيجة الاحتكار، وبإن الدولة تاخد ضرايب دخل محترمة وحقيقية للنجوم اللي بيتقاضوا مبالغ كبيرة تستحق الخضوع لضرايب أكبر.
– طبعا قرار زي دا مبصش خالص للطلاب والمستقلين اللي ممكن يتضرروا من دفع كل هذه المبالغ في مشاريع تخرجهم، أو في الأفلام اللي ملهاش ميزانية أصلا.
– التراجع عن القرار هو الصح، والبديل حاليا لازم يكون مناقشة جادة على مستوى وطني مش محافظة القاهرة بس فيما يتعلق بمسألة تسهيل التصوير وآلياته، ضمن إستراتيجية أوسع لجذب استثمارات في الصناعة ودعمها، والوقوف جانب صغار المنتجين والمبدعين.
– وبالتأكيد دا مرهون بتحرير الصناعة من قبضة السياسة والشركات اللي بتدور في فلك النظام، عشان يرجع للفنانين الحرية والإبداع والمنتجين يكون عندهم إمكانية ورفاهية اختيار، مش بالإجبار إما الدوران في نفس الفلك أو القعود في البيت.
– في النهاية نرجوا إنه الدولة والحكومة تاخد خطوات إيجابية ومنطقية في تشجيع السينما والدراما والإبداع بدون اعتبارها أنشطة تستحق الجباية والقمع، وتبصلها بشكل استثماري واقتصادي مختلف هيخلي الدولة تكسب برضه وتحقق موارد أكبر.



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *