– قبل أسبوعين الرئيس السيسي أرسل رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لحضور تنصيب الرئيس الجديد في جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، لكن الإعلام المصري مهتمش يحكيلنا ايه قصة تولي الرئيس الجديد ده بعد عزل سابقه جاكوب زوما.
– هنتكلم عن التجربة دي في البوست، وازاي زوما اضطر لترك الحكم بسبب تورطه في قضايا فساد، على الرغم من إن كان في الماضي بطل قومي محبوب ساهم في القضاء على الفصل العنصري مع الزعيم نيلسون مانديلا.

*****
مين هو جاكوب زوما؟
– جاكوب زوما هو الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، لما كان عنده 17 سنة انضم للحزب الوطني الأفريقي، ودخل السجن بعد 4 سنين بسبب انضمامه للكفاح المسلح، وقضى 10 سنين مسجون برفقة نيلسون مانديلا، .خلال الفترة دي بقى صاحب شعبية واسعة في الحزب، وزادت شعبيته بعد خروجه من السجن للمنفى اللي قضى فيه 12 سنة.
– سنة 1991، نيسلون مانديلا رشحه يكون نائب للأمين العام للحزب، وفضل يترقى لحد ما بقا الرجل التالت في الحزب بعد نليسون مانديلا.
– وصل منصب نائب رئيس الحزب سنة 1997، وبعد انتهاء فترة مانديلا الرئاسية الأولى والوحيدة، جاكوب زوما بقا نائب الرئيس ثابو مبيكي من 1999 لحد 2005، وفي 2007 انتخاب زوما رئيس للحزب، ثم رئيسا لجنوب أفريقيا بعدها بسنتين.
*****
ايه الفساد اللي تورط فيه؟
– فترة حكم جاكوب زوما استمرت 9 سنوات، من وقت ما بدأ سنة 2009 وبتلاحقه تهم فساد بالجملة.

– على سبيل المثال، اتهم في قضية معروفة باسم فضيحة نكاندلا، تفاصيلها بتقول ان زوما استغل منصبه وطور مسكنه الريفي في بلد اسمها نكاندلا بأموال دافعي الضرائب، وفي سنة 2014 جهاز الكسب غير المشروع طالبه انه يرجع 24 مليون دولار، لكنه ماعملش حاجة.

– كمان كان متهم بتسهيل الفساد لأسرة هندية ثرية اسمها جوبتاجات، ساكنة في جنوب أفريقيا من زمان، وليها علاقات قوية بيه، وعندها امبراطورية مالية في مجالات مختلفة زي التعدين والإعلام والتكنولوجيا والهندسة.

– زوما كان بيوظف الأشخاص اللي يدعموا مصالح الشركات بتاع الاسرة دي في مناصب مهمة، وسمح لهم يستخدموا مطار عسكري عشان يستقبلو ضيوف جايين يحضرو حفل زفاف في 2013.

– كمان متهم بتلقي رشوة من مصنع أسلحة فرنسي تقدر ب 345 ألف دولار وقت ما كان نائب للرئيس سنة 1999، عشان يأثر على اختيارات الفنيين في شراء الأسلحة اللي بتستوردها بلاده، ويخلوهم يشتروا من الشركة.
– كمان صحيفة صانداي تايمز نشرت انه تعاون مع القذافي وأخفى ٣٠ مليون دولار من أمواله في بيته، لكنه نفى الاتهامات دي وسخر منها.

– قبل تنحي زوما بسنة بدأت مظاهرات شعبية بتخرج من وقت للتاني ضد الرئيس وبتطالبه بالاستقالة، المظاهرات ده خلت حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم لكن الجدير بالذكر كمان بالاضافة للدور الشعبي هو دور حزب المؤتمر الوطني الافريقي الحاكم، اللي كان زوما نفسه هو رئيسه، الحزب خد موقف وطالب الرئيس بالتنحي.
*****
ازاي تم عزل الرئيس؟

– الدور الرئيسي كان للبرلمان والحزب.
– طول مدة رئاسته كانت تهم جنسية بتلاحق زوما، وحزبه كان بيرفض التعليق باعتبارها قضايا خاصة، خصوصا بعد تبرئته من تهمة اغتصاب بنت أحد اصدقائه. كمان الحزب دافع عنه في البداية لما واجه بعض قضايا الفساد، لكن لما اتأكدوا من وجود مشكلة بدأوا في مفاوضات معاه للتنحي عن منصبه، وده اللي فضل رافضه لفترة طويلة.

– البرلمان مسكتش على زوما لما تجاهل طلب جهاز الكسب غير المشروع برد الفلوس، وكل ما كان زوما يروح البرلمان كان النواب بيهتفو ضده” أعد المال”، لحد ما المحكمة الدستورية اتهمته بخرق الدستور سنة 2016 وامرته يرجع الفلوس اللي اتصرفت في فضيحة نكاندلا بغير وجه حق، والقضاة قامو بتوبيخه.

– الدور اللي لعبه حزب المؤتمر الوطني كان مهم وحاسم في استقالة رئيس جنوب أفريقيا، لأنه هدد بسحب الثقة منه لو مستقالش، والحزب عنده أغلبية برلمانية ويقدر يعمل ده، مع إن مدته زوما الرئاسية كانت قربت تخلص وكان ممكن يسيبو الموضوع كله للانتخابات الجاية، واضطر يقدم استقالته قبل يوم واحد من جلسة سحب الثقة.
– في خطاب الاستقالة، زوما قال إنه مختلف مع حزبه في الطريقة اللي دفعه بيها لترك السلطة، خصوصا بعد ما سيريل رامافوسا بقى رئيس الحزب – كان نائب زوما في رئاسة الحزب- لكنه قال: ينبغى ألا تزهق أرواح باسمى، ويجب ألا ينقسم حزب المؤتمر باسمى.

*********

– تأثير زوما كان كبير في جنوب أفريقيا، ومجلة التايم اختارته في 2008 ضمن قايمة بأكتر 100 شخصية مؤثرة في العالم، ورغم دوره الكبير والمؤثر في إنهاء فترة الفصل العنصري والنضال ضد التمييز واضطهاد السود، ووجوده ضمن أهم 3 شخصيات في حزب المؤتمر الوطني بعد مانديلا ومبيكي، ده كله مشفعلوش في التهرب من الجرائم ده حتى لو كان تمكن يتهرب منها وقت طويل وهو محتمي في السلطة.
– الديمقراطية مش نظام منزه عن الخطأ ومش معناه إنه مش هيبقى في فرص للفساد أو الانحراف بالسلطة، لكن وجود الديمقراطية بيضمن إن إصلاح أي أخطاء أو إنحرافات هو شيء متاح وتكلفته مش كبيرة، لأن ببساطة في قانون وقضاء، وفي تداول سلطة بيحصل كل فترة، وفي حرية اعلام وتعبير حتى لم تم الضغط عليها، عشان كده في جنوب أفريقيا ومن أول تداول السلطة اللي أسسه مانديلا برئاسته لفترة واحدة فقط ده خلا مبدأ الديمقراطية حاضر دايماً، والرئيس اللي جه بعده “مبيكي” استقال بعد اتهامات ليه بالضغط على القضاء، وزوما زي محنا بنتكلم استقال وبيتحاكم بسبب فضائح فساد مالي.
– تم انتخاب رئيس جديد في جنوب أفريقيا وبدايته مبشرة لحد كبير وعين نص حكومته من السيدات وجزء كبير من خطابه هو عن مكافحة الفساد، لكن الأهم من ده إن الرئيس الجديد عارف إنه مبيحكمش بشكل منفرد وإن في مؤسسات دولة حقيقية قادرة تحجم من سلطاته وقادرة توقفه عند حده لو حصل منه تجاوز ضد الدستور أو انحراف بالسلطة أو سرقة أو استبداد وقمع لمعارضيه.
– أكبر ضمانة لاستقرار أي دولة هي الديمقراطية وسيادة القانون، ولما دول بيغيبو بيغيب معاهم أي ضمانات لوقف فساد حاكم أو مراجعة سياساته أو إخراجه من السلطة بطريقة سلمية وبدون ثورات وحمامات دم، الديمقراطية مش اختراع أوروبي، ده بقت وسيلة ومنهج واضح لأي دولة في العالم عاوزة تطلع لقدام في السياسة والاقتصاد وفي تطور مجتمعها بغض النظر المجتمع عن عمر الديمقراطية في المجتمعات ده.




مشاركة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *