كلنا تابعنا في اليومين اللي فاتوا ردود الأفعال على المشاهد المخزية اللي حصلت في قرية “شبرا البهو” في محافظة الدقهلية، لمنع أهالي دفن طبيبة توفت بسبب فيروس كورونا في مدافن القرية.
– فريق صفحة الموقف المصري يتقدم بخالص التعازي لأسرة الدكتورة سونيا عبدالعظيم، وبنشكر محافظ الدقهلية اللي أطلق اسمها على مدرسة القرية.
– الموضوع اتكرر بأماكن أخرى، زي قرية بولس في كفر الدوار بمحافظة البحيرة وغيرها، لكن في نفس الوقت مهم يتحط في حجمه كحوادث فردية بدون تعميم على أهالي القرى أو اطلاق خطابات مسيئة بشكل عام، خاصة اننا شفنا نماذج كتير مختلفة.
*****
ايه اللي حصل؟
– الساعة ٦ صباح يوم السبت وصل جثمان المتوفاة لقرية أهل زوجها، فجأة أحد السكان نادى من مكرفون الجامع انه فيه حالة اتوفت بكورونا هتتدفن وده هينقللنا المرض ولازم نمنعها، وفوراً بدأ عدد من الأهالي يتجمعوا.
– بحسب رواية ابن الدكتورة سونيا، الموضوع بدأ بإنه شباب من أهالي القرية قطعوا الطريق المؤدي للمقابر، ووقفوا عربية الاسعاف وحاولوا يعتدوا على ركابها، ويكسروا العربية بالحجارة وده مثبت في بعض الفديوهات.
– بعد كدة رجعت عربية الإسعاف مع الشرطة لمدخل القرية، وجت القيادات الأمنية واتفاوضت لساعات مع أهالي القرية، لكن الأهالي رفضوا دخول الجثمان برضه والتجمهر كان بيزداد مع الوقت.
– مدير الإدارة الصحية لمركز إجا كان متواجد وحاول يشرح للناس ان الجثمان متكفن بطريقة تمنع تسرب أي حاجة منه، وخلا بعضهم يشوفوه، وعرض ان هوا بنفسه اللي يتولى الدفن لكن بدون استجابة.
– بعدها وفى محاولة لحل الأزمة تم نقل الجثمان لقرية “ميت العامل” قرية مجاورة وهي مسقط رأس الدكتورة سونيا، ولكن أهالي قرية ميت عامل رفضوا هما كمان.
– الإسعاف رجع بالجثمان مرة تانية لقرية “شبرا البهو”، والمرادي قامت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وتم الدفن في النهاية.
– بعدها بالليل الداخلية أصدرت بيان إنه تم القبض على 23 شخص من اللي تجمهروا لمنع الدفن، واتهمت الإخوان بتحريض الناس على الأفعال دي في بيان غريب!
– وامبارح النيابة العامة قررت حبس ال 23 شخص لمدة 15 يوم بتهم التجمهر وتعطيل المواصلات العامة ومقاومة السلطات، ووزارة الأوقاف طلعت بيان وفصلت فيه عامل المسجد اللي فتحه وأتاح الميكروفون لوالده عشان ينادي على الناس تتجمهر ضد حالة الدفن.
– مهم نؤكد إن فيه حالات مختلفة جدا، زي انه بعدها مباشرة شفنا في قرية شباس عمير في كفر الشيخ مشهد محترم، الناس تضامنت فيما بينها ولبست كمامات وصلت على المتوفاة اللي عندهم مع الحرص على المسافات الآمن، وأظهرت حالة من التضامن الاجتماعي الكبير في وقت الأزمة، وده كان الوضع في أغلب حالات الوفاة اللي تخطت ال 150 باستثناء حالات محدودة.
*****
الناس عملت كده ليه؟
– الناس اللي عملوا كده خالفوا كل الأعراف المصرية عن احترام الموتى، وكمان عرضوا نفسهم لخطر العدوى أكتر لما تزاحموا وبدون كمامات أو جوانتيات.
– منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية، أكدوا أكثر من مرة أن الموتى مبينقلوش الفيروس طالما تم التعامل مع الجثث بالطريقة السليمة، زي ان اللي بيغسل الجثة يستخدم معدات الحمایة المناسبة، وده بيحصل في المستشفى مش في مكان الدفن، وبيتم لف الجثة في القطن أو الشاش بعد التعقيم ووضعها في كيس موتي خاص، وكمان بيوصى بس انه شخص واحد يكون لابس البدلة الوقائية هو اللي يقوم بعملية الدفن، وميتدفنش في نفس التربة حد لمدة شهرين أو تلاتة كاجراء احترازي.
– مهم نفهم هل السبب هوا الجهل والخوف من العدوى والاشاعات؟
هل رسالة وزارة الصحة عن ان الموتى لا يمثلوا أي خطر كانت واصلة للأهالي قبلها؟
هل وصلت ومكانتش بالشكل المقنع والمناسب؟
هل فيه أسباب محلية جدا زي تفاصيل ان الدكتورة من قرية مختلفة عن قرية الزوج؟ أو مثلا خلافات بين بعض عائلات القرية؟
مين بالظبط شريحة الأهالي اللي اتحركت لمنع الدفن؟ أعمارهم ومستوى تعليمهم ومصدر أفكارهم المغلوطة؟
إيه المختلف في القرى التانية اللي رحبت وتعاونت بشكل إيجابي؟
دي كلها أسئلة مش مطلوب اجابتها غير بطريقة علمية، عبر باحثين ومتخصصين في الاجتماع، ويطلع من عندهم التوصيات السليمة.
*****
في النوع اللي زي ده من الأحداث مفروض الحكومة تعمل ايه؟
– كقرار فوري في لحظة الحدث وبعد استنفاد طرق التفاوض والنقاش والشرح، كان قرار فض التجمهر بأقل قدر ممكن من القوة، زي ما حصل بإطلاق قنابل الغاز، هوا القرار الضروري والموفق، وأي تصرف تاني زي الرضوخ لرغبتهم ودفن الجثمان بمكان تاني كان هيبقى سلبي جدا لتكرار الأحداث، وبيرسخ لفكرة انتصار الأفعال الهمجية ضد المنطق والعقل، كمان الموقف اللي عملته محافظة الدقهلية بوضع اسم الطبيبة المتوفاة على مدرسة القرية ده قرار موفق يستحق الشكر، وتأكيد من الدولة للمجتمع بشكل عام إن المرض مش وصمة ومش عار.
– بنحيي كمان شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية على سرعة تفاعلهم مع الحدث وإصدارهم بيانات ضد الموضوع وضد فكرة منع الدفن وتحريمها، كمان كان إيجابي جدا ان رئيس الوزراء اتصل بأهل الطبيبة وتعزيتهم، دي كلها تصرفات مسؤولة جداً ونحييها ونشكر أصحابها.
– لكن بعدها بيان الداخلية اللي رجع لاستخدام شماعة الإخوان كان غير منطقي ، لإننا بنواجه ظاهرة متكررة هيا الوصم للمرضى وكمان أحيانا لأفراد الجهاز الطبي، شفنا أكتر من حالة لمنع الدفن، شفنا كمان فديو طبيبة إسماعيلية اللي اتفاجئت بجيرانها بيهاجموها وبيحاولو طردها عشان خايفين من العدوى واضطرت تستدعي الشرطة، وغيرها من التصرفات المخزية اللي اتعملت مع أطباء أو مرضى، فمينفعش خالص نغمض عيوننا ونقول السبب الوحيد انه الاخوان حرضوا كل الناس دي!
– على المدى المتوسط أول خطوة في علاج الأزمة هوا فهم أسبابها عبر متخصصين زي ما قلنا، مش اللجوء للخطاب الأمني، والمتخصصين هيساعدوا الدولة بشكل علمي في “صياغة الرسالة الإعلامية”، ازاي يتم التركيز بدقة على الشائعات أو الأفكار المغلوطة المستهدفة، وإحنا بالفعل عندنا خبرات في الحملات الشعبية الكبيرة زي حملة علاج ومكافحة البلهارسيا زمان، أو حملات تنظيم الأسرة.
– التوعية عن طبيعة الفيروس وطريقة الإصابة بيه وخطورة التجمع، وكمان توضيح طريقة وإجراءات الدفن الوقائية، وده مش بس في التلفزيون والانترنت، ده محتاج مجهود أكبر واستخدام اذاعات المساجد والكنائس، والشخصيات المحلية ذات المصداقية، والتعاون مع المجتمع المدني وغيرها من الطرق.
– كمان مينفعش إننا نقول الناس مش ملتزمة بإجراءات الوقاية وهما مش متوفر ليهم أو متاح ليهم الكمامات والمطهرات وأدوات الوقاية بالشكل الكافي، خصوصاً مع الوضع في الاعتبار إنه معدلات الفقر في بعض القرى عالية جداً، وبالتالي هنا في ضرورة أكبر على إتاحة المواد المطهرة مجاناً.
– على المدى الطويل بقى إحنا بنتكلم في ملفات كتير جدا، عن نسبة الأمية اللي بعد كل السنوات دي لسه مرتفعة، ومناهج تعليم ومستوى مدارس، وخدمات صحية وصرف صحي، ومواصلات، وحرية عمل المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وانتخابات المحليات النزيهة .. كل ده محتاج برامج حقيقية للإصلاح الاقتصادي والسياسي والزراعي وتطوير التعليم وبرامج دعم، وغيرها.
– كل العزاء للطبيبة وأسرتها، وكل التحية والتقدير والدعوات للأطباء والطواقم الطبية اللي بتواجه فيروس الكورونا، وربنا يعدي المحنة دي على خير.
*****



مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *